| 16 أبريل 2024 م

عفواً.. هذا زمن الاجتهاد المؤسسى

  • | الإثنين, 24 ديسمبر, 2018
عفواً.. هذا زمن الاجتهاد المؤسسى

د.محمد الشحات الجندى: التراث صنع بشرى صادر عن فقهاء مجتهدين.. وللرأى فيه مجال

د.محمد كمال إمام: نريد عقولاً مؤمنة بقيمة القديم والأخذ منه بما له صفة الاستمرارية

علماء الأزهر: ما يصدر عن «كبار العلماء» اجتهاد جماعى وليس فردياً.. ومهمة التجديد لم يعد يقدر عليها أفراد

يؤكد العلماء أن المسلمين مطالبون بالتجديد بنصوص القرآن الكريم، بشرط ألا تكون دعاوى التجديد قائمة على نقض الماضى وهدمه فهذا تبديد وليس تجديداً لأن منهجه باطل ومعاد للفطرة الإنسانية فى مسيرة تطور كافة العلوم والحضارات لأن العلوم لا يمكن أن تتطور ولا تتجدد دون زخم معرفى ولا يتصور أن تبنى معرفة جديدة دون أن يكون لها رصيد فى الماضى.

صنع بشرى

فى البداية يقول الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية؛ إن التراث صنع بشرى، صادر عن فقهاء مجتهدين، وللرأى فيه مجال؛ لأنه من حيث إن كل فقيه يجتهد حسب تقييمه للدليل، سواء كان هذا الدليل من القرآن الكريم أو من السنة النبوية المطهرة، وهو إذاً أخذاً بالتفسير الذى يراه مناسباً للآية أو النص، مع النظر فى درجة صحة الحديث، وذلك مع كون الأنظار تختلف من فقيه إلى آخر؛ لذلك فالتراث الإسلامى لا يمكن أن يعتبر مقدساً، ودليل ذلك ما قاله الفقهاء أنفسهم فالإمام أبوحنيفة على سبيل المثال قال: «علمنا هذا رأى فمن جاءنا بأحسن منه قبلناه»، والإمام الشافعى قال أيضاًَ: «رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب»؛ لذلك فإن هذا التراث بما اعتمد عليه من أدلة من القرآن والسنة، ومن حرص أصحابه من الفقهاء وحسن اطلاعهم ومعرفتهم بمقاصد التشريع الإسلامى، فإنه حقيق بالتقدير ولا ينبغى على الإطلاق إبطاله أو تجاهله أو الافتئات عليه، ولكن غاية الأمر الممكن لنا أن ننتقل من رأى فقيه إلى آخر، أما القضايا المستجدة بحسب ظروف العصر فهذا وارد لنا فيها اجتهاد جماعى مؤسسى.

وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية؛ أن التراث فى كل الأحوال ثمرة قريحة وعقول مشهود لها بالريادة والاعتبار، مما ينبغى الاهتمام به، والتعويل عليه، واتخاذه كقيمة لها اعتبارها، مع ملاحظة تغيرات الزمان والمكان والأحوال؛ مشيراً إلى أنه لا مانع من الاجتهاد فيما تقتضى المصلحة العامة للمجتمعات الإسلامية، مع إيجاد حلول للمشكلات والمعضلات التى ألمت بالمجتمعات الإسلامية المعاصرة، لأنه من المعلوم طبقاَ لتراث الفقهاء أنفسهم ما يسمى بـ«فقه النوازل»، أى فقه المستجدات، وبالتالى لنا الاجتهاد فى مثل هذا النوع من الفقه؛ لكن بشرط أن يكون الاجتهاد من أهله، ويفضل أن يكون هذا الاجتهاد مؤسسياً، وصادراً عن جهة معتبرة ومشهود لها، كالأزهر الشريف من خلال هيئة كبار العلماء، أو مجمع البحوث الإسلامية، أما أن يتصدى أى شخص ليس له محصول من العلم ويبدى رأياً فهذا ما ينبغى التنبيه على عدم الأخذ به، وضرور إرجاع الأمر للمؤسسة المختصة.

وأوضح «الجندى»؛ أنه عند تحقيق التراث الإسلامى فى قضايا عدم التمييز، أو التعايش السلمى وقبول الآخر، أو الإرهاب أو التقدم العلمى والثقافى، فهذا الكلام له أصول فى الشريعة الإسلامية، وعلى المهاجمين للتراث ألا يعتبروا تلك المسائل بضاعة أجنبية، أو مستورداً أجنبياً، فعند التحقيق وبحث مقاصد الشريعة الإسلامية، والسيرة النبوية المطهرة، سنجد أن هذه الأمور لها اعتبارها وأدلتها من واقع الشريعة الإسلامية، وبالتالى نقول للمهاجمين للتراث الإسلامى، لا تزايدوا بمثل هذه الأمور، وتدعون أنها من نتاج الحداثة والتنوير، والحضارة الغربية، وهذا حديث حق أريد به باطل، مع اعترافنا بدور الحضارة الغربية فى مسيرة تقدم الإنسانية.

فهم لأحكام الشريعة

وأشار الدكتور محمد كمال إمام، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية؛ إلى أن التراث الإسلامى هو فهم لأحكام الشريعة الإسلامية وتطبيقها فى دنيا الناس، وبذل الجهد للوصول إلى أحكام جديدة فى مسائل مستحدثة، فهو منذ البداية بعيد عن القرآن والسنة، وهما مصادر الأحكام، وليس جزءاً من التراث البشرى، وعلى ذلك فإن العقل الإسلامى الذى يتناول مصادر الأحكام من زاوية واقعة ومشكلات عصره، ومطالب أهل هذا العصر؛ فالإمام مالك يشرع لعصره، وكذلك أبوحنيفة، والشافعى، وابن حنبل؛ فما هو ثابت كأحكام شرعية جاء بها الكتاب والسنة فذلك تشريع دائم، وما هو فهم أو أحكام جاءت بها الاجتهادات البشرية لفقهاء مذاهب المسلمين، فهذه اجتهادات نستفيد من منهجها، وكيفية تعاملها مع مصادر الإسلام قرآن وسنة، ولكننا لسنا ملزمين بالضرورة بتطبيق منطوق هذه الأحكام، خاصة فى تلك الأمور الدنيوية التى تتغير فيها الأحوال والعلم والمعرفة وظروف الزمان والمكان وأحوال الإنسان ومتغيراته ومشكلاته التى تحدث، وبعضها عرفه القدامى وبعضها لم يخطر على بالهم.

ويوضح أستاذ الشريعة الإسلامية أن التراث الإسلامى فيه ما فى الأفراد والجماعات من جوانب ضعف وجوانب قوة؛ لكن علينا أن ننظر للتراث بعين غير كارهة له، وإنما بعين ترى التراث جهداً بشرياً يجب أن نشكر أصحابه على ما قاموا به؛ فالجانب المضىء نستدعيه ونستبقيه، والجانب الضعيف نستبعده ونقصيه وليس ذلك بغريب على حياة المسلمين، فقد تطورت مذاهبهم وتغيرت اجتهاداتها واختلفت رؤاها، وكل ذلك على سقف إيمان واحد، ومن خلال مصدرين أساسيين هما القرآن والسنة.

ويؤكد «إمام» أن الضعف والتراجع الذى نعانى منه فى عصرنا الراهن ليس سببه أن التراث يفرض نفسه على المعاصرين، ولكن لأن المعاصرين ينقسمون إلى قسمين؛ قسم لديه كسل عقلى واستسهال جعلته ينقل من التراث أحكاماً لا تستجيب لواقعنا المعاصر، بل ربما تناقض أفكاره وأجوبته وأسئلته، وهذا يضر بالإسلام خاصة إذا جاء فى صورة فتاوى جزئية تعد إجابات عن وقائع لا نستطيع أن نعرف ما هى، ولا أين حدثت وما هى ظروفها؛ أى إننا نخلعها من عصرها لنجعلها فتوى تقال فى عصرنا الذى تغيرت فيه الأحوال والظروف والمعارف والثقافات وهذا تحت دعوى التمسك بالتراث فيسىء إلى التراث الإسلامى، وفريق آخر من المعاصرين لديهم تساهل فى الدين ذاته، فهم يحذفون التراث بكل ما فيه من اجتهادات، وبكل ما يكشفه عن عبقرية إسلامية فى الفهم والتفسير والتطبيق بدعوى أن هذه كلها اجتهادات غير ملائمة، ويعزلون التراث عن مصادره قرآناَ وسنة، ويقولون أننا آهلنا أنفسنا لكى ننظر إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة نظرة جديدة، وإلى الأحكام نظرة جديدة، وهم لا يصدقون إلا أنفسهم؛ لأنهم يظنون أن إهمال التراث والقطيعة بيننا وبين اجتهادات الفقهاء هى الطريق الصحيح للوصول إلى أحكام جديدة للنوازل المستحدثة، وهؤلاء موقفهم شديد البطلان لأنه ليس موقفاً من بعض الاجتهادات، ولا من بعض المذاهب، ولكنه موقف من القرآن ذاته، ومن السنة النبوية نفسها.

موقف إيجابى

ويؤكد أستاذ الشريعة الإسلامية أننا نريد عقلاً مؤمناً يأخذ من القديم ما له صفة الاستمرارية، ويعود إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة، وإلى مناهج علماء المسلمين فى الفهم والاجتهاد فيما يحتاج إلى حلول جديدة فى المشكلات المعاصرة، بحيث يكون موقفنا من الإسلام ومصادره إيجابياً، حتى إذا كان موقفنا من بعض الآراء الجزئية لفقهاء الإسلام سلبياً؛ فالقرآن والسنة نصان حاكمان؛ أما التراث الإسلامى فهو اجتهادات محكومة، إما بقدرتها على التعبير عن القرآن والسنة، وإما بقدرتها على حل مشكلات عصرها؛ فإذا كانت نافعة لنا استجلبناها وكانت نافعة لنا، وإذا كانت ضارة بنا استبعدناها واستنبطنا من القرآن والسنة غيرها وفق منهجية صارمة تدرس نصوص القرآن والسنة ولا تستبعد مقاصد الشريعة، وتدرك أن الشريعة إنما جاءت لتحقيق مصالح الإنسان فى الدنيا والآخرة، والذى لا يعرف من القرآن والسنة إلا أحكام الدنيا يقصر عقله عن معرفة أبعاد الشريعة الشاملة؛ لأن البعد الأخروى ليس جزءاً من إيمان المرء فقط فى الإسلام، ولكنه جزء من بنائه التشريعى والأخلاقى الذى يضع ضوابط على تصرفاته حتى لا يلقى الله تعالى وقد خالف أحكامه.

ويضيف «إمام» أن جميع المسلمين مطالبون بأن تكون لديهم ثقافة إسلامية صحيحة، وليست ثقافة معادية لمقاصد الشريعة، ولأهداف الإسلام، وأحكام القرآن والسنة، ولكن هذه الثقافة ليست بديلاً عن أهل الاختصاص، الذين لديهم القدرة على النظر فى النصوص، والنظر فى الوقائع، وصنع الحياة على عين من شريعة الله الواسعة التى لا تعرف تشدداً، ولا تعرف إرهاباً، ولا تعرف استبداداً، ولا تحكيم الرأى الواحد، ولا تعرف الإضرار بالإنسان فرداً كان أو مجتمعاً، وتزكى الطهارة، وتطلب الحرية، وتدافع عن حقوق الإنسان، وترعى كيان الدولة، وتحمى الأمن والاستقرار؛ فهذه مفاهيم غائبة ينبغى أن تظل حاضرة فى عقول المسلمين، وفى حياتهم ليلاً ونهاراً، بعيداً عن دعاوى تجديد محلقة فى الفضاء لا نعرف لها حداً، ولا ندرك لها غاية؛ لأنها أقرب إلى حديث الشعراء، وبعيدة عن مواقف الفقهاء الرصينة، وقادة الأمة، وأقول لأبناء الأمة جميعاً كونوا أكثر إيماناً فى أنفسكم، وأكثر إيماناً بشريعتكم وأوطانكم وأمتكم، وستصبحون أكثر إتقاناً لأعمالكم، وأكثر نفعاً لدينكم، وأكثر قدرة على مقاومة أعدائكم، وهذا هو التجديد الحق فى زمان سادت فيه قوى الشر على قوى الخير، وارتفعت فيه أصوات الضلال على كلمات الهدى، وتعلموا من رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال لكم: «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف»، أى القوى فى دينه وتجارته وصناعته واقتصاده ومجتمعه وبنيته المعرفية وأخلاقه ومعاملاته مع الناس وحرصه على أن يبقى بلده مستقراً.

تراكم المعرفة

ويشير الدكتور أحمد سعد الخطيب، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بقنا؛ إلى أن قضية التراث تؤخذ من منحى أن أى أمة لا ماضى لها فلا مستقبل لها، فالمعرفة دائماً تراكمية، فلا تولد علوم بأكملها فى وقت واحد، دون أن يكون لها أساس فى الماضي؛ فالزخم المعرفى لا بد أن يبنى الحاضر فيه على الماضى، لأن العلوم تنشأ ثم تتصاعد، وتتطور كالوليد فى كل مرحلة من المراحل إلى أن تصل إلى منتهاها؛ أما من يقول الآن برفض التراث وكأنه ركام ليس له نفع ويدعو إلى تأليف علوم جديدة، فهذا هدف خبيث حداثى، لأن الحداثة بالأساس قائمة على النقض؛ بمعنى هدم القديم لأجل بناء الجديد، والهجمة على التراث حقيقتها أنها جزء من مخطط التقويض للتراث الإسلامى، لأجل أن تنشأ علوم دينية جديدة قائمة على مقتضيات الحداثة، وهذا يفسر لنا الدعوة إلى إنشاء أصول فقه جديد، وليس «تجديد» لأن هناك فرقاً كبيراً بين «التجديد» وبين «الجديد»؛ فهم يريدون تبديداً وليس تجديداً، ولذلك دعوات إنهاء الماضى غرضها أن تكون هناك علوم إسلامية جديدة مبنية لا على الأسس القديمة ولا على أصول الفقه القديم الذى انشأه الإمام الشافعى، فجعله أساساً لفهم النصوص الكريمة من قرآن وسنة، التى يريد المهاجمون للتراث فهمها بمقتضيات الحداثة، بمعنى أن كل إنسان يستطيع أن يفهم منها ما يريد، ودون أن يقول له أحد هذا خطأ أو صواب.

ويوضح العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بقنا؛ أن الوقت الراهن يشهد اجتهاداً مؤسسياً، لا يمكن أن ينكره أحد، وما يصدر عن هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف هو اجتهاد ولكنه جماعى وليس فردياً، ومن ينكر هذا الأمر يريد العبث بكيان الأزهر، واستبعاده من المشهد، وهذه أمور باتت معروفة، ويخطط لها المغرضون الذين يريدون إبعاد الأزهر عن ساحة الفقه، والفكر الدينى، الذى كان الأزهر وسيظل صاحب المرجعية فيه؛ فهؤلاء المنكرون لاجتهاد المؤسسة الأزهرية يتتبعون الفتاوى الفجة، ويقولون عنها إنها هى التراث، وهذه هى المشكلة الحقيقية، ولهذا فالعبرة بالاجتهاد الجماعى لا الفردى، ولذلك فالتراث الإسلامى واجب البناء عليه، وفرزه وتجاوز ما كان فيه خاصاً بعصر ما فى فترة زمنية محددة، لكن لا يجوز بأى حال من الأحوال استبعاده، أو استبداله، ونحن مطالبون دائماً وبنصوص القرآن الكريم بالتذكر والتفكر والتعقل حينما قال الحق تبارك وتعالى: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ«، ويتفكرون جاءت فى الآية الكريمة بصيغة المضارع التى تفيد التجدد والحدوث، وتعنى وجوب تجديد التفكير، فالعلماء القدامى كان الواحد منهم يستطيع أن يقوم بما تقوم به أمة، وكان يقدم فقهاَ متكاملاً، ومدارس جامعة، لذلك فالتجديد الحقيقى كما يقول الشيخ أمين الخولى: «أول التجديد قتل القديم فهماً»، وهذه الكلمة الرصينة تردنا إلى الزخم المعرفى، أى إنه لا بد من هضم القديم حتى نستطيع بعد ذلك التجديد، لكن إذا كان التجديد يعتمد على التبديد فهذا لا يصح أبداً، لأن المعارف الإنسانية كلها قائمة على القديم، وليس فقط المعارف الإسلامية، فما تطورت العلوم فى أى فرع منها، وفى أى أمة إلا بناء على التراكم المعرفى.

ويؤكد «الخطيب» أننا ننظر إلى كتب التراث على أنها جهود بشرية، ولكنها جهود مباركة؛ لأنها دارت حول الأصل الأول من مصادر التشريع وهو القرآن الكريم، ثم الأصل الثانى وهى السنة النبوية، وتفتقت الأذهان بعلوم جديدة ما كانت لتنشأ لو ما كان محور اهتمامها فهم القرآن الكريم؛ فكل علوم العربية من نحو وصرف واشتقاق وبلاغة نشأت فى رحاب القرآن الكريم، وهكذا دارت رحى التأليف فى العلوم الشرعية والعربية على القرآن الكريم، ولعل الحداثيين الآن عندما يحاربون التراث يوجهون نظرهم فى البداية إلى علم أصول الفقه، وهم يعادون الإمام الشافعى كل المعاداة، لأنه هو الذى أرسى قواعد أصول الفقه، وهو الذى تكلم عن الناسخ والمنسوخ، وعن المطلق والمقيد، وعن العام والخاص والمجمل والمبين، وكل هذه الأمور هى الضوابط الحاكمة لفهم النص الكريم.

ويشير، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بقنا؛ إلى أن الحداثيين أسقطوا قيمة إنسانية كبيرة حين هاجموا التراث، وإن كان جل كلامهم عن مسيرة الإنسانية وأسباب تقدمها؛ فنحن نقول إن التراث جهد بشرى يقدر ويحترم ولا يقدس، وهو قابل للنقد ولكن ليس الهدم؛ فكل بشر يخطئ ويصيب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كثير من الأحكام التى طرحت فى الفقه القديم كنوع من كتب التراث هى أحكام اجتهادية قابلة للتغير تبعاً لتغير الظروف البيئية والزمنية؛ يعنى جغرافيا وتاريخ فإذا كانت الجغرافيا وحدها أثرت فى تغيير فقه الشافعى من العراق إلى مصر، فكيف بها وقد تطاولت الأزمان فأصبحت قيداَ جغرافياً وتاريخياً؛ إذاً هذا الأمر نحن لا نخالف فيه من حيث إنه يمكن بل يجب الاجتهاد فى النوازل والمستحدثات حول أى قضية عصرية جديدة، تتناسب والظرف الذى نعيشه، وما أحدث الفجوة هو أن البعض يحتكم إلى مقررات قديمة قيلت فى ظروف معينة، ويحاول إسقاطها على الواقع المعاصر، ولا يستطيع العقل المعاصر استيعابها، ولأجل ذلك تهاجم كتب التراث.

طباعة
الأبواب: كلام يهمنا
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg