قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بجولة مكوكية لعدد من الدول الأفريقية، ومن المقرر أن تنتهى غداً الخميس، الجولة شملت «تنزانيا، رواندا، تشاد، والجابون»، فى إطار حرص مصر على تعزيز جسور التواصل والتفاهم المشترك، ومواجهة التحديات التى تواجه المنطقة وسبل التصدى لها، فضلاً عن استعراض رؤية مصر تجاه التطورات فى المنطقة وسبل التعامل مع الأزمات القائمة، وبحث سبل تعزيز التعاون مع دول القارة السمراء بجانب عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتدعيم التعاون والتنسيق فى جميع المجالات.
ولا شك أن لمصر قوى ناعمة تساعدها كثيراً فى الخارج، ويأتى على رأسها الأزهر الشريف وما يقوم به من أدوار مهمة طوال السنوات الماضية، الأمر الذى ساهم كثيراً فى تمهيد وتذليل العقبات أمام الرئيس السيسى خلال زياراته المتعددة للخارج فى سبيل استعادة مصر لدورها الإقليمى. ويرى السفير صالح هابى مانا سفير رواندا بالقاهرة ومفتى رواندا السابق، أن الأزهر هو أحد أهم الركائز التى ساهمت ولا تزال فى تحقيق التقارب بين شعوب القارة، ما جعل للأزهر الشريف مكانة خاصة فى قلوب مسلمى رواندا، وهم حريصون على تعليم أبنائهم فى مؤسساته التعليمية لثقتهم الكبيرة فى مناهجه التى تعلم السماحة والوسطية والاعتدال، والتعايش السلمى وقبول الآخر، مؤكداً أن الأزهر لعب دوراً أكثر أهمية فى التقارب السياسى والاقتصادى والبشرى بين مصر ودول أفريقيا. وأوضح هابى مانا، أن حكومة رواندا حريصة على مد جسور التواصل بين البلدين فى مختلف المجالات.
من جانبه، قال السفير حسن آدم سفير تشاد بالقاهرة، إن الأزهر الشريف يحظى بمكانة رفيعة فى قلوب شعب تشاد، وجميع المسلمين فى أفريقيا والعالم، لما يحمله على عاتقه من مسئولية تجاههم، ولما يقدمه من دعم تعليمى ودعوى وما يحمله من رعاية لأئمة وخطباء تشاد، خاصة فى الظروف التى تعانى منها تشاد وسط الاضطرابات بالدول المحيطة، بالإضافة إلى استقبال البعثات من تشاد فى كلياته ومعاهده.
وأشار آدم، إلى دعم الأزهر لشعب تشاد اجتماعياً من خلال القوافل الطبية والإغاثية، إضافة لرعايته لطلاب تشاد الدارسين به، مؤكداً أن ما يقوم به الأزهر ليس غريباً على هذه المؤسسة العريقة كقوة ناعمة تضع على عاتقها مسئوليتها الدينية والاجتماعية تجاه العالم العربى والإسلامى، فضلاً عن نشر السلام عالمياً. وفى ذات السياق، أكد الشيخ سيد عوض رئيس المركز الإسلامى بتنزانيا، أن وجود الأزهر الشريف فى القارة الأفريقية وتنزانيا بصورة خاصة يعد حائط صد فى وجه الأفكار المتطرفة والشاذة، وذلك من خلال الدور الذى يقوم به دعاة الأزهر فى تنزانيا لتوضيح المفاهيم وإزالة اللبس العالق بأذهان الكثير من شعب تنزانيا فى أمور دينهم، التى باتت تظهر بصورة كبيرة فى القارة السمراء على أيدى مجموعات أساءت فهم الدين.
وبيّن رئيس المركز الإسلامى، أن وجود الأزهر بتنزانيا قطع الطريق أمام دعوات التشيّع بوجوده فى المناسبات الدينية والقنوات التليفزيونية بلقاءات ثابتة أسبوعية، كما يفرد لهم مساحات بالمجالات الدعوية والصحف القومية على أوسع نطاق، إضافة إلى الدروس الأسبوعية والندوات والمحاضرات العامة، ما جعلنا نقول لولا دور الأزهر لانزلق المجتمع التنزانى للعنف.
وكشف عن أن وجود الأزهر بتنزانيا ودوره فى التصدى للأفكار الهدامة دفع أعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية للإلحاح بضرورة إنشاء فرع لجامعة الأزهر الشريف فى العاصمة التنزانية «دار السلام» لنشر الفكر الإسلامى الوسطى، والاستفادة من العلم الذى يتمتع به شيوخه، وهو ما جعل لمصر المكانة الرفيعة التى لا تحظى بها أى دولة أخرى.
بدوره، قال السفير نبيل بدر مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن القوة الناعمة تعنى استخدام وسائل علمية أو ثقافية أو اجتماعية أو حضارية لتحقيق أهداف سياسية أو للتقارب مع الشعوب، ولعل دور الأزهر الشريف امتد فى أفريقيا إلى مؤازرة شعوب القارة الأفريقية فى كفاحهم وحل أزماتهم، لافتاً إلى أن تأثير الأزهر خارج حدود مصر يعد امتداداً طبيعياً لدوره الأصيل داخل مصر والوطن العربى. مبيناً أن مصر من الدول التى تعتمد فى سياستها الخارجية على القوة الناعمة، لما لها من دور فى تعزيز العلاقات بين الدول، ولعل الوفود التى تزور مصر ثم تعود إلى بلادها يكون لها تأثير واضح فى تحسين العلاقات والتقارب مع الشعوب الأخرى.
وتابع: «الأزهر الشريف هو المفتاح الذى وهبه الله لمصر لفتح بوابات الدخول لدول أفريقيا، التى تمثل الغطاء السياسى والاقتصادى لمصر إن لم يكن لكل الدول العربية مجتمعة، خاصة أن نصف سكان أفريقيا يعتنقون الدين الإسلامى، ويحملون نفس السمات والعادات والتقاليد العربية تقريباً». مؤكداً أن للأزهر الشريف مكانة عظيمة فى نفوس مسلمى العالم، مما أهله ليكون قوة ناعمة ومؤثرة فى كل الدول الأفريقية والعربية والإسلامية التى جاء أبناؤها للدراسة فى الأزهر طلاباً للعلم.
محمد الصباغ