| 03 يونيو 2024 م

د.طه مصطفى أبوكريشة.. يكتب "نور وهداية": "استحيوا من الله حق الحياء"

  • | الأربعاء, 27 سبتمبر, 2017
د.طه مصطفى أبوكريشة.. يكتب "نور وهداية": "استحيوا من الله حق الحياء"
د. طه أبو كريشة

من توجيهات النبي- صلى الله عليه وسلم- التى تتعلق بطهارة السلوك الإيمانى للإنسان فى حياته الخاصة والعامة وفى سره وعلانيته ما جاء فى قوله عليه الصلاة والسلام خطابا للأمة فى كل زمان ومكان “استحيوا من الله حق الحياء” ثم فسر النبي - صلى الله عليه وسلم- هذا التوجيه بقوله “الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وأن تذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا”، ومن المعروف أن فى الرأس العقل والبصر واللسان والأذنين، ويكون الحفظ من خلال منع السلبيات عن كل واحد من الجوارح والعقل، فالمؤمن الصادق الإيمان يبعد عقله عن الظنون السيئة والأفكار الضالة استجابة للأمر الربانى فى قوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم”، الحجرات: 12 وكذلك فإنه يبعد بصره عن النظر إلى عورات الناس وعن التجسس عليهم، تنفيذا للأمر الربانى فى قوله تعالى “قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم”، النور: 30 وفى قوله سبحانه و”قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن”، النور: 31. أما حفظ اللسان فيكون من خلال البعد عن الأقوال السيئة والكاذبة.

ومن شواهد ذلك ما جاء فى قول الله عز وجل ناهيا “يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الفاسقون”، الحجرات: 11 وكذلك فإن حفظ السمع يكون بالبعد عن سماع كل قول فيه لغو أو فيه غيبة استجابة للأمر الربانى فى قول الله تعالى: “وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا فى حديث غيره” الأنعام: 68 وتحقيقا لصفة من صفات المؤمنين المفلحين التى جاءت فى قول الله عز وجل “والذين هم عن اللغو معرضون”، المؤمنون 3 كذلك يكون من خلال البعد عن التجسس بالأذن التزاما بالنهى الذى جاء فى قوله سبحانه “ولا تجسسوا” الحجرات: 12.

أما حفظ البطن وما حوى فيكون من خلال البعد عن الشراب والطعام المحرم فى ذاته أو الذى يكون قد جاء من مصدر مالى حرام، ومن شواهد الشراب الحرام ما جاء النهى عنه فى قول الله عز وجل “إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون”، المائدة: 90 ومن شواهد الطعام الحرام ما جاء بيانه فى قول الله تعالى “حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع”، المائدة: 3 ومن شواهد البعد عن أكل ما جاء من مصدر حرام قول النبي- صلى الله عليه وسلم- “كل جسد نبت من حرام فالنار أولى به”.

ويتصل بحفظ البطن ما يتعلق بالبعد عن الفواحش التى تأتى عن طريق الفروج التزاما بتحقيق صفة من صفات المؤمنين المفلحين التى جاءت فى قول الله عز وجل “والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون” المؤمنون 5-7.

إن حفظ ما فى الرأس وما فى البطن استحياء من الله عز وجل على هذا النحو يحقق الصورة الحقة للدين القويم، كما جاء تأكيد ذلك فى قول النبي- صلى الله عليه وسلم- حين سئل: هل الحياء من الدين؟ فقال “بل هو الدين كله”.

إننا فى لحظاتنا الحاضرة نشهد غيابا ملحوظا لهذا الحياء الإيمانى فى بعض الوسائل الإعلامية التى تعايش الناس فى كل لحظة من لحظات حياتهم فى ليلهم ونهارهم، وذلك من خلال كثير من القنوات الفضائية التى تتبارى وتتسابق فيما بينها فى بث كثير من المشاهد التى تتعرى فيها الأجساد على نحو مثير للشهوات دون خجل وحياء ودون مراعاة للقيم والأخلاق، وإلى جانب تعرى الأجساد يأتى تعرى الألسنة حيث تتبارى هى أيضاً أيها يكون أكثر تلفظا بالفاحش من القول الخادش للحياء والخارج عن الالتزام بأى توجيه دينى، وفى تحد ظاهر لما يطلق عليه “ميثاق الشرف الإعلامى”، فمتى يعود إلى هذه الوسيلة الإعلامية الحياء المفقود؟

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg