مأساة مسلمى الروهينجا

 

كيف يستغل الاحتلال عيد الفصح في تصعيد العدوان على "الأقصى"؟
Sameh Eledwy

كيف يستغل الاحتلال عيد الفصح في تصعيد العدوان على "الأقصى"؟

     تأتي الأعياد اليهودية، وخاصة عيد الفصح اليهودي، مواسم لتصعيد العدوان على المسجد الأقصى، من خلال تكثيف أعداد المستوطنين الذين يشاركون في اقتحامات أولى القبلتين، وذلك بغرض تثبيت الوجود اليهودي في الأقصى، وتحويله من مجرد وجود طارئٍ عليه إلى وجود ثابتٍ ودائمٍ، وهو ما نسميه بتهويد الأقصى؛  أي إضفاء الطابع اليهودي عليه، وتقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا، تمهيدًا لتشييد هيكلهم المزعوم على أنقاضه، وهذا من الأمور التي لا ينبغي التغافل عنها أو نسيانها؛ لأن القوم بالمرصاد.. لذا يأتي دور مرصد الأزهر، ليرصد تلك الانتهاكات ويوثقها، ويبثها من أجل توعية الجيل العربي، ونصرة الحق، والدفاع عن مقدساتنا وأراضينا العربية المحتلة.

في البداية، راهنت جماعات ومنظمات الهيكل المزعوم قبل الحدث بأسبوعين على حشد أكبر عدد من المستوطنين في عيد الفصح (من الأحد 13 إلى السبت 19 أبريل 2025م) عن طريق الترويج اليومي على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولةٍ لاستغلال حكومة اليمين الصهيوني المتطرف؛ لتمكين اليهود من أداء الطقوس اليهودية في ساحات الأقصى المبارك. وبالفعل انقضى عيد الفصح 2025م، وقد سجَّل فيه المقتحمون للأقصى المبارك رقمًا قياسيًّا غير مسبوقٍ؛ حيث بلغ عددهم 6788 مقتحمًا في زيادة بلغت نحو 55% مقارنة بالعام الماضي 2024م، في ظل تواطؤٍ دوليٍّ وصمتٍ إقليميٍّ غير مسوغ.

ومن خلال رصدنا اليومي لما يدور في ساحة الأقصى المبارك، يمكننا القول بأن كل يومٍ من أيام "عيد الفصح" اليهودي قد سجَّل رقمًا قياسيًّا غير مسبوقٍ مقارنةً باليوم نفسه من العام الماضي، أو حتى الأعوام السابقة؛ ما يعكس تطورًا خطيرًا يضع الأقصى المبارك، بل والمسلمين في شتى أنحاء العالم تحت سياسة الأمر الواقع، وهو ما تسعى إليه الأجندة الصهيونية بخطًى متسارعة، تزامنًا مع استمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ومخططات التهجير الدائرة في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.

وعن طبيعة تلك الاقتحامات، يؤكد مرصد الأزهر أن الاقتحامات تمت بسلاسة، وبتأمينٍ من شرطة الاحتلال التي سمحت بمضاعفة عدد المستوطنين في الجولة الواحدة، في سابقة هي الأولى، لاستيعاب أكبر عدد من المقتحمين، لا سيما في ظل توفر الحافلات والوجبات الغذائية وهدايا الأطفال.

وحول انعكاسات التطور الملحوظ والمخيف في ملف الأقصى المبارك، تجدر الإشارة إلى ما ذكره "توم نيساني"، الرئيس التنفيذي لمنظمة "בידנו למען הר הבית- بأيدينا من أجل جبل الهيكل"، تعليقًا على "السجود الملحمي" الذي قام به عضو الكنيست "تسفي سوكوت" داخل الساحة الشرقية للأقصى المبارك؛ حيث قال نيساني: " في وقت سابق من اليوم، صلى عضو الكنيست "تسفي سوكوت" وسجد على جبل الهيكل (يقصد المسجد الأقصى)، قبل 14 عامًا سجدتُ، فاعتقلوني وقدموا لي لائحة اتهام، واليوم تذرف عيوني الدموع، اليهود يسجدون ويصلون ويؤدون الطقوس هنا". (بحسب موقع سيروجيم العبري، الخميس 17 من أبريل 2025م)

ومن جانبه هنَّأ رئيس إدارة جبل الهيكل المزعوم، الحاخام "شمشون إلباوم"، آلاف المقتحمين لتسجيلهم رقمًا قياسيًّا جديدًا، كما توجه بالشكر لكل من رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو"، ووزير الأمن القومي "إيتمار بن جفير"، والمفوض العام للشرطة "داني ليفي"، والقادة وحراس الأمن على توفيرهم المناخ الجيد، والذي سمح باقتحام المزيد من المستوطنين للمسجد الأقصى. (بحسب الموقع نفسه)

هذا ولم يُخفِ وزير الأمن الصهيوني المتطرف إيتمار بن جفير سعادته بهذه التطورات؛ حيث علق قائلًا: "يسعدني أن أرى عضو الكنيست تسفي سوكوت، مثل آلافٍ كثيرة، ينحني ويصلي في الحرم القدسي الشريف، فما لم يفعلوه طوال 30 عامًا سيفعلونه في عهدي، وأنا سعيدٌ كوني أحدثت هذا التغيير الهائل".

أبرز الانتهاكات الصهيونية خلال "عيد الفصح"

·       اقتحام عشرات الحاخامات ورؤساء المعاهد الدينية، وأعضاء الكنيست من الليكود والصهيونية الدينية.

·     القيام بالطقوس والصلوات الدينية بشكل جماعي داخل باحات الأقصى وأمام أبوابه من الخارج، والتي من أبرزها، صلاة "بركة الكهنة"، وطقس "السجود الملحمي"، وإبراز بعض الشعائر اليهودية داخل الحرم القدسي الشريف، مثل ارتداء الطاليت (الشال اليهودي)، وخلع النعال على اعتبار أنه موضع مقدس عند اليهود، وممارسة الرقص والغناء داخل الباحات المشرفة احتفالًا بالفصح اليهودي.

·      في المقابل أعاقت شرطة الاحتلال وصول المصلين إلى المسجد الأقصى لأداء الصلوات، فضلًا عن عدم السماح للمرابطين بالاقتراب من الحرم القدسي وقت الاقتحامات الصهيونية، مع منع المئات من أهالينا في القدس والداخل من دخول المسجد بأوامر إبعاد تتراوح مدتها بين 3 و 6 أشهر، وذلك قبيل شهر رمضان 1446ه وخلاله.

·     الترويج لفكرة إقامة الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى، عن طريق نشر فيديو بتقنية الذكاء الاصطناعي، بثَّه موقع "كيكار هشّبات" العبري، فور انتهاء عيد الفصح، يظهر فيه إحراق المسجد الأقصى وتشييد الهيكل المزعوم على أنقاضه، في تحريض شديد الخطورة على إحراق المسجد الأقصى وتدميره، تمهيدًا لبناء الهيكل المزعوم، تلك الخطوة الخطيرة التي تسعى إليها –وبكل قوة- جماعات الهيكل المزعوم، المدعومة بسياسات اليمين الصهيوني المتطرف.

مرصد الأزهر يدق ناقوس الخطر

من جانبه يؤكد مرصد الأزهر أن الخطورة تكمن في أن الاحتلال يمضي قدمًا في هذه الاعتداءات ويبني عليها في المناسبات القادمة، لذا فإننا سنشهد –وبكل أسف- في المناسبات اليهودية القادمة مزيدًا من الاعتداءات، ومزيدًا من محاولات فرض الأمر الواقع على الحرم القدسي الشريف.

ويشير المرصد إلى أن هذه الاقتحامات كانت تشهد في السابق وجودًا كثيفًا من المرابطين الفلسطينيين، يقاومون الاحتلال ويواجهون المستوطنين، ويبطئون من تنفيذ الأجندة الصهيونية.

أما الآن، ومن خلال فرط استخدام القوة، استطاع الاحتلال الاستفراد بالمسجد الأقصى، فخلا الطريق أمامه لتنفيذ سياسته الإحلالية لاستهداف الأقصى، وتحويله إلى معبد يهودي مع مرور الوقت. فقد استطاع اليهود وللأسف تقسيم الأقصى زمانيًّا من خلال تفريغ ساحاته الشرقية من أي وجود إسلامي وقت اقتحامات المستوطنين، ما يعدُّ تمهيدًا للتقسيم المكاني، والذي يراه الكثيرون منهم أنها باتت مسألة وقت.

وعليه يشدد مرصد على ضرورة اتخاذ الجهات المعنية (الدولية والإقليمية) قراراتها بشأن حماية المسجد الأقصى المبارك، وإلزام الاحتلال بتنفيذ بنود الاتفاقيات الدولية بشأن حماية المقدسات. ويؤكد المرصد على أن التغافل عن هذه الانتهاكات هو تواطؤ مع العدو المحتل لتنفيذ أجندته الخبيثة، كما يؤكد على أن الأقصى المبارك حق أصيل للمسلمين وحدهم، وأن أي مساعٍ لتهويده وفرض سياسة الأمر الواقع عليه، هي مساعٍ مرفوضة، وتعبث بمشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم.

وحدة الرصد باللغة العبرية

الموضوع السابق شيخ الأزهر يلتقي وفد الكلية الملكية لدراسات الدفاع بالمملكة المتحدة
الموضوع التالي اليوم.. البحوث الإسلامية يعقد اللقاء الـ1٤ مِن فعاليَّات مبادرة "التأسيس الاستشراقي لشبهات الإلحاد الربوبي المعاصر"
طباعة
28

أخبار متعلقة