| 29 مارس 2024 م

أ.د. عباس شومان ..  أمين عام هيئة كبار العلماء: ولد الهدى

  • | السبت, 17 نوفمبر, 2018
أ.د. عباس شومان ..  أمين عام هيئة كبار العلماء: ولد الهدى
د. عباس شومان .. أمين عام هيئة كبار العلماء

مع كل إطلالة لشهر ربيع الأول تبدأ الأمة الإسلامية الاحتفال بميلاد خير خلق الله أجمعين، ورحمة الله للعالمين الذى قال عنه المولى عز وجل فى كتابه (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).

وتتفاوت طرق الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم بين ندوات الوعظ والإرشاد، وجلسات الذكر والمديح، وربما اكتفى كثير من الناس بشراء الحلوى لأولاده وأحبته، وكل ذلك خير ما دام فى إطار المشروع الذى يصل بالمحبين إلى القرب من الحبيب صلى الله عليه وسلم، غير أن خير احتفال بمولد الهادى صلى الله عليه وسلم هو تصحيح سلوكيات اختلت فى حياتنا وانحرفت بعيدا عن هذا العطاء الربانى، والنبع الصافى الذى جاء هداية للناس؛ فكثير ممن يحتفلون بميلاد النبى الهادى يزعمون محبته، وهو زعم ليس عليه من دنيا السلوك دليل، فالمحب -كما يقولون- لمن أحب مطيع، فهل أعمالنا تدل على محبتنا لرسولنا حقا؟

1- من كان محبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليجعل محبته فى قلبه أكثر من محبته لنفسه فما دونها، وهذا النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَيقُولُ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِى فَيقُولُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «لاَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِك.فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى.فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «الآنَ يَا عُمَرُ «

2-   ومن كان محبا لرسول الله فليحب وطنه فهل أحببنا وطننا حقا؟ وهل تصرفاتنا التى أدناها كبير وهو إلقاء القمامة والقاذورات فى طرق الناس، وأعلاها سفك الدماء وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة من حب الوطن الذى قال عنه من نحتفل بميلاده وهو يغادر مكة مرغما وفى عينيه الأسى والحزن لفراقها «ما أطيبك من بلدة وأحبك إلى ولولا أن قومى أخرجونى، ما سكنت غيرك» وبعد أن استوطن المدينة يسأل ربه أن يحببها إلى قلبه «اللهم حبب إلينا المدينة، كحبنا مكة وأشد»؟

3- من كان محبا لرسوله فليقم دولة الإسلام فى نفسه وبيته ومن يعول، فهل أقمنا دولة الإسلام التى تبدأ بإقامة أركان ديننا الخمسة فى أنفسنا لقوله - صلى الله عليه وسلم-: « بنى الإسلام على خمس: شهادة إلا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا».

4- من كان محتفلا برسولنا فليكن على خلقه الذى قالت عنه من هى أخبر به السيدة عائشة رضى الله عنها: «كان خلقه القرآن».ثم تلت  قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِى صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ. أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}.

5- من كان محتفلا برسوله: فليكن سمحا بين الناس{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، «رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى» {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.

6- من كان محتفلا بميلاد الحبيب فليتحمل مسئولياته، وليخلص فى عمله «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيّته، والرجل راع فى أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية فى بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع فى مال سيده، ومسئول عن رعيته».

7- من كان محتفلا بميلاد الهادى فليعظم حرمات الله، وإن من أعظم الحرمات حرمة الدماء والأموال والأعراض{ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِى الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}»كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه» «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل نفس مؤمنة».

8- من كان محتفلا بميلاد رسوله فليعرف للأقباط حقوقهم فى تشريعنا، وليتعامل معهم كما كان يعاملهم رسولنا القائل فى حق أقباطنا خاصة: «الله الله فى أقباط مصر فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة وأعوانا فى سبيل الله».

9- من كان محتفلا بميلاد الهادى فلا يروع الآمنين «من أشار لأخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه وإن كان أخاه لأبيه وأمه حتى ينتهى» فما بالكم بمن استخدم الحديدة معتديا بها، وما بالكم بمن يضعون المتفجرات فى طرق الناس وأماكن عملهم؟ أيوجد فساد فى الأرض أكبر من هذا؟ أيشك أحد فى دخول هؤلاء فى قول الحق: { إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

10- من كان محتفلا بميلاد رسوله فليكن إيجابيا كرسوله، ومن الإيجابية الاهتمام الإيجابى بقضايا الوطن والتفاعل معها بما يحقق الأمن والاستقرار «من لم يهتم لأمر المسلمين فليس منهم» فالمعلم والطالب والصانع والطبيب والمهندس والفلاح وغيرهم.....يعملون بجد واجتهاد لزيادة الدخل القومى ومكافحة الفقر والجهل والبطالة، والمرض، والداعية يبين صحيح الدين من غير مشقة ولا تكلف، والإعلام يبصر الناس بقضايا المجتمع، وينقل صورة حقيقية للأحداث من غير تزييف، ولا تهييج، ولا تطاول على الآخرين.

11- من كان محبا لرسوله فلا يؤذى الناس: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً»: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى اللَّه عنه».

طباعة
Rate this article:
5.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg