| 27 أبريل 2024 م

هل ينهار الاتحاد الأوروبى بسبب أزمة اللاجئين؟

  • | الإثنين, 11 يناير, 2016
هل ينهار الاتحاد الأوروبى بسبب أزمة اللاجئين؟

.. ففى تقرير صدر مؤخرًا عن الأمم المتحدة أوضح أن عدد اللاجئين والنازحين فى مختلف أنحاء العالم تخطى الـ 60 مليونا أغلبهم فارون من الحرب الدائرة فى سوريا.
هل ينهار الاتحاد الأوروبى بسبب أزمة اللاجئين؟
حاول الاتحاد الأوروبى جاهدا خلال السنوات الماضية تخطى أزمات عديدة كان أبرزها الأزمة الاقتصادية التى عصفت بالعالم كله وليس الاتحاد وحده، لكن فى أعقاب الحروب التى اشتعلت بمنطقة الشرق الأوسط عانى الاتحاد الأوروبى من أزمة جديدة وخطيرة وهى أزمة اللجوء. ففى تقرير صدر مؤخرًا عن الأمم المتحدة أوضح أن عدد اللاجئين والنازحين فى مختلف أنحاء العالم تخطى الـ 60 مليونا أغلبهم فارون من الحرب الدائرة فى سوريا.
وقد نشرت صحيفة (independent) البريطانية دعوة الأمم المتحدة لقادة الاتحاد الأوروبى إلى ضرورة أن يفتحوا قلوبهم للاجئين السوريين وأن يحسنوا استقبالهم فى ديارهم كشرط أساسى لاحتواء هذه الأزمة فى أوروبا.
وفى قمة الاتحاد الأوروبى التى بدأ انعقادها الأسبوع الماضي، أكد قادة الاتحاد الأوروبى على ضرورة أن تحسن الشعوب الأوروبية لاستقبال اللاجئين السوريين وأن يعاملوهم معاملة حسنة تتناسب مع ثقافة وعادات الدول الأوروبية.
وتأتى هذه الدعوات بسبب الانقسام الحاصل داخل دول الاتحاد الأوروبى جراء أزمة استقبال اللاجئين وذلك على المستويين الرسمى والشعبي، ففى استطلاع للرأى فى حوالى 14 دولة أوروبية – نشرته الإندبندت- جاء فيه أن حوالى 14 % فقط من الشعب البريطانى يوافق على استقبال اللاجئين فى ديارهم بينما أتت إسبانيا فى مقدمة الدول الأكثر ترحيبا باللاجئين تليها ألمانيا ثم فرنسا وأوضح التقرير أن أكثر الدول رفضًا للجوء هى بلغاريا. ويتخوف العديد من الأوروبيين بشكل عام من دخول اللاجئين السوريين إلى أراضيهم حتى لا يستولوا على الوظائف الشاغرة لأبناء الوطن، حسب التقرير.
أما على المستوى الرسمى فقد حذرت ألمانيا باتخاذ إجراءات قانونية ضد الدول الأوروبية المتجاهلة لحصتها من اللاجئين – حسب ما نقلته صحيفة الجارديان- حيث نقلت تهديد وزير الخارجية الألمانى فرانكفالتر شتاينماير، باتخاذ إجراء قانونى ضد دول الاتحاد الأوروبى التى ترفض قبول لاجئين بموجب برنامج الحصص الذى وضعه الاتحاد الأوروبي. وفى مقابلة مع صحيفة دير شبيجل الأسبوعية قال الوزير: "إذا لم يتسن حل المشاكل بطرق أخرى، فإنه سيتم حل المسائل من خلال القنوات القانونية الملائمة" مضيفا أن "أوروبا هى مجتمع قانون". وفى المقابل هددت سلوفاكيا والمجر باتخاذ تحرك قانونى ضد نظام الحصص المثير للجدل. وقالت سلوفاكيا الشهر الماضى إنها سترفع شكوى ضد خطة الاتحاد الأوروبى بتوزيع 160 ألف لاجئ على دول الاتحاد. ولم يدخل سوى عدد قليل من اللاجئين إلى سلوفاكيا للمرور بها إلى دول غرب أوروبا، واختار عدد قليل جدا منهم البقاء فى هذا البلد. وبموجب نظام الحصص هذا فإن على سلوفاكيا قبول ما لا يقل عن 2300 لاجئ.
وقد نشرت وكالة رويترز تقريرًا يوضح وضع حد لعدد اللاجئين قد يثير المشاكل داخل بلد مثل ألمانيا التى تؤيد حكومتها استقبال اللاجئين. فهناك نزاعات كبيرة داخل أعضاء الحزب المسيحى الذى تترأسه المستشارة الألمانية بخصوص أعداد اللاجئين والتى تقف ضد تقليصه المستشارة الألمانية وخاطبت أعضاء حزبها قائلة إن حق اللجوء السياسى لن يحرم منه أى إنسان يعانى من استبداد داخل دولته. وجاءت دعوة تقليص عدد اللاجئين من بعض الأحزاب المعارضة بالإضافة إلى بعض الأفراد داخل الحزب المسيحى الحاكم ولكن علق البعض على هذه الدعوة أن قانون حق اللجوء السياسى فى ألمانيا لا ينص على تحديد لرقم معين بموجبه تمنع الحكومة اللاجئين من الدخول لأراضيها.
كما لم تتلق ميركل تأييدا يذكر من شركائها فى الاتحاد الأوروبى فى اقتسام عبء المهاجرين. وأصرت الغالبية على أن الأولوية لديهم هى لإغلاق الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبى بدلا من استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين فى بلادهم.
ويرجع هذا فى جانب منه إلى استياء مستتر من الهيمنة الألمانية على الاتحاد الأوروبى ورد على رفضها المشاركة بحصة أكبر من المخاطر المالية فى الاتحاد الأوروبي، حسب تقرير نشرته وكالة رويترز.
كما يتهم بعض الشركاء برلين بالرياء فيما يتعلق بالعلاقات التى تربطها بروسيا فى مجال الطاقة فى الوقت الذى يعانى فيه أصدقاء لها مثل فرنسا وهولندا والدنمرك من صعود نجم الساسة اليمينيين الشعبويين المناهضين للهجرة.
وجاء واحد من أشد ردود الصد فيما يتعلق بتوزيع عبء اللاجئين من فرنسا الحليف الوثيق. فقد قال رئيس الوزراء مانويل فالس عن سياسة الانفتاح التى تتبعها ميركل تجاه اللاجئين السوريين "لم تكن فرنسا هى التى قالت ’تعالوا’."
وتكاثر المنتقدون على ميركل فى القمة التى عقدها الاتحاد الأوروبى بمناسبة نهاية السنة. فقد شن عليها رئيس الوزراء الايطالى ماتيو رينتسى هجوما دعمته فيه البرتغال واليونان لرفضها قبول خطة لضمان ودائع البنوك فى منطقة اليورو.
وفى تقرير هام نشرته وكالة رويترز تحت عنوان "أوروبا .. هل تخرج من رمضاء 2015 إلى نار 2016؟" أظهر مدى عمق الأزمة داخل الاتحاد الأوروبى وأن الاتحاد لم يتعرض لهزة شديدة منذ العام 1989 الذى سقط فيه سور برلين وانهارت الشيوعية فى شرق أوروبا مثل ما يتعرض له الاتحاد الآن جراء أزمة اللجوء.
ويوضح التقرير أن عام 2015 كان عام الويلات على الاتحاد الأوروربى ولا يتوقع الخبراء أن يكون العام القادم أفضل حالاً بل يُتوقع أن يكون أسوأ، فقد حذر جان كلود يونكر - رئيس المفوضية الأوروبية- الذى يصف الجهاز التنفيذى للاتحاد الأوروبى بأنه "مفوضية الفرصة الأخيرة" من أن منطقة شينجن التى لا تطبق فيها أى قيود حدودية ويتنقل فيها المسافرون دون الحاجة لجوازات السفر أصبحت فى خطر كما أن من المستبعد أن يبقى اليورو نفسه قائما إذا أغلقت الحدود الداخلية. وقد صرح قائلا: "الأزمات التى لدينا الآن ستظل موجودة بل ستأتى أزمات أخرى."
كما ذكر التقرير أن إحدى المشاكل التى يرجح أن تزداد تدهورًا فى عام 2016 هى أن القادة الرئيسيين فى أوروبا ضعفاء سياسيًا ومشغولون بتحديات داخلية كبيرة بما يجعلهم يعجزون عن اتخاذ التدابير الضرورية المطلوبة جماعيا.
وقد أرجعت وكالة رويترز أسباب الأزمة الأوروبية التى شهدها الاتحاد خلال العام الحالى من صدمات سياسية واقتصادية إلى طوفان المهاجرين وديون اليونان وعنف الإسلاميين والتحركات العسكرية الروسية -على حد تعبيرها- وأدى ذلك إلى عودة القيود الحدودية فى كثير من الأماكن وإلى صعود نجم قوى سياسية شعبوية مناوئة للاتحاد الأوروبى وإلى تبادل الاتهامات فيما بين حكومات الاتحاد.
وبالنسبة لدولة قوية بالاتحاد مثل بريطانيا فإن استطلاع الرأى الذى أشرنا إليه مسبقًا يوضح أن مدى الانزعاج العام فى بريطانيا من مسألة الهجرة والجو السائد المناهض للنخبة والارتياب القديم فى أوروبا الذى تعمل وسائل الإعلام المتشككة على الترويج له، وإن الاستفتاء قد يحمل فى طياته مأزقا كبيرا.
فإذا أصبحت بريطانيا - صاحبة ثانى أكبر اقتصاد فى أوروبا وإحدى القوتين العسكريتين الرئيسيتين فى القارة - أول دولة يقرر الناخبون فيها الانسحاب من الاتحاد الأوروبى فستكون تلك لطمة مدمرة للثقة فى الاتحاد ومكانته الدولية.
ويعتقد أنصار الاتحاد الأوروبى أن خروج بريطانيا سيؤدى إلى تحرير بقية الأعضاء من القيود التى تكبل مضيهم قدما فى وحدة أوثق قائمة على منطقة اليورو.
لكن هذه الرؤية تتجاهل الانقسامات العديدة بين الدول الأخرى الأعضاء وعددها 27 دولة من شرق وغرب وشمال وجنوب ومؤيدين لحرية الأسواق مقابل مؤيدين لسياسات الحماية واشتراكيين مقابل المحافظين ومدافعين عن السيادة الوطنية مقابل المدافعين عن التكامل.
والأرجح أن الاستفتاء على خروج بريطانيا سيؤدى إلى مطالب بإجراء استفتاءات فى دول أخرى من بولندا إلى الدنمرك وسط مفاوضات لاذعة بين لندن وبروكسل حول شروط انسحاب بريطانيا وعلاقاتها بالاتحاد مستقبلا.
وقد كانت الدنمرك مثالا حيًّا على مدى المخاطرة السياسية عندما تتوجه الحكومات فى أى مكان فى أوروبا إلى ناخبيها بالسؤال عما إذا كانوا يريدون توثيق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. فقد كان الرد: "لا شكرا".

وحدة رصد اللغة الإنجليزية

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg