| 29 مارس 2024 م

التيسير..  منهج أرساه النبي

  • | الأحد, 18 نوفمبر, 2018
التيسير..  منهج أرساه النبي

 قال الدكتور جمال عبدالوهاب الهلفى عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين دسوق جامعة الأزهر إن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم كان حريصاُ على أمته رحيما بها، يدعو إلى مكارم الأخلاق وأيسر التكليفات، لا يعجبه التنطع، ويمقت التشدد،   يحب من  يسر على عباد الله ويدعو له، وعلم أصحابه كيف يميلون إلى التيسير فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، وَلَا تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عبَادَةَ اللَّهِ، فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضاً قَطَعَ وَلَا ظَهْراً أَبْقَى»،  ووجه صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُمَا وأخذ بيده يعيده إلى وسطية الدين، بعيداً عن المغالاة والتشدد  فقَالَ له  صلى الله عليه وسلم: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ؟» قال عبدالله  قُلْتُ: إِنِّى أَفْعَلُ ذَلِكَ، قَالَ: «فَإِنَّكَ، إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ، هَجَمَتْ عَيْنَاكَ، وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ، لِعَيْنِكَ حَقٌّ، وَلِنَفْسِكَ حَقٌّ، وَلِأَهْلِكَ حَقٌّ، قُمْ وَنَمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ». والنبى صلى الله عليه وسلم لم يبطل عليه عبادته، ولكن انتقض فيه المغالاة وأخذ نفسه بالشدة والانقطاع عن الدنيا بالكلية، فأعاده إلى المنهج القرآنى الذى يقول الحق تبارك وتعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِى الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)،  ثم بين صلى الله عليه وسلم أن ذلك من سنته التى يلتمسها المؤمن ويقتدى بها، فقد جاء عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: «جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ  يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ فَلَمَّا أُخْبِرُوا فَكَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا» قَالُوا: أَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ؟ قَدْ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ،  قَالَ أَحَدُهُمَا: أَمَّا أَنَا فَإِنِّى أُصَلِّى اللَّيْلَ أَبَداً، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنِّى أَصُومُ الدَّهْرَ أَبَداً وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَداً، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللهِ ، إِنِّى لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّى».

ويكمل: جاء التشريع  الإسلامى عن سيد الخلق سهلا فى مقدور الجميع لا يكلف الناس إلا بما يطيقون، قال تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا). ويوضح الهلفى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يختار الأيسر دائما ما لم يكن فى ذلك انتهاك حرمة أو تضييع فريضة  كما جاء عَنْ السيدة عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْماً فَإِنْ كَانَ إِثْماً كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وكان صلى الله عليه وسلم يدعو أصحابه إلى ذلك كما جاء فى صحيح البخارى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ لَهُمَا: «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا  وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا».

طباعة
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg