| 23 أبريل 2024 م

محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب: السراب في تجديد الخطاب

  • | الإثنين, 26 نوفمبر, 2018
محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب: السراب في تجديد الخطاب
محمد مصطفى أبو شامة

فى كل مناسبة دينية، يذكر الرئيس عبدالفتاح السيسى الحضور والجمهور برغبته فى تجديد الخطاب الدينى وإصلاحه كى تتكامل جهود الدولة فى مكافحتها للإرهاب، باستخدام قوتيها المؤثرتين فى هذه الحرب، القوة الغاشمة (العسكرية)، والقوة الناعمة (الفكرية)، ورغم كثرة التكرار الرئاسى وما يقابله من جهد عظيم تبذله المؤسسات الدينية المصرية وفى مقدمتها الأزهر الشريف بكل آلياته وهيئاته وأجهزته مع جهد ملموس لوزارة الأوقاف ودار الإفتاء، إلا أن الرئيس ما زال يلح فى طلبه راجياً علماء الأمة وشيوخها أن يبذلوا مزيدا من الجهد لينقذوا المصريين والمسلمين ويخرجوهم من جب التخلف وكهف الأفكار الظلامية وفتاوى الرجعية.

هذا ما أكده الرئيس فى كلمته التى جاءت خلال احتفال وزارة الأوقاف  بمناسبة المولد النبوى الشريف، حيث قال: «ورغم جهود هؤلاء العلماء والأئمة والمثقفين، ودورهم المحورى فى هذه المعركة الفكرية والحضارية، إلا أننا نتطلع إلى المزيد من تلك الجهود لإعادة قراءة تراثنا الفكرى، قراءة واقعية مستنيرة، نقتبس من ذلك التراث الثرى ما ينفعنا فى زماننا ويتلاءم مع متطلبات عصرنا وطبيعة مستجداته، ويسهم فى إنارة الطريق لمستقبل مشرق بإذن الله تعالى لوطننا وأمتنا والأجيال المقبلة من أبنائنا. دعونا ننقذ العقول من حيرتها، وننبه النفوس عن غفلتها، وننشر المفاهيم الحقيقة السمحة للإسلام. احرصوا على غرس القيم الإنسانية السامية فى القلوب والأذهان، لننبذ العنف والكراهية والبغضاء».

وبالغ زملاء أعزاء من الصحفيين والإعلاميين كعادتهم عقب كل حديث رئاسى عن التجديد الدينى، فى طرح رؤاهم الفكرية وانبرى منهم ثائرون ضد جمود المؤسسة الدينية، وطرح البعض تفاصيل «خطته الجهنمية لإنقاذ الأمة الإسلامية»، وأندفع آخر ليشعل مزيدا من الجدل حيث كتب - «فقه الرئيس»، عنواناً زين به صدر الصفحة الأولى لصحيفته. لم نكن فى حاجة لمثل هذا النفاق المبتذل، ونحن نعيش فى ظل أجواء نبوية كريمة نحتفل بذكرى أشرف الخلق، الذى لم يتطوع يوماً أى من صحابته الكرام أو التابعين أو أى من المسلمين ليقول لنا: «فقه النبى».

لقد تحول «حديث التجديد» عند الإعلام المصرى، إلى مناسبة لخلط الأوراق ونثر بذور النفاق فى أمر يستحق الجد، ولا يحتمل الهزل، وأخشى ما أخشاه أن يستمرئ المبتذلون الثرثرة فيما لا يفقهون، فيحدثوا فتنة فكرية غير محمودة العواقب، ويتحول أمر «تجديد الخطاب» أخطر قضايانا المعاصرة.. إلى سراب.

وإذا جاز لى أن أنصح مؤسسة الرئاسة المصرية، فإنى أطالب الرئيس بأن يتدخل شخصيا فى الأمر ويصدر قراراً بتشكيل لجنة عليا لتجديد الخطاب الدينى تتشكل من شخصيات عامة مدنية ودينية ويحاط عملها بالسرية ولا يخضع لأى نقاشات مجتمعية أو إعلامية حتى تنتهى من عملها، ويوضح فى القرار المعنى المقصود بالتجديد والإصلاح، وأهداف هذا التجديد فى نقاط واضحة، وتكليف محدد بمدة زمنية مناسبة، وأن يشمل الإصلاح والتجديد كل الأديان السماوية، فمصر مصدر إشعاع حضارى لا يصح أو يليق أن يتوقف دوره عند حدود دين واحد، على أن تقدم أعمال هذه اللجنة كمقترحات توضع حيز التنفيذ من قبل كل المؤسسات الدينية العاملة داخل مصر، وترسل إلى كل المؤسسات الدولية المعنية وتسجل كورقة عمل تحمل اسم مصر وتطرح رؤيتها لتطوير الخطاب الدينى فى العالم.

وقتها فقط سيتحول حلم التجديد إلى حقيقة وواقع نلمسه.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
.5

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg