| 20 أبريل 2024 م

رئيس التحرير.. يكتب: فريضة الاجتهاد الجماعي

  • | الخميس, 13 ديسمبر, 2018
رئيس التحرير.. يكتب: فريضة الاجتهاد الجماعي
أحمد الصاوي .. رئيس تحرير جريدة صوت الأزهر

لا يتخلف الأزهر الشريف عن مسئوليته التاريخية فى تجديد الفهم الدينى، واستعادة ما تم اختطافه من مفاهيم على أيدى المتطرفين، وما يحاول متطرفون على الضفة الأخرى قطعه واستئصاله من العقل المسلم، ويتحرك فى هذا المجال وفق عقيدة ثابتة ورشيدة تسعى دائماً للتوفيق بين النص والعقل، وبين تراث مقدر لكنه غير مقدس يُؤخذ منه ما يصلح، وبين مقتضيات العصر.

ومن قبل أن يجرى الحديث عن التجديد على منصات كثيرة، ومن بعدها أيضاً والأزهر يضطلع بدوره فى عملية تغيير العقول ومصادمة تطرف المتشددين وتطرف المبددين على السواء، وهو دور تسارعت وتيرته مع تسارع وتيرة التاريخ، الذى أراد أن يلهث الناس خلفه اعتباراً من أول العقد الحالى، فكان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب فى قلب هذه التحولات صامداً لا يدافع فقط عن الأزهر الشريف ومكانته ودوره الذى تعرض لهجمة شرسة تسعى لانتزاعه من جذوره وتغيير دفته ومنهجه من التنوع والتعدد إلى الأحادية والجمود، وإنما للدفاع عن الدولة والوطن وعن هوية المصريين ودينهم السمح وعن الآخر وحقه فى الاعتقاد والتعبد، فكانت وثائقه بكل معايير التجديد تعزيزاً لفهم إسلامى مستنير لقضايا الدولة والمواطنة والآخر والمرأة والإبداع والحرية، تواصلت مع حركة دءوبة لدعم السلام والتعايش ومواجهة التطرف وفضح اختطاف مفاهيم الجهاد والقتال والكفر، للتأكيد من جديد على أنه لا قتال فى الإسلام إلا لرد العدوان، ولا حق فى رفع السلاح إلا للدولة، ليستقر عند مفهوم منفتح للأخوة الإنسانية والتعايش، ينطلق من كلمته المأثورة: «هذا التعدد الدينى مشيئة الله، وواهم من يعتقد أنه يمكن أن يجمع الناس على دين واحد لأنه بذلك يتحدى مشيئة الله»، لينسف نسفاً كل ما بنى عليه التطرف منهجه فى استباحة الآخر واستحلال دمه. وتوثيق كل هذا الفهم فى مناهج يدرسها الصغار والكبار داخل الأزهر الشريف يتيحها لكل من أراد أن يقرأ ويعرف.

ولعل رعاية الإمام الأكبر لمؤتمر هيئة كبار العلماء العالمى فى أبريل المقبل تأكيد على منهجه، فى تحويل دعوات التجديد إلى عمل مؤسسى لا ينفرد فيه أحد برأى ولو كان الإمام، ولا تتصدى له مؤسسة بمفردها ولو كانت مؤسسة الأزهر، وإنما تجمع كبير من المؤهلين فى مصر والعالم مؤسسات وعلماء وباحثين، يرسخون لما عبَّر عنه الإمام الأكبر فى أكثر من مناسبة بأن الاجتهاد كفريضة وضرورة للمسلمين، لم يعد مناسباً التصدى له إلا فى إطار جماعى لا يحجر على رأى ويحتفى بتعدد الرؤى، ويتبنى الحوار فى إطار علمى بين المتخصصين من كجميع الاجتهادات.

الأزهر المتنوع فى داخله والمنفتح على العالم يفتح الباب لاجتهاد جماعى ويطلب اليوم من كل صاحب رأى أو طرح أو وجهة نظر بأن يشارك فى هذا الاجتهاد الجماعى بحرية كاملة تضمنها جميع المعايير الأكاديمية، ويمد يده للجميع إن كان الهدف هو البحث عن فهم علمى وليس إعلامى.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg