| 06 مايو 2024 م

الدكتور جمال سعد محمود يكتب "هذا هدى": الهجوم على الأزهر ومؤسساته لعب بالنار

  • | الجمعة, 12 مايو, 2017
الدكتور جمال سعد محمود يكتب "هذا هدى": الهجوم على الأزهر ومؤسساته لعب بالنار

إن من يطالع بعض وسائل الإعلام، صحافةً، وإذاعة، مرئية، ومسموعة، وكذا بعض مواقع التواصل الاجتماعى، يجد أناسًا يتطاولون على الأزهر ويهاجمونه هجومًا عنيفًا، وليس من غرضى هنا سرد مظاهر الهجوم فهى كثيرة ومتنوعة وإنما غرضى هنا في هذه السطور القليلة أن أذكر للقارئ الكريم بعضًا من مظاهر هذا الهجوم، ثم الرد عليها باختصار شديد، وإن كان ما كتب فى هذا الصدد لا يستحق الرد عليه، تاركًا الحكم لكل منصف يتحلى بالحيدة والأمانة والموضوعية، وكان القصد من كتابة هذا المقال إحقاق الحق ووضع الأمور فى نصابها، ليس بغرض الدفاع عن الأزهر ومؤسساته، وإن كنت من أبنائه المعتزين بأزهريته إيمانًا منى بأن الأزهر محفوظ بحفظ الله له وبعلمائه المخلصين الذين يبتغون وجه الحق فى أداء رسالتهم المنوطة بهم.

وكثيرًا ما يقوم الأزهر بعقد ندوات ومؤتمرات تبين خطر الإرهاب وطرق مكافحته، بينما على الجانب الآخر يطالعنا البعض بأن الأزهر يصدر الإرهاب إلي العالم وأنه يأوى الإرهابيين وأن مناهج الأزهر تحتاج إلي تطوير شامل لما فيها من الغلو والتطرف كما أنه -أى: الأزهر- فى حاجة ماسة إلى تجديد الخطاب الدينى وغير ذلك كثير من مظاهر الهجوم على الأزهر ومؤسساته وقيادته، وأقول لهؤلاء جميعًا: إن الإرهاب ظاهرة عالمية لا تعرف دينًا ولا وطنًا ولا قاعدة صلبة يقف عليها، والتاريخ والواقع شاهدان على ما أقول: إن الإرهاب لم يكن مقصورًا على بلدنا الحبيب مصر بل طوف بكثير من البلاد العربية والأوروبية معًا، والأحداث الأخيرة التى وقعت فى فرنسا خير شاهد على ما أقول، فهل صدر الأزهر الإرهاب إلى هذه الأقطار والأمصار؟ أرى أن أولئك الذين يتهمون الأزهر بأنه يصدر الإرهاب عليهم أولًا أن يحددوا مفهوم الإرهاب تحديدًا دقيقًا؛ كى لا يقع الخلط واللبس حول هذه الظاهرة الخطيرة، هل مفهوم الإرهاب يعنى قتل النفس البشرية وإباحة الدماء؟ أو أنه الإرهاب الفكرى؟ أو أنه وجود بعض الميليشيات فى بعض الأقطار الإسلامية وقوى المعارضة؟ مثلما هو حادث الآن فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، أقول لهؤلاء: هل الأزهر مسئول عما يحدث الآن هنا وهناك وهو الذى صدر هذه الأنواع من الإرهاب علي اختلاف صنوفها وأشكالها؟.

لقد عُقدت ندوة بكلية الإعلام جامعة الأزهر فى العام الماضى حضرتُها كما حضرها نخبة من علماء الأزهر وبعض المفكرين والإعلاميين كان موضوعها "الإسلاموفوبيا" تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وقد حضرها نيابة عنه فضيلة أ.د وكيل الأزهر، وقد انتهت هذه الندوة إلى أن الأزهر لا يعرف الإرهاب ولم يكن أحد من أبنائه إرهابيًّا وأعتقد أن الأزهر يقوم بدور بارز فى مكافحة هذه الظاهرة، والندوة التى أشرت إليها واحدة من سلسلة الندوات والمؤتمرات الكثيرة فى هذا الصدد، إن الأزهر بقيادة إمامه الأكبر يُعلّم النشء والطلاب بمختلف المراحل التعليمية ذكورًا وإناثًا أن من قتل نفسًا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا، كما يرشدهم إلى التوجيه النبوى القائل: «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل امرئ مسلم» كما يبين لهم أن هذا الإرهاب الأسود هو إفساد فى الأرض ومحاربة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم « إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم» سورة المائدة: 33، كما أن الأزهر بقيادة إمامه الأكبر شَكّل لجانًا عديدة لتطوير المناهج فى مراحل التعليم المختلفة وأضيفت مادة الثقافة الإسلامية فى المعاهد الأزهرية ومن موضوعاتها الرئيسة: تعليم الطلاب مبدأ المواطنة، ومكافحة العنف والإرهاب بكل صوره، والتعايش السلمى بين أفراد المجتمع، ومعاملة المسلم لغير المسلم، ورفض الغلو والتطرف، كما أصدر فضيلة الإمام الأكبر توجيهًا إلى كليات جامعة الأزهر بتشكيل لجان لتطوير المناهج تحت إشراف فضيلته ومراجعتها.

وقد شكلت لجنة باعتبارى ممثلًا لقسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين القاهرة لتطوير المناهج، وانتهت هذه اللجنة إلى إضافة بعض المواد الدراسية التى يتطلبها العصر ويحتاجها سوق العمل مثل: إضافة مادة أدب البحث والمناظرة أو أدب الحوار فى الإسلام؛ ليتعلم منها الطالب مدى قبوله للآخر وكيفية التحاور معه، وقد أعجب فضيلة الإمام بإضافة هذه المادة حيث يرى تعميمها على كليات جامعة الأزهر، وغير ذلك كثير عن الحصر، ألا يعد هذا تطويرًا وتجديدًا فى مناهج الأزهر؟!

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg