ليست المرة الأولى منذ حرب الإبادة الجماعية، التي يتم فيها السماح باقتحامات ممنهجة، وذات أبعاد سياسية لباحات الأقصى المبارك، بل دأبت شرطة الاحتلال على هذا في الآونة الأخيرة وبعدة وسائل من شأنها أن تروِّج للتواجد اليهـودي داخل الحرم القدسي الشريف.
ففي الأسبوع الماضي، قامت مجموعة من المستوطنين بقيادة الحاخام "إليشع ولفسون" (رئيس المدرسة الدينية اليهودية في القدس المحتلة) بممارسة الصلوات التلمودية، والسجود على أعتاب باحات المسجد الأقصى المبارك. في مشهد استنكرته بعض الطوائف اليهودية، واعتبرته بمثابة إلقاء مزيد من الوقود على النار المشتعلة، فيما وصفه آخرون بـ"المشهد التاريخي".
وفي تصريح لـ"ولفسون" يعكس فيه السياسة الصهـيونية المتبعة تجاه الأقصى، ذكر فيه أن شرطة الاحتـلال تسمح لليهود بالصلاة والسجود عند باحات الأقصى، معقبًا: "نحن ننتصر ونرى بأمِّ أعيننا تحقيق النبوءات، وبفضل هذا سيتم بناء الهيكل... فكما سُمِح لنا بالصلاة والسجود في هذا المكان الآن، فإن إعادة بناء الهيكل ليست منا ببعيد".
وبحسب بيان المدرسة الدينية، فإن الحاخام "ولفسون" ورفاقه قد أدَّوا صلاة شكر، وانبطحوا باسطي أيديهم وأرجلهم؛ وهو نوع من الطقوس التعبدية مسموح به فقط فيما يُطلقون عليه زورًا جبل الهيكل المزعوم، يعنون: الأقصى المبارك. كما أشارت "المدرسة" إلى أن الوضع القائم الآن لم يكن ليسمح بمثل هذا النوع من الصلوات (بحسب القانون)، بيد أنه في الأسابيع الأخيرة لم تقم الشرطة باعتقال الأشخاص الذين أدَّوا الصلوات في (جبل الهيكل) بحسب قولهم.
وفي إشارة ضمنية لخرق سلطات الاحتلال القوانينَ والمواثيقَ الدولية المتعلقة بحرمة المساس بالمسجد الأقصى (الواقع تحت الاحتلال)، تفاخرت المدرسة الدينية بما حدث أثناء إحياء ذكرى ما يطلقون عليه (خراب الهيكل- المزعوم)، في التاسع من آب، الذي وافق 13 أغسطس الجاري، وكيف سمحت شرطة الاحتلال باقتحام المئات من المستوطنين لباحاته، ومنحتهم مطلق الحرية في ممارسة الشعائر التلمودية، وترديد الترانيم، دون أي تدخل منهم، في مشهد لم نره طيلة السنوات الماضية. (بحسب زعمهم)
من جانبه، قال "توم نيساني"، الرئيس التنفيذي لمنظمة "بيادينو" الصهيونية المتطرفة: "من المثير رؤية اليهود يصلون وينشدون ويسجدون في التاسع من آب في (جبل الهيكل- المزعوم). نقول للذين أرادوا رؤية طوفان الأقصى: "الأقصى قد استقبل أكثر من (40) ألف يهودي منذ مطلع العام الجاري، كلهم عملوا على تعزيز السيادة اليهودية فيه".
هذا، ويستنكر مرصد الأزهر بشدة ما يدور في ساحات المسجد الأقصى المبارك من عبثٍ على يد المتطرفين اليهود، الحاصلين على الضوء الأخضر من حكومة "نتنياهو" الإجرامية، الأشد تطرفًا واعتداءً على أحد أهم المقدسات الإسلامية على الإطلاق. مشيرًا إلى أن السماح بتدنيس الأقصى ما هو إلا سياسة صهيونية مقيتة، هدفها دَبُّ روح اليأس في قلب الشعب الفلسطيني المقاوم، وإيصال رسالة مفادها "لا فائدة من مقاومتكم لنا...فاستسلموا، وإلا فالدمار... وخراب المساجد والديار".
ومن هنا؛ يشُدُّ مرصد الأزهر على أيدي وسواعد الفلـسطيـنيين، حاملي راية النضال المشروع في الشرائع والمواثيق كافة، داعيًا دول العالم الحر للتصدي لهذا الإرهاب الصهـيوني الذي يُشكِّل خطرًا، ليس على أرض فلسطـين وحدها، وإنما على الضمير الإنساني، مؤكدًا أن استمرار عجز المجتمع الدولي عن وقف جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال منذ أكثر من 10 أشهر في قطاع غزة، يجعله أكثر جرأة في محاولات تغيير الوضع القائم في المسجد المبارك؛ سعيًا منه لتقسيمه وتهويده؛ ومن ثَمَّ إقامة هيكـلهم المزعوم على أنقاضه.