| 29 مارس 2024 م

الإمام الأكبر فى حديثه الأسبوعى: ‏قصة هجْر السيدة فاطمة لأبى بكر الصديق.. باطلة

  • | الإثنين, 4 يناير, 2016
لن أسترسل في الحديث عما تبثه "فضائيات سب ‏الصحابة" لحرصي على وحدة الأمة ‏



قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ‏الشريف إن ما يذاع ويبث على بعض الفضائيات ‏المخصصة لسب صحابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفى مقدمتهم ‏الخليفة الأول أبو بكر الذى بايعه سيدنا على -رضى الله ‏عنه- وكذلك سب السيدة عائشة – ليس له منطق يبرره، ‏ولا أريد أن استرسل فيه؛ لأننى حريص على وحدة ‏المسلمين، وهذه القنوات تستهدف شباب أهل السنة الذى ‏بدأت الخطط الجهنمية تشتريه بأموال لتنحرف به عن ‏الجادة.‏

وأضاف فضيلته فى حديثه الأسبوعى على الفضائيَّة ‏المصرية: "القرآن الكريم نص على تخصيص بعض ‏الفيء للنبى صلى الله عليه وسلم، فى سورة الحشر، قال تعالى: (مَا أَفَاءَ اللَّه ‏عَلَى رَسُوله مِنْ أَهْل الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ).. وذلك أن الله ‏تعالى خص نبيه -صلى الله عليه وسلم- بفيء، أي: أرض زراعية من ‏قُريظة والنضير بالمدينة، وفدك على بعد 3 أيام من ‏المدينة، فكان النبى ﷺ ينفق منها على أهله نفقة، ويرد ‏الباقى ليصرف فى إعداد جيش المسلمين، إلى أن تُوفِّى ‏النبى -صلى الله عليه وسلم- ذهبت السيدة فاطمة -رضى الله عنها- لأبى بكر ‏تطلب منه أن يورثها هذه الأرض باعتبار أنها كانت ملكًا ‏لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنها وارثته الوحيدة، وكان قد ثبت عند ‏أبى بكر وكثير من الصحابة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: "نحن ‏معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة" وانطلاقًا من ‏هذا المعنى اعتذر أبو بكر عن عدم تسليم الأرض للسيدة ‏فاطمة رضى الله عنها".. وقد تفهمت السيدة فاطمة هذا ‏الموقف وانتهى.‏

وتابع فضيلة الإمام الأكبر: لكن بعض الشيعة شنوا حربًا ‏شعواء على أبى بكر -رضى الله عنه-، وأنه منعها حقها ‏وظلمها، واحتجوا بحديث مروى عندنا فى صحيح ‏البخارى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ ‏رَضِى اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا ‏أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا ‏مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ ‏بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ وَمَا بَقِى مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ‏رَضِى اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا ‏نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِى هَذَا الْمَالِ" ‏وَإِنِّى وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ ‏عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالِهَا الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهَا فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ شَيْئًا ‏فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ -بمعنى غضبتْ- عَلَى أَبِى بَكْرٍ فِى ذَلِكَ، ‏قال: فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله ‏‏-صلى الله عليه وسلم- ستة أشهر.‏

وأوضح فضيلته أن قصة الهجر صدَّرها بــ "قال" بعد متن ‏الحديث، وبالتالى فإن الضمير لا يعود على السيدة عائشة؛ ‏إذ لو كان يعود عليها لقيل: "قالت"، وهذا يسمى فى علم ‏الحديث "إدراج" أو قول مدرج، يعنى ليس من متن ‏الحديث، فالضمير فى (قال) يعود على محمد بن شهاب ‏الزهري، وتكون قصة الهجر ليست منسوبة لصحيح ‏البخاري، وإنما هى قول مدرج، والإدراج لون من ألوان ‏التدليس والإرسال عند علماء الحديث، لأنه يسبب خلطا فى ‏الفهم، كما أن المتتبع للروايات الأخرى التى وردت فيها ‏هذه القصة لا يجد فيها قصة الهجر، مما يدل على أن هذا ‏القول قول مدرج فى رواية منفردة، وهى من اجتهاد وفهم ‏الراوي، أما باقى الروايات فتخلو من هذا الكلام، مضيفًا أن ‏السيدة فاطمة لم يكن فى قلبها غضب من أبى بكر الصديق؛ ‏لأنها كانت تعلم أنه كان من أعلم الناس برسول الله -صلى ‏الله عليه وسلم-، فقد أخرج أحمد فى مسنده عَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ، ‏قَالَ : أَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ، فَقَالَتْ: مَا لَكَ يَا خَلِيفَةَ ‏رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَنْتَ وَرِثْتَ رَسُولَ اللَّهِ، أَمْ ‏أَهْلُهُ؟، قَالَ: لا، بَلْ أَهْلُهُ، قَالَتْ: فَمَا بَالُ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: إِنِّى سَمِعْتُهُ، يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا ‏أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً، ثُمَّ قَبَضَهُ إِلَيْهِ جَعَلَهُ لِلَّذِى يَقُومُ بَعْدهُ" ‏فَرَأَيْتُ، أَنَا بَعْدَهُ، أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَتْ: أَنْتَ وَمَا ‏سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ أعلم"، وهذا الكلام الذى ذكرته ‏السيدة فاطمة كان إقرارا منها لما عرف من حال أبى بكر ‏الصديق، ولم يكن فى قلبها غضب ولم تهجره كما يذكر ‏الشيعة.‏

وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى أنه ثبت تاريخيا وعند ‏الجميع أن أسماء بنت عميس زوجة أبى بكر هى التى ‏مرَّضت السيدة فاطمة، وهى التى غسلتها مع سيدنا على ‏رضى الله عنه، فكيف تهجر أبا بكر وتغضب منه، وفى ‏نفس الوقت تستدعى زوجته لتمرضها؟ هذا الكلام لا يعقل، ‏وقد اعترف بعض علماء الشيعة – على فرض وجود ‏غضب من البتول- بأن هذا الغضب قد زال، ففى شرح ابن ‏أبى الحديد على نهج البلاغة المنسوب لسيدنا على قال: ‏عندما غضبت الزهراء مشى إليها أبو بكر بعد ذلك ‏فترضَّاها فرضيت عنه.‏

‏ واختتم فضيلته حديثه بأن أبا بكر –رضى الله عنه- كان ‏يتصرف فى الفيء حسبما سمع من النبى -صلالله عليه وسلم - بدليل أنه لم ‏يعطِ ابنته عائشة –رضى الله عنه- من هذا المال شئيا مع ‏أنها زوجة النبى -صلى الله عليه وسلم-، ولها ميراث مثل السيدة فاطمة–‏رضى الله عنها-، مما يدل على أن أبا بكر لم يتآمر على ‏السيدة فاطمة، وإنما كان ينفذ أوامر النبى -صلالله عليه وسلم -، وكان عمر ‏نفس الشيء، وهذا ما يجب على شباب أهل السنة وشباب ‏أهل الشيعة أن يعلموه؛ ليدركوا أن الهجوم على أبى بكر -‏رضى الله عنه- لا يصدر من مسلم يحترم النبى -صلى الله ‏عليه وسلم- أبدًا.‏

يذكر أن حديث فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف ‏يذاع على الفضائية المصرية عقب نشرة أخبار الساعة ‏الثانية ظهراً من كل يوم جمعة.‏

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg