| 26 أبريل 2024 م

100 عام علي جريمة بلفور

الفلسطينيون "صفاً واحداً" أمام استفزازات رئيسة الوزراء البريطانية "تيريزا ماى"

  • | الجمعة, 3 نوفمبر, 2017
الفلسطينيون "صفاً واحداً" أمام استفزازات رئيسة الوزراء البريطانية "تيريزا ماى"

واصلت بريطانيا استفزازها للشعب الفلسطينى وجميع الشعوب العربية والإسلامية، وذلك بإعلان رئيسة الوزراء «تيريزا ماى» عن اقامة احتفالية كبرى بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للاحتفال بمرور 100 عام على الوعد الذى أطلقه رئيس الوزراء البريطانى الأسبق «بلفور» فى الثانى من نوفمبر عام 1917.

ورغم مطالبة الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 20 سبتمبر الماضى باعتذار حكومة بريطانيا عن جريمة وعد «بلفور» بحق الشعب الفلسطينى، وضرورة أن يتبع هذا الاعتذار اعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس، إلا أن الرد البريطانى جاء متحدياً بتمجيد «بلفور» والثناء عليه فى احتفالية دعى إليها زعماء الصهيونية فى العالم وعلى رأسهم قادة إسرائيل ورئيس وزرائها الحالى.

وعد من لا يملك

«إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق» هى كلمة حق أطلقتها الدول والمنظمات العربية لمواجهة وعد رئيس الوزراء البريطانى الأسبق «بلفور» الذى تحتل بلاده العديد من الأقطار العربية فهو منح وطناً قومياً لليهود على أراضى فلسطين، ولم يكن يملك الوعد وقد أطلقه، واليهود لاحق لهم فى هذا الوعد ولكن اغتصبوه بالقوة العسكرية، لكن بعد مائة عام أقر الأبناء والأحفاد بظلم الآباء والأجداد ولم يتراجعوا ولم يخجلوا من الجريمة التى تشكل بداية ابشع ظلم تاريخى فرض على الشعب الفلسطينى عندما هجر وطرد من دياره إلى مخيمات اللجوء فى الوطن والشتات.

وجاء الرد الفلسطينى متأخراً كثيراً ولكنه عبر عن رفض ما ستقبل عليه بريطانيا من احتفالية مرور 100 عام والذى يوافق غداً الخميس 2 نوفمبر، مطالبين بمقاضاة بريطانيا لرفضها الاعتذار عن وعد بلفور الذى لا يزال الشعب الفلسطينى يسدد فاتورة الظلم التاريخى الناتجة عن هذا الوعد الممتد منذ مائة عام من خلال تعرضه للتطهير العرقى والتهجير القسرى ومصادرة أراضيه واحتلال أرضه ومدنه وقراه وتشريد مئات الآلاف من أبنائه.

مواقف رسمية

وفى هذا السياق قال رئيس الوزراء الفلسطينى، رامى الحمد الله: «لقد أصبح لزاما على المجتمع الدولى ونحن على مشارف الذكرى المئوية الأولى لوعد بلفور المشئوم  إنهاء الظلم التاريخى الذى لحق بشعبنا»؛ مشدداً على ضرورة تحمل المملكة المتحدة مسئولياتها بتقديم اعتذار عن إصدار «وعد بلفور»، وهو ما يمثل «ظلما تاريخيا ارتكبته بحق شعبنا وتصويبه بدلاً من الاحتفال»؛ مشيراً إلى أن الإعلان عن الاحتفال بـ«مئوية بلفور» يعد «تحديا للرأى العام العالمى المناصر لقضيتنا الوطنية وكل أنصار العدالة والحرية وحقوق الإنسان».

وأكد وزير الخارجية الفلسطينى، رياض المالكى، أنه يجرى التحضير لرفع قضايا قانونية ضد بريطانيا فى حال أصرت على الاحتفال بمئوية «وعد بلفور»، لمطالبتها بإعادة حقوق الشعب وتصحيح خطئها التاريخى، وفقاً لتعليمات الرئيس محمود عباس؛ مشيراً إلى أن هناك تطوراً ملموساً فى المواقف الدولية المنددة بالاستيطان، خاصة من قبل الدول الأوروبية، وأن المطلوب الآن هو الانتقال من بيانات الإدانة إلى مواقف أكثر قوة، كربط أى علاقة مع إسرائيل بمدى التزامها بالقانون الدولى؛ مضيفاً أنه يجب اتخاذ إجراءات عقابية فيما يتعلق بالاستيطان، ووضع قائمة سوداء بأسماء المستوطنين، ومنعهم من دخول دول عديدة، وكذلك قائمة سوداء بأسماء المستوطنات ومنتجاتها، فى إطار خطوة أولى باتجاه خطوات أكبر.

من جهته، قال السفير الفلسطينى لدى بريطانيا مانويل حساسيان، إن الجانب الفلسطينى اتفق مع وزارة المواصلات البريطانية على وضع ملصقات فى محطات القطار فى لندن بشأن الذكرى، إلا أننا فوجئنا منذ أيام بعد الاتفاق بإلغاء الحملة، مضيفا أن اللوبى الصهيونى فى بريطانيا يلعب دورا مهماً مع الحكومة البريطانية فى التضييق على الفلسطينيين لإقامة أى فعاليات مناهضة لوعد بلفور، فى حين تستعد الحكومة البريطانية لإحياء الذكرى.

 وأشار «حساسيان»، إلى أنه عقد على مدار الأيام الماضية لقاءات مع مسئولين بريطانيين طالبناهم فيها بعدم إحياء الذكرى لأنها تمثل صفعة فى وجه الشعب الفلسطينى، مضيفا: «كما طالبنا البريطانيين بالاعتراف بالدولة الفلسطينية والاعتذار للشعب الفلسطينى بما فعلته بلادهم قبل 100 عام، إلا أن الرد كان بأن وعد بلفور جزء من تاريخ بريطانيا وهى ساعدت اليهود من المذابح التى كانت تجوب فى أوروبا».

فعاليات حاشدة

وفى هذه الأثناء أعلنت وزارة التربية والتعليم العالى فى السلطة الفلسطينية، عن إطلاق حملة بالتعاون مع (اللجنة الوطنية العليا) لمناهضة وعد بلفور بكتابة 100 ألف رسالة توجه إلى رئيس وزراء بريطانيا تيريزا ماى برفض إحياء الذكرى، وبحسب بيان صدر عن الوزارة، فإن الرسائل التى ستكون بلغات مختلفة يشارك فى كتابتها صفوف المرحلة الثانوية على أن تسلم قبل يوم من موعد الذكرى إلى مقر القنصلية البريطانية فى الضفة الغربية، مشيرة إلى أنها ستنفذ سلسلة فعاليات فى الذكرى منها تنظيم وقفة خاصة فى جميع المدارس فى الأراضى الفلسطينية.

 وفى السياق ذاته، قال حيدر طارق الجبورى مدير إدارة فلسطين بجامعة الدول العربية، إن الوثيقة العربية هى الدليل القاطع لعدالة قضية فلسطين والقدس بشكل خاص، مضيفا أنه لولا الوثيقة العربية ما استطعنا نحن العرب أن نستصدر القرارات المهمة التى تناصر قضية فلسطين فى المحافل الدولية، ضارباً مثلا بالحصول على قرار اليونسكو الخاص بأحقية المسلمين بالمسجد الأقصى وتكذيب الادعاءات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن التوثيق هو من جعل فلسطين دولة مراقب بالأمم المتحدة.

 وتابع «الجبورى»، أن الوثائق هى الدليل المعتمد على عدل قضيتك وهى من أنظف الأسلحة لاستعادة الحقوق المنهوبة، مشيراً إلى أن الاحتلال يحاول إخفاء الحقوق والاستيلاء على الوثائق العربية، لافتا إلى أن الأمانة العامة ترصد بشكل دورى الاعتقالات والاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين لتوثيقها، مشيراً إلى أنها توزعها بعد ذلك على مندوبى الدول العربية لتقديمها فى المحافل الدولية.

 

وحدة الصف الفلسطينى

وقالت حركة «فتح»، التى يتزعمها الرئيس الفلسطينى محمود عباس، إنها ترفض إصرار «ماى» على الاحتفاء بالذكرى المئوية لوعد بلفور، وأكدت على لسان متحدثها الرسمى أسامة القواسمى: «بريطانيا تجدد إصرارها على الجريمة، وتشجع وتدعم الاحتلال بشكل مباشر، فى الاستمرار بتنفيذ نظام الأبارتهايد العنصرى الذى يُمارس بحق شعبنا»، مضيفا: «الأولى أن تعترف بريطانيا بدولة فلسطين، بدلاً من الاحتفاء بنكبة الشعب الفلسطينى التى بدأت فصولها عام 1917، بعد إصدارها لذلك الوعد المشئوم»، معتبرا تصريحات «ماى» تجديداً للجريمة المرتكبة بحق الشعب الفلسطينى.

 ودعا «القواسمى»، الشعوب العربية والأجنبية لرفض تصريحات «ماى»، التى قال إنها «تحمل العداء للشعب الفلسطينى»، مطالبا بريطانيا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، قائلاً: «المطلوب ليس الاعتذار فقط، إنما الاعتراف بالدولة الفلسطينية».

بدورها أدانت حركة «حماس» رفض ماى، تقديم أى اعتذار من بلادها عن «وعد بلفور»، مؤكدة على لسان متحدثها الرسمى حازم قاسم، أن تلك التصريحات تعاند المنطق الأخلاقى والقيمى، خاصة أن وعد بلفور ما زال يعانى منه شعب كامل شرد من أرضه»، مضيفا أنه لا ينبغى لها (ماى) الفخر بالمساهمة فى تأسيس دولة على أرض الشعب الفلسطينى، والتى هى بطبيعة الحال ملك لهذا الشعب».

واعتبر «قاسم»، تصريحات «ماى» تنكّراً لحقوق الشعب الفلسطينى، الذى تعرّض للتشريد والتهجير بسبب ذلك الوعد، مطالبا بريطانيا بالاعتذار للشعب الفلسطينى عن وعد بلفور، ووقف «دعهما للاحتلال الإسرائيلى، والانحياز للحق الفلسطينى، كى تنسجم مع ما تدّعيه من قيم ومبادئ».

من جانبها، اعتبرت حركة الجهاد الإسلامى رفض بريطانيا تقديم اعتذارها للشعب الفلسطينى عن «وعد بلفور»، «إصراراً على جريمتها ضد الشعب الفلسطينى»، مطالبة على لسان أحمد المدلل، القيادى فى الحركة، بضرورة تقديم بريطانيا للمحاكمة الدولية، على ما اقترفته من انتهاكات لحقوق الفلسطينيين.

وأضاف «المدلل»: «ما زال الشعب الفلسطينى يعيش آثار ذلك الوعد من حصار، وتدمير، وتشريد وتهجير، واستيطان، وتهويد، وحروب، الآلام ما زالت مستمرة»، معتبرا بريطانيا «شريكة إسرائيل فى الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطينى».

بدورها طالبت منظمة التحرير الفلسطينية، بريطانيا بالاعتذار عن «وعد بلفور»؛ الذى مهّد الطريق لإقامة دولة إسرائيل على الأراضى الفلسطينية، بدلاً من الاحتفال بذكراه، وأكدت على لسان عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة واصل أبويوسف، أن احتفال بريطانيا بمئوية وعد بلفور يعد تهربا من تحمل مسئولياتها عن إصداره وإمعاناً فى انحيازها لإسرائيل، مضيفا أن بريطانيا تتحمل المسئولية الكاملة عن الوعد المشئوم الذى أسس لنكبة الشعب الفلسطينى المستمرة، الأمر الذى يستوجب اعتذارها للشعب الفلسطينى بالإضافة لضرورة جبر الضرر الذى لحق بهم نتيجة اقتلاعهم من أرضهم.

وأشار «أبو يوسف»، إلى أن لجاناً فصائلية تابعة لفصائل العمل الوطنى تجرى تحضيرات فى كل الأرضى الفلسطينية لإحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور الجائر، فى كل مخيمات اللجوء وعواصم العالم وتحديداً فى بريطانيا، بمسيرة ضخمة فى العاصمة لندن تشارك فيها أحزاب بريطانية وجاليات عربية وإسلامية للتعبير عن رفض الوعد المشئوم وتحميل بريطانيا مسئوليته، لافتا إلى أن الذروة ستكون يوم 2 نوفمبر، باحتفال مركزى أمام السفارة البريطانية فى رام الله والمركز الثقافى البريطانى فى غزة.

 

وقفات احتجاجية

ودعت هيئة العمل الوطنى فى قطاع غزة، والهيئات والمنظمات الحقوقية فى رام الله والقدس وجميع المدن الفلسطينية على ضرورة إحياء مئوية وعد بلفور بشكل واسع فى جميع المحافظات والمخيمات وفى جميع أماكن وجود الفلسطينيين والجاليات من خلال تنظيم المسيرات والوقفات أمام السفارات الفلسطينية فى دول العالم لتأكيد موقفها الرافض لوعد بلفور، والضغط على حكومة بريطانيا لتقديم اعتذارها للشعب الفلسطينى وتعديل مسارها تجاه القضية الفلسطينية من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس، داعية الجماهير الفلسطينية فى الوطن والشتات للمشاركة بكامل ثقلها فى جميع الفعاليات. 

وشددوا على ضرورة أن تكون الفعالية المركزية التى ستتوج غدا الخميس، تعكس أجواء المصالحة من خلال مشاركة الكل الفلسطينى من قوى وطنية وإسلامية وشرائح المجتمع وقطاعاته المختلفة، لإيصال رسالة قوية للمجتمع الدولى بضرورة العمل على رفع الظلم التاريخى الواقع على الشعب الفلسطينى وانصافه. ويجرى حاليا التحضير لسلسلة من الفعاليات الوطنية لإحياء الذكرى المئوية لوعد بفور من ندوات وورش عمل ولقاءات سياسية وبرامج إعلامية وحلقات دراسية فى الجامعات ووقفات واعتصامات أمام مقرات الأمم المتحدة والصليب الأحمر.

 

خطوات تصعيدية

وفى خطوة تصعيدية جديدة ضد الحكومة البريطانية، قرر نشطاء بريطانيون إطلاق حملة شعبية لجمع 100 ألف توقيع لإجبار مجلس العموم البريطانى على مناقشة الطلب الفلسطينى للحكومة بالاعتذار رسمياً على إصدار «وعد بلفور» عام 1917 وما ترتب عليه من آثار كارثية عانى منها الشعب الفلسطينى منذ عام 1948، وجاءت الخطوة التصعيدية بعد أسبوع فقط من رفض الحكومة البريطانية رسمياً الاعتذار، وقالت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماى، نصاً «نحن فخورون بدورنا فى تأسيس دولة إسرائيل» واكتفت بالاعتراف خلال ردها بوقوع تقصير فى حماية حقوق الفلسطينيين، وخلل فى الضمانات والتعهدات. وأضافت «ماى»: «نحن ندرك أن وعد بلفور كان ينبغى أن يدعو إلى حماية الحقوق السياسية للطوائف غير اليهودية فى فلسطين، وهو ما دفع مجموعة من النشطاء فى بريطانيا سواء كانوا بريطانيى الأصل أو بريطانيين من أصول عربية، إلى بدء حملة جديدة تعمل على وضع لائحة جديدة على الموقع الإلكترونى لمجلس العموم البريطانى، بهدف الحصول على 100 ألف توقيع خلال 6 شهور لإجبار البرلمان على مناقشة العريضة، وإجبار الحكومة البريطانية على الاعتذار».

أحمد نبيوة

طباعة
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg