مأساة مسلمى الروهينجا

 

مسلمو إسبانيا ينتصرون على الإرهاب
Anonym

مسلمو إسبانيا ينتصرون على الإرهاب

الاختلاف سُنة من سنن الله فى خلقه، لذلك ينبغى على كل إنسان احترام الاختلافات وتقبلها والتعايش معها، دون أى تمييز بين البشر بسبب الدين أو الجنس أو اللون؛ ودون أن يذوب كل طرف فى الآخر أو يفقد هويته؛ يقول الله تعالى «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ» (سورة هود: 118/119). لكن الواقع المعيش اليوم يشير بوضوح إلى أن اختلاف الدين قد تحوّل فى عالمنا المعاصر إلى دافع للتمييز والحروب والصراعات، لا سيَّما بسبب ما يرتكبه المجرمون تحت ستار الشعارات الدينية التى تحرك القلوب. وعلى الرغم من ذلك، فهناك كثيرون حول العالم يؤمنون بأن البشر كلهم سواسية وأنه لا صلاح للعالم دون مشاركة واندماج الجميع على تفاوت عقائدهم واختلاف ثقافاتهم وتنوع أفكارهم.

وأجرى مركز «بيو» حول مستقبل الأديان فى العالم وتأثيره فى الفترة من 2010 إلى 2050، وقد خلصت الدراسة إلى توقعات تفيد بأن عدد المسلمين سيستمر فى الزيادة إلى أن يتساوى مع عدد المسيحيين بحلول عام 2050، وأن هذا التساوى لن يكون بسبب الزيادة فى القارات التى تضم أغلبية مسلمة مثل أفريقيا وآسيا فقط، بل إن قارة مثل أوروبا سيتضاعف فيها عدد المسلمين من 5% إلى 10% من نسبة السكان.

ومن هذا المنطلق تتابع وحدة الرصد باللغة الإسبانية أحوال الإسلام والمسلمين فى إسبانيا، حيث يقارب عدد المسلمين المليونين، بما يمثل 4% من التعداد الإجمالى للسكان. وعلى الرغم مما يلحق بالإسلام من اتهامات بالتطرف والإرهاب نتيجة للصورة الدموية التى ترسمها الجماعات الإرهابية، مثل القاعدة وداعش، إلا أن الإحصائيات تشير إلى تزايد الإقبال على اعتناق الإسلام من جانب الإسبان ذوى الأصول الإسبانية الخالصة خلال الآونة الأخيرة حيث بلغ عددهم مع نهاية عام 2016 وحلول 2017 إلى ما يقرب من 23.624 مسلماً من إجمالى المسلمين فى إسبانيا. هذا وقد تزايدت أعداد المسلمين فى إسبانيا بشكلٍ عامٍ بنسبة 20.6% على مدار السنوات الأخيرة لتبلغ 1.919.141 مسلماً بحلول عام 2017؛ وذلك استناداً إلى الدراسات التى تصدر سنوياً عن المرصد الأندلسى بالتعاون مع اتحاد الجمعيات الإسلامية بإسبانيا. وترجع الزيادة فى أعداد المسلمين كذلك إلى ارتفاع عدد الحاصلين على الجنسية الإسبانية من المهاجرين المسلمين والذى وصل إلى 277.409.

وعلى الرغم من أن المسلمين من الجنسيات الأخرى يمثلون الشريحة الكبرى من مسلمى إسبانيا بنسبة تبلغ 58%، إلا أن هناك تراجعاً ملحوظاً فى أعدادهم خلال الأعوام الأخيرة؛ ربما بسبب الأزمة الاقتصادية التى حلّت بالعديد من الدول الأوروبية وربما بسبب المضايقات التى يتعرض لها المسلمون فى أوروبا لما يثار حولهم من اتهام بالإرهاب دون دليل. ويمثل المسلمون المصريون 0.2% من إجمالى عدد المسلمين بإسبانيا، إذ يبلغ عددهم 3٫615؛ بينما تعتبر الجالية المغربية صاحبة النسبة الأكبر من المسلمين الأجانب، حيث تمثل 40.9% بتعداد قدره

 753٫425 مسلماً، ويرجع ذلك بالطبع إلى القرب الجغرافى بين البلدين اللذين لا يفصل بينهما سوى مضيق جبل طارق الذى يعتبر بوابة للمهاجرين إلى أوروبا.

أما عن أكثر المدن والمقاطعات الإسبانية عدداً من حيث المسلمين، فتأتى مقاطعة «قطلونية» شمال شرق إسبانيا فى المقام الأول، ولعل هذا هو السبب فى كثرة اتهامها بوجود المتطرفين، فى وقت سهُل فيه إلصاق تهمة الإرهاب بالمسلمين على وجه العموم. ثم يأتى إقليم «أندلوثيا»، ثم «مدريد» و«بلنسية». كذلك تعد «ألميريا» و«قادش» من أكثر المدن التى يقطنها المسلمون. ومع أن الجالية المسلمة فى إسبانيا لا تعانى من رفض حكوميٍ أو شعبى، حيث لا تدخل إسبانيا ضمن الدول التى تنبذ المسلمين أو تحارب اندماجهم فى المجتمع بشكل علنى، إلا إن الحكومات المتعاقبة تُعرقل أحياناً حصول المسلمين على حقوقهم التى يكفلها لهم دستور البلاد. وعلى رأس الصعوبات التى تواجه المسلمين فى إسبانيا قلة المساجد وعدم تخصيص مقابر لكى يتم الدفن فيها حسب الشريعة الإسلامية.

وعلى الرغم من أنه يحق الجمعيات الإسلامية فتح مسجد وإنشاء مقبرة خاصة، إلا أنه من الصعوبة بمكان الحصول على التراخيص اللازمة لهذا الأمر. ووفقاً للإحصائيات الأخيرة فإن هناك 1427 مسجداً فى إسبانيا، وهو رقم كبير بالمقارنة بعدد المساجد خلال 2010، حيث كان 785 مسجداً، ولكن لا يزال هناك 13% من الجمعيات الإسلامية تفتقر إلى مسجد أو حتى مُصلى صغير. ومع تزايد أعداد المسلمين عاماً تلو الآخر، وبرغم مطالبات الجمعيات الإسلامية المستمرة بإنشاء مقبرة خاصة لدفن موتاهم، إلا أن عدد المقابر الفعلى لا يتناسب مطلقاً مع أعداد المسلمين. فبنهاية 2016 أُحصيت 32 مقبرة فقط على مستوى إسبانيا، أى أن هناك ما يقرب من 95% من الجمعيات الإسلامية تفتقر إلى مقبرة، لذلك يدفن المسلمون موتاهم بمقابر متعدّدة الأديان. وكجميع أتباع الديانات، يرغب المسلمون فى إسبانيا فى أن يتلقى أبناؤهم تعاليم الدين الصحيح؛ لذلك يطالبون دائما بحقهم فى تدريس التربية الدينية فى المدارس الحكومية، حيث لا يوجد سوى 5% فقط من نسبة التلاميذ المسلمين ممن يحصلون على هذا الحق، بينما هناك ما يقرب من95% من معلمى هذه المادة يواجهون شبح البطالة، فى الوقت الذى لا تحرك فيه الحكومة الإسبانية ساكنا أمام العديد من المطالبات بتفعيل القوانين التى تسمح بالتعاقد مع مدرسين جدد لسد العجز الذى تعانيه المدارس الإسبانية. إذ ليس بمنطقى ألا يتجاوز عدد المعلمين 55 معلماً، فى حين يبلغ عدد التلاميذ المسلمين 580، 220 حتى نهاية عام 2016، من بينهم 115، 946 تلميذاً إسبانياً. يُذكَر أنه قد تمت الموافقة على تدريس التربية الإسلامية فى المدارس الإسبانية منذ عام 1996، ونُشر آنذاك محتوى المنهج الدراسى لمادة التربية الدينية وتم الاتفاق على التعاقد مع معلمى هذه المادة. كانت الحكومة الإسبانية قد أقرت مرسوماً يسمح بوجود واعظ دينى للأقليات الدينية فى السجون والمستشفيات والجيش، إلا إنه لم يُنفّذ سوى بندٍ واحدٍ على استحياء، ولم يُعيَّن سوى 15 إماماً فى السجون الإسبانية وسبعة فى المستشفيات، بينما لم يتم تعيين أى إمام فى الجيش حتى اليوم.  ونأمل أن يكون هناك نوع من التعاون بين مؤسسة الأزهر وبين المؤسسات الإسلامية بإسبانيا لتتواصل جهود الأزهر الشريف من خلال المشاركة بإرسال وعاظ وأئمة من أبنائه لدعم المسلمين هناك وكذلك للإسهام فى تصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة لدى الشباب الغربى. لا تمثل هذه النسب فى الحقيقة عجزاً لدى الجهات المعنية الإسبانية، فالمنوط بهم تدريس المواد الإسلامية على سبيل المثال متاحون بل ومدرجون فى قرارات الدولة وبالتالى لا نرى مبرراً لتباطؤ الحكومة الإسبانية فى وضع هذه القرارات حيز التنفيذ.

ألا يرى كل بصير أهمية أن يتشرب التلاميذ تعاليم دينهم الصحيح أمرٌ له مردوده الإيجابى فى تشكيل الوعى الكافى بتعاليم الدين؛ بما يمثل تحصيناً للعقول يحول دون أن تتسلل إليهم أفكار لا تتفق وتعاليم دينهم!

وحدة رصد اللغة الإسبانية

الموضوع السابق خلافة "داعش" المزعومة فى مهب الريح!
الموضوع التالي تفاصيل قضية اندماج المسلمين فى ألمانيا
طباعة
2176