| 29 أبريل 2024 م

الدكتور سامح فوزى يكتب "كلمة حق": الأزهر فى زنجبار

  • | الجمعة, 12 مايو, 2017
الدكتور سامح فوزى يكتب "كلمة حق": الأزهر فى زنجبار

دعيت فى عام 2008م إلى حوارٍ إسلامى مسيحى فى جزيرة «زنجبار»، التابعة لتنزانيا، المطلة على المحيط الهندى، وتضم الجزيرة مسيحيين ومسلمين، فهى عرفت الإسلام فى عهد الدولة الأموية، وكانت هناك صلات وحضور عربى، خاصة مع سلطنة عمان. شعب بسيط، وأرض بكر، تتفاعل مع الطبيعة فى جمالها، ويعيش اقتصادها على السياحة، وزراعة القرنفل والبهارات، وتتحدث اللغة المحلية «السواحيلى» التى بها الكثير من الكلمات العربية. كنا وفدًا من المصريين، دعت له الهيئة القبطية الإنجيلية، يضم مسيحيين ومسلمين: علماء دين، وإعلاميين، وباحثين.

كان من ضمن فعاليات الحوار زيارة بعض الأماكن التى لها دلالة خاصة؛ زرنا الكنيسة الرئيسية التى بنيت محل ساحة «تخزين العبيد» أثناء تلك الحقبة السوداء من تاريخ أفريقيا، حيث كانت "زنجبار" محورًا مهمًّا فى تجارة العبيد، بما شهدته من مآسٍ، ولم يكن هناك أفضل من بناء كنيسة هناك، تحمل رسوماتٍ تسجل هذه المآسى، وتُعبّر ليس فقط عن التحرر من الاتجار فى البشر بلغة اليوم، ولكن تجسد أيضًا معنى المحبة، والمساواة، والتعاطف الذى حملته، وزرنا أيضًا أقدم مسجد، وهى المحطة الأولى على المحيط الهندى التى دخل منها الإسلام إلى "زنجبار".

كان يرافقنا نائب مفتى زنجبار «الشيخ سوراجا»، وعندما هممنا بدخول المسجد للزيارة اعترض إمام المسجد على دخول مسيحيين، وهو ما صادف ممانعة واعتراضًا من جانب الأزهريين الذين شاركوا فى الزيارة، وحدث جدل أكد فيها الأزهريون أن الرسول فى صدر الإسلام استقبل نصارى فى مسجده، وأقاموا صلاتهم، ولا يوجد ما يحول دون دخول غير المسلم المسجد طالما يراعى الضوابط، وقد انتهى النقاش إلى الرفض، واكتفى المسيحيون بمشاهدة المسجد من الخارج، وهو الأمر الذى أصاب نائب مفتى زنجبار بحرجٍ شديد، وقال لى بصوت خافت: «أعتذر لك، لكن ليس لنا ولاية على المساجد، وهذا الشيخ تعلم الفقه المتشدد فى مدارس دينية متشددة»، بادرته بالسؤال: أين تعلمتَ؟ قال لى: بالأزهر الشريف، سعدت جدًّا، ثم بعد يوم التقينا بمفتى زنجبار، وكان رجلا طاعنًا فى السن، لا يستطيع الحركة، لكنه كان متقد الذهن، حاضر البديهة، مضيافًا، استقبلنا بالبشاشة والترحاب، وتحدث بلغة عربية أقرب إلى اللهجة المصرية قائلًا: «أهلًا بكم، الله يرحم مشايخنا بالأزهر الشريف، الله يرحم الملك فاروق، كم عزيزة علينا شوارع القاهرة» وبدأ يسرد أسماء شوارع وسط القاهرة متذكرًا أيامًا جميلة قضاها هناك عندما كان يدرس فى الأزهر فى الأربعينيات من القرن العشرين، وقدم لنا واجب الضيافة ثمرة جوز الهند، وانصرفنا، ونحن سعداء بالفعل أن مصر حاضرة بقوتها الناعمة وهى الأزهر. إذا غاب الأزهر أو غُيّب، اجتذبت المدارس الفقهية التى تدعو إلى التشدد العالمَ الإسلامى، وهذا هو الفارق بين مفتٍ ونائبه تعلما فى الأزهر، وبين شيخ متشدد يحمل فقهًا مغايرًا تعلمه فى دولة أخرى.

الأزهر هو أحد عناصر قوة مصر الناعمة، شأنه شأن الكنيسة القبطية، والسينما، والدراما، وغيرها، نحتاج إلى دعمه؛ لأن فى دعمه نوجِد سفراءَ لمصرَ فى كل مكان يتحدثون باسمها أفضل ممّا يتحدث المصريون أنفسهم.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg