| 04 مايو 2024 م

فى الندوة الثقافية الثانية بأصول الدين بالمنصورة.. د. الأحمدى عبد الفتاح: رجال الأزهر لم يكتفوا بالعلوم الدينية فحسب بل اتجهوا للعلوم الحديثة وتفوقوا فيها

  • | الأحد, 13 نوفمبر, 2016
فى الندوة الثقافية الثانية بأصول الدين بالمنصورة.. د. الأحمدى عبد الفتاح: رجال الأزهر لم يكتفوا بالعلوم الدينية فحسب بل اتجهوا للعلوم الحديثة وتفوقوا فيها

كتب عاصم شرف الدين:

عقدت كلية أصول الدين والدعوة بالمنصورة جامعة الأزهر، أولى ندواتها الثقافية.

 فى بداية الندوة أكد الدكتور الأحمدى عبد الفتاح، أستاذ الحديث بالكلية ـ أن الله عز وجل أنزل الدين الإسلامى على نبيه كاملاً غير منقوص، وأراده أن يقوم بالتبليغ، فقال الله عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. وقال تعالى أيضًا: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}. وقال النبى صلى الله عليه وسلم " بلغوا عنى ولو آية " وقال أيضا " نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِى هَذِهِ فَحَمَلَهَا فَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ فِيهِ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ" وعلى هذا نشر الصحابة طباق الأرض علمًا، وغيروا معالم الجاهلية، وأخرجوا الناس من عبادة العباد، إلى عبادة رب العباد؛ لأنهم التزموا قول الله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

وكان من بين هؤلاء الذين نشروا العلم، فى شتى بقاع الأرض، مثلهم كمثل الصحابة، علماء الأزهر الشريف. الأزهر الذى حمى الدين عقيدة، وشريعة، وأخلاقًا، ومنهاجًا، وتطبيقًا، حيث طبق الآلاف ممن تعلموا فى الأزهر تعاليم الإسلام السمحة وقاموا بنشرها هنا وهناك، وفى شتى بقاع أرض الله الواسعة، وصدق النبى (صلى الله عليه وسلم) حينما قال "يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالِ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلِ الْجَاهِلِينَ" ودور الأزهر الشريف فى حفظ اللغة والدين بيّن لا ينكره الا حاقد.

وأضاف عبد الفتاح: أقول حقًا، وصدقًا، لقد اهتم علماء الأزهر بالدين، وطبقوه دينًا، ودنيا، وطبقوه فى كل مناحى الحياة على السواء، فالإسلام لم يتعصب لوطن معين، أو دولة بعينها، وكذلك الأزهر؛ ولذلك تولى التدريس فى الأزهر علماء من كافة البلاد الإسلامية، وعلى سبيل المثال الشيخ ـ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر من تونس، والعلوم كما تعلمنا يكمل بعضها بعضًا، ولا يستغنى بعضها عن بعض، من فقه، وتفسير, وحديث، وتصوف، ونحو وصرف، وبلاغة، ولغات أجنبية، وطب، وهندسة، وزراعة إلخ. والله تعالى يقول: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ}.

وتابع عبد الفتاح: لم يكتف رجال الأزهر بالعلوم الدينية فحسب، بل اتجهوا للعلوم الحديثة، وتفوقوا فيها مما جعل الإمام ـ الكتانى ـ يقول أعظم الكليات فى العالم الإسلامى اليوم أزهر مصر، ثم جامع الزيتونة بتونس.

ونبه عبد الفتاح إلى أن علماء الأزهر لم يقتصر دورهم، ولم يتوقف عند التفوق فى العلوم الشرعية، واللغوية، والتجريبية، بل كان لهم دور وطنى، ويحضرنى مثال قريب تاريخيًا، ففى عهد إسماعيل توالت على مصر الهزائم، وطلب من وزيره أن يجمع العلماء فى صحن الجامع الأزهر، ويقرأوا صحيح الإمام البخارى، حتى لا يهزم، لكن جيش الحبشة لا يتوقف، فجاء الخديوى إلى الأزهر، وصاح غاضبًا: إما هذا ليس صحيح البخارى، وإما أنكم لستم بعلماء، وسكت الجميع، وتملكهم فزع شديد لكن أحد العلماء قام، وقال، أنت السبب فى تلك الهزائم يا إسماعيل، أليس الزنا مباحًا، وقد قال الله تعالى: { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً } أليس الخمر مباحاً وقد قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، أليست العدالة معدومة، الخ... من سرد للمظالم والموبقات المجتمعية، وقد قال نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم " لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ، فَلَيَسُومُنَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، ثُمَّ يَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَنْ لَا يَرْحَمُ صَغِيرَكُمْ، وَلَا يُوَقِّرُ كَبِيرَكُمْ ". وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ايضاً فى الحديث الشريف: " خَمْسٌ بِخَمْسٍ "، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا خَمْسٌ بِخَمْسٍ؟ قَالَ: " مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ، وَمَا حَكَمُوا بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلا فَشَا فِيهِمُ الْفَقْرُ، وَلا ظَهَرَتْ فِيهِمُ الْفَاحِشَةُ إِلا فَشَا فِيهِمُ الْمَوْتُ، وَلا طفَّفُوا الْمِكْيَالَ إِلا مُنِعُوا النَّبَاتَ وَأُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَلا مَنَعُوا الزَّكَاةَ إِلا حُبِسَ عَنْهُمُ الْقَطْرُ ". ولشجاعة هذا العالم عينه الخديوى رئيسًا لهيئة كبار العلماء.

وختم أستاذ الحديث كلمته مؤكدًا ومجددًا، على حقيقة مهمة وهى أن معظم من تخرج من الأزهر من الوافدين، اعتلوا سدة الحكم فى بلادهم، وعلى هذا فالأزهر هو الإمام لنا جميعًا، ومن تكلم عنه فإنما يتكلم بلسان العالم الإسلامى كله، وإذا جاء الحديث عن الأزهر الشريف، فهو أقدم جامعة فى العالم، مازالت حتى الآن تقدم العلم، وتجمع الطلاب من كل مكان فى الدنيا، يعودون إلى بلادهم ينشرون الإسلام، ويدافعون عنه بالعقل، والمنطق، والإيمان، والحكمة.. واشتهرت أروقة الأزهر قديمًا، بأنها كانت دورًا للعلم، والعبادة، حيث اجتمع طلاب العلم من كل بلدان الدنيا، وكان هناك رواق المغاربة، ورواق الشوام ورواق الأتراك ورواق الأفغان، بل كانت للمصريين أروقة خاصة بكل طوائف المجتمع، فهذا رواق الصعايدة، وآخر للبحاروة، وثالث للشراقوة.. ومنذ عام 1896 قدم الأزهر الشريف لأول مرة فى تاريخه، شهادات عالمية معتمدة لطلابه والدارسين فيه.

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg