| 19 أبريل 2024 م

شراكة كاملة فى التعليم والبحث العلمى

10 آلاف معهد أزهرى و88 كلية تخدم مجالات التعليم بمختلف أنحاء الوطن

  • | السبت, 8 ديسمبر, 2018
شراكة كاملة فى التعليم والبحث العلمى

مراكز بحثية بالجامعة هدفها وضع مصر على خريطة البحث العلمى فى العالم

منذ إنشاء الجامع الأزهر الشريف اضطلع بدور تنويرى وتثقيفى عظيم للأمة الإسلامية حتى أصبح قبلة العلم التى تشد إليها رحال طالبيه من جميع أرجاء العالم للتزود من علومه، وبهذه الميزة يظل الأزهر المحافظ على وسطية الإسلام، ومحاربة التطرف والتشدد والغلو، فأرسى دعائم الوسطية، وأنشأ المعاهد، وأسس لجامعته العريقة، فتخرج من بين جدرانه علماء أجلاء، خدموا الوطن، وأدوا رسالته، ولايزال حتى يومنا هذا يقوم بإنشاء المعاهد وافتتاح الكليات، برعاية الدولة، ويقوم بتدريس العلوم الشرعية الوسطية للطلاب، فيتخرج فيه الآلاف ممن يحملون مشاعل الوسطية ويحاربون التطرف، ويخدمون الوطن..

التعليم قبل الجامعى

وانطلاقا من العلاقة التكاملية بين الأزهر الشريف والدولة المصرية، فقد قدم للدولة عدة إسهامات خاصة فى ملف التعليم قبل الجامعى، حيث فطن الأزهر منذ قرون طويلة إلى أن التعليم هو أساس نهضة الأمم وتقدمها، ولأنه العامل الأساسى لبناء مواطن قادر علميا وفكريا على المشاركة فى بناء الوطن، فقام بتأسيس العديد من المعاهد الأزهرية التى تشتمل على معاهد رياض أطفال، ومعاهد نموذجية، ومعاهد خاصة، ومعاهد ابتدائية، ومعاهد إعدادية، ومعاهد ثانوية، ومعاهد قراءات، ومعاهد للوافدين بمدينة البعوث الإسلامية، وذلك للبنين والبنات، وصل عددها إلى ما يزيد على عشرة آلاف معهد، منتشرة فى نجوع وقرى ومدن مصر، شمالا وجنوبا، بجانب المعاهد الأخرى المنتشرة ببعض المحافظات كمعاهد الشعبة الإسلامية، بالإضافة لمعهد الشعبة الإسلامية الجديد بالقاهرة الجديدة، والذى بدأ العمل به منذ العام الماضى، ومن بين تلك المعاهد الأزهرية ما يزيد على 500 معهد أزهرى حاصل على شهادة الضمان والجودة من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، وأغلب تلك المعاهد قد مر على اعتمادها أكثر من خمس سنوات، وهو ما يؤكد على أن معاهد الأزهر الشريف حصلت على الجودة والضمان منذ سنوات، وكانت سباقة فى تلك الخطوة، فيما تأتى باقى المعاهد الأزهرية فى طريقها للحصول على الجودة والتميز بحسب البروتوكول الموقع بين الأزهر الشريف وهيئة ضمان وجودة التعليم.

ويدرس الطلاب فى المعاهد الأزهرية عددا من المواد الشرعية والعربية، بجانب المواد العلمية، ويأتى القرآن الكريم كمادة أساسية، ويشترط على الطالب المتقدم للأزهر أن يحفظ شيئا من القرآن الكريم، ويتدرج حفظ القرآن الكريم على مدار السنوات الدراسية، ويكون التركيز فى حفظه منذ الصف الأول الابتدائى، حتى الانتهاء من المرحلة الثانوية، فيكون قد حفظ ووعى القرآن الكريم كاملا، ثم يدرس المواد الشرعية بما فيها الفقه والحديث والتفسير، ويعتمد الأزهر فى تعليمه الطلاب على الوسطية والاعتدال، حتى يتخرج الطالب الأزهرى وقد تأسس على الوسطية والاعتدال، ومواجهة التطرف والتشدد والغلو، ويتخرج من الأزهر فى كل عام الآلاف من الطلاب الحاملين رسالة الوسطية، ويقدمون للوطن كل ماتعلموه فى الأزهر، فيتخرج الطبيب والمهندس والكيميائى والمعلم والمحاسب والإعلامى والمفكر والمؤرخ والداعية المتحصن بالوسطية والاعتدال، والمدافع عن الوطن.

وقد بدأ الأزهر الشريف فى ملف التعليم مبكرا جدا، حتى إنه كان أول نظام تعليمى عرف فى مصر، فمنذ أن تأسس الجامع الأزهر فى عهد الفاطميين، ثم تحول على يد القائد صلاح الدين الأيوبى لتدريس المذهب السنى، وهو يؤدى دور المؤسسة التعليمية، فظل الأزهر الشريف قبلة الطلاب الذين يرغبون فى تعلم المواد الشرعية والعربية من كل حدب وصوب، فإليه يرد الطلاب على الأساتذة لينهلوا من علمهم، فقدم الأزهر الشريف للوطن علماء فى جميع الميادين ممن تعلموا فى رحابه، وتبحروا فى مختلف العلوم والفنون، وتفقهوا فى علوم الدين والشريعة، فكانوا أعلاما نابهين فى مختلف الميادين العلمية والسياسية والفكرية، ولهم اسهامات واضحة فى خدمة الوطن، فمن هؤلاء الذين تعلموا فى الأزهر قائد النهضة العلمية فى مصر رفاعة الطهطاوى والزعيم سعد زغلول، وأحمد لطفى السيد الفيلسوف المصرى ورائد من رواد حركة التنوير فى مصر، وشهاب الدين النويرى المؤرخ المصرى الكبير، وعبدالرحمن الجبرتى المؤرخ الإسلامى المعروف الذى وضع كتابه المعروف بـ«تاريخ الجبرتى»، والمناضل السياسى والزعيم الشعبى الأزهرى عمر مكرم.

وفى العام 1872م، وتحديدا فى عهد الخديو إسماعيل، بحسب المصادر والمراجع التاريخية،  جاءت الخطوة الكبرى فى تطوير التعليم الأزهرى، حيث صدر قانون من أجل تنظيم حصول الطلاب على شهادة العالمية للتأكيد على أن الطالب قد تخرج فى الأزهر الشريف، وتم تحديد المواد الدراسية بإحدى عشرة مادة، جمعت ما بين العلوم الدينية والعربية، كالفقه والأصول والحديث والتفسير والتوحيد والنحو والصرف والبلاغة والمنطق، ويكون حصول الطالب على النتيجة مرهونا بنجاحه فى امتحان يقدم له فى نهاية العام على الطريقة التالية، وذلك بأن يوضع الطالب موضع المدرس، ويصبح ممتحنوه فى موضع الطلبة، فيلقى الأول درسه ويناقشه الآخرون فى مختلف فروع العلوم نقاشا مستفيضا، بعدها يتم الحكم على مستواه العلمى وحصوله على الشهادة التى تثبت تخرجه فى الأزهر الشريف.

ومع مطلع القرن العشرين، صدر قانون تطوير التعليم فى الأزهر، واستمرت مسيرة الأزهر العلمية، بجهد علمائه كأمثال الشيخ حسن النواوى، والشيخ محمد عبده والشيخ المراغى، ادخلت بعض الإصلاحات على التعليم الأزهرى، وتم سن عدة قوانين بموافقة الدولة وقتها، وذلك بهدف تطوير التعليم فى الأزهر، نتج عنها إنشاء جامعة خاصة فى الأزهر الشريف تضم كليات الشريعة واللغة العربية وأصول الدين، وتأسيس مدارس تتبع الأزهر الشريف تعرف باسم معاهد الأزاهرة تقبل الطالب الذى يرغب الدراسة فى الأزهر من سن خمسة عشر عاما، بشرط الإلمام بالقراءة والكتابة وحفظ بعض من القرآن الكريم، واعتبر ذلك نقلة قوية فى التعليم الأزهرى، حيث استطاع الأزهر أن يكون محورا قويا لمنظومة التعليم الحديث، محافظا ومعظما دوره الرئيسى فى الحفاظ على وسطية الإسلام، ونشر الفكر والتشريع الإسلامى من خلال خريجيه فى مختلف العلوم والميادين، قدموا الكثير من أجل الوطن، ولايزال التاريخ يذكرهم حتى يومنا هذا بأنهم أعلام فى مجالاتهم.

كما تم فى ذلك القانون تأليف مجلس عال لإدارة الأزهر برئاسة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وعضوية كل من مفتى الديار المصرية، وشيوخ المذاهب الحنفى والمالكى والحنبلى والشافعى، واثنين من الموظفين بالأزهر، وتم تقسيم الدراسة لثلاث مراحل: أولية وثانوية وعالية، ومدة التعليم فى كل منها أربع سنوات، يمنح الطالب الناجح فى كل مرحلة شهادة معتمدة، وفى عهد الإمام سليم البشرى، الذى تولى المشيخة مرتين، تم تشكيل أول مجلس إدارة للأزهر، تلاه صدور القانون خاص ينظم الدراسة وجعل لها مراحل، ووضع شروطا لقبول الطلاب، وحدودا للعقوبات، وكذلك وضع نظاما للامتحانات، والحصول على الشهادات، وأنشئت عدة معاهد فى المدن المصرية كان منها المعهد الأحمدى فى طنطا، ومعهد حسين رشدى فى أسيوط.

وفى يوليو من العام 1961م، وتحديدا فى عهد الإمام الراحل الشيخ محمود شلتوت، أصدر الرئيس جمال عبدالناصر القانون رقم 103 بشأن إعادة تنظيم وتطوير الأزهر، والذى اعتبر الأزهر الشريف هيئة علمية إسلامية كبرى، تقوم فى المقام الأول على حفظ التراث الإسلامى، ودراسته، وتجليته، ونشره، وخص القانون الأزهر الشريف، بالإشراف الكامل للمعاهد الأزهرية وذلك لإمداد جامعة الأزهر بخريجين حاصلين على قدر مناسب من المعرفة الإسلامية، وتدرس مناهجها على العلوم الدينية، وخول القانون للأزهر الشريف إنشاء تلك المعاهد الأزهرية بحسب ما يراه مناسبا.

ثم انتشرت المعاهد الأزهرية فى مختلف ربوع وأنحاء الجمهورية، حتى قدر عدد المعاهد الأزهرية المنتشرة فى مصر بما يزيد على عشرة آلاف معهد، متنوعة ما بين النموذجية ورياض الأطفال والإعدادية والثانوية والشعبة الإسلامية، ومنها معاهد للبنين ومعاهد أخرى للبنات، وتستقبل تلك المعاهد فى كل عام ما يزيد على 120 ألف طالب وطالبة، بمختلف المراحل والمعاهد الأزهرية، يتلقون فيها العلوم الأزهرية الوسطية المعتدلة، وبذلك يكون قد أسهم الأزهر الشريف فى ملف التعليم إسهاما كبيرا، لاسيما وأن التعليم الأزهرى اليوم أصبح أكثر تطورا ومسايرة لمستجدات العصر، مما جعله أكثر طلبا، وقد أصدر الإمام الأكبر فى مطلع العام الحالى قرارا بتشكيل مجلس مختص لتطوير التعليم الأزهرى ما قبل الجامعى، وذلك بهدف مسايرته للمستجدات العصرية والحياتية.

التعليم الجامعى

من أبرز العلاقات التكاملية بين الأزهر الشريف والدولة، ما قدمه لخدمة الوطن وأبنائه، وذلك بإنشائه لجامعة الأزهر الشريف، حيث تعد جامعة الأزهر الشريف من أقدم الجامعات الإسلامية فى العالم، فهى المؤسسة الدينية العلمية الإسلامية العالمية الأكبر فى العالم، وهى ثالث أقدم جامعة فى العالم بعد جامعتى الزيتونة والقرويين،  وتعد جامعة الأزهر اليوم قبلة طلاب العلم من مختلف أنحاء العالم، لما تزخر به من وجود كليات لا نظير لها فى أى جامعة أخرى فى العالم، حيث تضم جامعة الأزهر 77 كلية رئيسية، وكل كلية لديها فروع مماثلة بمختلف المحافظات المصرية وذلك بفروعها فى قطاعات العلوم الثلاثة «العلوم الإسلامية والنظرية والعملية»، وتقدم خدماتها التعليمية لأكثر من خمسمائة ألف طالب وطالبة، وتنتشر كليات الجامعة فى أكثر من فرع منها فرع القاهرة، وفرع البنات، وفرع الوجه البحرى، وفرع الوجه القبلى، وتوجد كليات منتشرة فى أكثر من ست عشرة محافظة من محافظات مصر، لخدمة أبناء الوطن، وتوفر الجامعة الإقامة للطلاب المدن الجامعية، أضف إلى ذلك كله، ما تقدمه الجامعة للطلاب الوافدين من مختلف دول العالم، ووجود مدينة متكاملة لإعاشة الطلاب الوافدين.

وكانت البذرة الأولى لإنشاء جامعة الأزهر قد غرست فى عام 1930، وذلك فى عهد الإمام محمد الأحمدى الظواهرى، وذلك بعدما صدر قانون 49 لسنة 1930، الذى كان قد أعده الشيخ المراغى، والذى بمقتضاه تحددت مراحل التعليم الأزهرى فى وجود معاهد للمرحلة الابتدائية، ثم المرحلة الثانوية، ثم المرحلة الأخيرة وهى مرحلة الجامعة، وقد انشئت فى بادئ الأمر بثلاث كليات للشريعة الإسلامية، وأصول الدين، واللغة العربية، وكانت مدة الدراسة بكل منها أربع سنوات، ثم تخصص مهنى مدته سنتان فى القضاء الشرعى والإفتاء، وفى الوعظ والإرشاد، وفى التدريس، ثم تخصص المادة لمدة خمس سنوات، تؤهل الناجح للحصول على العالمية مع درجة أستاذ، وصارت جامعة الأزهر هيئة من ضمن هيئات الأزهر الشريف، وتختص بالتعليم العالى بالأزهر.

وفى عام 1961م، بعد صدور القانون الجديد،  الذى أصدره الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، تطور التعليم فى الجامعة، حيث تم التوسع فى الكليات ونوعياتها وتخصصاتها، حيث ضمت الجامعة لأول مرة بجانب الكليات الشرعية والعربية، كليات علمية متخصصة فى الطب وطب الأسنان والصيدلة والعلوم والتربية والهندسة، والتجارة، والإعلام، واللغات والترجمة، فى مقابل أن يدرس طلاب تلك الكليات مواداً شرعية وعربية بها،  وعلى مدار السنوات الأخيرة وفى عهد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، عندما كان رئيسا لجامعة الأزهر عمل على النهوض بالجامعة فى مختلف المجالات، وبخاصة جودة التعليم، كما طور كثيرا من استراتيجية البحث العلمى بالجامعة، وذلك لخدمة الوطن فى مجال الأبحاث العلمية بما تشمله الجامعة من مجالات مختلفة، فى الطب والصيدلة والعلوم والتربية، وقدمت الجامعة لمصر كثيرا من الأعمال البحثية التى خدمت الوطن كأبحاث الطب فى التخصصات المختلفة، وأبحاث الدواء والبحوث السكانية، وأبحاث البلازما، والأبحاث المتخصصة فى العلاج بالخلايا الجذعية.

كما قام فضيلة الإمام الأكبر عندما كان رئيسا للجامعة باستصدار قرار بتشكيل لجنة هدفها الأول تطوير التعليم بالجامعة، فاهتمت كثيرا بالتعليم وقامت بتعزيز نشاط وحدة نظم المعلومات والشبكات فى تحديث الجامعة وتجهيزها بنظم الاتصالات الحديث، وبعد أن تولى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مشيخة الأزهر الشريف، عمل على تطوير التعليم الأزهرى بشقيه ما قبل الجامعى والجامعى، وعمل على تطوير وتجديد المناهج بأفضل الأساليب لمواكبة التغييرات الحياتية، والتطورات العصرية، كما دخلت الجامعة مجال التنافس مع الجامعات العالمية لتدريب أعضاء هيئات التدريس على أحدث الاستراتيجيات العالمية، منها على سيل المثال وليس الحصر، البروتوكول الموقع بين جامعة الأزهر، والمجلس الثقافى البريطانى لمساعدة الجامعة فى تطوير اللغة الإنجليزية ونشر ثقافة الجودة، وحصول كليات الجامعة على العديد من شهادات الضمان والجودة فى مجال التعليم، وذلك بهدف تبوؤ الدولة المصرية المراتب المتقدمة فى جودة التعليم والبحث العلمى.

حسن مصطفى

طباعة
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg