| 19 أبريل 2024 م

خلال احتفالية تكريم أوائل الشهادة الثانوية الأزهرية .. الإمام الأكبر لأبنائه الطلاب: لا ترهنوا عقولكم لدعاة الشر والتخريب وابتعدوا عن مغرياتهم

  • | السبت, 17 نوفمبر, 2018
خلال احتفالية تكريم أوائل الشهادة الثانوية الأزهرية .. الإمام الأكبر لأبنائه الطلاب: لا ترهنوا عقولكم لدعاة الشر والتخريب وابتعدوا عن مغرياتهم

أقام الأزهر الشريف احتفالية كبرى الخميس الماضى، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لتكريم أوائل الشهادة الثانوية الأزهرية للعام الدراسى (2017/2018)، وذلك بحضور فضيلة الإمام الأكبر والدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، والشيخ صالح عباس، وكيل الأزهر، والدكتور محمد حسين المحرصاوى، رئيس جامعة الأزهر، وعدد من علماء الأزهر، وقيادات التعليم فى الأزهر الشريف، وذلك بمركز الأزهر الدولى للمؤتمرات بمدينة نصر.

وقد قام فضيلة الإمام الأكبر والدكتور على عبدالعال بتسليم الطلاب جوائز التفوق، حيث تم تكريم الطلاب العشرة الأوائل من كل شعبة من القسم العلمى، والقسم الأدبى، والطلاب المكفوفين، بالإضافة لطلاب الشعبة الإسلامية.

ألقى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، كلمة بتلك المناسبة، مهنئا فيها الطلاب الذين حصدوا المراكز الأولى، ومرحبا بحضور رئيس مجلس النواب قائلا:  باسمِ الأزهر الشَّريف جامِعاً وجامعة، وبالنِّيابة عن بناتنا وأبنائنا أوائل الثانويَّة الأزهريَّة، وباسمى شخصياً أُرحِّبَ بمعالى الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، وأشكركم جزيل الشُّكر وأقدِّر تقديراً بالغاً اهتمامكم وحرصكم الأبوى الكريم على مشاركة أبنائكم وبناتكم أوائل الثانويَّة الأزهريَّة فرحتهم الغامرة بتفوقهم وحصـولهم على المراكـز الأولى، وتشجيعهم على تجديد العزم والإصرار على طلب العلم، والانخراط فى مرحلة جديدة من مراحل التعليم، وتحصيل المعارف فى شتى فروعها ومناحيها، مؤكدا على أن وجود رئيس مجلس النواب مع أبناء الأزهر يحمل إلى الأزهر سعادتين كبريين، سعادةً بتهنئتكم الشخصيَّة وتقديركم للمُتَميِّزين والمجتهدين مِمَّن سهروا وتعبوا وكإيبدوا من الشَّباب الجاد المنصرف بكل جهده ووقته وطاقته إلى استذكار دروسه والتطلُّع إلى التفوق والتميُّز، وسعادةً أخرى وكبرى هى ما تمثلونه من تهنئة الشعب المصرى بأكمله، وعلى رأسه سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية للمُتفوقين والمتفوقات من أبناء هذه المؤسَّسة العريقة التى تتسابق على التعاون معها كبريات جامعات الغرب والشرق.

 وقال فضيلة الإمام الأكبر فى كلمته: اسمحوا لى أيُّها السَّادة الأفاضل، أنْ أُبيِّن فى إيجازٍ شديدٍ أمرين يتعلَّقان بهذه المناسبة السعيدة: الأوَّل: لفت النَّظَر إلى أنَّ الطالب الأزهرى فى المرحلة الابتدائيَّة والإعداديَّة والثانويَّة يدرس كل المواد التى يدرسها الطالب فى مدارس التربية والتعليم، مادة مادة، وكتاباً كتاباً، ثم يتحمَّل الطالب الأزهرى عبئاً استثنائياً أثقل ورُبَّما أعمق دراسة، وهو: المواد الأزهريَّة فى المرحلتين: الإعداديَّة والثانويَّة، بقسميها: العلمى والأدبى، فهؤلاء الطُّلاب والطَّالبات الذين يجلسون أمامكم هم نوع استثنائى مُتميِّز: ثقافةً وعِلْماً ومعرفةً، وسِعَة اطلاع على علوم اللُّغَة والأدب وعلوم النَّقْل والعَقل معاً، مبنا أنه ولأننى درستُ هذين المنهجين حيث كنت طالباً بالقسم الثانوى من عام 1960م إلى 1965م من القرن الماضى. أُدرك حجم المعاناة التى يلقاها الطالب الأزهرى فى التعليم ما قبل الجامعى.

وتابع فضيلة الإمام الأكبر أن الأمر الثانى هو لفت نظر من عنده استعداد للنَّظرِ المنصف المتجرد إلى طبيعة منهج الأزهر التعليمى.. إنه - باختصارٍ شديدٍ أيضاً- منهج يحرص على دراسة الإسلام دراسة مجرَّدة خالصة لله وللعلمِ والحقِّ، وليست دراسة موجَّهة بأجنداتٍ أو سياساتٍ أو أموال موظَّفة لخدمة أغراض ومصالح ليست من العِلم لا فى قليلٍ ولا كثير، ثم هو منهجٌ يعتمدُ على ثقافةِ الحوار، وقبول الرأى والرأى الآخر، بل الآراء الأخرى، دون تكفير ولا تفسيق ولا تبديع، ما دام لهذا المذهب أو ذاك سند من كتابٍ أو سُنَّة أو إجماع أو قياس، مؤكدا على أن هذا المنهج التربوى الحوارى يُرسِّخ فى ذهنِ الطالب الأزهرى منذ طفولته مبدأ شرعيَّة الاختلاف منذُ اليوم الأوَّل فى دراستِه بالصَّف الأول الإعدادى، وحتى آخر يوم من دروس الصف الثالث الثانوى، حيث يختار كل طالب مذهباً من المذاهب الفقهيَّة المتعدِّدة يدرس ويتمعَّن فى رؤاه المختلفة، ويُدرِّب ذهنه ويهيئه لاستيعاب أكثر من رأى، وأن هذه الآراء رُغم تبايناتها الواسعة كلها صحيحة ومقبولة، ومنهج مُعتدل كهذا يُصاحِب طلاب الأزهر فى دراستهم على مدى سنواتٍ ست، وهم ما بين الثانية عشر والثامنة عشر من عمرهم، لاشكَّ يصيغ عقولهم ووجدانهم صياغة وسطاً تجنِّبهم الانغلاق والاستقطاب والوقوع فى براثن الفِكر المتشدِّد والمتطرِّف، والانغلاق فى مذهبٍ واحدٍ يَراهُ المتطرِّف هو المذهب الصَّحيح، وغيرهم باطل وضلال، ويرى المتمذهب به مارقاً من ربقة الإسلام، حلال الدَّم والمال والعرض.

وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى أننا لا نُنكر أن تاريخَ المسلمين قديماً وحديثاً قد ابتُلى بمذاهب مُنحَرِفة تجنح للعُنفِ والتَّشَدُّد والتطرُّف، وتكفير المذهب أو المذاهب المخالفة، ولكن من الجهل الفادح أن يقال: إن هذا الانحراف هو السمة الغالبة على تُراث المسلمين لأن الأمانة العلميَّة والتاريخيَّة تُحتِّم القول بأن هذه المدارس أو المذاهب المتشدِّدة مثلت شذوذاً فى تاريخ هذا التراث العظيم، وأنها قد تطفو على السطح حيناً من الدَّهر وتتسلَّط على البُسطاء من العامَّة والدهماء، لكنها سُرعان ما تسقط وتنهار بكِّل ما أُنْفِقَ عليها من ثروات ودنانير الذَّهب ودراهم الفِضَّة. بناتى وأبنائى أُكَـرِّر تهنئتى لكم على تفوقكم، وعلى اجتيازكم المرحلة الثانويَّة ووصولكم إلى المرحلة الجامعية.

فيما وجه الإمام الأكبر نصيحة أبوية لأبنائه الطلاب الأوائل، قائلا: وإن كانت لى من نصيحة أبوية فى هذه المناسبة فهى بعد تقوى الله عز وجل فى السِّر والعلانية، أن تعتصموا بالأخلاق، وتتحلوا بالعلم، وأنبِّهكم إلى زيادة الجد والعمل، وألا ترهنوا عقولكم لدُعاة الشر والتخريب وابتعدوا عنهم وعن مغرياتهم المادية والخِدْميَّة بُعد الطَّيِّب من الخبيث، وتذكَّر دائماً أن أُسرتكَ أرسلَتك للعلم، والتفرُّغ لتحصيله آناءَ اللِّيل وأطراف النهار، واحرصوا على أوقاتكم ولا تضيعوها فى الثرثرة والأحاجى والسَّهر فيما يضر ولا يفيد. واعلموا أنكم إن أعطيتم العلم كل وقتكم فسوف يعطيكم بعضه فقط، وإن أعطيتموه بعضكم فلن يعطيكم شيئاً.

وألقى الشيخ صالح عباس وكيل الأزهر الشريف،  كلمة له خلال الاحتفالية، أكد خلالها على أن فضيلة الإمام الأكبر يعتز بمنهجه الأزهرى عقيدة وشريعة وأخلاقا ويسعى للنهوض بالتعليم الأزهرى، ولذلك جاء قرار فضيلته بتطبيق النظام التعليمى الجديد فى معاهدنا والاستفادة من الجهود الإصلاحية التى تبذلها الدولة لتطوير التعليم، موضحاً أن قطاع المعاهد الأزهرية يسعى لتعزيز استخدام الأدوات التكنولوجية فى العملية التعليمية لخلق جيل مبدع ومبتكر، ينافس فى سوق العمل محلياً وإقليميا ودوليا، وذلك من خلال شراكة مثمرة مع وزارة التربية والتعليم، مع مراعاة ما يتمتع به الأزهر من خصوصية متفردة على مدار تاريخه العريق.

وأضاف وكيل الأزهر فى كلمته، أن الدولة تولى أهمية مستحقة للتعليم، تدعمها قيادة سياسية حكيمة تسعى لبناء وطننا الغالى وتدرك جيدا قيمة العلم فى تقدم الأمم ورقيها باعتباره السبيل الأوحد لإنهاء الأزمات وتحويل التحديات إلى فرص تنطلق منها نحو آفاق رحبة، مشددا على أن فضيلة الإمام الأكبر يبذل جهودا ملهمة ويتبنى مبادرات مثمرة ترتكز على السلام والأخوة الإنسانية، وتنطلق لمد جسور الحوار والتفاهم بين الناس على اختلاف دياناتهم وثقافاتهم بمنهج رصين يترجم روح الإسلام بقيمه السمحة ويربى طلابنا على شريعة الاختلاف والتعددية الفكرية وقبول واحترام الآخر ويزرع فيهم حب الوطن.

وأوضح الشيخ صالح عباس، بأن منظومة التعليم الأزهرى شهدت تطورا كبيرا فى السنوات الأخيرة، سواء فيما يتعلق بتحديث المناهج التعليمية أو ضبط الامتحانات، لافتا إلى أن فضيلة الإمام الأكبر أعطى أولوية لتطوير المناهج، وكان يراجعها بنفسه، وفى هذا الإطار جاءت «مادة الثقافة الإسلامية» فأسهمت فى تحصين عقول أبنائنا من الفكر الضال.

فيما ألقى الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، خلال مشاركته بالاحتفالية، كلمة أكد خلالها سعادته وامتنانه بالوجود مع طلاب الأزهر المتفوقين للعام الثانى على التوالى، للاحتفال بتكريم تلك الكوكبة النيرة من أوائل الثانوية الأزهرية للعام الدراسى 2017/2018، ولنعبر عن تقديرنا البالغ لما بذلوه من جهد ومثابرة، ولما أبدوه من تفوق ونبوغ، ولنقول لهم إن مصر والأزهر ينتظران منكم الكثير والكثير، وتقع على كاهلكم مسئولية عظيمة، فأزهركم العريق، ذو الألف عام، هو محط آمال وتطلعات المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، كى ينهلوا من منهجه الوسطى المعتدل، ويستمدوا منه تعاليم دينهم، وفقاً لفهم تجديدى مستنير، يقبل الاختلاف ويحترم التنوع، بعيداً عن دعوات التشدد والتكفير والانغلاق على الذات.

وأشار رئيس مجلس النواب إلى أن عالمنا المعاصر يشهد سباقاً محموماً نحو امتلاك زمام العلم والمعرفة، وقد أصبحت قوة أى دولة تقاس بما يسطره علماؤها من أبحاث وما يسجلونه من براءات اختراع، وما تنتجه مصانعها من تكنولوجيا متطورة، وهو ما يجعل سعى مصر الحبيبة نحو تطوير منظومة التعليم وتأهيل طلابنا وفقاً لأحدث الأساليب العالمية، من الأمور بالغة الأهمية، ولقد أدرك الرئيس عبدالفتاح السيسى أهمية العلم والعلماء، فعمل على التوجيه بتطوير مناهج التعليم وإعداد المعلم والنهوض بالبحث العلمى وسن التشريعات التى تيسر ذلك وتحظى بدعم وأولوية مطلقة لدى كل مؤسسات الدولة، مشددا على أنه لا يفوت فى هذا السياق أن أوجه التحية إلى فضيلة الإمام الأكبر على ما يوليه من اهتمام ورعاية لتطوير العملية التعليمية فى الأزهر الشريف، فى مختلف مراحلها، ومن جوانبها كافة.

وأكد رئيس مجلس النواب خلال كلمته بالاحتفالية على أن الأزهر الشريف قد شهد فى السنوات الأخيرة سعياً حثيثاً، ومقدراً، نحو التجديد والتطوير، كما وقف علماؤه وأبناؤه فى الصفوف الأولى لمواجهة دعوات التطرف والإرهاب، التى أراد البعض إلصاقها بديننا الحنيف، لكن رجال الأزهر كانوا لهم بالمرصاد، مفندين أفكارهم المغلوطة وشبهاتهم الباطلة، ومدافعين ببسالة ووعى عن وحدة النسيج الوطنى لشعب الكنانة، مؤكدا على أنه ليست مصر وحدها التى تعول بشدة على الأزهر ورجاله فى حربها ضد الإرهاب وفلول عصاباته، بل إن العالم بأسره لن يربح معركته ضد تلك العصابات بدون الأزهر وعلمائه ومناهجه، ولعلكم يا فضيلة الإمام تلمسون ذلك عن قرب فى جولاتكم الخارجية، وتلاحظونه من خلال زيارة الكثير من الوفود الأجنبية لمشيخة الأزهر، ليحيطوا بجهوده ومبادراته الناجعة فى مواجهة ذلك الداء الخبيث..

فيما اختتمت الاحتفالة بتوزيع الجوائز على الطلاب العشرة الأوائل من كل قسم، بالإضافة لتكريم الطالبين المصريين الفائزين بمشروع تحدى القراءة العربى، وهما الطالبة ريم محمد يوسف، الطالبة بمدرسة مجمع رخا التجريبى للغات، التابعة لإدارة بيلا التعليمية بمحافظة كفر الشيخ، والطالب الأزهرى خليل أمين إبراهيم بيومى، الطالب بالصف الثانى الثانوى بمعهد العلوم الإسلامية بالأزهر الشريف.

طباعة
الأبواب: أخبار
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg