واصل: المنجمون يتبعهم الغاوون ولا يعلم الغيب إلا الله
الإفتاء: خرافة وجهل وتدخل صاحبها فى باب الشرك
حسن مصطفى
مع بداية كل عام ميلادى يكثر الدجل والشعوذة والتنبؤات والتوقعات الفلكية وتظهر فئةيسمون أنفسهم بالمنجمين والفلكيين، ويطغى تواجدهم وتنبؤاتهم على عقائد وأفكار الكثيرين، وينساق بعض المسلمين وراء هذا السراب من اجل معرفة المجهول وما تحمله الأيام والمستقبل من خلال تصديق المنجمين، والاعتقاد بصحة تنبؤاتهم، ويزداد انتشارهم رغم تعارضه مع ما أمرنا به الحق سبحانه وتعالى، وبكل أسف يسير الإعلام بشكل كبير خلف هؤلاء، وتكرس العديد من الفضائيات والصحف برامج وصفحات خاصة لما يقوله المنجمون، حتى أصبح التنجيم ظاهرة كل عام، فما أسباب هذه الخرافات والأوهام، وسقوط المجتمع فى براثن الجهل والخرافة ،وكيف نحمى المجتمع من مخاطر هذه الظاهرة؟
فى البداية يؤكد الدكتور نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء على حرمة الإيمان بالتنجيم والاعتقاد بمصداقية الأبراج والإيمان بما يقوله المنجمون، معللا ذلكأنها تتحدث فى أمور الغيبيات التى لا يعلمها إلا الله تعالى لقوله تعالى(وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا) فالإيمان والتصديق بأقوال المنجمين يدخل المسلم فى باب الحرمة، لأن الآية الكريمة تدل دلالة قطعية على أنه لا يعلم الغيب إلا الله تعالى، ولم يكشفه لأحد من البشر، مبينا أن الإنسان إذا ما آمن بما تقوله الأبراج إيمانا جازما وبأن هذا هو الحقيقة فإن ذلك شرك لأنه خالف نصوصا مقطوعا بشأنها فى أن أمور الغيب لله تعالى وحده ولا تدخل لأحد من الأشخاص فيها، ولكن إذا كان قصد المسلم من قراءتها ومتابعتها من باب التسلية فقط دون التأثير أو الإيمان أو الاقتناع بها فهذا لا شيء فيه إلا أنه من الأفضل الابتعاد عنها.
كذب وافتراء
وأوضح واصل أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيان المنجمين فعن قبيصة بنت أبى عبيد، عن بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، ورضى الله عنها، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى عرافًا فسأله عن شيء، فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوما) وروى أيضا عن معاوية بن الحكم رضى الله عنه قال : قلت يا رسول الله إنى حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان؛ قال: لا تأتهم؛ قلت: ومنا رجال يتطيرون؛ قال: ذاك شيء يجدونه فى صدورهم فلا تصدقهم) مشددا على أن إتيان المنجمين منهى عنه نهى مؤكدا أن التنجيم عمل من باب الدجل والشعوذة وخداع الناس وهو خارج تماما عن الإطار الشرعى والإسلامي، ولا يقره شرع أو دين، موضحا أن المسلمون مطالبون بالإيمان بالله تعالى وانه يعلم الغيب ولا احد سواه يعلمه، كما أننا مطالبون بالإيمانبالجنة والنار واليوم الآخر والقدر خيره وشره ،وأن التسليم التام بقضاء الله وقدره هو الإيمان بعينه، ولا ينبغى أن ينشغل المسلم بما فى غيب وعلم الله تعالى، ويجب على المسلم التسليم بان المستقبل والغد فى علم الله وحده..
دجل وشعوذة
ويبين الدكتور حسين عبد المطلب العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية بقنا حقيقة المنجمين مؤكدا أنهم ليسوا سوى دجالين ومشعوذين ولايملكون سوى خرافات وأساطير يروونها بما يتواءم مع مجريات الحياة ومنها ما يحدث عن طريق الصدفة ومنها مالا يحدث، وضحا أن هؤلاء ينصبون شراكهم على من يصدقهم ويجرى خلفهم، لافتا أنهم كاذبون ولا يعلمون من الأمر شيء، مستدلا بما روى عن أم المؤمنين عائشة رضى الله تعالى عنها (أنهسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أناس عن الكهان، فقال : ليسوا بشيء . فقالوا :يا رسول الله إنهم يحدثون أحيانا بشيء فيكون حقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك كلمة من الحق يخطفها الجنى فيقرها فى أذن وليه، فيخلطون معها مائة كذبه) فهؤلاء المنجمون كاذبون ولايعلمون شيئا عن الغيب مطالبا بعدم الالتفات لمثل هؤلاء المنجمين الذين يجعلون الناس يتعلقون بغير الله تعالى، ويسيرون فى ركب الخرافات والدجل.
شرك بالله
ومن جانبه أكد الدكتور إبراهيم نجم المستشار الإعلامى لمفتى الجمهورية أن دار الإفتاء المصرية أكدت فى فتواها فيما يتعلق بالتنجيم على كذب المنجمين الذين يعلنون نبوءاتهم للناس ويظهرون فى بداية كل عام ميلادى جديد، مؤكدا على كذبهم وادعائهم بمعرفة أحداث مستقبلية تدخل فى الغيبيات التى لا يعلمها إلا الله تعالى، منوها على أنه ينبغى للمسلم معرفة أنه لا يعلم الغيب إلا الله، وأنه النافع الضار، وأنه من الشرك بالله أن يعتقد الشخص أن لغير الله من الإنس أو الجن تأثير فى معرفة الغيب، أو كشف الضر أو البلاء أو النفع له.
وأشار نجم أن فتوى دار الإفتاء أوضحت أن المنجمين يدعون المعرفة بعلم الغيب، وهو نوع من الدجل، حتى وإن تحقق بعض هذه الأمور مصادفة؛ لأن عالم الغيب والشهادة هو الله تعالى، ولم يظهر سبحانه وتعالى على هذا الغيب إلا من ارتضى من رسول أو نبى قال تعالى (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدً)، ولقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن تصديق هؤلاء المنجمين فقال صلى الله عليه وسلم (من أتى عرَّافًا فصدقه بما يقول لم تُقبل له صلاة أربعين يوما)، موضحا أن الفتوى بينت أن مقولة "كذب المنجمون ولو صدقوا" ليست حديث نبوى والبعض يتخذها على أنها حديث مروى عن النبى عليه الصلاة والسلام، لكنها كلمات مأثورة ومعناها صحيح.
وأوضح نجم أنه بسبب مخافة أن يفتن البسطاء بأفكار هؤلاء المشعوذين جاء تحذير الحكماء بالتأكيد على كذب المنجمين حتى وإن صادفوا الواقع، لافتا إلى أن هناك من يخلط بين علم الفلك والتنجيم، مبينا أن التنبؤ بالغيب والمستقبل يختلف عن علم الفلك الذى هو علم من أهم العلوم التى اعتنى بها علماء الإسلام الأولون، وهو يتعلق بالمحسوسات، ولا يتعلق بالغيبيات، حيث يتعلق بنواميس الكون، ورصد مواضع الأجرام السماوية وحركتها كالشمس والقمر والكواكب والنجوم، وتحديد مواعيد الصيام والحج والصلاة وغيرها من الأمور.