| 16 أبريل 2024 م

علماء يردون على دعوات "التلقيح الصناعي بالأجر"

  • | الإثنين, 13 فبراير, 2017
علماء يردون على دعوات "التلقيح الصناعي بالأجر"

تحقيق : نعمات مدحت

لم يكد حبر قصة هدير المكاوى الـ"سنجل ماذر" يجف حتى خرجت علينا أخرى بدعوة غريبة، فقد أنشأت صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى تهاجم فيها الزواج وتتهمه بأنه فكرة فاشلة واستعباد للمرأة وفى المقابل تعلن أنها تريد إنجاب طفل بدون زواج شرعى، وإنما عن طريق التلقيح الصناعى، أى شراء حيوانات منوية مقابل مبلغ مادى مُجزٍ.. ورغم أن تعليقات المتابعين انهالت عليها بالهجوم والسباب إلا أن الأمر يدق ناقوس الخطر من تسرب مثل هذه الافكار الغربية والغريبة الى مجتمعات المسلمين رغم أن الغرب حاول تطبيقها ثم تراجع عنها فالدنمارك لديها أكبر بنك للتبرع بالسائل المنوى وتصدره لأكثر من 80 دولة لكنها بدأت تعيد حساباتها وتشجع على الزواج لأن الأبناء لا يعرفون آباءهم رغم الإحتياطات التى تقوم بها من الإطلاع على هوية المتبرع والحصول على جميع بياناته.. "صوت الازهر" طرحت القضية فى التحقيق التالى.

فى البداية تقول الدكتورة وجيهة التابعى، أستاذ علم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية بتفهنا الأشراف بجامعة الأزهر، إن ما تنادى به هذه الفتاة غريب ومتجن على المجتمع المصرى؛ لأنه يعتبر زنا صريحًا، وأن الزواج شرع لحفظ الأنساب من الاختلاط، منوهة بأنه لابد من وقفة من المؤسسات ضد دعاة نشر الفاحشة فى المجتمع، وسن قوانين تجرم كل من يخرج على النظام العام للدولة ونشر الفتن بهدف تضييع الأخلاق والتقليد الأعمى للغرب، فالمجتمع به ما يكفى من أمراض أخلاقية متفشية بسبب هؤلاء.

مضيفة: يجب الرد على هذه الفتاة بالقانون؛ حتى تنال عقابها خوفا على بناتنا، ولابد من تكثيف حملات التوعية والإرشاد والوعظ التى تحث على أن الزواج هو العفة والطهارة وحفظ الأنساب والأعراض، وأن الأسرة هى عمود المجتمع، وأن النبى (صلى الله عليه وسلم) جاء بدين شمل كل قواعد المجتمع وأوضح الحكم الشرعية للزواج.

من جانبه، قال الدكتور حسن عبدالفتاح، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف جامعة الأزهر، إن الإعراض عن الزواج الشرعى يؤدى إلى انقطاع النسل، وانقراض الحياة البشرية على هذا الكوكب مع تداول الأيام، كما أن فتح الباب على مصراعيه، وشيوع التكاثر الإنسانى خارج نظام الزواج الشرعي، مما يفضى إلى التناحر والفساد والفوضى، أو ميلاد أجيال هزيلة، أو سلالات من المعوقين، غير مؤهلة لاستمرار الحياة المنوطة بحكمة خلق الإنسان وإعمار الأرض.

وأضاف عبدالفتاح: قد يعوق الحياة الزوجية ويكدر صفوها وينغص على الزوجين حياتهما مشكلة خطيرة، وهى العقم فى أحد الزوجين أو مشكلة صحية تمنع الإنجاب بالطريقة الطبيعية، فيلجأ الزوجان إلى وسائل أخرى منها ما يعرف بالتلقيح الصناعى، وهو استدخال منىّ الزوج لرحم المرأة بدون جماع.

مشيرًا إلى أن صور التلقيح الصناعى المعروفة فى العصر الحاضر هى سبع صور منها ما هو جائز ومنها ما هو حرام شرعًا، الصورة الأولى: أن تؤخذ نطفة من زوج وبويضة من زوجته، ويتم التلقيح خارجيًا، ثم تزرع اللقيحة فى رحم الزوجة. وهذه الصورة جائزة شرعا عند أكثر العلماء المعاصرين، وأقرها مجمع الفقه الإسلامى؛ لأنها من باب العلاج لمشكلة العقم، وهو جائز بل مندوب إليه، فى قوله (صلى الله عليه وسلم) فى الحديث الصحيح عن أسامة بن شريك :« تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ » فلا حرج من اللجوء إلى ذلك عند الحاجة مع التأكيد على ضرورة أخذ كل الاحتياطات اللازمة.

أما الصورة الثانية فأوضح عبدالفتاح أنه تؤخذ بذرة الزوج وتحقن فى الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحًا داخليًا. وهذه الصورة أيضا جائزة شرعا عند أكثر العلماء المعاصرين وأقرتها المجامع الفقهية ودار الإفتاء المصرية ؛ لأنها من باب العلاج لمشكلة العقم وهو جائز بل مستحب.

وأشار إلى أن الصورة الثالثة: أن يجرى تلقيح بين نطفة مأخوذة من زوج، وبيضة مأخوذة من امرأة ليست زوجته ثم تزرع اللقيحة فى رحم زوجته، وهذه الصورة حرام شرعا؛ لأن البويضة الملقحة من امرأة أجنبية. والصورة الرابعة: أن يجرى التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبويضة الزوجة ثم تزرع تلك اللقيحة فى رحم الزوجة، وهذه الصورة حرام شرعا؛ لأن المنى من غير الزوج، وهو شبيه بنكاح الاستبضاع المحرم شرعا لما فيه من اختلاط الأنساب.

وتوضح الصورة الخامسة: أن يجرى تلقيح خارجى بين بذرتى زوجين ثم تزرع اللقيحة فى رحم امرأة متطوعة بحملها، وهذه الصورة حرام شرعا لضياع صفة الأمومة، وحمل المرأة من غير زوجها، وفتح باب كبير من الفساد الأخلاقى والانحراف وضياع الأنساب، والعمل بهذه الطريقة يؤدى إلى تكاثر الشكوك، والمحافظة على العرض من مقاصد الشريعة.

وتتضمن الصورة السادسة: أن يجرى تلقيح خارجى بين بذرتى رجل أجنبى وبويضة امرأة أجنبية وتزرع اللقيحة فى رحم الزوجة، وهذه الصورة حرام شرعا؛ لأن مصدر اللقيحة فيها متكون من مصدرين غير متزوجين، أو لأنها وضعت فى عنق رحم امرأة ليست زوجةً. والدين لا يسمح بأن يوضع فى رحم امرأة بذرة غير بذرة زوجها، ولكن المولود الناجم عن التلقيح الصناعى يعتبر ولدًا شرعيًا طبقًا لقاعدة "الولد للفراش"، ولكن هذا التلقيح لا يعد زنا من الناحية الجنائية حيث ينقصه الاتصال الجنسى، وهو ركن أساسى فى جريمة الزنا وإن جاز اعتباره هتك عرض.

وأما الصورة السابعة فهى أن يجرى تلقيح خارجى بين بذرتى زوجين ثم تزرع اللقيحة فى رحم الزوجة الأخرى، وهذه الصورة حرام شرعا؛ لأن اللقيحة وضعت فى رحم امرأة ليست زوجة.

والصور الخمس الأخيرة قال بحرمتها الغالبية العظمى من الفقهاء المعاصرين لما فيها من اختلاط الأنساب، وضياعها وأيضا قال بحرمتها مجمع الفقه الإسلامى فى دورة مؤتمره الثالث بالعاصمة الأردنية عمان.

 

طباعة
الأبواب: الرئيسية
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg