| 01 مايو 2025 م

مقالات جريدة صوت الأزهر

الجامع الأزهر فى ذكرى "بدر": نموذج للمثالية والإيمان الصادق تحقق على أرض الواقع بالتخطيط السليم

د. نظير عياد: حدث فريد لأخذ الدروس والعبر كى تعود أمتنا إلى مكانتها اللائقة

  • | السبت, 22 مارس, 2025
الجامع الأزهر فى ذكرى "بدر": نموذج للمثالية والإيمان الصادق تحقق على أرض الواقع بالتخطيط السليم

د. عبدالفتاح العوارى: سميت «يوم الفرقان» لأن الله قد فرَّق بها بين الحق والباطل

د. محمود الهوارى: تأمُّل المشاهد السلوكية والأخلاقية بها يجعلنا نلتف حول قياداتنا

 

عقد الجامع الأزهر، أمس الأول الاثنين، عقب صلاة التراويح، احتفالية كبرى بمناسبة ذكرى «غزوة بدر الكبرى»، بحضور الدكتور محمد الضوينى، وكيل الأزهر، والدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، والدكتور نظير عياد، مفتى الجمهورية، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور عباس شومان، أمين عام هيئة كبار العلماء رئيس المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، ومحمود الشريف، نقيب الأشراف، وكيل مجلس النواب، وعبدالهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، ونخبة من علماء وقيادات الأزهر الشريف.

وقال الدكتور نظير عياد، مفتى الديار المصرية، إن المؤمن كيس فطن، ومن الكياسة أن يحسن التعامل مع الظروف والأحداث، وأن يأخذ منها العبر حتى يعود عليه النفع لنفسه وأهله ودينه ووطنه، ومن بين هذه الأحداث التى ينبغى أن نتوقف أمامها «غزوة بدر»، هذا الحدث الفريد، ولمَ لا والمتأمل فيها يقف على مجموعة من الدروس والعبر، لو تم الانتباه إليها لعدنا إلى المكانة اللائقة التى كنا عليها، موضحاً أن غزوة بدر نموذج يعبر عن المثالية وصدق العهد، وتجلى فيها الإيمان الصادق، فمنذ اللحظة الأولى حينما طلب النبى، صلى الله عليه وسلم، الخروج إلى الجهاد؛ استجاب له صحابته -رضى الله عنهم وأرضاهم-، وأن هذا الفعل هو من العبر التى نستلهمها من غزوة بدر؛ وهو الإيمان الصادق؛ فالإيمان كلمة راقية لا تتوافر إلا فيمن جمع بين النظرية والتطبيق، بين القول والعمل، بين نقاء الظاهر والباطن، وفى هذا قال الله عز وجل: «إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَلِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَنَتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً».

تلبية واستجابة

وأوضح الدكتور نظير عياد أن هذه الغزوة جاءت لتكشف عن حقيقة هذا الدين، وأنه ليس بالدين الذى يوصف بالاستبدادية أو أنه بعيد عن الواقع، فإن النبى، صلى الله عليه وسلم، عندما أُمِر بالخروج لم يستقل بالرأى، أو يستبد بالفكرة، ولكنه أعلنها كما أراد الله تبارك وتعالى «وأمرهم شورى بينهم»، فدعى الصحابة ثم حدثهم وناقشهم، ثم كان الأمر بالخروج تلبية واستجابة لنداء الله، كما ضربت الغزوة أعظم الأمثلة فى حسن الإعداد وجميل القراءة للواقع وحسن التعامل مع الظرف والحدث، فها هو النبى يدرك تماماً الفوارق بين الفئتين فيما يتعلق بالعدد والعدة، فاختار النبى المكان عندما نزل على رأى أحد أصحابه.

من جهته، قال الدكتور عبدالفتاح العوارى، عميد كلية أصول الدين السابق عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن غزوة بدر الكبرى سماها الله تعالى فى كتابه «يوم الفرقان»، لأنه قد فرق بها بين الحق والباطل، وبين أهل التوحيد والإيمان وبين أهل الشرك والوثنية، هؤلاء الذين ترامت الأخبار وتطايرت الأنباء أن أصحاب محمد، صلى الله عليه وسلم، استولوا على قافلتهم التجارية، فخرجوا جميعاً دون مدارسة للأمر، وأقسم رائدهم أبوجهل عليه لعنة الله، أن لا يرجع أبداً حتى يرد بدر ويقيم فيها وينحر الجزور ويشرب الخمر، وتسمع العرب بخبرهم فيهابوهم إلى يوم القيامة، فى منطق غلب عليه الغرور والكبر والخيلاء والصلف، موضحاً أن النبى، صلى الله عليه وسلم، أراد أن يتحقق عنده الأمن والطمأنينة بمعرفة موقف المسلمين من هذه المعركة الحاسمة، فاستشار القوم فقام أبوبكر رضى الله عنه فقال وأحسن، وقام سيدنا عمر بن الخطاب، فقال وأحسن، وقام المقداد بن عمروا وقال: «يا رسول الله، امض لما أراك الله، فوالله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، ولكن نقول لك: «اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون»، كما حرص صلى الله عليه وسلم أن يعرف موقف الأنصار، فقام سعد بن معاذ وقال يا رسول الله: «كأنك تريدنا معشر الأنصار؟»، قال نعم، فقال: «يا رسول الله لقد آمناً بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، فامض على بركة الله إنا لصبر فى الحرب، صدق عند اللقاء، والله لو أردت أن تخوض البحر فخضته لخضناه معك، فامض لما أردت»، عندها اطمأن النبى، وعلم أن الجبهة الداخلية جبهة قوية، فمضى للقتال، فكان نصر الله وكان توفيقه للمسلمين فى هذه المعركة الحاسمة، مصداقاً لقوله تعالى: «وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».

أسباب ضرورية

من جانبه، أوضح الدكتور محمود الهوارى، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أنه فى مثل هذه المناسبات الطيبة، يجدر بالأمة أن تجدد صلتها بالنبى، صلى الله عليه وسلم، وأن تعيد قراءة واقعها فى ضوء الهدى النبوى، التى تجسد واقعاً وسلوكا عملياً حياتياً، ومن الأحداث التى يجب الوقوف أمامها طويلا، هذه الغزوة الثرية بالبركات والدروس والعبر، وحسبنا أن تتوقف الأمة عند بعض المشاهد من هذه السيرة المباركة، وأول هذه المشاهد، أننا حين ندخل مباشرة إلى بركات هذه السيرة الطيبة نعرف أن الجماعة المؤمنة الأولى التى خرجت لملاقاة أهل الشرك، بالقياس الحسابى وبمنطق العدد، لكن الله تعالى حسمها بقوله: «وما النصر إلا من عند الله»، فالنصر أولاً بالله، فأول مشهد هو الإيمان بأن النصر من عند الله، وليس بعدة ولا عدد، وإن كان تحصيل العدة والعدد من الأسباب الضرورية المشروعة، ولكن يجب أولاً أن نحصل الإيمان، مصداقاً لقوله تعالى: «فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى»، موضحاً أن المشهد الأخلاقى السلوكى الثانى، والذى لا ينبغى أن يغيب عنا، أن هذه الجماعة كان معهم من الإيمان بالله ما جعلهم فى أعلى عليين، ويقص علينا هذا المشهد الطيب سيدنا حذيفة رضى الله عنه: «ما مَنَعَنِى أَنْ أَشْهَدَ بَدْراً إلَّا أَنِّى خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِى حُسَيْلٌ، قالَ: فأخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قالوا: إنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّداً، فَقُلْنَا: ما نُرِيدُهُ، ما نُرِيدُ إلَّا المَدِينَةَ، فأخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إلى المَدِينَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ معهُ»، فلما حضر حذيفة إلى نبينا، صلى الله عليه وسلم، قص عليه الحكاية، وأن المشركين أخذوا عليهم عهداً بأن لا يكونوا معهم فى قتال، فقال له النبى، صلى الله عليه وسلم، انصرفوا، نفى لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم، مع أنه فى وقت يحتاج إلى محاربين وعدة وعدد، لكنه الوفاء النبوى والأخلاق المحمدية التى نحن فى أشد الحاجة لها.

وأضاف: المشهد الثالث هو مشهد سلوكى أخلاقى، يحتاج إلى تأمل عميق ليأخذ بأيدينا كأمة إلى أن نلتف حول قياداتنا، فهذا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقف بين الصفوف ليسويها بقدح معه، مر بسواد بن غزية حليف بنى عدى بن النجار وهو متقدم من الصف، فطعن فى بطنه بالقدح، وقال: «استوِ يا سواد» فقال: يا رسول الله! أوجعتنى، وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدنى «مكِّنِّى من القصاص لنفسى»، فكشف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن بطنه فقال: «استقد» «أى: اقتص»، قال: فاعتنقه، فقبَّل بطنه، فقال: «ما حملك على هذا يا سواد؟» قال: يا رسول الله! حضر ما ترى، فأردتُ أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدى جلدك»، فما أجمل العدالة والأخلاق وما أجمل هذه المشاهد التى نحن فى حاجة ماسة لها الآن.

أحمد نبيوة

 

طباعة
كلمات دالة: رمضان 2025
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2025 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg