| 05 مايو 2024 م

الدكتور طه مصطفى أبو كريشة يكتب نور وهداية : "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون"

  • | الجمعة, 12 مايو, 2017
الدكتور طه مصطفى أبو كريشة يكتب نور وهداية : "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون"

فى إطار الموقف الإيمانى من الهجمة المغرضة على الأزهر الشريف وعلى رسالته وعلى علمائه الأجلاء فإننا ذكرنا أنه من الواجب علينا أن نظل صامدين فى ميداننا فى مواجهة ذلك دون أن يدركنا شىء من الضعف أو التراخى فى أداء الرسالة التى وُضعت فى عنق كل أزهرى شرُف بالانتساب إلى الأزهر الشريف والارتواء من علومه، والتغذى برحيق مصادره المتمثلة فى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. كما ارتوى وتغذى أسلافنا الصالحون طوال عمره المديد الذى جاوز الألف عام، متذكرين فى هذا الثبات الأمر الربانى الذى جاء فى قول الله عز وجل: «يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون» آل عمران 200؛ لأن تنفيذ هذا الأمر الإلهى هو الذى يؤدى على أرض الواقع إلى نصرة دين الله تعالى وإلى إعلاء رايته وهى النصرة التى يتحقق من ورائها وعد الله عز وجل لعباده الصابرين فى قوله سبحانه «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم» محمد: 7 ومن غير شك فإن هذه النصرة تتحقق من جانب المؤمنين من خلال الحفاظ على الثروة العلمية التى تعود فى جذورها إلى القرآن الكريم وإلى السنة النبوية المطهرة وإلى كل الدراسات العلمية التى تقوم على هذين المصدرين اللذين يمثلان رسالة الإسلام التى خُتمت بها الرسالات. وهنا تتحقق النصرة التى يمنحها لهم رب العالمين حين يُثبّت أقدامهم فى ميدانهم دون أن يطرأ عليهم طارئ من طوارئ الهزيمة أو التراجع أو خلو الساحة الحياتية من وجودهم ووجود أنوار دعوتهم إلى الله عز وجل التى تُعلى من راية الحق وتزيل من الوجود أباطيل المبطلين، وتراشقات المتحللين المارقين.

وإلى جانب هذه المصابرة وهذه المرابطة الإيمانية فإن القرآن الكريم يقدم لهم زادًا إيمانيًّا روحيًّا يجب أن يتزودوا به فى مواجهة هذا المروق الآثم الذى يحيط بهم. هذا الزاد الإيمانى هو الذى توجه إليه هذه الآية الكريمة فى قول الله عز وجل «ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين» آل عمران 139 إنه توجيه يتعلق بالروح المعنوية التى يجب أن يتحلى بها المؤمنون فى مواجهة أى موقف من المواقف الحياتية التى تتجمع فيها قوى الشر، ويتحزب فيها أهل الضلال، ويتجمع فيها أعداء الدين لمحاربة أنصاره ودعاته والمتمسكين بثوابته، والسائرين على صراط الله تعالى المستقيم. إن على الصابرين والمصابرين والمرابطين فى ميدان نصرة دين الله تعالى أن يكونوا مع ذلك أصحابَ أرواحٍ قوية ليس فيها شىء من مشاعر اليأس والإحباط والحزن والوهن؛ لأن هذه المشاعر وأمثالها لا تليق بمن يريد أن يتصف دائمًا بصفة الإيمان بالله عز وجل وهى الصفة التى تتطلب لها دليلًا وبرهانًا حسيًّا ومعنويًّا، إن هذا الدليل الحسى والمعنوى هو الذى نُذكّر به أنفسنا ونحن نواجه ما نواجهه فى وقتنا الحاضر من ألسنة أهل الباطل الحداد، حتى لا يشعروا فى أنفسهم أنهم قد حققوا ما يريدون تحقيقه من حملاتهم التى يبغون من ورائها إسكات ألسنة الحق المتمثلة فى وجود الأزهر الشريف ومعاهده ومؤسساته العلمية الشامخة، إن استدامة هذين الدليلين الحسى والمعنوى فى مواجهة أعداء الدين، بأعداء حصن الدين، وهو الأزهر الشريف، من الأمور الأساس التى يجب أن يكون أبناء الأزهر الشريف على وعى بها فى كل وقت وفى كل حال وعلى كل المستويات طلابًا وأساتذة ومنتسبين. وهم من غير شك على هذا المستوى من الوعى واليقين الذى يصاحبه الوعى واليقين بأن ألسنة أهل الباطل سوف يدركها الخرس، وسوف يحل بأصحابها الصمت إلى الأبد، وسوف يعودون إلى جحورهم خاسئين مهزومين، وسوف يبقى الأزهر الشريف رافعًا رايته، شامخًا فى عليائه، قائمًا برسالته خير قيام مُستقبلًا طلاب العلم من الداخل ومن كل فج عميق على مستوى العالم، وسوف يبقى صادحًا بكلمة الحق، لا يخشى فيها لومة لائم، ولا يبغى من ورائها إلا رضا رب العالمين سبحانه وتعالى، مستشعرًا دائمًا أن قيامه بذلك هو أداء للأمانة التى وُضعت فى عنقه، والتى سوف يُسأل عنها أمام الله عز وجل التزامًا بالأمر الربانى «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها» النساء 58.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg