مأساة مسلمى الروهينجا

 

مرصد الأزهر في تعليقه على أحدث إصدار مرئي لحركة الشباب: محاولة للفت الأنظار بعد ظهور "داعش" في الصومال واستفزاز مشاعر المسلمين لكسب تأييدهم
Sameh Eledwy

مرصد الأزهر في تعليقه على أحدث إصدار مرئي لحركة الشباب: محاولة للفت الأنظار بعد ظهور "داعش" في الصومال واستفزاز مشاعر المسلمين لكسب تأييدهم

"لَا مَرْحَبًا بِهِمْ ۚ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ" كلماتٌ اقتطفتها "حركة الشباب الصومالية" من آيات كريمات من كتاب الله – جلّ وعلا – وصدّرت بها أحدثَ إصداراتها المرئية، وكعادتها وعادة كافة التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرّفة، انتزعت "حركة الشباب" هذه الكلماتِ من سياقها، وأقحمتها في سياقِ إجرامٍ وإرهابٍ تُسمّيه جهادًا، وعنفٍ ووحشيّةٍ تُسمّيه إقامةَ حدودٍ وعملًا بالشريعة، وما لهذا عَلاقةٌ بذاك، يَعرض هذا الإصدارُ - الذي بلغت مدته خمسًا وخمسين دقيقةً، بأربع لغات؛ العربية، والانجليزية، والصومالية، والسواحيلية - مزيجًا بين توثيق عمليات لعناصر الحركة، وتصويرها على أنها انتصارات للإسلام وفتوحات أنعم الله بها على المجاهدين – حسَب تعبير الحركة – وبين عمليات تقوم بها قوات الاتحاد الإفريقي والقوات الكينية والصومالية صوّرتها الحركة على أنها انتهاكات واعتداءات على الأعراض والأموال، واحتلالٌ يستوجب النضال. كما اشتمل الإصدار الذي بثّته "مؤسسة الكتائب" الجناح الإعلامي للحركة على رسائلَ موجَّهةٍ للمقاتلين لشحْذ الهمم وتحميس الشباب لمواصلة قتالهم من أجل إقامة الشريعة والحكم بما أنزل الله – حسبما يزعمون – وفي هذا الصدد عرض الإصدار صورًا لمشاهد القتل والتشريد الذي حاق بكثير من المسلمين في أنحاء متفرقة من العالم؛ كما هو الحال في: سوريا، والعراق، وفلسطين، والشيشان، وإفريقيا الوسطى، واليمن، وليبيا، وبورما، وغيرها، ويذكر الإصدار أن الصومال جزء من البلدان الإسلامية التي تتعرض لما أسمته الحركة "الحرب العالمية على الإسلام"، وأن أهلها عانَوْا - ولا يزالون - من البطش والاحتلال والظلم وانتهاك الحرمات واغتصاب المسلمات، ولا يَخفى هدف ذلك من استثارة حماس الشباب واستفزاز عواطفهم تحت ما تطلق عليه هذه الجماعات "نصرة الدين وإنقاذ المستضعفين"، أوَ لَمْ يعلم مقاتلو "الشباب" أنهم و"داعش" و"بوكو حرام" ومَن على شاكلتهم هم الجاني الأول على الإسلام والمسلمين؟! أوَ لَمْ يدركوا أنهم بإرهابهم وعنفهم غير المبرر هم أحد أركان هذه المذابح، وسببٌ رئيسٌ فيما يتعرّض له المسلمون من قهرٍ واضطهاد وما يعانونه من مآسٍ؟!

Image

ثم ينتقل الإصدار من مرحلة استثارة العواطف واستدراج المُستهدَفين للتعاطف مع ما تقوم به هذه الحركة باسم مناصرة المستضعفين وحماية المقهورين إلى مرحلةٍ أخرى لا تقل خطورةً في محتواها عن سابقتها؛ وهي إثارة غضب الكينيين والصوماليين ضد حكوماتهم "الكافرة - الباغية" – بحسَب الإصدار – والعمل على إيقاع الفتنة بين الشعوب وحكامهم؛ باللعب على وتر التهميش والاضطهاد وتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك من مشكلات تواجه المجتمعات الإفريقية عامة وليس شرق إفريقيا فحسب، وهو أسلوب اعتادت الجماعات الإرهابية على سلوكه لإيجادِ ثُغرةٍ تتسلل من خلالها إلى نفوس المواطنين لا سيّما الشباب، ويتخلّل ذلك كلماتٌ لقادة "تنظيم القاعدة" وغيرهم ممّن ترى الحركة في كلماتهم دستورًا تسير وَفقَ تعاليمه، غاضّين الطرف عن الدستور الإلهي الداعي إلى السلام مع النفس والسلام مع الناس وقبلَ ذلك وبعدَه السلامُ مع الخالق – سبحانه وتعالى – فأيُّ سلامٍ هذا القائم على التفجير والتفخيخ والاختطاف والانتهاك؟! وأيُّ سلامٍ هذا القائم على ترويع الآمنين وتهديد المسالمين؟! وأيُّ سلامٍ هذا القائم على التكفير لمجرد المخالفة في الرأي أو العقيدة أو الاتجاه الفكري؟! إنما الإسلام دينُ سلامٍ، لا دين عنف كما يصوّره هؤلاء، وإنما الشريعة شريعةُ عدلٍ وتقويمٍ لا ظلمٍ وتنكيلٍ كما يزعم أولئك.

Image


ويختتم الإصدار بالتأكيد على عناصر الحركة بضرورة مواصلة ما تطلق عليه "الجهاد" وما هو من الجهاد في شيءٍ، مُطالِبةً مسلمي شرق إفريقيا عمومًا على لسان متحدّثٍ باسمها يُدعى: "شيخ علي ديري" بأن يهبّوا للجهاد المسلّح؛ دفاعًا عن أرضهم وكرامتهم وردعًا لقادة الكفر البغاة المتكالبين على الأمة الإسلامية – بحسَب الإصدار – ثم يستعرض الإصدار في نهايته مشاهدَ لبعض العمليات التي نفّذها مسلحو "حركة الشباب" ضد أهدافٍ في كينيا والصومال، في إشارة واضحة على عزم الحركة مواصلةَ القتال واستمرار الهجمات ضد هذه الأهداف، دون تفريقٍ بين مدنيٍّ وعسكريٍّ ولا بين مُسالمٍ أو مُقاتلٍ، ولا بين مسلم وغير مسلم، فالكلُّ مُعرّضٌ للوقوع ضحيّةً لإرهاب هذه الحركة.

Image

ويرى "مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف" أن قيام حركة الشباب بنشْر هذا الإصدار في هذا التوقيت لَهو محاولةٌ لإثبات الوجود، والإبقاء على حظوظها في السيطرة على المشهد في الصومال، خاصّةً بعد ظهور "تنظيم داعش" على الساحة، كما أن الحركة تعمل من خلال هذا الإصدار على استثارة الشباب المسلم ضد حكوماتهم، وتحاول استدراجهم للاندراج في مسالكهم، والوقوع في براثن التطرّف، تحت زعْم الدفاع عن الدين وحمْل راية العقيدة. كما يؤكّد "المرصد" من خلال متابعته أنشطةَ "حركة الشباب" والجماعات المتطرّفة عمومًا أنها تُرَكِّز على استثارة العاطفة الدينية في نفوس الشباب واستغلال حماسهم ومحاولة إقناعهم بالفكر المتطرّف، باستخدام كافة الوسائل والتقنيات التي من شأنها تلبيس الحق بالباطل، الأمر الذي يتطلّب من المواجهة أن تكون على قدرٍ كافٍ من التقدّم والمعاصرة، مع التركيز على اختيار لغة الخطاب المناسبة للجمهور، حتى تؤتيَ جهودُ تحصينِ الفكرِ ثمارَها، مثلما تفعل الدعاوى الهدّامة التي تبثّها هذه الجماعات، وفي هذا الإطار يقوم "مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف" بإطلاق رسائله التوعوية وتقاريره التفصيلية التي يُفنّد فيها شبهاتٍ تعتمد عليها تلك الجماعات في إضلال الشباب بلغاتٍ متعددة؛ لِتُسهِمَ في علاج ما أنتجته هذه الجماعات من عقولٍ فاسدة وقلوبٍ هاوية في براثن التطرّف والإرهاب، "فعسى كلمةٌ أنْ تُقَوِّمَ فِكرًا؛ فتُنقِذَ أُمّةً".     
 
  وحدة رصد اللغات الإفريقية
  يونيو 2017م

الموضوع السابق أحمد الصاوي.. يكتب: المسافة بين المنيا.. وألمانيا
الموضوع التالي د. فوزي فهمى.. يكتب: الأزهر يتصدى لخطاب الكراهية
طباعة
2601

أخبار متعلقة