| 20 أبريل 2024 م

عقول مصرية تتصدى لمشاكل الطاقة ببدائل من الطبيعة

  • | الأربعاء, 28 ديسمبر, 2016
عقول مصرية تتصدى لمشاكل الطاقة ببدائل من الطبيعة

كتب حامد سعد:

لا شك أن مصر تمر بمرحلة هى فى أشد حاجة إلى سواعد أبنائها وعقولهم؛ مما يتطلب من أبنائها مد يد العون لها كل فى مجاله سواء الأفراد أو المؤسسات أو الجامعات، وإيمانا بدورها فى هذا المجال عقدت جامعة الأزهر مؤخرًا ممثلة فى كلية التجارة جامعة الأزهر مؤتمرًا بعنوان (الاقتصاد الإسلامى ومصادر الثروة الطبيعية) والذى طرح فيه العديد من الباحثين رؤاهم وأبحاثهم فى هذا المجال والتى تعرضها «صوت الأزهر» فى السطور التالية..

فى البداية تحدثت الدكتورة خلود حسام حسنين، أستاذ الاقتصاد المساعد كلية البنات الإسلامية الشعبة التجارية جامعة الأزهر فرع أسيوط، حول بحثها بعنوان الدراسة الاقتصادية لإنتاج البيوديزل من ثمار الجاتروفا فى مصر فى ظل الظروف الراهنة حيث أوضحت أن الطلب العالمى على الوقود الحيوى يزداد بشكل كبير، بفعل القلق من حصول أى نقص فى النفط ومن التغيرات المناخية، بجانب تتنافس شركات النفط الكبرى للحصول على حصة فى السوق لتغطية أى عجز نفطى، مشيرة إلى أن الوقود الحيوى وقود نظيف يعتمد إنتاجه فى الأساس على تحويل الكتلة الحيوية سواء كانت ممثلة فى صورة حبوب أومحاصيل زراعية مثل الذرة وقصب السكر أو فى صورة زيوت وشحوم حيوانية مثل زيت فول الصويا وزيت النخيل، إلى إيثانول كحولى أو ديزل عضوى؛ مما يعنى إمكانية استخدامهما فى الإنارة وتسيير المركبات وإدارة المولدات، وهذا مطبق بالفعل وعلى نطاق واسع فى دول كثيرة أبرزها أمريكا والبرازيل وألمانيا والسويد وكندا والصين والهند، غير أن البرازيل تستعد للاستغناء نهائيا عن استيراد النفط لاعتمادها على زيت نبات الجاتروفا.

وحول مميزات الجاتروفا قالت الدكتورة خلود إن نبتة الجاتروفا اعتبرها بعض العلماء الحل الأنسب لتوفير الطاقة لأنها تنمو فى ظروف بيئية متباينة من أنواع التربة وظروف المناخ حيث تنمو الجاتروفا فى الأراضى الهامشية المتدهورة ذات التربة الخصبة والرملية والملحية، وكذلك الأراضى ذات الخصوبة المنخفضة المحتوى من العناصر الغذائية، مشيرة إلى أنها نبتة لا يمكن أكلها، تنمو فى المناطق الاستوائية الهامشية أو المتفسخة، ما يجعلها النبتة المثالية التى يزرعها بعض المزارعين فى العالم، وأظهرت الاختبارات أن بذور نبتة الجاتروفا قد تنتج من 35-40% من وزنها زيتا، وتحويل هذا المصدر إلى وقود يعمل على تقليص الفارق الزمنى والمكانى بين العرض والطلب، كما أنها المصدر الطاقى المرشح من طرف العلميين والصناعيين لتوفير الطاقة الحيوية النظيفة، ولضمان الحفاظ على مخزون إستراتيجى للأجيال المقبلة لا بد من الاتجاه إلى الاستثمار فى ذلك المصدر الذى يعد طاقة بديلة لتأمين مستقبلهم وتطوير ودعم الثروة البترولية، وأضافت أن شجيرة الجاتروفا تمتاز بالعديد من المزايا والخصائص الفنية والبيئية والاقتصادية، حيث تستطيع النمو بكافة أنواع الترب الفقيرة والقلوية والهامشية والملحية والحامضية والغدقة (الموحلة) لذلك فهى تعتبر زراعة بديلة بمواصفات عالية وهى مقاومة للجفاف وتستطيع العيش فى البيئات قليلة الأمطار، واستخدام مياه الصرف الصحى المعالج فى زراعة الجاتروفا، مشيرة إلى أنه قد تم زراعة عدد من الأفدنة فى الأقصر بالجاتروفا وتبين أن الجاتروفا يمنع انجراف التربة ولا تحتاج إلى الكثير من عمليات الخدمة والمياه، وهناك تجارب ناجحة على إمكانية ريها بمياه الصرف الصحي (مصر - الأقصر) كما أن التوسع فى زراعتها على نطاق واسع لن يتم على حساب إنتاج المحاصيل الغذائية التقليدية، وبذلك يمكن لصغار المزارعين تحقيق دخل إضافى من خلال زراعتها وبيع بذورها كما تتلخص الميزة النسبية لزراعة الجاتروفا فى الإنتاج المتميز للزيت الحيوى المطلوب للتصدير؛ مما يزيد من الدخل القومى للبلاد، ويوفر العملة الصعبة.

وأشارت إلى أن البذور تصل إلى مرحلة النضج خلال 2-4 أشهر بعد الإخصاب وتثمر الجاتروفا مرتين فى العام، وتبلغ نسبة الزيت فى البذور 35-40% وفق موسم النضج، وتصل نسبة الدهون المشبعة إلى 20% وغير المشبعة إلى 79%، ولا يستخدم الزيت فى الاستخدام الآدمى، ولكنه يستعمل فى إنتاج الزيت الحيوى كوقود؛ وذلك يرجع لاشتعاله دون انبعاث أبخرة ملوثة للبيئة، حيث إن الزيت الناتج عن بذرة الجاتروفا يطلق عند احتراقه خُمس ثانى أوكسيد الكربون بالمقارنة مع البترول، أى أنه يوفر من هذه الناحية، أربعة أخماس أضرار وتكاليف ثانى أكسيد الكربون وبقية الانبعاثات الأخرى؛ لذا يطلق عليه الزيت الصديق للبيئة، كما يستخدم للإضاءة وعدة أغراض صناعية أخرى. ومن مميزات الجاتروفا أنه مقاوم للأمراض والحشرات، وهو ما يوفر تكاليف المبيدات الزراعية والمعالجات المختلفة، كما أن البايوديزل آمن بيئيًا حيث إنه لا يحتوى على مواد عطرية أو كبريت، كما أنه ذو رقم سيتان عال وأقل تلويثًا للهواء.

أما فى مصر فلقد تم زراعة الجاتروفا على مياه الصرف المعالجة، هذا ويزرع بمعدل بين ٣٥٠ إلى ٥٠٠ شجيرة فى الفدان الواحد، وتتراوح إنتاج البذور بين ١.٥ طن إلى ١٢ طنا فى الهكتار، وبالفعل فى السنة الخامسة من عمر المشروع سجل إنتاج الهكتار ٥طن بذرة ونسبة الزيت فى البذور 40% والاستخدام الأساسى للبذور هو استخلاص زيت الجاتروفا، وهو بديل جيد لزيت الديزل، ولقد ثبت نجاح استخدامه سواء منفردًا أو بخلطه بالديزل، فى تشغيل الآلات الزراعية، وفى الإضاءة المنزلية وصناعة الشموع والصابون.

وقدمت الدكتورة دينا ممدوح إسماعيل، الباحثة بمحافظة القاهرة، بحثًا حول استخدام الهيدروجين فى وسائل النقل، مؤكدة أن له فوائد اجتماعية وبيئية كبيرة لتعزيز أمن الطاقة والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة المنبعثة من وسائل النقل، وأشارت إلى أن تكنولوجيا الهيدروجين تساعد فى الحد من انبعاث غاز ثانى أكسيد الكربون على المدى الطويل وتساهم فى انخفاض درجة الحرارة مما يقلل من ظاهرة الاحتباس الحرارى.

وأوضحت أن الهيدروجين لعب دورًا كبيرًا عند استخدامه فى خلايا الوقود باعتباره ناقلا للطاقة، ويتزايد الاهتمام بتصنيع السيارات التى تعمل بخلايا الوقود الهيدروجينى فى جميع أنحاء العالم بسبب تقلبات أسعار النفط، وعدم اليقين من أمن النفط فى المستقبل، وزيادة الاهتمام بالقضايا البيئية، مشيرة إلى أن الوقود التقليدى غير كاف لسد احتياجات مصر من الطاقة؛ حيث تعتمد محركات السيارة التقليدية على الوقود التقليدى وفى ظل أزمة الطاقة التى تعيشها مصر يصعب مستقبلا الاعتماد على الوقود التقليدى لتشغيل محركات السيارات، إلى جانب البعد البيئى السلبى لهذه المحركات وما تسببه من تلوث للبيئة، مشيرة إلى ان الاعتماد على تقنيات الطاقة المتجددة مكلف جدًا على الرغم من توافر مصادر الطاقة المتجددة من شمس ورياح وطاقة مساقط المياه، ولكن تكلفة هذه التقنيات مازالت مرتفعة؛ مما يعوق الاستفادة من تلك الطاقات إلى جانب صعوبة تخزين تلك الطاقات، وبالتالى صعوبة تطويعها لتشغيل محركات السيارات بها، لافتة إلى أن ارتفاع تكاليف تقنيات الطاقة المتجددة ونفاد الوقود التقليدى أدى إلى البحث عن مصدر متجدد يتصف بالمرونة لاستخدامه لمحاولة سد الفجوة بين الطلب على الطاقة وعرضها، وتخفيف أزمة الطاقة وهو الهيدروجين (طاقة المستقبل)، واستخدامه فى تشغيل محركات السيارات.

كما أوضحت أن بحثها يعد بمثابة طاقة نور بحيث يمكن دراسة إمكانية استخدام المحرك الهيدروجينى كبديل عن المحرك التقليدى فى السيارات؛ لما له من منافع من تقليل التكاليف على المدى البعيد وتقليل الانبعاثات الضارة، مشيرة إلى أن محركات السيارة الهيدروجينية أكثر كفاءة اقتصاديا من محركات السيارة التقليدية.

وحول الاتجاه إلى الهيدروجين كوقود قالت إنه من المنتظر أن يلعب الهيدروجين دورًا رياديا فى مجال الطاقة فى المستقبل، لاسيما أن المواد الأولية لإنتاجه غزيرة، ودائرة إنتاجه واستعماله تمتاز بتوافق عالٍ مع شروط التنمية المستدامة، وبإمكان نظام طاقى يعتمد على الهيدروجين كحامل طاقى أن يجعل المصادر الطاقية المتجددة فى متناول المستهلك. والتطور التكنولوجى المتزايد الذى نتابعه فى مجالات إنتاج الهيدروجين وأساليب تخزينه وطرق نقله وميادين استعماله سيفرضه حتما على نطاق واسع. ويتحلى الهيدروجين بخصائص فيزيائية وكيميائية ممتازة تمنحه صفة المحروق المستقبلى الشامل خاصة لمميزات أهمها أنه العنصر الرئيسى فى تركيبة الكون بحيث تصل نسبته إلى 90 فى المائة، و66 فى المائة من مياه البحار مُتكوِّنة من ذرات الهيدروجين و63 فى المائة من جسم الإنسان يتكون من ذرات الهيدروجين.

وقد بدأ التسويق التجارى للسيارات العاملة بخلايا الوقود، إضافةً إلى إنتاج الهيدروجين، وإقامة البنية التحتية لعملية تزويد الوقود، عام 2015، كما أنه من المزمع للشركات العالمية إطلاق عرض السيارات العاملة بالهيدروجين بحلول سنة 2020. وقد يحل الهيدروجين سنة 2040 محل 11 مليون برميل من النفط فى اليوم، أى ما يساوى تقريبًا واردات الولايات المتحدة الحالية من النفط، كما أن تطوير تكنولوجيا الجيل المقبل للطاقة مثل الهيدروجين من شأنه أن يجعل الهيدروجين يستخدم فى دفع محركات الاحتراق الداخلى النظيفة للغاية، الأمر الذى سيخفض الانبعاثات من السيارات بنسبة تزيد عن 99 بالمائة.

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg