| 27 أبريل 2024 م

سعد المطعنى يكتب رؤية: الأزهر والفاتيكان يتعانقان

  • | الخميس, 4 مايو, 2017
سعد المطعنى يكتب رؤية: الأزهر والفاتيكان يتعانقان

لقد أحسن صنعًا الأزهر الشريف حينما عقد مؤتمره العالمى للسلام، هذا المؤتمر الذى ذاع صيته فى كل أرجاء الدنيا وجمع كل أو معظم الشخصيات الدينية المهمة فى العالم الذين ينتمون للديانات السماوية بمختلِف مذاهبها وطوائفها، علاوةً على مفكرى ومنظّرى المعتقدات الفكرية الوضعية، فكانت جلسات المؤتمر معبرة عن جميع الأطياف التى تنتمى إليها الإنسانية جمعاء والتى تهدف إلى البحث عن السلام والبعد عن الكراهية والخصام، وقد أعد الأزهر الشريف طَوال الأشهر الماضية لهذا المؤتمر إعدادًا جيدًا كان من نتاجه هذه الصورة المشرفة لمؤتمر عالمى يحمل اسم الأزهر الشريف، وكان ختام المؤتمر فى اليوم التالى ختامًا مدويًا، حيث حضره بابا الفاتيكان وألقى فيه كلمته التى نقلتها كل وسائل الإعلام المختلفة بجميع لغات العالم؛ لذا يمكننا القول: إن الأزهر الشريف رغم ما يلاقيه من عنتٍ وتطاوُل من أناس لا يقدرون الأزهر حق قدره، ثابتٌ راسخ أشمّ، أمّا هؤلاء فإنهم لم يفهموا قول شوقى الذى مدح الأزهر بأبيات فى غاية القوة والرصانة، نكتفى منها ببيت واحد ينطبق على ما حققه الأزهر من نجاحات دولية وعالمية بعقده هذا المؤتمر حيث قال شوقى:

قم فى فم الدنيا وحىِّ الأزهرا                    وانثر على سمع الزمان الجوهرا.

حقًّا لقد حيّت الدنيا كلها فى الأيام القليلة الماضية الأزهر الشريف وشيخه الجليل؛ لما قام به من إعداد وجهد فى نجاح هذا المؤتمر، والذى من الممكن أن نحصر جانبًا من ثماره فى النقاط التالية:

_ عودة الحوار بين الأزهر والفاتيكان بعد قطيعة دامت عدة سنوات نتيجة المحاضرة التى ألقاها البابا بنديكت بابا الفاتيكان السابق والتى اتهم فيها الإسلام اتهاماتٍ باطلةً، ووقف وقتها الأزهر وقفة شامخة ضد هذا الفهم غير المسئول من البابا السابق، وها هو البابا فرنسيس وبصحبة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب قد أزالا سوء الفهم الذى نتج عن هذه المحاضرة سالفة الذكر، فزار فضيلة الإمام الأكبر الفاتيكان العام الماضى واتفق فضيلته مع البابا فرنسيس على ضرورة عقد مؤتمرٍ عالمى للسلام تحت مظلة الأزهر الشريف، وهو ما حدث بالفعل وكان له دوىٌّ هائل على مستوى العالم أجمع.

_ أن كلمة فضيلة الإمام الأكبر فى افتتاح المؤتمر وكلمته فى ختام المؤتمر كان لها فعل السحر؛ لما حوته من مصارحة واضحة بأن الأديان جميعها بريئة من القتل والإرهاب، وأن ما اقترفته مجموعة تنتمى لأى دين فى حق الإنسانية لا يُعدّ نقصانًا من الدين الذى يَنتسب إليه هؤلاء المحسوبون على هذا الدين أو ذاك.

_ من نتاج هذا المؤتمر زيارة بابا الفاتيكان والمشاركة فى الجلسة الختامية له، حيث تُعدّ هذه الزيارة  تاريخيةً بكل المقاييس؛ فحضور البابا إلى مصر يحمل دلالاتٍ كثيرةً أهمها أن مصر تتمتع بالأمن والأمان، والدليل على ذلك أن قداسة البابا استقل سيارة عاديه وحيا الجماهير المحتشدة فى ستاد الدفاع الجوى الذى أقيم فيه القداس وجهًا لوجه، فصافح مَن صافح، وهى رسالة للعالم كله بأن ما تنقله بعض الفضائيات عن الأوضاع الأمنية فى مصر ليس صحيحًا، فزيارة البابا أكدت أن مصر تتمتع بالأمن والأمان.

_ أيضًا تُعدّ هذه الزيارة بادرةَ أملٍ لكل القاصدين إلى مصر، خاصة من أبناء أوروبا الذين يريدون زيارة الأماكن السياحية والدينية، كما لا يخفى على أحد أن حضور البابا إلى مصر وزيارته الكنيسة الأرثوذكسية بالعباسية هو تدشين لأواصر المحبة والتواصل بين كنيستى روما والإسكندرية.

_ أن هذا المؤتمر العالمى للسلام وما جرى فيه من وقائع يدحض أقوال المشكّكين فى الأزهر الشريف وشيخه الجليل، ويكفى أن الدنيا كلها جاءت إلى مصر وعرفت قيمة مصر الأزهر؛ ومن هنا نوجه رساله لهؤلاء بأن يرفعوا أيديهم عن الأزهر، ونقول لهم: مهلًا يا سادة، فالأزهر هو أحد ثوابت الدولة المصرية فى الماضى والحاضر والمستقبل.

وختامًا نقول: تحية للأزهر الشريف وشيخه الجليل الدكتور أحمد الطيب وتحية إلى الفاتيكان وحبره الجليل البابا فرنسيس على ما أظهراه للعالم أجمع من تفاهم وحب عبرت عنه لقطة مثيرة ولحظه فى غاية الإثارة؛ هذه اللحظة هى التى احتضن فيها بابا الفاتيكان فضيلة الإمام الأكبر عقب إلقاء كلمته واستمر هذا العناق الحار بضع لحظات ونقلته عدسات التليفزيون إلى كل أنحاء الدنيا، فحقًّا؛ إن مصر هى بلد السلام، فتحيا مصر ويحيا الأزهر الشريف.

طباعة
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg