دور المسلمين فى الانتخابات النيابية بألمانيا
اهتمت الصحف والمواقع الإخبارية الألمانية بالتوجه الانتخابي للجالية الإسلامية في الانتخابات النيابية بألمانيا، وأثر ذلك على نتائج تلك الانتخابات، فقد أورد عدد من الصحف الألمانية أخبارًا حول الدعوة التي وجهها المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا، بالمشاركة الإيجابية في تلك الانتخابات، ففي جريدة "دي تسايت" الألمانية، جاء خبر في الثاني والعشرين من أغسطس الماضى تحت عنوان: "المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا يدعو المسلمين إلى المشاركة في الانتخابات النيابية".
وكان المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا قد وجه دعوة للمسلمين بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من سبتمبر الجارى، وتزامن ذلك مع الحملة التي أطلقها المجلس تحت شعار "صوتي يُؤثر" للترويج للمشاركة في تلك الانتخابات، ويُقدر عدد المسلمين ممن لهم حق التصويت فى الانتخابات الألمانية بمليون ونصف مليون مسلم.
وقال أيمن مزيك، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا: "نحن جزء من ألمانيا ونؤكد مسئوليتنا كألمان تُجاه مجتمعاتنا"، وحذر من التخاذل عن التصويت أو التكاسل عنه، موضحًا أن كل صوت لا يتم الإدلاء به سيذهب لصالح اليمينيين والشعبويين، الذين يشكلون خطرًا على وحدة المجتمع الألماني.
من جانبه رحب مرصد الأزهر بتلك الدعوة باعتبارها وسيلة للاندماج والمشاركة المجتمعية والتفاعل مع الحراك السياسي في الدولة، الذي يحدد مستقبل كثير من القضايا التي تمس الشأن الإسلامي بألمانيا.
وقد ألقت الانتخابات الألمانية بظلالها على العلاقات الدولية، وأثرت بشكل واضح على السياسات الخارجية لبعض الدول، ففي إطار العلاقات بين أنقرة وبرلين بعد فشل محاولة الانقلاب العسكري على الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، طالب أردوغان الناخبين الألمان ذوي الأصول التركية بعدم التصويت لصالح حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU"، والحزب الديمقراطي الاجتماعي، وحزب الخضر، واصفًا إياهم بأعداء تركيا.
وعلق يونس أولوسوى، الباحث بمركز الدراسات التركية وأبحاث الاندماج في مدينة "إيسن" الألمانية، على تصريح الرئيس التركي، قائلًا: "لا أعتقد أن هذه الدعوات سيكون لها أثر كبير على التوجه الانتخابى للمواطنين الألمان، ذوي الأصول التركية، ولكن هناك من سيستجيب بالطبع لتلك الدعوات ولكن ليسوا بالكثير".
ورجح "أولوسوى"، أن أردوغان بدعوته هذه يوجه الأتراك الألمان إلى دعم الأحزاب الصغيرة ذات الجذور التركية والمؤيدة لسياساته، كحزب تحالف الديمقراطيين الألمانAAD"، مضيفًا أن الأتراك كانوا يصوتون غالبا للأحزاب اليسارية، خاصة الحزب الديمقراطي الاجتماعيSPD.
ويحاول المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا، إيجاد دور مهم له في هذا الصراع الانتخابي، حيث أطلق موقعًا إلكترونيًا أسماه "بوصلة الناخب"، لمساعدة الناخبين المسلمين في تحديد اختياراتهم في الانتخابات التشريعية الألمانية، متهمًا الأحزاب الألمانية بتجاهل المنظمات الإسلامية في الحملة الانتخابية.
وكان المجلس قد صرح يوم الاثنين الموافق 11/9/2017، أن الأحزاب الألمانية تنأى بنفسها عن التواصل مع الاتحادات الإسلامية بشكل متزايد، مدفوعة في ذلك بقلق من أن تستخدم دول أجنبية المساجد والمنظمات الإسلامية من خلال المال وإرسال دعاة لهذه المساجد، من أجل ممارسة نفوذ سياسي في ألمانيا.
كما أشارت لذلك نيكولا بير، الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، في ردها على سؤال وُجه إليها بشأن رأي الحزب في الاعتراف بالجمعيات الإسلامية ككيان ديني ضمن المؤسسات العامة قائلة: "لا نريد أن تمارس دول أجنبية نفوذًا على الكيانات الدينية في ألمانيا، لذلك فنحن ننظر في هذا السياق للمساعي التركية والسعودية". وأوضح حزب الخضر المعارض أنه من غير المقبول أن "تُوجه اتحادات من الخارج وأن تستغل لأغراض سياسية" داخل ألمانيا.
ويعد موقع المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا المعروف "ببوصلة الناخب"، مساعدة مهمة يقدمها المجلس للناخبين، من خلال طرحه للعديد من الأسئلة على الأحزاب الألمانية، التي تم تجميعها في ملف واحد يسهل الاطلاع عليه، وتكوين رأي كامل عن الحزب، وتتعلق هذه الأسئلة في مجملها بسياسة تلك الأحزاب فيما يخص شأن الإسلام والمسلمين بألمانيا، كسياسة اللجوء ومعاداة الإسلام والعنصرية، والسياسة الداخلية وغيرها،
وطبقًا لما نشره المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا حول هذه الأسئلة، فإن أغلب الأحزاب الألمانية قد تفاعلت وأجابت على هذه الأسئلة. إلا أن حزبًا واحدًا لم يتجاوب معها، هو حزب البديل من أجل ألمانياAFD المعروف بمعاداته للإسلام، وذلك على الرغم من قيام المجلس بإرسال العديد من رسائل البريد على مدار ثلاثة أسابيع ومحاولات التواصل عبر الهاتف.
ومن بين تلك الأسئلة التي اشتمل عليها موقع "بوصلة الناخب" سؤال، ما هو موقف الحزب من الاعتراف بالاتحادات الإسلامية كجمعيات دينية شريكة في الحقوق العامة؟، وجاءت إجابات الأحزاب على هذا السؤال متباينة، حيث اشترط أغلبها، مراعاة تلك الجمعيات للقانون والدستور والقيم الألمانية فضلًا عن عدم وجود تمويل خارجي لها.
من جانبه يأمل مرصد الأزهر أن لا تؤثر نتائج الانتخابات في ألمانيا سلبًا على تماسك المجتمع الألماني ووحدته، ولا تضر بسياسات الاندماج التي تنتهجها الدولة مع المهاجرين إليها، خاصة مع مئات الآلاف من اللاجئين المسلمين الذين وفدوا إليها في العامين المنصرمين، وكذلك التساؤلات العديدة والمتكررة حول السياسات المرتقبة للمرشحين لمنصب الاستشارية مع الوضع الإسلامي في الدولة مستقبلًا.
ويؤكد المرصد أن نتائج الانتخابات في ألمانيا يجب أن تكون محل اهتمام من الجالية الإسلامية، والتي بات وضعها محل اهتمام كبير من السياسيين ورؤساء الأحزاب، لا سيما بعد ارتفاع مؤشر التطرف في أوروبا من جانب مجموعة نجحت الجماعات الإرهابية في استقطابها وتجنيدها، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع عدد الرافضين للتواجد الإسلامي بألمانيا، ومن ثم ارتفاع أسهم أحزاب يمينية دأبت في تصريحاتها على التعميم والتطرف في إصدار الأحكام مثل حزب البديل من أجل ألمانيا.
وحدة الرصد الألمانية
1678