| 02 مايو 2024 م

علماء الدين: إقصاء رأي المفتى فى قضايا الإعدام يضر بالأمان المجتمعي

  • | الإثنين, 12 ديسمبر, 2016
علماء الدين: إقصاء رأي المفتى فى قضايا الإعدام يضر بالأمان المجتمعي

ظهرت فى الفترة الأخيرة بعض الآراء التى تحاول إقصاء الرؤية الشرعية التى يمثلها رأى المفتى فى قضايا الاعدام.. أثار البعض جدلاً كبيرًا حول حذف فقرة الأخذ برأى المفتى فى قضايا الإعدام من قبل لجنة شئون التشريعات بمجلس النواب، حيث نصَّ التعديل على أنه «تتبع أمام محاكم الجنايات جميع الأحكام المقررة فى الجنح والمخالفات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكمًا بالإعدام، إلا بإجماع آراء أعضائها، ولا يجوز الطعن فى أحكام المحاكم والجنايات إلا بطريق النقض أو إعادة النظر»، حيث تم حذف أخذ رأى المفتى فى قضايا الإعدام. بينما قال رئيس اللجنة، إنه يتفق مع هذا التعديل، لأن رأى المفتى تحصيل حاصل، ولا جدوى منه إطلاقًا. «صوت الأزهر» التقت علماء الدين لمعرفة آرائهم حول الموضوع فى التحقيق التالى.

قال الدكتور إبراهيم نجم، المستشار الإعلامى لمفتى الجمهورية، إنه منذ أواخر القرن التاسع عشر استقر القانون على أخذ رأى المفتى فى قضايا الإعدام، فرأيه ينير المحكمة حيث ترسل هذه الأوراق إليه وتتم دراستها من قبل هيئة مختارة بالدار لمعرفة أحقية الحكم للمحكوم عليه.

منوها بأن رأى المفتى ضمانة أخرى لتطبيق العدالة وإعطاء فرصة أكبر للمتهم امتثالا لقول النبى (ادرءوا الحدود بالشبهات) فهى ضمانة أخرى فى حلقات التقاضى التى نظمها قانون الإجراءات الجنائية، وبالتالى رأى المفتى وإن كان استشاريا إلا أنه مهم فى استبيان الحقائق أمام المحكمة.

ويرى الدكتور عبدالمنعم فؤاد عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين بجامعة الأزهر، أن رأى المفتى فى قضايا الإعدام فيه طمأنة للمحكمة وللمجتمع، وفى إطار الدستور الذى ينص على أن الشريعة الإسلامية هى مصدر رئيسى للتشريع، وربما تكون هناك بعض الأمور التى يوجد بها شبهة فرأى المفتى يبدد هذه الشبهات، والمجتمع دائما وأبدًا يطمئن للرأى الشرعى وهذا الرأى الذى يدلى به المفتى ليس ابن الساعة وإنما منذ زمن والمجتمع يقبله ولا يرى غضاضة فى ذلك، مؤكدًا أن الطرف الذى يرفض رأى المفتى لا يحمل دليلا مقنعا ولا بديلاً عن الرؤية الشرعية، ومعلوم أن الشرع يدقق بقوة فى مسائل الحدود، ولو كانت هناك أدنى شبهة فإن الحد يسقط طبقا لحديث «ادرءوا الحدود بالشبهات» والمفتى يوضح ذلك ويكون رأيه بمثابة صك أمان للمجتمع.

بينما يرفض الدكتور عبدالغفار هلال، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إلغاء رأى المفتى من قضايا الإعدام، لأن رأى الشرع مهم قبل تنفيذ إزهاق الروح فيجب أن يحتاط لها، وألا ينفذ الحكم بسهولة قبل أن يطمئن المشرع إلى أن الحكم الصادر سليم لا سيما من الناحية الشرعية لأن هذا حق إنسان فى الحياة لا يمكن أن نفرط فيه.

وتابع هلال: فلابد من الاطمئنان برأى المفتى؛ لأنه قد يكون فى بعض الأحيان مخالفًا، صحيح أنه يتفق مع معظم القضايا ولكن فى بعضها يتوقف المفتى أحيانًا، وذلك لأن هذا الرجل الذى سيدخل إلى ساحة تنفيذ الحكم بالإعدام مسلم وسوف يقابل ربه فهل يا ترى نحن نظلمه أو نكون على عدالة معه؟ وأضاف هلال أن العدالة فى القانون مسألة والعدالة فى الشرع ربما تختلف مع القانون وعلى ذلك لا بد من تصديق المفتى حتى نطمئن أن الحكم صحيح من ناحية القانون والشريعة الإسلامية؛ لأننا فى مجتمع مسلم ودولة دينها الإسلام، فلابد من أخذ الحذر حتى لا تزهق نفس بغير حق، وعلى ذلك لا بد أن نستشير أهل الشريعة وهم يتمثلون فى المفتى الذى انتخبته الأمة حارسا على تنفيذ قواعد الشريعة سواء فى الأحكام العامة فى الدولة أو فى الأحكام الخاصة بالأفراد.

موضحًا أنه لا يجوز مطلقًا إلغاء هذا الشرط، ولابد من الحفاظ عليه حفاظا على الأثر بما عليه الأمة من دين الإسلام الذى هو سياج للأمة وللأفراد؛ حتى لا تكون هناك ذرة من الشك فى أن هذا الرجل قتل ظلمًا أو اعتدى عليه بغير وجه حق.

من جانبه قال الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية: لم أوافق على لجنة التشريعات لأن الحكم بالإعدام يجب أن يتم بمراعاة الأحكام الدينية حتى يطمئن المحكوم عليه وأهله والمجتمع أن هذا الرجل لن تسلب روحه ولن يعدم بعيدًا عن هدى الأحكام الشرعية، موضحًا أن الهدف من رأى المفتى بث الأمان والراحة النفسية فى المجتمع، وطمأنة الجانى وأسرته أن الحكم ليس بعيدًا عن نهج الشريعة الإسلامية، وأن الدين إذا شق الحكم سيكون هو الحكم والخلفية التى تقول إن موت المحكوم عليه حق أو ليس حقًا.

فى السياق ذاته قال الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، عميد كلية أصول الدين السابق بأسيوط جامعة الأزهر: درج المصريون منذ وقت طويل على أن أحكام الإعدام التى تصدر من المحاكم المصرية لا بد أن يؤخذ فيها رأى مفتى الديار، وذلك أمر محمود بل هو واجب من وجهة نظرى لعدة أسباب منها: لأن قضايا الإعدام يجب فيها الاحتياط وقد عين الشرع الحالات التى يجب فيها شرعا الحكم بالإعدام وهى: الزنا بعد الإحصان، والكفر بعد الإيمان، والقتل العمد، ثم ما يعرف بحد الحرابة والإفساد فى الأرض، ويندرج تحت ذلك كثير من الجرائم مثل خيانة الوطن وغيرهان مضيفا أن النبى (صلى الله عليه وسلم) شدد فى صيانة حق المتهم، وتكفلت القوانين الحديثة بالزام المحاكم بإحضار محام للمتهم حتى يدافع عنه، ويجب فى قضايا الإعدام أخذ رأى المفتى فيها، وهذا أمر الزامى حتى يكون أمر الاعدام خاليا من أى شبهة، وقد سمعت أحد المفتين السابقين يقول إنه اعترض على بعض الأحكام التى جاءت إليه بالإعدام، وقد أخذ رأيه فى الاعتبار، وهذا يدل على أن ما جرت عليه المحاكم فى مصر منذ زمن طويل هو الأولى والأفضل للفرد والمجتمع.

مشيراً إلى أن المجتمع لن يقبل تنفيذ حكم عقوبة الإعدام بدون رأى المفتى؛ لأن المجتمع المصرى يطمئن لرأى الشريعة حتى يكون الأمر خاليا من أى شبهة، وربما أدى إلغاء عرض أحكام الاعدام على المفتى إلى شر خطير واهتزاز ثقة الناس بحكم الإعدام.

نعمات مدحت

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg