كيف يتعامل الإعلام الأمريكي مع مسلمي الولايات المتحدة!
(مرصد الأزهر ينشر تقرير الـ Huffingtonpost)
استيقظ مسلمو الولايات المتحدة في صباح يوم الثاني عشر من يونيو الجاري على نبأ حادث إطلاق النار على ملهى للمثليين في مدينة أورلاندو وهم يمنون أنفسهم ألا يكون منفذهذه المرة الهجوم واحدًا منهم (مسلمًا) بعدما ألمّ بهم من معاناة نفسية عقب تفجيرات ماراثون بوسطن في 2013م وحادثة إطلاق النار في سانبرنار دينو في 2015م.
لقد أصبح المسلمون الأمريكيون معتادين على نمط بعينه يتكرر بعد وقوع أي هجوم ينفذه شخص مسلم؛ إذ تسود حالة من الجدل في وسائل الإعلام حول ما إذا كان الإسلام دينًا يبيح العنف ويقدم مبررات له أم لا؛ وفي الوقت ذاته تُدق نواقيس الخطر بشأن الراديكالية التي نمت داخل الوطن؛ وتعلو أصوات الساسة بالدعوة إلى فرض قيود على الحريات المدنية للمهاجرين والمواطنين المسلمين.
توضح دراسات علم النفس المرتبطة بالإعلام مدى إسهام الصورة التي يقدمها الإعلام عن المسلمين في شحن مشاعر الكراهية تجاههم؛ ونظرًا لأن عددًا محدودًا جدًا من الأمريكيين يعرفون مسلمين بشكل شخصي، فإن الصور التي يقدمها الإعلام عن المسلمين على أنهم إرهابيون تكون ذات تأثير قوي بحيث تجعل الكثيرين يعتقدون بأن جميع المسلمين إرهابيون.
يتم تصوير المسلمين بشكل سيء حتى في التغطية الإعلامية غير المرتبطة بالهجمات الإرهابية؛ فبتحليل المحتوى الإعلامي الذي يتناول المسلمين في النشرات الإخبارية والأفلام والبرامج التلفزيونية والصحف نجد أن المسلمين يتم تصويرهم في معظم هذا المحتوى على أنهم عنيفون وإرهابيون وهمجيون وغير متسامحين، ولا يكاد يشتمل هذا المحتوى على أي إيجابيات تخص المسلمين.
وفقًا لعلماء النفس الاجتماعيين، يمكن أن يؤدي الانفتاح على الجماعات غير المعروفة لنا والتعامل معها إلى تخفيف حدة التعصب، ولكن عندما يكون التواصل المباشر والإيجابي محدودًا أو مفقودًا مع هذه الجماعات، فإن الإعلام يكون له التأثير الأكبر على مواقفنا تجاه أفرادها.
ونظرًا لأن المسلمين يشكلون 1 بالمائة فقط من تعداد سكان الولايات المتحدة، نجد أن معظم الأمريكيين لا يتعاملون معهم بشكل يومي، وهذا يعني أن ما يشاهدونه في وسائل الإعلام سوف يؤثر تأثيرًا كبيرًا على الطريقة التي ينظرون بها إلى المسلمين الأمريكيين.
ولعل ذلك ما دفع العديد من المرشحين السياسيين إلى المطالبة بفرض مزيد من الرقابة على مسلمي الولايات المتحدة وإغلاق المساجد وتسجيل المسلمين في قاعدة بيانات مخصصة أو جعلهم يحملون هويات خاصة تُحدد ديانتهم أو حظر دخول المسلمين المهاجرين إلى الولايات المتحدة.
لا تخفف الحقيقة التي مفادها أن هذه الدعوات غير دستورية من مخاوف المسلمين الأمريكيين؛ فالكثيرون منهم يدركون جيدًا أن إجراءات مماثلة تم اتخاذها تجاه أمريكيين ذوي أصول يابانية بعد هجوم بيرل هاربور.
من جانب آخر، أظهرت دراسة حديثة أن تصوير المسلمين بشكل إيجابي في وسائل الإعلام إضافة إلى التواصل المباشر مع المسلمين يمكن أن يترتب عليه أثر إيجابي عكسي؛ ويكفي لحدوث ذلك أن تسلط وسائل الإعلام الأمريكية الضوء على المواقف الإيجابية وإن شئت فقل البطولية لبعض مسلمي الولايات المتحدة ومنهم حارس الأمن المسلم في حادث أورلاندو الأخير الذي أدى موقفه البطولي إلى إنقاذ أرواح عشرات المواطنين الأمريكيين.
3058