| 18 يونيو 2025 م

"الشيخ زايد".. حكيم العرب الذي أعطى بلا حدود

  • | الثلاثاء, 15 أغسطس, 2017
"الشيخ زايد".. حكيم العرب الذي أعطى بلا حدود

التاريخ سيظل واقفاً طويلاً أمام شخصية الشيخ زايد آل نهيان لما لهذه الشخصية من مكان ومكانة فى نفوس العرب والمسلمين والإنسانية ككل، وذلك لما قدمه من خدمات جليلة.. الشيخ زايد سطّر بأحرف من نور سيرته الطيبة على صدر صفحات التاريخ بأعماله العظيمة التى يحدثنا عنها التاريخ.

ولد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فى 6 مايو 1918، بمدينة أبوظبى بقصر الحصن، وقد سمى على اسم جده الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان، الذى حكم إمارة أبوظبى، وهو أصغر أبناء الشيخ سلطان بن زايد بن خليفة آل نهيان، وأمه الشيخة سلامة بنت بطى القبيسى، ولما بلغ الرابعة من عمره فى العام 1922، تولى والده الشيخ سلطان زمام الأمور، وقد استطاع خلال فترة حكمه تحسين علاقاته بالجوار وتعزيز مكانته بين مواطنيه رغم قصر مدة حكمه، وكان الشيخ زايد مواظباً على حضور مجلس والده لاستقبال المواطنين والسماع لشكواهم، ويشاركهم معاناتهم فى زمن كانت فيه تجارة اللؤلؤ ورحلات الصيد المصدر الوحيد للدخل فى المنطقة.

تعليمه

الكُتّاب كانت المعين الأول الذى نهل منه كغيره من أبناء البلاد آنذاك، وكان القرآن الكريم أول زاده العلمى، بدأ رحلة التعليم فى سن الخامسة على يد «المطاوعة»، وهم الشيوخ الذين يدرسون القرآن الكريم والحديث الشريف وأصول الدين واللغة العربية.

حياته السياسية

تولى الشيخ زايد عدداً من المهام السياسية قبل الاتحاد منها: حكم مدينة العين عام 1946، وفى عام 1953 بدأ رحلة حول العالم يعزز فيها من خبرته السياسية، ويطلع من خلالها على تجارب أخرى للحكم والعيش، فزار بريطانيا والولايات المتحدة وسويسرا وفرنسا ولبنان والعراق ومصر وسوريا والهند وباكستان، وزادته هذه التجربة اقتناعاً بمدى الحاجة لتطوير الحياة فى الإمارات، والنهوض بها للحاق بركب التقدم والحضارة.

وفى مايو عام 1962، تولى مساعدة الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان فى إدارة شئون أبوظبى، وسعى جاهداً فى تحسين أوضاع الإمارة من ناحية والمضى قدماً بكل العزم والتصميم فى تنفيذ برنامجه التنموى من ناحية أخرى، وفى 6 أغسطس 1966 تولى الشيخ زايد مقاليد الحكم فى إمارة أبوظبى بالإجماع وموافقة من العائلة الحاكمة خلفاً لشقيقه الشيخ شخبوط، وتمكن من تحقيق إصلاحات واسعة، منها تطوير قطاعات التعليم والرعاية الصحية والإسكان الشعبى وتحديثها، وتطوير المدن بوجه عام، كما عمل على بناء مؤسسات الدولة من نظام إدارى ودوائر حكومية، والتى اعتمد فيها على عناصر من الأسرة الحاكمة ومن خارجها، وأتاح فرص التعليم لآلاف الطلبة ما مكنهم من الالتحاق بأفضل الجامعات فى الخارج.

نشأة الإمارات

كان الشيخ زايد أول من نادى بالاتحاد بعد إعلان بريطانيا نيتها الجلاء وإنهاء الاحتلال عن الإمارات فى يناير 1968، فرأى الحاجة إلى إقامة كيان سياسى موحد له كلمة قوية ومسموعة فى المحافل الدولية، وقادر على تقديم الحياة الأفضل لمواطنيه، فبدأت الحركة المكوكية للشيخ زايد وكان اجتماع «السمحة» البذرة الأولى لبناء الاتحاد، حيث تم الاتفاق على تنسيق الأمن والدفاع والخارجية والخدمات الصحية والتعليمية وتوحيد الجوازات بين الشقيقتين دبى وأبوظبى، وفى عام 1969 انتخب رئيساً للاتحاد التُساعى الذى ضم الإمارات السبع وقطر والبحرين، وبانسحاب الأخيرتين تم الإعلان عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة فى الثانى من ديسمبر 1971 بسبع إمارات، وانتخب رئيساً للاتحاد وقائداً أعلى للقوات المسلحة، فعمل الشيخ زايد على بناء المؤسسات الاتحادية وبناء القوات المسلحة.

علاقاته الخارجية

أسس أول فيدرالية عربية حديثة، وعمل مع الشيخ جابر الأحمد الصباح على إنشاء مجلس التعاون الخليجى، فاستضافت أبوظبى فى 25 مايو 1981 أول اجتماع قمة لمجلس التعاون لدول الخليج العربى، كما كان له دور كبير فى حل المشاكل العربية، ساعد أيضاً كوسيط سلام بين سلطنة عمان ودولة اليمن أثناء النزاعات الحدودية فى عام 1980،  وعمل على حل بعض الخلافات الحدودية مع المملكة العربية السعودية من خلال اتصالات مباشرة مع الملك فيصل بن عبدالعزيز، حيث توصل الجانبان إلى توقيع معاهدة 1974 والتى رسمت الحدود بين البلدين، وفى حرب الخليج الأولى رفض اعتبار قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل إيران ذريعة للعراق فى استمرار الحرب مع إيران، وكذلك فى حرب الخليج الثانية استقبل الشعب الكويتى وأمر بتوفير السكن لهم ومنحهم مساعدات مالية بالإضافة إلى إعفائهم من دفع أى رسوم للعلاج الطبى، وخلال الحرب لجأ نحو 66 ألف كويتى إلى الإمارات،  ونجحت وساطته فى التوصل إلى حل لخلاف بين مصر وليبيا فى نوفمبر 2004.

حفظ السلام والعمل الخيرى

قام بقطع إمدادات النفط بصفته سلاحاً فعالاً فى حرب فلسطين المحتلة، وألقى بيانه الشهير الذى قال فيه: «إن النفط العربى ليس أغلى من الدم العربى»، وفى أكتوبر 1980 نادى الشيخ زايد بعقد قمة عربية لإنقاذ لبنان من الحرب الأهلية، وأثناء الغزو العراقى لدولة الكويت عام 1991 كان الشيخ زايد من أوائل القادة العرب الذين نادوا بالمصالحة، وساند الشيخ زايد كلاً من مصر وسوريا فى حرب 1973.

كما اهتم أيضاً بحفظ السلام بمشاركة دولة الإمارات فى عملية «استعادة الأمل» فى الصومال، التى قادتها الأمم المتحدة فى عام 1992، وفى جهود الوساطة التى بذلها أيضاً عندما اندلعت الحرب الأهلية فى اليمن عام 1994، وعلى الصعيد الدولى كانت مشاركة دولة الإمارات فى مهمة حفظ السلام فى كوسوفو بقيادة حلف الناتو عام 1998،  وكان له دور كبير فى تنمية عدد من المشروعات الخيرية والتنموية فى المناطق المغربية، كما أسهم فى مشروع إعادة بناء سد مأرب القديم فى اليمن عام 1986، وقام بتمويل شبكة إضافية من القنوات لتوزيع المياه على الحقول مما حول المنطقة إلى نموذج للتنمية الزراعية.

تخليد اسمه

كثير من المؤسسات والأماكن والجوائز تزينت باسمه تخليداً لذكراه، وما بذله فى خدمة الإنسانية، ومنها: «جائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة الشيخ زايد الدولية للبيئة، وبرنامج الشيخ زايد للإسكان، ومؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، ومسجد الشيخ زايد، وجامعة زايد، وطريق الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالكويت،  ومدينة الشيخ زايد في مصر».

وفاته

توفى الشيخ زايد فى 19 رمضان 1425هـ الموافق 2 نوفمبر 2004، وشارك فى تشيع جنازته كثير من حكام ورؤساء وملوك العالم، وتولى ابنه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حكم إمارة أبوظبى، وانتخبه المجلس الأعلى للاتحاد رئيساً للدولة فى 3 نوفمبر 2006.

لطفي عطية

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2025 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg