| 25 أبريل 2024 م

الأزهر قلب أفريقيا النابض.. تاريخ طويل من الدعم والمساندة لشعوب القارة السمراء

  • | الأحد, 16 ديسمبر, 2018
الأزهر قلب أفريقيا النابض.. تاريخ طويل من الدعم والمساندة لشعوب القارة السمراء

بعد غياب طويل للدولة المصرية عن القارة الأفريقية، انتبهت القيادة السياسية مؤخرا لأهمية العودة لريادة القارة السمراء من جديد، حيث توالت الزيارات السياسية المتبادلة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظرائه من رؤساء دول أفريقيا ومسئوليها، لتعزيز التعاون بين دول المنطقة من أجل الحفاظ على ثروات القارة ودفع عجلة التنمية وتحقيق أبسط حقوق الشعوب فى النهضة التعليمية والصحية والمعيشية.

ورغم هذا الغياب لم يتوقف دور الأزهر الشريف عن تقديم المساعدات الإغاثية والدعوية، ولعل المطلع على تاريخ الأزهر يجد هذا جليا على مدار تاريخ الأزهر وبالأخص العشر سنوات الأخيرة، حيث تؤكد كتب التاريخ والدراسات على أن لعلماء الأزهر الشريف دورهم البارز فى نشر اللغة العربية وصحيح الدين الإسلامى الوسطى فى معظم الدول الأفريقية منذ القدم وحتى وقتنا الحاضر.

واستعان الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا التابع لوزارة الخارجية المصرية والذى أنشئ فى ثمانينيات القرن الماضى، بخبرات أساتذة وعلماء جامعة الأزهر فى شتى المجالات حيث تم إيفاد الخبراء فى شتى المجالات التعليمية والصحية والهندسية والزراعية للدول الأفريقية، وبأعضاء من هيئة التدريس بقسم اللغات الأفريقية بجامعة الأزهر لتدريس اللغة العربية ببعض الجامعات الأفريقية مما كان له أثر طيب حتى وقتنا الحاضر، يتضح ذلك الأثر من خلال استعانة الجامعات الأفريقية بشرق أفريقيا حتى الآن بأساتذة قسم اللغات الأفريقية فى تقييم امتحانات ومناهج اللغة العربية.

إدارة لشئون أفريقيا

وفى سابقة جديدة للأزهر الشريف، قرّر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مؤخرا، تشكيلَ لجنةٍ مختصّةٍ بالشئون الأفريقية بالأزهر، وذلك بمناسبة تَوَلّى مصرَ الرئاسةَ الدَّورية لمجلس السلم والأمن الأفريقى، واستكمالاً لدَور مصرَ والأزهرِ فى دعم شعوب القارّة الأفريقية، على المستويات كافّة. 

وتختصّ اللجنةُ، التى قرّر الإمامُ الأكبر تشكيلَها، بالعمل على وضْع البرامجِ والخُطط والأنشطة، التى من شأنها تدعيمُ أبناء دول وشعوب القارّة الأفريقية؛ من خلال بحْث زيادة عدد المِنَح المُقَدَّمة للطلاب الدارسين فى الأزهر، وزيادة أعداد المبعوثين من المدرّسين فى دول أفريقيا، وتكثيف البرامجِ التدريبية لتأهيل الأئمة والوعاظ بها، بالتوازى مع القوافلِ الدعوية التى يرسلها الأزهر لمواجهة الأفكار المتطرفة التى تَبُثّها الجماعات المتشددة، ونشْر الفِكر الوسطيّ، فضلاً عن تَيسير القَوافلِ الإغاثية والطبية للدول الأفريقية الأشدّ احتياجاً، والتى بها عجزٌ فى الطَّواقمِ الطبية لرفْع المُعاناة عنهم، والعمل على ترتيب عِدّة زياراتٍ خارجية لشيخ الأزهر إلى غرْب أفريقيا.

كما تختص اللجنة ببحْث إمكانية افتتاح مراكزَ لتعليم اللغة العربية بها، وتَبادُل الزيارات بين المؤسسات التعليمية والدعوية فى الأزهر ودول أفريقيا. يأتى ذلك فى إطار جهود الأزهر الشريف فى دعم شعوب القارّة الأفريقية، وتَعزيز أَواصِرِ التعاون بين الأزهر الشريف ودول وعلماء أفريقيا فى المجالات كافّةً؛ العلمية والفكرية والدعوية والإغاثية، بما يُساهِمُ فى تحقيق التقدُّم والازدهار لشعوب القارّة الأفريقية.

إشادة برلمانية

من جهته، أشاد النائب مصطفى الجندى رئيس التجمع البرلمانى لدول شمال أفريقيا والمستشار السياسى لرئيس البرلمان الأفريقى، برؤية الأزهر الشريف برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف فى مضاعفة وتوسيع الدور التنويرى ومد جسور التعاون مع مختلف الدول الأفريقية بالتزامن مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الرئاسة المقبلة للاتحاد عام 2019 الذى أصبح على الأبواب.

واعتبر الجندى أن قرار فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بتشكيل لجنة مختصة بالشئون الأفريقية بالأزهر، يعد واحدا من أهم القرارات التى سوف تحظى بأكبر اهتمام من جميع دول القارة السمراء، معلنا الدعم والمساندة الكاملين من البرلمان الأفريقى برئاسة روجيه نكوندودانج لهذا القرار والتعاون مع مؤسسة الأزهر الشريف فى تنفيذه داخل جميع الدول الأفريقية خاصة أن نواب البرلمان الأفريقى بمختلف دول أفريقيا هم على دراية كاملة بالمناطق والقرى والمدن التى يحتاج سكانها إلى بعثات الأزهر الشريف للاستفادة من علماء ووعاظ الأزهر.

ولفت إلى أن القوافل الدعوية التى يرسلها الأزهر الشريف داخل الدول الأفريقية تسهم بشكل كبير فى محاربة الأفكار الإرهابية والتكفيرية المتطرفة ونشر الفكر الوسطى للدين الإسلامى الحنيف، إضافة إلى القوافل الإغاثية والطبية التى يرسلها الأزهر الشريف للقرى والمناطق الأفريقية التى تحتاج لمثل هذه القوافل. 

ووصف النائب مصطفى الجندى، اهتمام الأزهر الشريف وجامعة الأزهر باستقبال الآلاف من الطلاب الدارسين الافارقة للالتحاق بكليات جامعة الأزهر، بأنها تخرج سفراء افارقة من مختلف دول القارة السمراء ليكونوا أفضل سفراء داخل بلادهم الأفريقية يقومون بدور مهم وحيوى فى التعاون الحقيقى والجاد بين مصر والدول الأفريقية، خاصة أن خريجى الأزهر الشريف من الدارسين الافارقة دائما يتقلدون المناصب القيادية رفيعة المستوى داخل دولهم الأفريقية.

دور الأزهر فى القارة السمراء

ولا يخفى على أحد، الدور الكبير الذى يقوم به الأزهر الشريف، فى تقديم الجهود لمسلمى العالم، خاصة فى القارة الأفريقية، منذ نشأته، وما يقدمه من عون للقارة السمراء، لما لها من علاقات وجذور تاريخية بمصر.

حيث بدأ الأزهر الشريف، فى التواصل مع الشعوب والدول الأفريقية، عبر إيفاد مبعوثيه إلى تلك الدول، وإرسال القوافل الدعوية للتواصل مع شعوب القارة، وإحلال السلام ومساعدة وإغاثة مسلمى أفريقيا.

ومما يؤكد عمق العلاقات بين الأزهر والقارة، تعدد الأروقة الأفرقية بالجامع الأزهر، ومن أهمها أروقة «السنارية، والدارفورية، والبربر، والمغاربة، والجبرتية، والدكارنة، والفلاتة، والبرنية»، حيث كان العامل التاريخى الأول الذى اعتمد عليه الأزهر، إرسال المبعوثين إلى البلدان الأفريقية لنشر الإسلام واللغة العربية، مما طبع كثيرا من بلاد القارة بالصبغة الإسلامية، وانتشر الإسلام فى شمال وغرب وشرق وجنوب القارة السمراء، والسودان والصومال.

وكما كان لهؤلاء المبعوثين الأزهريين، مساهمات واسعة فى إصلاح أفريقيا وتسلحها بالعلم والدين، كما ساهم العلماء الأزهريون كثيرا فى حركات الإصلاح التى جرت فى القارة السمراء، خلال القرن التاسع عشر، حيث كان زعماؤها من المتصلين بالأزهر والمتأثرين بتعاليمه مثل حركة المهدية فى السودان، وحركة السنوسية فى ليبيا، وحركة عثمان بن فودى فى غرب أفريقيا.

القوافل الدعوية والطبية

ونجح الأزهر في التواصل مع أفريقيا، عن طريق تسيير القوافل إلى القارة السمراء، والتى بدأها بقوافل دعوية فى السنوات الماضية، ثم جاءت قافلة السلام الأولى وقافلة السلام الثانية، ثم القافلة الطبية الموفدة إلى دولة تشاد، ثم القافلة الطبية الأخرى الموفدة إلى الصومال وجنوب السودان.

وقامت تلك القوافل بعمل بعض الندوات لنشر ثقافة التسامح والسلام والعيش المشترك بين أبناء أفريقيا الوسطى، والوقوف على احتياجات المسلمين هناك من الناحيتين التعليمية والدعوية، والعمل على زيادة المنح الدراسية بالأزهر والمساهمة فى ترميم المساجد والمعاهد التى دمرتها الحرب الأهلية فى القارة. 

وأرسل الأزهر قافلة إغاثية أيضاً إلى العاصمة النيجيرية أبوجا، فى الثالث من يوليو 2017، ثم قافلة أخرى فى فبراير الماضى من هذا العام اتجهت إلى بوركينا فاسو، لإجراء الكشف الطبى والقوميصونات الطبية للشعب البوركينى.

وضمت القافلة 24 طبيبا فى 14 تخصصاً طبياً من أساتذة طب الأزهر، بالإضافة إلى طاقم من الممرضين والإداريين، وقامت القافلة بإجراء الكشف الطبى المجانى على المرضى، بالإضافة إلى إجراء العمليات الجراحية اليسيرة والمعقدة، وتوزيع الدواء المجانى المناسب لكل حالة.

وكان آخر تلك القوافل، القافلة التى قرر شيخ الأزهر، تسييرها هذا الشهر، إلى تشاد، والتى تستهد المناطق الأكثر فقرا هناك، حيث عملت القافلة الأولى التى تم تسييرها العام الماضى فى أنحاء العاصمة الفقيرة أنجمينا، بينما توجهت القافلة الثانية لولاية أبشى، فيما يتركز عمل القافلة الثالثة بولاية وادى فير، التى تضم ثلاثة أقاليم هى: بيلتين، ودار تاما، وكوبى.

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg