| 02 مايو 2024 م

السُنة المطهرة تضيء حياتنا.. ومعنا بهذا شاهد ودليل

  • | الأحد, 11 ديسمبر, 2016
السُنة المطهرة تضيء حياتنا.. ومعنا بهذا شاهد ودليل

لا ريب أن الاستجابة العملية لتطبيق سنة الهادى البشير المرسل رحمة للعالمين قولاً وفعلاً عملاً ويقيناً حكمةً ومنهاجاً طريق النجاة ونور الهداية وعودة للريادة وثمرة الاستقامة لإسعاد البشرية كلها وفتح أبواب الخير للتعايش بالصفات النبيلة وغلق منافذ الشر لرسم كل المعانى الإنسانية الجميلة ليتمم مكارم الأخلاق التى دعت إليها جميع الرسالات السماوية.. «صوت الأزهر» أبحرت فى اعماق العلماء ليرشدونا بما استفادوه من السيرة المحمدية فى ذكرى مولده الشريف صلى الله عليه وسلم..

يقول الدكتور محمود الصاوى وكيل كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة: إن أحب السور إلى قلبى ولا أمل أبدا من الصلاة بها هى سورة «الضحى» لأنها تتحدث عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهى تلامس شغاف قلبى وتملأنى بمحبة اليتامى ومحاولة الانفاق عليهم ورحمة العصاة والشفقة عليهم وبهم والعطف على الفقراء.

وقال الصاوى: يؤلمنى ألا يكون الحرص على التأسى بجوهر رسالته صلى الله عليه وسلم بنفس القدر والاهتمام بالتأسى بالعيد الظاهر له صلى الله عليه وسلم وهذا يصد الناس عن دين الله وينفرهم منه فإنك إن وجدت مسلما متشبها به صلى الله عليه وسلم فى سمته الظاهر ثم معاملته أبعد ما تكون عن هذا الهدى تمتلئ بالظلم وأكل الحقوق وإهانة الضعفاء من الزوجة والأولاد والعمال الذين هم تحت إدارته مثلا فانك ستمقت هذا الشكل أو النمط من أنماط التدين ثم تأتى الأعمال الدرامية لتسليط الضوء على هذا النمط من التدين فتزيد الناس نفرة من السنة والتمسك بهديه صلى الله عليه وسلم.

ولفت الصاوى إلى أن مما حاول التأسى به من شفيعى يوم العرض تقديم صدقة بين يدى الأمور المهمة فى حياتى كنت طالبا بالجامعة 1981وكانت لى عادة قبل دخول لجنة الامتحان نهاية العام أبحث عن أى فقير قبل دخول اللجنة أعطى له ما استطعت من الصدقة سبحان الله أجد بركة ذلك وتوفيق الله لى فى أسئلة الامتحان بشكل عجيب فى كل أمر مهم أو موقف صعب أدخل عليه اجتهد فى أن اقدم ما استطيع إذا أعطيت بلا تردد يرزقك الله من حيث لا تحتسب بالإضافة إلى النظافة والنظام والدقة والتخطيط وإتقان العمل ومراقبة الله جل وعلا.

نترسم خطاه

وقال الدكتور عبدالعزيز المرشدى أستاذ العقيدة جامعة الأزهر إن البشرية لتفخر برجل كمحمد صلى الله عليه وسلم جاء بمنهج حكيم يعتبر خارطة طريق لاسعاد البشرية فى دنياها وأخراها ونحن فى ذكرى ميلاده الشريف يجب إلا نكتفى بالاحتفالات الفلكلورية بل علينا أن نترسم خطاه فى أخلاقه وسلوكه وتعاملاته وأحواله ومبدأ المعاملة مع الناس فالعبادة نوعان: عبادة شعائرية كالصلاة والصيام والحج والعبادة المعاملاتية كالإحسان إلى الجار وبر الوالدين وقد أكد النبى على النوع الثانى لأهميته فقال «الدين المعاملة» وهذا يعنى أنه بغير معاملة طيبة لا يكون ديناً مثل قولهم الحج عرفة فبغير الوقوف بعرفة لا يكون حجا وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من يأخذ عنى خمسا فيعمل بهن أو يعلمها لمن يعمل بها؟ قلت انا يارسول الله. فأخذ بيدى فعد: اتق المحارم تكن أعبد الناس وارض بما قسم الله تكن أغنى الناس وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب» معنى ذلك أن المسلم لا ينجيه أداء الفرائض الشعائرية وأخلاقه فى تعاملاته مع الخلق سيئة ولنتذكر المرأة التى تصوم وتصلى ولكنها تؤذى جيرانها فقال النبى إنها فى النار وعلينا كما علمنا أن تكون حياتنا سهلة وبسيطة وبعيدة كل البعد عن التعقيد والجمود والتشدد والتزمت ومتوازنة وبعيدة عن الإفراط أو التفريط وأن ديننا لا غموض فيه ولا لبس فيه ولا تناقض فيه. ولفت المرشدى إلي أن الأمة لن تعود إلى مكان الريادة والقيادة والسيادة إلا بالعودة إلى أخلاقها التى غرسها محمد بن عبدالله القائل «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

درس للبشرية

وأكد الدكتور محمد أبوفرحة خبير التنمية البشرية أن النبى صلى الله عليه وسلم جسد فى موقفين درسا للبشرية فى كيفية التعامل مع الآخر، موقفين من أقوى المواقف التى علمت الإنسانية سماحة الإسلام.. فعندما افتقد النبى جاره اليهودى ومع أنه كان من أشد أعدائه ذهب ليعود ابن هذا الرجل وهو يحتضر ويقول له يا غلام اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فنظر الغلام إلى أبيه ثم يلح عليه النبى صلى الله عليه وسلم ثم ينظر الغلام إلى أبيه فيقول له أبوه: أطع أبا القاسم أطع أبا القاسم فيطيع الغلام سيدنا رسول الله ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم تفيض روحه إلى بارئها فيقول النبى صلى الله عليه وسلم «الحمد لله الذى أنقذ بى نفسا من النار» وتجلى موقف النبى الكريم عندما مرت جنازة اليهودى فيقف تأثراً فقال له أصحابه يارسول الله إنها جنازة يهودى فقال: «نفس تفلتت منى إلى النار».. فكان همه أن يدخل الناس الجنة من كان معه ومن كان ضده ليوضح لنا الهدف الأسمى ألا يكون لنا أعداء وعدم الثأر لأنفسنا أو الشماتة فى الآخرين أو عدم الاختلاف.

 ولدت يتيما

ويقول الدكتور نادى عبدالله الأستاذ بكلية الدراسات العربية والإسلامية: لقد قرأت سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا طفل صغير وأوقفنى جانب من حياته وهو مولده يتيما وكيف كانت عناية الله ترعاه وتحفظه فكفاه عن يتمه وذكره الله بذلك فقال تعالى «ألم يجدك يتيماً فآوى» كان هذا الموقف هو الوقود الذى كان وما زال يحركنى حيث ولدت يتيما لم تتمتع عيناى برؤية أبى وكنت كلما أتعرض لموقف فى حياتى أتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف آواه إليه ربه فكنت أسرع بالركون إلى جانب ربى فأشعر بالقوة والنشاط وكأننى أملك الدنيا كلها وهذا كله أثر فى عاطفتى تجاه الايتام فكنت وانا طالب بفضل الله تعالى أرعى بعص الأيتام حتى وصلوا اليوم إلى أعلى الشهادات وما زالت بركة القرب والحب لسيدنا رسول الله ترافقنى حتى تخصصت فى دراسة السنة النبوية المطهرة وهذا من فضل الله وحقا إن رسولنا هو نور الدنيا وحياتها وزينتها وصدق من قال إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول اللهم أدم علينا حبه والقرب منه.

 دعاء أمى

وأكد الدكتور أشرف محمد صبحى الفيل إمام وخطيب مسجد القدس بالقاهرة: حينما تأملت حديث النبى حين سأله أحد الصحابة: من أحق الناس بحسن صحابتى؟ قال أمك.. تأملت لفظة الصحبة فى الحديث وأخذت أطبق ذاك الحديث على نفسى فبدأت اتعامل مع والدتى على أنها صاحبة وأحسنت صحبتها وفعلت ذلك تباعا مع والدى فوجدت العجب العجاب وجدت سعادة فى قلبى لا توصف ثم سعادة فى عينى والدى فجعلا يدعوان لى ليل نهار وجعلت اتحسس ما يريدانه فافعله قبل أن يطلباه متأثرا بقوله تعالى «وبالوالدين احسانا» وتعمق لدى مفهوم الاحسان دون البر فوجدت أن الاحسان كما قال اهل العلم هو أن تتلمس ما يريده الاب والام فتفعله قبل أن يطلباه فعلت ذلك فسمعت يوما أمى تدعو لى دعوة عجيبة قالت: «ربنا يحبب فيك كل خلقه حتى الحصى على الأرض» فأشهد الله انى وجدت اثر ذلك فى حياتى فما من بلدة أو قرية أو دولة ازورها إلا ووجدت دعوة والدتى تسبقنى إليها حتى انى يوما قلت لامى توقفى بعض الوقت عن الدعاء لانى مش عارف امشى بين الناس فى حج هذا العام من دعواتك.

 طهارة القلب

يؤكد الدكتور عبدالحميد متولى رئيس المجلس الأعلى للأئمة والشئون الإسلامية بالبرازيل أن أفضل هدية فى يوم مولده أن تولد فينا الأخلاق التى ماتت عند آخرين فنحيى بها الدين ومنها سلامة الصدر وطهارة القلب كما جاء فى الصحيحين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا أنس إذا قدرت أن تصبح وتمسى وليس فى صدرك شىء فإن ذلك من سنتى ومن أحيا سنتى فقد أحبنى ومن أحبنى كان معى فى الجنة» وهذه سنة التغيير «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» أى تغيير النفس من سيئ إلى حسن ومن حسن إلى أحسن ولن يكون ذلك إلا بالتحلى بأخلاق رسولنا الهادى البشير ولن يأتى هذا إلا بالتطبيق والاستجابة الدائمة لله ولرسوله وهى سمة الرسل والصحابة والصالحين فنحن نحتاج الآن إلى الاستجابة لسنة النبى الكريم فالكثير يعلم ولكن من يستجيب ويطبق ويعمل؟ فالمجال التطبيقى العملى للأمة الإسلامية لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم هو المخرج الآمن لما تعانيه وما ظهر بها من إعياء بسبب المخالفة قال تعالى «فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم» أى المخالفة لرسول الله فالتفريط والتهاون سبب هوان الأمة.

 أسوة حسنة

فيما أشار الدكتور السيد محمد سلام عميد كلية اللغة العربية فرع جامعة الأزهر بالمنوفية إلى أن مواقف النبى صلى الله عليه وسلم مواقف تعليم تنفع وترفع من يقتدى بها فى كل سلوكيات الحياة لذا قال الحق سبحانه «لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر» فنجد فيها مفاتيح الخير كما نجد فيها مغاليق الشر، لذا كانت حياته صلى الله عليه وسلم أفضل مثال للإنسان الكامل الذى اتخذ الصدق فى القول والأمانة فى المعاملة خطاً ثابتاً لا يحيد عنه وكان يلقب بـ«الصادق الأمين» وقد اتخذ صلى الله عليه وسلم الصدق الذى اشتهر به بين أهله وعشيرته مدخلاً إلى المجاهرة بالدعوة فلما نزل قوله تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جمع أهله وسألهم عن مدى تصديقهم له إذا أخبرهم بأمر من الأمور فأجابوا بما عرفوا عنه قائلين ما جربنا عليك إلا صدقاً قال «فإنى نذير لكم بين يدى عذاب أليم» فهذه مواقف حين تتحقق فى حياة الناس تثمر الاستقامة التى يعتدل بها ميزان الحياة وتنجح بها الأقوال الدالة على نجاح الأفعال ومن لم يكن فعله مصدقا لقوله فلا نفع فيه فلابد أن نترجم ما نتعلمه من المواقف المحمدية فى حياتنا وواقعنا وإلا خرجنا من بوتقة القدوة وحينئذ تكون حياتنا فى واد غير الذى جاءنا به نور الله «قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين» وبذلك يكون كل إنسان قدوة لمن بعده ممن له سلطان عليهم فى البيت ومكان العمل ومكان التعليم وهكذا تمتد الحياة ليعمها النفع وتكون السلسلة متواصلة فى بناء الحياة كما أمر ربنا وأراد فلو أهملت هذه المبادئ الأخلاقية فى المجتمع لسادت فيه الخيانة والغش والكذب والسرقة وسفك الدماء والتعدى على الحرمات والحقوق بكل أنواعها وتلاشت المعانى الإنسانية فى علاقات الناس فلا محبة ولا مودة ولا نزاهة ولا تعاون ولا تراحم ولا إخلاص وتكون القدوة النبوية بذلك قد انتفت واختلف الظاهر عن الباطن ولم تكن الأفعال ترجمان صاحبها.

 مصطفى هنداوى

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg