أوردت صحيفة The Washington Post الأمريكية خبراً تناولت فيه الصراع القانونى الذى كان دائراً بين المجتمع الإسلامى بمدينة بيرناردز، إحدى مدن ولاية نيوجيرسى التى يبلغ عدد سكانها 26000 نسمة، وبين مجلس التخطيط بالمدينة حول بناء مسجد للمسلمين هناك؛ حيث ظلت تلك القضية تتداولها المحاكم طيلة أربع سنوات مع إصرار المسئولين بعدم السماح للمسلمين ببناء المسجد.
بدأت المسألة مع إصدار المجلس قراراً عام 2015 بعدم السماح للمسلمين ببناء مسجد فى المدينة خاصة بعد إبداء سكان المدينة معارضة شديدة لبناء هذا المسجد؛ الأمر الذى دفع المجتمع المسلم لتحريك دعاوى قضائية ذات موضوعات تتعلق بالتمييز الدينى.
وصدر الحكم لصالح المسلمين بإلزام المدينة بالسماح بتشييد المسجد فى الموقع المقترح، إضافة إلى دفع 1.5 مليون دولار تعويضاً للمجتمع المسلم هناك و1.75 مليون أتعاب محاماة، بالإضافة إلى مطالبة سلطات المدينة بضرورة احترام التنوع واتباع سياسة الاحتواء.
يُذكر أن مجلس التخطيط بالمدينة لم يرفض أى طلب ببناء بيت من بيوت العبادة طيلة العشرين سنة الماضية على الأقل، ولكنه دافع عن قرار 2015 بشأن المسجد بالتغييرات القانونية التى طرأت على القانون بعد تقدم المجتمع الإسلامى بطلب بناء المسجد.
ففى 2011، قام المسلمون بشراء قطعة أرض مساحتها 4 أفدنة فى شارع «Church St». لبناء المسجد عليها وكانت هذه الأرض موافقة للمواصفات المنصوص عليها لبناء دور العبادة آنذاك، غير أنه فى 2013، أدخلت المدينة تعديلات على قانون بناء دور العبادة ورفعت الحد الأدنى من المساحة إلى 6 أفدنة، كما نصت على ضرورة وجود مساحات أوسع من الكنائس والمعابد لأماكن ركن السيارات، مما دفع المجتمع المسلم فى 2016، إلى تحريك دعوى قضائية ضد المدينة فى المحكمة الفيدرالية ثم إلى رفع شكوى إلى وزارة العدل بعدها ذكر فيها أن المدينة تمارس تمييزاً على أساس الدين.
وفى عشية رأس السنة، أصدر أحد القضاة الفيدراليين قراره بأن القرار الذى اتخذه مجلس التخطيط بالمدينة فيما يتعلق بمساحات ركن السيارات فى المساجد ينتهك القوانين المناهضة للتمييز، وعليه وافقت المدينة الأسبوع الماضى على إنهاء هذا الصراع القانونى وتسوية الأمر.
وكان من بين بنود التسوية أن يوافق المجتمع الإسلامى على تقليل عدد الأماكن المخصصة لركن السيارات وأن يخفض من نسبة الإشغال ليصل عدد المصلين إلى 150 شخصا وألا يقوم بتركيب سماعات خارجية على المبنى، كما أنه لا يسمح للمسلمين بإذاعة الأذان للصلاة خارج مآذن المسجد التى يمكن أن تحتوى فقط على أضواء تزيينية.
ومن جانبه يشيد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بهذا الحكم العادل الذى أصدرته المحكمة الفيدرالية والذى يتسق مع قيم الحرية واليمقراطية والمواطنة الحقيقية والتى تتعامل مع جميع المواطنين على قدم المساواة من حيث الحقوق والواجبات، وحق كل مواطن مسلم أو غير مسلم فى ممارسة شعائر دينه، دون التمييز بينهم على أساس اللون أو الدين أو العرق، ويرى المرصد أن احترام التعددية والتنوع يسهم فى حماية المجتمعات والحفاظ على نسيجها المجتمعى ويدعم خلق مجتمعات متماسكة تقوم العلاقة بينها على التعاون والإخاء والعيش المشترك.