30% زيادة فى إسلام الدنماركيين بفضل الرسوم المسيئة
بالعدل يشيع الاستقرار ويتحقق التوازن بين الفرد والمجتمع
أكد الشيخ عبدالحميد الحمدى رئيس المجلس الإسلامى الدنماركى أن نسبة الداخلين فى الإسلام من الدنماركيين بعد الحملات الإعلامية الشعواء على الإسلام والرسوم المسية للنبى صلالله عليه وسلم خلال السنوات الماضية ارتفعت لتصل إلى 30% لرغبة الشعب الدنماركى فى معرفة كل ما يتعلق بالدين الإسلامى وأن ادارة الأزمة تكمن فى فن التعامل والتأقلم مع الحدث حتى تمر المحنة بسلام دون أن تترك رواسب نفسية. وأضاف الحمدى لـ"صوت الأزهر" أن الغرب أبدع فى الاعتناء بالمعلومة وأحسن توظيفها بدراسة كافة الاحتمالات بناء على استقراء السنن والاعتبار بمعطيات اليوم وتجارب الأمس فتفوق بالتخطيط للمستقبل ويجب علينا أن نحذو حذوه لأننا أولى بذلك لما يمليه علينا ديننا الحنيف..
حوار: مصطفى هنداوى
يمثل المسلمون قوة بشرية ضخمة تزيد على الـ 2 مليار نسمة ومع ذلك ليس لهم تأثير فى العالم ولا نجد بينهم إلا الفرقة والاختلاف.. كيف ترى ذلك؟
مطلب الوحدة والاعتصام مطلب شرعى قال الله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" والله عز وجل ذم التفرق فقال تعالى "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" فالأمة قوية بتماسكها وتضامنها ولذلك اذا عدنا إلى تاريخنا سنجد أن أمتنا كانت قوية وتهابها كل الأمم لأنها تمسكت بدينها وهويتها وجعلت الوحدة هى الأساس والعنوان أما حينما تخلت عن هذه المبادئ والأسس الشرعية فنراها مشتتة وعلى علماء الأمة وأدبائها وعقلائها أن ينخرطوا جميعا فى الدعوة للعودة إلى النهضة من جديد وإلى أن تكون أمة واحدة "وكذلك جعلناكم أمة واحدة".. وقضية الخلاف قضية وهمية مصطنعة.
البعض يرى أن أغلب مشاكل الأمة الإسلامية غياب العدل الاجتماعى.. هل توافق؟
العدل هو قاعدة من قواعد النظام العام الإسلامى "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"، "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" حينما تغيب هذه القيم الإسلامية من تكافؤ الفرص تكون هناك عواقب وخيمة على المجتمعات منها التطرف والغلو ويخضع المجتمع إلى نوع من الطبقية فى تفاوت توزيع الثروات وبالتالى تظهر حركات بمنطلقات فكرية متعددة ومنها الدينية التى قد تكون بسبب الشعور بالظلم والقهر نتيجة التفاوت فى المستويات والدخول مما يجعل هناك نقمة وعدم رضا عن المجتمع فيختل التوازن بين الفرد والجماعة وأغلب الجماعات الجهادية تكونت بسبب الاغراء بالمال فبالعدل يصبح الفقير والغنى فى حالات من الرضا والقناعة وسلامة النفس والاخلاص فى العمل والانتاج مما يعود على المجتمع بالسكينة والاستقرار والبناء والتقدم فى مصاف الأمم لأنه يتيح لكل أفراد المجتمع فرصا متكافئة لتوظيف إمكانياتهم ومقدراتهم ولانه يحقق التوازن بين الفرد والمجتمع فلقد جاءت الأحكام فى الإسلام لتنظيم وتحقيق التكافل الاجتماعى ولذلك على الحكومات والأشخاص والجمعيات نشر التوعية وثقافة العدل باخراج الزكاة أولا ومن ثم يتوالى التكافل لنزع الحقد والحسد بين أفراد المجتمع ويسود الحب والوئام .
رغم وجود التطرف والإرهاب فى كل المجتمعات فإنه يظهر بكثرة فى المجتمعات الإسلامية.. فما أسباب ذلك؟
التطرف والإرهاب قد يكون أحد أسبابهما العدالة الاجتماعية أو بعض المظالم على الأمة أو الشعوب كما يحدث فى فلسطين وغيرها، كل هذ يثير بعض غرائز المراهقة وهناك من يستثمرها استثمارا سيئا وتكون احد مداخل الشيطان فالمتطرف عدو لنفسه أولا وعدو لأمته ثانيا وعدو لمجتمعه ثالثا فيجب على الأمة أن تعالج القضايا الاجتماعية الملحة معالجة حقيقية حتى ينتفى هذا السلوك حتى لا نجد من يلبس لباس الدين والدين منه براء ولابد من كل فئات المجتمع أن تكون واعية لخطورة هذا السلوك الذى يجر على الأمة الويلات.
هناك فتاوى ضالة يطلقها بعض المتشددين ويتخذها البعض ذريعة لصبغ أعمالهم بالدفاع عن حقوقهم وتحت مسميات كثيرة.. كيف نوضح خطورة هذه الفتاوى ؟
أمرنا الله سبحانه وتعالى بالأخذ بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والفتوى هى التى تؤخذ عن صاحب الدين وصاحب العلم وأهل الذكر وهى أمانة عظيمة فانظروا عمن تأخذون دينكم ويجب أن تأخذ من صاحب العلم ليبينه للناس ولا يكتمه سواء أعجبهم ذلك أو لم يعجبهم لأنه يلتمس رضا الله ولو سخط الناس وإذا تبين له الحق فى أمرٍ آخر انتقل إليه والذى يفتى بدون علم إنسان غير واع ولا يعتبر فى مصاف الشيوخ الدارسين الدراسة الشرعية المتعمقة البعيدة عن التشدد والغلو والذى يوجه الشباب إلى مثل هذه الأفعال والحماقات هم أناس غير مطلعين على أصول الدين وسماحته وليس لديهم خلفية شرعية كما تجد فى قادة القاعدة الذين ليس لديهم خلفية دينية ولم يدرس أحد منهم الفقه من مصادره وكل ما درسه كتيبات من مصادر مجهولة أو متشددة وعلى الإعلام إلا يسلط الضوء على هذه الفتاوى حتى لا يثير الشبهات فهناك أميون لا يدركون معنى الكلمات وما ترمى اليه وقد يأخذونها فى مجملها ولا يتفقهون فى المضمون وهنا يكون واجب العلماء تبصير الناس وبيان المقصد الشرعى وكشف الانحرافات العقائدية وارشاد الناس إلى الخير بتوعيتهم بواجباتهم ومسئولياتهم..
هل هذا بسبب تقصير العلماء والدعاة تجاه قضايا الأمة الإسلامية ؟
العلماء أصحاب رسالة عظيمة ومهمة جسيمة وعليهم تبصير الناس بأمور دينهم دون كلل أو ملل وهم القاطرة التى تجر الأمة إما إلى الاعتدال والوسطية إذا سخروا حياتهم لإعلاء كلمة الله بسعة الاطلاع على العلوم المختلفة ليكون لهم تأثير وفاعلية بالرفق والتلطف مع الناس مما يؤدى إلى استمالتهم وإقناعهم بحسن اختيار الكلمات وتوظيفها باختلاف الظروف والمناسبات بأقوال وطرح مبنى على الحقائق والأدلة والبراهين مع البعد عما أشكل منه أو ترتب عليه مفسدة حتى نسعى لإصلاح الفرد وبناء المجتمع بالحكمة والموعظة الحسنة بتعليم الناس ما يجهلون وتذكيرهم بما ينسون وتنبيههم إلى ما يغفلون عنه ومن هذا كله لم نجد للعلماء دورهم المأمول لأنهم لم تتح لهم الفرص والوقت والزمان وهناك من يحاول تقليص دورهم بحجبهم وإبعاد الشباب عن القدوة حتى يعيش المجتمع فى دوامة من الفتن الانحلالية وسوء الأخلاق لأنهم يعلمون أنه إن ضاعت الاخلاق ضاعت الأمة ومن ثم فدور العلماء مهم وخطير فى هذه المرحلة التى تمر بها أمتنا الإسلامية حتى لا يتركوا الساحة خالية فيملؤها دعاة الفسق والفجور لأرضاء الشيطان.
كانت الرسوم الدنماركية المسيئة للرسول صلعليه وسلم سببا فى إثارة مشاعر المسلمين على مستوى العالم.. كيف تعاملتم مع هذا الموقف ؟
بعد الحملات الشعواء التى يشنها الإعلام الدنماركى والغربى بوجه عام على الإسلام ومحاولة تشويه سمعته فإن الأعداد الراغبة فى الدخول للإسلام ترتفع ولله الحمد والمنة وبشكل ملحوظ بفضل من الله ثم بدعم الإخوة الذين يعملون فى المراكز الإسلامية والتى لها جهود عظيمة وكبيرة فى نشر الدين وتوضيح الصورة الحقيقية لسماحة الإسلام وعدالته وتعامله الأخلاقى مع كافة البشر وأن نسبة الداخلين فى الإسلام من الدنماركيين بعد الحملات الإعلامية المسيئة للإسلام ارتفعت خلال السنوات القليلة الماضية لتصل إلى أكثر من 30% عن الفترة السابقة لرغبة الشعب الدنماركى فى معرفة حقيقة الإسلام بعد الحملات الإعلامية الكاذبة التى يقودها أعداء الدين حيث حفزت الناس فى هذا البلد على معرفة كل ما يتعلق بالدين الإسلامى وهذا باب نصر وفتح للمسلمين بفضل الله وتوفيقه وساهم بشكل كبير فى نشر الدين فى هذه البلدان الاسكندنافية وأطالب جميع الدول الإسلامية والأزهر الشريف بدعم المراكز الإسلامية بمختلف دول العالم التى تقوم بعمل عظيم فى نشر الإسلام والدفاع عنه رغم قلة الإمكانيات ومحدوديتها.
كيف ندير الأزمات التى تظهر لنا من وقت لآخر ونتجنب التعرض للصدمات بصفة مستمرة للنهوض من جديد ؟
مشكلتنا ليست دفع الأزمات لأنها حادثة لا محالة ولا سبيل لنا فيها ولكن فى كيفية أدارة الأزمة لأن أجواء الأزمة حالة استثنائية تحتاج إلى نمط استثنائى فى التعامل والتأقلم حتى تمر المحنة بسلام دون ان تترك رواسب نفسية تلازمنا طيلة العمر وهذا ما تعاملنا به فى أزمة الرسوم المسيئة والحجاب وأى طارئ نتعامل معه بهذا المنطق ومحاولة إيجاد أفضل الطرق لتقييم الوضع الذى نحن فيه.
كيف نتعلم من تاريخنا الماضى وننظر إلى المستقبل بثقة للتغير للأفضل ؟
عناية البشر بالتاريخ ظاهرة تدويناً لأحداثه وترجمة لأبطاله وتحليلاً لدوافعه فالتاريخ يقرأ ليعتبر به ونعرف دروسه لنستفيد بها فى الزمن القادم والإنسان مجبول على التطلع للمستقبل واستقراء أحداثه وتحولاته واستجلاء غوامضه وخوافيه ولهذا أقرَت الشريعة فى هذا الباب ما كان نافعاً للعباد مبنياً على معرفة النتائج من أسبابها أو إتيان البيوت من أبوابها كما يقولون وهذا ما ميز الغرب حتى أبدع فيه وصار يعتنى بدقة المعلومة ويحسن توظيفها ويدرس كافة الاحتمالات والتحوطات لا رجماً بالغيب بل بناءً على استقراء النواميس والسنن والاعتبار بمعطيات اليوم وتجارب الأمس.