| 28 أبريل 2024 م

الدكتور عمرو هاشم ربيع يكتب: لماذا الهجوم على مولانا؟

  • | السبت, 29 أبريل, 2017
الدكتور عمرو هاشم ربيع يكتب: لماذا الهجوم على مولانا؟

الهجوم على مولانا الدكتور، أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مخطط خطير، وليس له نظير منذ نشأة الأزهر عام 970 ميلادية، ووسيلة الهجوم قد تتخذ شكلًا مباشرًا لشخص مولانا، وبعضها يتم بشكل غير مباشر بالهجوم على مؤسسة الأزهر.

إحدى آليات أو أحد أسلحة الهجوم التى تنال من العلّامة شيخ الأزهر ترتبط بالسعى لتعديل قانون الأزهر، وهو أمر ربما يخرق دستور البلاد، عند المساس بطريقة تعيين وعزل القائم بهذه المهمة الثقيلة.

أما الأطراف المهاجمة فهى فى الأغلب الأعم عناصر تنتمى بشكل أو بآخر للسلطة التنفيذية، وبعضها من المنتمين للسلطة التشريعية، وتلعب بعض وسائل الإعلام أحيانًا دورًا فى المشاركة فى هذا الهجوم، وأحيانًا ما تكون مجرد وسيلة لأى من العناصر السابقة.

ولهذا الهجوم أسباب كثيرة، تتنوع أهميتها حسب أجندة الطرف المهاجم، فتارة تُعلق الشماعة على مسألة الإرهاب، أو استقرار الحالة الأمنية فى مصر، أو مناهج التعليم، أو إصلاح الخطاب الدينى.. كل ما سبق تقريبًا مترادفات ترتبط بسبب واحد للهجوم على مولانا أو على المؤسسة.

والسبب الآخر هو أن مولانا ليس أداة طيّعة فى أيدى البعض، فهو رجل عصىّ على الثنى أو الميل هنا أو هناك، يقول ما يرضى الله ورسوله، ومواقفه فى هذا الشأن تناكف وتنغص مضاجع الكثيرين، فلا الخطبة الموحدة هو راضٍ عنها، ولا الطلاق الشفوى هو أمر مرفوض شرعًا لديه. قبل هذا فإن "داعش" وزبانيتها فى حكم شرع الله ومن وجهة نظر مولانا ليست كافرة، ليس لأن أفعالها حلال؛ بل لأن سلاح التكفير -كما يقول عالمنا الكبير- سلاح خطير مردت عليه جماعات التكفير، فأنّى له أن يُحاكى الإرهابيين، فيستخدمه ويشق صف المجتمع بأسره.

مولانا المتقطع الأوصال؛ بين كونه عالم سلطة لدى جماعات الضلال، وعالمًا متمردًا مِن قِبَل بعض القائمين على السلطة، يتميز عن غيره من العظماء الذين سبقوه فى هذا الموقع، برفض تقاضى أجرٍ عن منصبه، وهو واحد ممن لم يقتصر دورهم فقط على الوقوف فى وجه إرهاب  جماعات التكفير والعنف التى استحلت دماء المسلمين والمسيحيين فى مصر -بغض النظر عن انتماء هؤلاء إلى المجتمع أو السلطة- بل إنه رفض رفضًا قاطعًا أن يمد يده إلى الإخوان كما فعل كثيرون، ما زالوا فى مواقعهم حتى يومنا هذا، ولديه عشرات المواقف التى تشهد على ذلك، وهذه المواقف لا نزكّيه بها عند سلطان أو مارق اعتاد الهجوم عليه وعلى مؤسسته، بل هى حقائق يجب أن تُذكر للتاريخ.

مولانا وزملاؤه هم من درس علوم الأزهر، وقبلهم أساتذة وجهابذة عظام، عُرف عنهم الورع، والفكر التنويرى، كلهم درسوا مناهج الأزهر قبل أن يتغير بعضها؛ بسبب الهجوم الشديد على الأزهر. بعبارة أخرى: تلك المناهج لم تَحشُ فى أذهان البعض الفكر المتطرف، فهذا الفكر هو وليد أصحابه ومفسريه.

ولأن الظواهر الاجتماعية كلٌّ متكامل؛ فإن التطرف الذى تغذيه قوًى دولية لشق صف المجتمعات والدول المراد النيل منها، يرتبط ضمن أمور أخرى بظروف المجتمع الاقتصادية، التى لا عَلاقة للأزهر ولا علاقة لمولانا بها، فالبِطالة المستشرية والفساد المستفحل، وغلاء أسعار السلع والخدمات، والحالة المزرية للإنتاج المؤثرة على أسعار الصرف وعلى الصادرات، كلها تُفرخ الإرهاب، ولا عَلاقة لمولانا بها. بعبارة أخرى: إصلاح الخطاب الدينى -على أهميته- لن يفيد دون أن تتغير الظروف الاقتصادية آنفة الذكر، وهى ظروف تُسأل عنها المؤسسات الأخرى، وعلى رأسها السلطة التنفيذية.

أما آن الوقت لنتوقف عن الهجوم على مولانا وعلى الأزهر؟!

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg