التجربة الإيجابية لتعايُش المسلمين بكندا
تُعد كندا من أبرز الدول التي يعيش فيها المسلمون حالة فريدة من حالات التعايش والتناغم المجتمعي، الأمر الذي جعلها مثار اهتمام المعنيين بالشأن الإسلامي على الساحة العالمية. لم تتشكل هذه الحالة الفريدة جزافًا بل هي ثمرة عمل دؤوب، وتضافر للجهود على المستويات السياسية والاجتماعية والدينية.
فعلى المستوى الرسمي، رصد مرصد الأزهر بشكل خاص التصريحات الإيجابية لرئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو إزاء المسلمين في كندا وزياراته المتكررة لهم، ومشاركاته لهم في العديد من الفاعليات والمناسبات الدينية.
كما أبرز مرصد الأزهر المشاركة الإيجابية للمسلمين في الحياة الاجتماعية والسياسية الكندية وتصديهم لحل المشكلات المجتمعية الراهنة، تلك المشاركة التي أثمرت وصول بعض منهم إلى حمل حقائب وزارية كمريم منصف التي شغلت منصب وزيرة شؤون المؤسسات الديمقراطية والاجتماعية وأحمد حسين الذي حمل حقيبة الهجرة في الحكومة الكندية.
وشاركت القيادات الدينية غير الإسلامية في خلق مناخ صحي مبني على الحوار واحترام الآخر، حيث نشر مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الكنديين كتيب يهدف إلى مساعدة الكاثوليك على فهم جيرانهم المسلمين بطريقة صحيحة ويعزز التفاهم والحوار بين مختلف السكان.
تأكدت حالة التعايش الفريدة هذه مع نشر نتائج استطلاع حديث قامت به منظمة كالغاري الكندية ؛ «Think for Actions and Insights Matter» في إطار مؤتمر «The Unity Conference» الذي أقيم في مدينة كالغاري والذي يتناول ظاهرة الإسلاموفوبيا والتمييز العنصري والعنصرية الممنهجة. يُؤكد هذا الاستطلاع أن الكنديين لديهم في غالب الأحيان شعور إيجابي تجاه المسلمين، إلا أن هذا التصور يتغير عندما يتعلق الأمر بأئمتهم ومعتقداتهم الدينية.
وأظهر الاستطلاع الذي أصدرته منظمة كالغاري أن 78% من الذين تم استطلاع رأيهم يعتقدون بأن المسلمين ينبغي عليهم تبني العادات والقيم الكندية مع الحفاظ على شعائرهم الدينية والثقافية.
كما يعتقد ما لا يقل 88% أن المسلمين لا ينبغي معاملتهم بشكل مختلف عن الكنديين الآخرين، ولاحظ 72% من المجيبين على الاستطلاع تزايدًا في الكراهية والخوف تجاه الكنديين المسلمين ويتوقعون هذا الأمر سيزداد تفاقمًا.
من جانبه ذكر موكرام زايدي رئيس المنظمة التي أجرت هذا التحقيق، أن الأغلبية العظمى من الشعب الكندي ممن لديهم صديق مسلم أو يعرفون شخصًا مسلمًا لديهم نظرة إيجابية عن الإسلام وأكثر ترحيبًا بالمسلمين.
الجدير بالذكر أن النظرة العامة تجاة المسلمين ليست إيجابية بشكل كامل.
فقد أشار الاستطلاع إلى أن 56% من الذين تم استطلاع رأيهم يعتقدون أن الإسلام يلغي حقوق المرأة. بالإضافة إلى ذلك فقد ارتفعت نسبة قبول الأئمة لدى الكنديين إلى 54% بينما بلغت نسبة قبول القادة الدينيين في المجتمع الإسلامي 35% فقط.
وفي هذا الصدد، يؤكد مرصد الأزهر على أهمية تأهيل الأئمة تأهيلًا فاعلًا يضع في الاعتبار تحديات مجتمعاتهم، ويجعل منهم عناصر إيجابية تشارك أفراد المجتمع أفراحهم وأتراحهم، وتلبي احتياجات المسلمين هناك باختلاف أطيافهم وألوانهم. كما يشيد مرصد الأزهر بهذه التجربة الفريدة من التعايش والتناغم المجتمعي، ويجيي كل الأفراد والمؤسسات التي أسهمت في تحقيقها، آملاً أن تعم لتشمل دولًا أخرى في أرجاء المعمورة.
وحدة رصد اللغة الفرنسية
3624