| 16 مايو 2024 م

المرصد: الإنترنت وسيلة لتواصل المتطرفين

  • | الثلاثاء, 1 أغسطس, 2017
المرصد: الإنترنت وسيلة لتواصل المتطرفين

يكشف مرصد الأزهر العالمى لمكافحة التطرف عن أن طرق التطرف ليست كالمسالك العادية والمعروفة ولكنها أشبه بمتاهة لا يعرف سالكها إلى أين ستؤدى به، موضحاً أنه ليس من اللازم أن تؤدى إلى التطرف، بل من الممكن أن تعيد السالك إلى النقطة التى بدأ منها. ويتناول المرصد بعض هذه المتاهات التى تصل بسالكها إلى أن ينحو منحى التطرف وينضم إلى جماعة إرهابية تستغل النصوص الدينية وتسىء استخدامها لتستقطب هؤلاء الشباب وتجعلهم يستخدمون العنف باسم السياسة أو الدين، لافتاً إلى أن هناك كثيرا من الجماعات المتطرفة سياسياً، إلا أن هذه لا تعنينا فى المقام الأول، بل ما يعنينا هو هذه الجماعات التى تبرر استخدام العنف باسم الدين.

ويؤكد المرصد أنه لا يوجد منهجية واحدة لاستقطاب المتطرفين، بل هناك طرق ووسائل عديدة، تختلف هذه الوسائل من زمان إلى آخر ومن مكان إلى آخر بل ومن شخص إلى آخر، ومؤخراً يتم الحديث عن شبكة الإنترنت على أنها وسيلة من هذه الوسائل، وكيف يستخدمها المتطرفون فى نشر أفكارهم المتطرفة على مواقعهم لاستقطاب الشباب، إلا أن خبراء مكافحة التطرف يرون أن الحالات التى سلكت مسلك التطرف عبر الإنترنت هى حالات قليلة جداً، وأن الوسيلة الأولى فى الاستقطاب هى التواصل مع الشباب مباشرة إما فى المساجد أو النوادى العامة أو الجامعات وغيرها من خلال دعاة السلفية الجهادية ومن على شاكلتهم، وذلك كما بينت التحقيقات مع من تم القبض عليهم من هذه الجماعات،  ومن هنا يتبين أن الإنترنت يتم استخدامه كوسيلة للتواصل بين المتطرفين أكثر من استخدامه كوسيلة لاستقطابهم، وإن كنا لا ننكر أن له دوراً فى نشر الأفكار المتطرفة وغيرها.

ويوضح مرصد الأزهر أن الشخص الهدف لهذه الجماعات ليست له شروط ومواصفات ثابتة، إذ إن كثيراً من الشباب عرضة للسقوط فى هذا التيار العنيف، ولكن الخبراء يرون بعض الصفات العامة فيمن ذهبوا فى هذه المتاهات، ومنها عدم الشعور بالرضا التام سواء فى العمل أو المجتمع، وفقد الانتماء إلى الوطن بسبب التهميش أو المعاملة السيئة أو بسبب كثرة الأمراض الاجتماعية أو الشعور بالاضطهاد الدينى أو الطائفى، ويستوى فى هذه الحالة ما إذا كان هذا الشعور حقيقياً أم لا، أو الشعور باليأس بسبب المرض مثلاً أو لفقد شخص أو شىء عزيز، ولابد أن يجتمع مع هذا نقص المعرفة الدينية أو التدين الخاطئ، فمثل هذا الشخص قد يرى أن عدم التدين هو السبب فيما هو فيه، ويبدأ بوعى أو دون وعى فى البحث عن هوية ترضيه وتخرجه من حالة عدم الرضا أو الاضطهاد الذى يشعر به، وهنا يأتى دور الجماعات الدينية التى تبحث عن مثل هؤلاء، فيتقربون منه ويشعرونه أنه فرداً منهم، فيشعر بالانتماء إليهم وتتكون له هوية جديدة، ثم يبدأ باعتناق أفكارهم ليشعر بالاندماج داخل المجموعة الجديدة، التى تبدأ فى توجيهه وربما تقنعه بسفك دم المخالفين له فى العقيدة بل ربما تذهب إلى أكثر من هذا بأن تقنعه إلى قتل المماثلين له فى الدين بحجة أنهم كفار وأن جماعته الجديدة هى الوحيدة التى تملك الحقيقة.

وأضاف المرصد أن مثل هؤلاء الجماعات قد يستخدمون بعض المساجد، خاصة تلك المساجد التى يوجد بها بعض الأئمة ممن يعتنقون فكر السلفية الجهادية ويروجون له، وهذا أمر واضح على سبيل المثال فى دولة مثل ألمانيا، إذ سافر من ألمانيا ما يقرب من تسعمائة شاب للمشاركة فى القتال مع تنظيم داعش الإرهابى فى سوريا والعراق، وقد تبين للأمن القومى الألماني- كما أوضح مرصد الأزهر من قبل- أن كثيراً من هؤلاء الشباب كانوا يذهبون إلى مساجد بعينها ويلتقون بمشايخ معينة أقنعوهم باعتناق الفكر المتطرف ثم شاركوا فى إرسالهم إلى مناطق الحرب فى سوريا والعراق. ولهذا فإن كثيراً من المساجد هناك قد أصبح عليها علامة استفهام كبيرة، مما أدى إلى ظهور كتاب «الإسلام من الداخل» لمؤلفه «كونستنتين شرايبر» والذى انتقد فيه الخطاب الإسلامى فى المساجد الألمانية بعد حضوره خطب الجمعة فى ثلاثة عشر مسجداً على مدى عام كامل، ويرى أن الخطب فى المساجد تحث على العنف ونشر الكراهية، وإن كنا لا نتفق مع هذا الكتاب ولا ما ورد فيه، إذ إننا لا نعرف المعايير التى وضعها المؤلف لاختيار المساجد والخطب التى قام بانتقادها، كما أنه وقع فى كثير من الأخطاء فى ترجمة الكلمات التى سمعها فى هذه الخطب سواء من اللغة العربية أو التركية إلى اللغة الألمانية، كما بيّن مرصد الأزهر فى مقال سابق عن هذا الكتاب، إلا أننا ينبغى أن نقر بأن هناك شكوكاً حول بعض المساجد، وأن  هناك بعض الأئمة يحضون على الكراهية ويخدمون تياراً معيناً، بل ويتلقون تمويلاً من خارج ألمانيا، وهذا أمر لا ندعيه وهو ليس سراً بل أقرته الحكومة الألمانية ونشرته فى الصحف العامة وعلى مواقع الإنترنت، ولهذا فقد عرض الأزهر على الحكومة الألمانية تدريب الأئمة فى الأزهر الشريف، وهى خطوة ذات أهمية كبرى، ينبغى على الحكومة الألمانية، خصوصاً بعد اتهام كثير من أئمة المساجد الأتراك بالتجسس لصالح الرئيس التركى، إذ إن المؤسسة الأزهرية محل تقدير من المسلمين فى جميع أنحاء العالم، وهى محل تقدير من الحكومة الألمانية أيضاً، فعليهم استغلال هذه الفرصة لإرسال الأئمة للتدريب فى هذه المؤسسة العريقة التى دوماً ما توصف بالاعتدال وتحظى بالقبول الواسع، ولا ينبغى هذا على ألمانيا وحدها بل على جميع الدول التى تعانى من التطرف ومحاولات نشر العنف والكراهية.

وحدة رصد اللغة الألمانية

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg