| 14 مايو 2024 م

الشباب السوداني.. وقود جديد لنار الدواعش!

  • | الخميس, 12 أكتوبر, 2017
الشباب السوداني.. وقود جديد لنار الدواعش!

نشرت المواقع الداعشية فى عام 2014، بعيد إعلان الخلافة الإسلامية المزعومة على يد أبوبكر البغدادى، خريطة لهذه الدولة، وكانت سوريا والعراق هى غاية التنظيم الذى يريد أن يستحوذ عليها فى تلك الفترة لتكوين دولة صغيرة تمثل التمهيد لإقامة دولة الخلافة الكبيرة والتى تستحوذ على أكثر من نصف الكرة الأرضية، ولذلك نشر التنظيم خريطة توضيحية لدولة الخلافة ضم فيها دولاً وفرقاً فيها أخرى، والتقسيم الجغرافى ليس هو التغيير الوحيد فى الخريطة، وإنما أعاد التنظيم تسمية تلك البلاد بأسمائها القديمة، فآسيا أصبحت خراسان، ومصر وجزء من السودان وليبيا أصبحوا أرض الكنانة، والجزء الباقى من السودان ودول وسط وجنوب أفريقيا، أصبحوا أرض الحبشة، ودول الجزائر وتونس والمغرب أصبحوا دولة واحدة تعرف باسم المغرب، واليمن كما هى مع العراق وأوروبا، بينما سوريا ولبنان أصبحا الشام، والسعودية أصبحت بلاد الحجاز، وتركيا أصبحت الأناضول، وإسبانيا أصبحت الأندلس، وكأن داعش يرغب فى إحياء أمجاد الماضى بكل تفاصيله ويرغب فى القضاء على الحاضر بكل أشكاله، وما إن أعلن زعيم التنظيم عن قيام دولة الخلافة حتى سارعت جماعات إرهابية عديدة من بقاع مختلفة مترامية الأطراف عمَّت أغلب البسيطة التى نحيا عليها، مبايعة الأمير والانضمام لذلك التنظيم.

وهنا عمد أتباع التنظيم وأنصاره عقيدة وفكراً، بل ومن تقاطعت مصالحهم مع تلك الغاية وهذا المخطط، إلى الإعلان عن أنفسهم، فبدأت تطفو على السطح تنظيمات وجماعات تعلن الولاء والانتماء للتنظيم الأم، حتى لكأن تلك التنظيمات والجماعات ولدت جميعها من رحم واحدة رغم اختلاف الألوان واللهجات، فما من دولة فى خريطة التنظيم إلَّا وأصبح للتنظيم فيها جنود وأتباع مختلفون فى الشكل إلا أنهم متفقون فى الرؤى، ومتفرقون فى المكان إلا أنهم مجتمعون فى الغاية والقصد، نعم قد يختلفون فى المسميات والأساليب بل وحتى فى الأولويات فالخلاف بين القاعدة وداعش لا يمكن أن يكون أبداً خارج هذا الإطار، أما بالنسبة للخلافة وأرضها فمحال ثم محال أن تجد داعشياً أو قاعدياً أو أى عنصر فى أى تنظيم جهادى آخر لا يقاتل من أجل استرداد أرض الخلافة الإسلامية واستعادة أمجادها، والاستراتيجية التى تعمل بها تلك الجماعات والتنظيمات جميعاً تكمن فى فتح بؤر وجبهات عديدة تُشتّت بها قوى أعدائها وتبرهن بها على سَعة سلطانها فلم تعد جبهة القتال تقتصر على العراق والشام فحسب، بل صارت تشمل العالَم أجمعَ. فقد أصبح للتنظيمات أَذرعٌ فى بقاعٍ عديدة من الأرض شرقاً وغرباً، فها هى خراسانُ، وشرقُ آسيا، وغرب أفريقيا، وغيرها من البقاع المنتشرة حول العالم والتى تحاول من خلالها تلك التنظيمات أن تنتشر كالسرطان، كلما تمّ استئصالُه من مكان تولّدت منه خلية أو خلايا فى مكانٍ آخَرَ، وتعد السودان من ضمن تلك البؤر حيث يلاحظ أن لتنظيم داعش جذوراً منذ تسعينيات القرن الماضى، فقد قامت جماعات إرهابية بأعمال هزت المجتمع السودانى ولم يعرفها المحيط العربى إلا لاحقاً. فبالعودة إلى العام 1994، وما عرف بأحداث مسجد الثورة الحارة الأولى فى مدينة أم درمان، حين هاجم محمد عبدالرحمن الخليفى الليبى الجنسية، مع ثلاثة سودانيين آخرين بالأسلحة النارية، مسجداً يتبع جماعة أنصار السنة المحمدية، وقاموا بحصد أرواح 27 من المصلين.

«الخليفى» المقبل من أفغانستان، كان على علاقة بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذى كان فى تلك الفترة فى السودان، قبل أن تطلب منه الحكومة مغادرة أراضيها عام 1996. وكذلك حادث قرية الجرافة، شمال أمدرمان، ومسرحها مسجد أنصار السنة أيضاً. فيومها قتل رشاش عباس عبدالباقر، منفذ العملية المنشق عن جماعة أنصار السنة، والمنتمى إلى جماعة التكفير والهجرة، 20 شخصاً وجرح 33.

وفى عام 2012، تم القبض على 30 شاباً فى معسكر للتدريب أرادوا التوجه إلى مالى للجهاد ضد القوات الفرنسية. وهو ما عرف وقتها بـ«خلية الدندر»، نسبة إلى مدينة الدندر، جنوب شرق الخرطوم. وقد كانت الأجواء مؤاتية لنمو الحركات الإسلامية المتطرفة والمتشددة فى الخرطوم والتى ظهر فيها جماعة «الاعتصام بالكتاب والسنة» السودانية التى أعلنت البيعة لخليفة المسلمين وأمير الدولة الإسلامية أبوبكر البغدادى، ومن الجدير بالذكر أن مؤسس تلك الجماعة كان أحد أقطاب جماعة الإخوان المسلمين فى السودان لكنه سرعان ما أنقلب عليهم وأعتنق الأفكار الجهادية وأسس تلك الجماعة وقد أصدرت جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة بياناً بتوقيع أميرها الشيخ «سليمان أبونارو» أعلنت فيه تأييدها لداعش فى العراق والشام وبايعت أبوبكر البغدادى خليفة المسلمين، ووصف البيان «داعش» بـالطائفة المجاهدة التى أقامت شريعة الله ومكّنت لدينه، وأحيت صرح الإمامة، ونصبت منارة الخلافة وأثخنت فى أعداء الله، وأشار البيان إلى أن انتصارات داعش «أفرحت عامة المسلمين، مما جعل دول الكفر تجلب بخيلها ورجلها وجمعت جموعها وأعلنت حربها على الإسلام»!!

واتهم البيان من يناصرون أعداء داعش بالكفر، وأكد أن مناصرة الكافرين على المسلمين هى أعلى درجات الولاء المخرج من الملة الناقض للإيمان الذى حكم رب العالمين بكفر متعاطيه مهما كانت الأسباب، رغبةً أو رهبة.. وأعلن البيان براءة جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة من ولاية الكافرين ومظاهرة حلف المشركين، منتقدة من يسوغ للحرب على تنظيم الدولة الإسلامية ضمن الحملة الصليبية العالمية بحجة جواز الاستعانة بالكفار!!

ومما يؤكد على أن تلك الجماعة تتبع تنظيم داعش عقيدة وفكراً هى تلك البيانات المتتالية التى أصدرتها هذة الجماعة حتى بعد اختيار أميرها الجديد وهو الشيخ عمر عبدالخالق، فقد أصدرت الجماعة بيانا فى 12 فبراير 2015 أجازت فيه قتل الطيار الأردنى معاذ الكساسبة حرقاً، وربما يكون الفارق الجوهرى بين هذه الجماعة فى السودان وأى جماعة أخرى فى أن هذه الجماعة لا تزال إلى الآن تمارس نشاطها ودعوتها عن طريق الدروس واللقاءات والمحاضرات سعياً لتجنيد الشباب واستقطابهم، وليس هذا فحسب فقد أعلنت بعض المواقع الإلكترونية الداعمة للإرهاب بياناً لتنظيم داعش يعلن فيه تعيين الدكتور على محمد عبدالله الجزولى والمكنى بأبوالهمام أميراً لإمارة الحبشة.

كما حرص أسامة بن لادن، أثناء فترة وجوده فى السودان، على وضع الأساس لتنظيم بوكو حرام، الذى ينشط الآن فى نيجيريا والدول المجاورة، وقد أعلن هذا التنظيم فى وقت سابق مبايعته لداعش. هذا وقد توافدت على السودان جماعات جهادية متطرفة مقبلة من أفغانستان وباكستان، مما أدى إلى تصنيف السودان، كدولة راعية للإرهاب» من قبل الأمم المتحدة ثم إن قدرة داعش على ترحيل أعضائه من السودان، إلى ليبيا والعراق وسوريا، يشير إلى تمكن التنظيم من الحصول على دعم لوجيستى.

أضف إلى ذلك ما تنشر الصحف السودانية بين الحين والآخر عمليات إحباط لتهريب البشر وآخرها ما نشرته شبكة الشروق بالخرطوم بتاريخ 14 سبتمبر 2017 فقد قالت قوات الدعم السريع التابعة للجيش السودانى، إنها أحبطت عملية جديدة لتهريب البشر استهدفت 21 أجنبياً بينهم خمس فتيات، على الطريق الغربى من العاصمة الخرطوم المؤدى إلى الصحراء. كما حذر خبراء من اتساع دائرة التجنيد لصالح داعش بالخرطوم والتى بدت بصورة منظمة ومرتبة للغاية ما يعنى وجود شبكات وجهات تعمل وفق خطط مدروسة لاصطياد المستهدفين خاصة الطلاب وصغار السن ومما يبرهن على ذلك ما نشره موقع الخرطوم 16 أغسطس 2015 حيث لقى أحد أبناء الرئيس العام السابق لجماعة أنصار السنة الراحل أبوزيد محمد حمزة «عبدالإله»، حتفه فى مواجهات مسلحة وقعت فى سرت الليبية معقل تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، حيث فجر عبدالإله أبوزيد محمد حمزة نفسه بسيارة يوم الأحد 16 أغسطس 2015

وطبقاً لمعلومات تحصلت عليها «سودان تربيون» فإن أشقاء القتيل فى الخرطوم نعوه، الأحد، حيث نقل «عبدالإله» متأثراً بإصابة بالغة وفارق الحياة فجرا قبل الوصول للمستشفى. وأكد أحد أقارب «عبدالإله» أن الشاب لقى حتفه بسبب مواجهة وقعت بين تنظيم الدولة الإسلامية ومجموعة أخرى لم يسمها، واعتبره تيار السلفية الجهادية على شبكات التواصل الاجتماعى «عبدالإله» من العناصر الفاعلة التى ساندت تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام - فرع ليبيا - مضيفا أن «الشهيد» هو أحد أنجال الشيخ السلفى أبوزيد محمد حمزة الداعية الشهير بالسودان. وتوفى أبوزيد محمد حمزة رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية جناح الإصلاح، فى مايو الماضى بأم درمان.

ولا شك أن الحدود المفتوحة والحرب الأهلية فى السودان، إضافة إلى المساحات الشاسعة والجماعات الداعمة التى تمثل الظهير لتك التنظيمات المتطرفة ساهمت فى جعل انتشار التطرف على الحدود الجنوبية لمصر، بل إن إقليم دارفور يعد منصة ومعسكر لتدريب وتأهيل تلك الجماعات التى تعتبر السودان نقطة تمركز تربط بين شرق أفريقيا حيث حركة الشباب الصومالية وجنوب القارة وغربها حيث تنظيم بوكو حرام بالإضافة إلى أذرع التنظيم الأم فى كل من ليبيا ومصر.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg