تعالت الأصوات خلال الأيام الماضية بالتحذير من لعبة «الحوت الأزرق» بعدما بات خطرها على الأطفال والنشء واضحا للجميع، وازدياد حالات الانتحار بسبب تلك اللعبة بين الشباب من الجنسين فى مصر وبعض بلدان العالم.. لهذا بادر الأزهر الشريف، عبر مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، بإيضاح موقف الشرع من تلك اللعبة وبيان خطورتها على الأطفال وحتى سن المراهقة وصولا للشباب من الجنسين.
«صوت الأزهر» ترصد خلال هذه السطور خطر لعبة الحوت الأزرق وتحريمها، والتحذير من الوقوع فيها من خلال آراء نخبة من أساتذة علم النفس والاجتماع والدين، ومعرفة الألعاب التى حرمها الأزهر..
حذر مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، من الألعاب التى تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعى وتخطف عقول الأطفال، وبخاصة لعبة «الحوت الأزرق»، موضحاً فى بيان له أنه تابع عن كثب ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعى من ألعاب تخطف عقولَ الأطفال، وتجعلهم يعيشون عالماً افتراضياً يعزلهم عن الواقع، وتدفعهم بعد ذلك إلى ما لا تُحمد عاقبته.
وتابع «الأزهر للفتوى الإلكترونية»: «ومن ذلك ما انتشر مؤخراً من لُعبة تُدعى «الحوت الأزرق» وما يماثلها، وتستهدف هذه اللعبة - بالأخص- أبناءنا وبناتنا من سن 12 إلى 16 عاماً تقريباً، وهذه اللعبة تبدو فى ظاهرها بسيطة، لكنها للأسف تستخدِم أساليبَ نفسيةً معقَّدةً تحرض على إزهاق الروح من خلال الانتحار، والذى سُجِّلت أعلى حالاته فى بلد المنشأ لهذه اللعبة وهى روسيا حيث تم تسجيل 130 حالة انتحار، وانتشرت اللعبة حتى وصلت إلى عالمنا العربى والإسلاميِّ». مضيفا أن الله سبحانه وتعالى نهانا عن ارتكاب أى شىء يهدد حياتنا وسلامة أجسامنا فقال: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً}.
وقدم مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية عدَّةَ نصائحَ لوقاية أبنائنا وبناتنا من الوقوع فى هذا المنزلق الخطير والتى تساعد فى بناء شخصيتهم والحفاظ عليهم، انطلاقا من دوره فى إرشاد الناس إلى ما فيه خيرهم، وتحذيرهم مما فيه ضررهم وتضمن، متابعة الطفل بصفة مستمرة وعلى مدار الساعة، بجانب مراقبة تطبيقات الهاتف بالنسبة للأبناء، وعدم ترك الهواتف بين أيديهم لفترات طويلة، وشغل أوقات فراغ الأطفال بما ينفعهم من تحصيل العلوم النافعة والأنشطة الرياضية المختلفة، والتأكيد على أهمية الوقت بالنسبة للطفل، بالإضافة إلى مشاركة الطفل فى جميع جوانب حياته مع توجيه النصح وتقديم القدوة الصالحة له، وتنمية مهارات الطفل، وتوظيف هذه المهارات فيما ينفعه والاستفادة من إبداعاته.
ومن النصائح أيضاً، ضرورة التشجيع الدائم للطفل على ما يقدمه من أعمال إيجابية ولو كانت بسيطة من وجهة نظر الآباء، ومنح الأبناء مساحة لتحقيق الذات وتعزيز القدرات وكسب الثقة، وتدريب الأبناء على تحديد أهدافهم، واختيار الأفضل لرسم مستقبلهم، والحث على المشاركة الفعالة والواقعية فى محيط الأسرة والمجتمع، وتخير الرفقة الصالحة للأبناء ومتابعتهم فى الدراسة من خلال التواصل المستمر مع المعلمين وإدارة المدرسة، وتنبيه الطفل على حرمة استخدام آلات حادة تصيبه بأى ضرر جسدى، وصونه عن كل ما يؤذيه؛ وذلك لقول رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ..»..
من جهته قال الشيخ أحمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن لعبة الحوت الأزرق محرمة شرعاً لما تتضمنه من تحديات خطيرة على المراهقين، فأول تلك التحديات للمشاركة فيها أن يرسم اللاعب الحوت على يده بآلة حادة ويرسلها للمشاركة فيها.
وأضاف وسام: ويصل المطاف إلى نهاية اللعبة بعد المستوى الـ 50 بقتل نفسه أو طعن نفسه أو قتل غيره من أقاربه وإن لم يفعل ذلك فإنهم يهددونه بافشاء أسراره أثناء خوضه التحديات، وأقل ما يقال عنها وصفها بالقذارة فضلا عما تسببه من أذى فإنه يحرم شرعا المشاركة فيها وممارستها، وننصح الشباب بأن يستثمروا أوقاتهم فى طاعة الله وما يفيد المجتمع.
وقال الدكتور محمد مبارك أستاذ علم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية بنات بالدقهلية جامعة الأزهر، إن لعبة الحوت الأزرق وغيرها من الألعاب الإلكترونية لا أحد يستطيع منعها أو حجبها إنما يمكن ملاحظة ومراقبة أولادنا بشكل جاد ومن ثم تقييم تصرفاتهم بشكل يومى وعدم تركهم بمفردهم بالغرف المغلقة مع أجهزة الحاسوب أو التليفونات الذكية ولا مانع من فحص أجهزتهم وما تحفظه من مواد أو موضوعات تعاملوا معها.
وأضاف مبارك: هناك مواقع لا تقل خطورة عن لعبة الحوت الأزرق مثل الدخول على مواقع غير اخلاقية أو التواصل مع الجنس الآخر بشكل يحرمه الدين وتأباه الأخلاق الفاضلة كذلك إهدار الوقت فمثلاً نجد بعض الشباب يمكث ربما أكثر من خمس إلى عشر ساعات على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل يؤثر على تحصيلهم للعلم أو يؤثر على نفسيتهم أو تكوينهم البيولوجى كالسمنة أو حتى النحافة أو على علاقاتهم الاجتماعية الطبيعية مع محيطهم الاجتماعى.
وتابع: فضلاً عن تضييع عباداتهم كالصلاة والذكر وغيرها، فالحل يتمثل فى قيام الأسرة بواجباتها تجاه أبنائها وتنشئتهم تنشئة اجتماعية ودينية ونفسية سليمة كذلك على مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالمدرسة والمسجد ومركز الشباب أو النادى وكل مؤسسات المجتمع أن تقوم بدورها المنوط بها لحماية شبابنا من مثل هذه المواقع المدمرة والمضيعة للوقت والجهد على اعتبار أن الشباب رأس مال بشرى مهم جدا.
وأردف قائلاً: لا بد من إطلاق حملات توعية وإرشاد للمراهقين لتنبيههم عن مخاطر تلك الألعاب وكذلك إطلاق برامج تليفزيونية حتى نحمى أطفالنا من هذه الألعاب التى تؤدى إلى قتلهم.
ومن جهتها، قالت الدكتورة أسماء عبدالعظيم استشارى الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، إن لعبة الحوت الازرق وغيرها من الألعاب التى تؤدى إلى الانتحار صممت خصيصاً للمراهقين من سن 13 إلى 18 سنة، وهى سن خطيرة تجعل المواهق دائما فى حالة فضول لمعرفة كل ما يجرى حوله فى العالم والمجتمع المحيط به.. فالمراهق يدخل بفضول لمعرفة اللعبة ومدتها 50 يوما ويبرمجه بعد 21 يوما حتى يكون مهيأ للاستجابة لأوامر اللعبة، ومصمم اللعبة عرف سيكولوجية المراهقة وكيف يسيطر على الأفراد.
وناشدت استشارى الصحة النفسية الأسرة مراقبة أبنائها قدر المستطاع، وعدم تركهم على الحاسب الآلى لمدد طويلة، كما ناشدت المجتمع إطلاق حملات على السوشيال ميديا لتوعية الأطفال.
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد فخرى أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس إن هذه الألعاب تستنفد الحالة الذهنية للمراهق، وتستنفد طاقته وكل جهوده العقلية، وندق كل أجراس الخطر ومن المهم مع الرقابة تدخل الدولة وأهمية أن يكون لها دور فيما يحدث وتتخذ عدة إجراءات لحماية أجيال المستقبل.
جدير بالذكر أن تلك اللعبة لم تكن الوحيدة التى بادر الأزهر الشريف بالإعلان عن رفضها حفاظا على النشء والشباب والأسرة، بل سجلت المؤسسة الدينية العديد من المواقف المعلنة على مرأى ومسمع الجميع، رفضها القاطع للعديد من الألعاب التى تستهدف ضياع الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
فقد حرم الأزهر الشريف شرعاً لعبة «البوكيمون جو»، مؤكداً أن تلك اللعبة تشكل خطورة بالغة، وبها الكثير من المفاسد. وأصبح الكثير من الأطفال والشباب يسيرون فى الشوارع يبحثون عن البوكيمون. وتصيب اللعبة بالإدمان الكامل لهذا النوع من التطبيقات الإلكترونية حيث تجعل اللاعب لا يقوم بممارسة أى نشاط بسبب الإرهاق الذهنى الذى يتعرض له خلال اليوم، وبالنسبة للأطفال فتصيب الطفل بالعزلة والانطوائية. فضلا عن أن هذه اللعبة تمثل تهديدا خطيرا للأمن القومى للبلاد.
وقد انتقد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، اللعبة بشدة، وقال إنها هوس ضار بحياة الناس؛ حيث تجعلهم يسيرون كالسكارى فى الشوارع يبحثون عن البوكيمون فى المحلات التجارية وأقسام الشرطة والمصالح الحكومية وبيوت الناس، وربما دور العبادة.
وأضاف شومان، فى تصريحات صحفية: «لا أعرف أين ذهبت عقول الأشخاص الذين يتبعون هذا الوهم حتى تجعلهم يعرضون حياتهم للخطر؛ سعيا وراء هذا العبث الملهي».
ومن الألعاب التى حرمها الأزهر الشريف «القمار الافتراضى» فقد قال الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى الأسبق إن لعبة البوكر (القمار الافتراضى) التى بدأت تجذب الشباب عبر الموقع الاجتماعى «فيس بوك» ما هى إلا نوع من الميسر والمقامرة المحرمة شرعاً معتبراً أنها إهلاك للوقت دون الحصول على قيمة.
ورد قطب على من يعتبر البوكر مجرد تسلية قائلا إن هذه اللعبة تخلق نوعا من الإدمان فى عملية الربح أو الخسارة فالرابح يريد المزيد والخاسر يريد التعويض، وهنا يبدأ القمار الفعلى.
نعمات مدحت