الإسلام منهج حياة
إن واقع العالم اليوم وفي ظل الاضطراب الذي تعيشه البشرية حيثُ اختلط الحابل بالنابل، شاعتْ وتشوّهت الكثير من المعالم الحقيقية الصادقة عن الإسلام، والتصقت به صفاتٌ وتُهَمٌ هو بريءٌ منها براءةَ الذئبِ من دمِ ابنِ يعقوبَ؛ حيث اتُّهم الإسلامُ بالتطرف والعنف والتخلف والجهل والأصولية والرجعية، ثم كانت الطامة الكبرى حين اتُّهم الإسلام بأبشع الصفات والنعوت ووُصف بأنه دين الإرهاب.
إن الإسلام منهجُ حياةٍ؛ وهو عقيدة وعبادة، ودين ودولة، وهو نُظُمٌ اقتصادية وسياسية واجتماعية وعسكرية راقية ومُتحضرة ومتطورة صالحة لكل مكانٍ وزمان، إن إطلاق الصفات والاتهامات على دينٍ ربانيٍّ إلهيٍّ عظيم بسبب مُخالفةِ فردٍ أو جماعة أو طائفة يَنْسُبونَ أنفسَهم ويَحتسبونها على الإسلام أمرٌ مرفوض وغيرُ مقبول عقلًا ومنطقًا، فالإسلامُ أعظمُ من أن يُمَثِّلَه فردٌ متطرف أو جهةٌ متشددة أو طائفةٌ رجعية أو قومٌ جاحدون متشددون مضللون، إن الدارس للإسلام كمنهجِ حياةٍ يُدرك عِظَمَ هذا الدين ورُقيَّه وقدرتَه على المتابعة ومجاراة الواقع ومواكبة التغيرات والتطورات؛ فهو دين الله الذي أوحى به إلى نبيه المعصوم وأفضل خلق الله وخاتم رسله ونَزّل عليه القرءانَ العظيمَ الذي قال عنه ربُّ العِزّة -سبحانه وتعالى-: "ما فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ"، وقــــال -سبحــانه وتعالى-: "وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ"، القرءان العظيم مُعجزة الزمان التي حَيّرت العقول والألباب؛ حيث قال -سبحانه وتعالى- في مُحكَم كتابه: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا".
ثم تعالَوْا بنا نَسترسِل أكثرَ فأكثر، ونستعرض عِظَمَ أخلاقيات الإسلام حتى في أقصى وأشد وأحلك الظروف ضراوةً وهي ساحة الحرب والقتال، فعلى الذين يوجِّهون التُّهَمَ إلى الإسلام ويَرَوْنَ أنه دين القتل والحرب والعنف والتطرف والإرهاب أن ينظروا إلى تاريخهم وماضيهم وحروبهم وأخلاقياتهم القيادية والإدارية في إدارة الشعوب والأمم، ويُقارنوها مقارنةً بسيطة مع أخلاقيات ومثاليات الإسلام، فالإسلام يُحرِّم إرهاب الناس وإبادة البشر، وهدْم البيوت وتشريد النساء والأطفال والشيوخ وترويع الآمنين المُطمئنين في بيوتهم، واغتصاب النساء وهتْك الأعراض، وحَرّم اختطاف الأطفال وحرْق دور العبادة وأماكن العلم والمعرفة، ولم يُجبر أحدًا على اتّباعه قسرًا وعَنْوَةً، بل كان دينَ الرحمة والأخلاق الفاضلة والعفو والمغفرة عند المقدرة حتى في نشوة النصر وزَهْوِ القوة؛ حيث لم يكن الإسلام قاسيًا ولا جبّارًا بل كان رحيمًا حليمًا، شعارُه: العفوُ عند المقدرة، وحالُ لسانه هو كلام نبيه الكريم لمَن وقَع تحت رحمته، وصار ذليلًا صاغرًا إبّانَ فتْحِ مكّةَ المُكَرَّمة؛ حيث قال -صلى الله عليه وسلم- للمشركين من أهلها الذين وقَعوا في الأَسْر: "ماذا تظنون أني فاعلٌ بكم"، قالوا: أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ ... فقال -صلى الله عليه وسلم-: "اذهبوا فأنتم الطُّلَقاء". فهذا هو دين الإسلام، حيث شَكَّلَتْ أخلاقيّاتُ ومبادئُ القيادة الإسلامية نقطةً مُضيئةً في التاريخ الإنسانيّ، لا يستطيع أحدٌ التغاضيَ عنها أو تَجاهُلَها، حيث لا يفعل ذلك إلّا حاقدٌ أو جاهلٌ أو مِن هؤلاء الذين يَلْبِسون الحقَّ بالباطل، وليس لهم غايةٌ أو هدفٌ سوى تشويه صورةِ الأُمَّة الإسلامية والانتقاص من دَوْرِها الحضاريّ والإنسانيّ، والتقليل من إسهاماتها في إثراء الحضارة الإنسانية عَبْرَ مسيرتها التي امتدّت لما يزيد عن أربعةَ عشرَ قرنًا.
يقفُ دينُنا اليومَ في قفص الاتّهام؛ في قفصٍ حديديٍّ بنى أسوارَه المتشددون من أبنائه، الذين استطاعوا أن يُشوِّهوا صورتَه بطريقةٍ لم يتمكن أَلَدُّ أعداء الإسلام من فعلها، وهذا أكبرُ دليلٍ على أن هولاء الذين يرفعون راياتِهم السوداءَ؛ ظنًّا منهم أنهم يرفعون من شأن الإسلام .. الإسلامُ منهم بريء.
وحدة رصد اللغة الأردية
8988