| 28 مارس 2024 م

رئيس التحرير فى حوار موسع لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية..  أحمد الصاوى: "صوت الأزهر" رأس حربة أزهرية فى ملف تجديد الخطاب الدينى

  • | الإثنين, 4 فبراير, 2019
رئيس التحرير فى حوار موسع لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية..  أحمد الصاوى: "صوت الأزهر" رأس حربة أزهرية فى ملف تجديد الخطاب الدينى
أحمد الصاوي .. رئيس تحرير جريدة صوت الأزهر

 

كل ما تظهره الجريدة وتطرحه من أفكار هو انعكاس لمواقف الأزهر وشيخه.. وكثير من النقد للمؤسسة سببه نقص المعلومات لدى المنتقدين

 

قناعة الإمام الأكبر بتجديد الخطاب الدينى قديمة وراسخة ومسجلة.. وهو يدعو للاجتهاد الجماعى.. وينشد إطاراً ثقافياً يجمع المعتدلين من الليبراليين والأصوليين للحوار الجاد ونبذ الصراع.. وقطع الطريق على المتطرفين من الجانبين

 

أعداد الجريدة وثيقة تعبر عن المرحلة ويمكن أن يكون حجة ضد أى أحد داخل الأزهر وخارجه يمكن أن يتراجع عن المواقف المعلنة فى الجريدة أو يحاول التقليل منها

 

فى وقت تعانى فيه صناعة الإعلام فى مصر وخصوصاً الصحافة الورقية من مشكلات عدة تهدد بقاءها، ويدور سجال تزامن حول دور مؤسسة الأزهر فى تجديد الخطاب الدينى، ما يعرض المؤسسة لانتقادات حادة جداً تصل حد اعتبارها مفرخة للفكر المتطرف، ظهر الكاتب الصحفى أحمد الصاوى كرئيس لتحرير صحيفة صوت الأزهر الناطقة بلسان مشيخة الأزهر، ما آثار قدراً من الجدل باعتباره كاتباً منتمياً للتيار المدنى كما كان ظاهراً من كتاباته التى اشتهر بها بصحف المصرى اليوم والشروق وعدد من المنصات الأخرى.

لكن ممارسته الصحفية كرئيس تحرير للجريدة التى كانت غير معروفة إلا فى الوسط الدينى اثارت مزيداً من الجدل خصوصاً عبر إصداره أعداداً من الصحيفة تحتفى بالمواطنة وتدافع عن حقوق الأقباط وتحتفل بعيد الميلاد وتنتصر للمرأة، وتستكب كتاباً أقباطاً ومدنيين غير منتمين للأزهر وكذلك نساء غير محجبات، إضافة إلى أعداد احتفت بالفن وبأفلام سينمائية بعينها ووضعت أبطالها على غلافها، ما جعله شاهداً مختلفاً عبر أكثر من 18 شهراً قضاها داخل الأزهر على كثير من التحولات..

 

 

 

بداية هذه التحولات.. هل يعد وجودك فى الأزهر تحولاً بالنسبة لك قد يراه البعض مناقضاً لأفكارك القديمة؟

- وما هى أفكارى القديمة تلك؟.. أفكارى كما هى، وطوال الوقت قبل عملى مع الأزهر وأثنائه وبعده، وأنا أكتب عن احترام التنوع وحرية العقيدة ودولة المواطنة ورفض التطرف والتكفير وغير ذلك من القضايا الأساسية التى لم تتغير نظرتى لها ومازلت أعبر عنها بنفس الفهم، على العكس وجدت لهذه الأفكار تأصيلاً داخل الأزهر يدعمها ويدعم تمسكى بها، رسخ لدى يقين بالتجربة أن كثيراً مما يُكتب عن الأزهر سببه الرئيس نقص معلومات لا أعفى الأزهر نفسه من المسئولية عنه.

ربما كانت التحولات فى الأزهر نفسه الذى أظهر قدراً من الانفتاح فى الفترة الأخيرة أو ترك لك مساحة حركة خاصة لتجميل وجهه؟

- أعذر من يفكر هكذا.. لكن ما أوكده أننى لا يمكن أن أعبر عن شىء غير موجود بالفعل داخل الأزهر، فى النهاية هذه مؤسسة دينية لا يمكن أن تنسب لها فى جريدة ناطقة باسمها ما ليس فيها.. إذن كل ما أظهرته الجريدة من مواقف هو انعكاس لمواقف الأزهر وانفتاح الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، وربما يعتقد المتابع العادى أن هذا انفتاح طارئ أو حديث لكن بمراجعة أسس الاعتقاد فى هذه المؤسسة وتراث الإمام الطيب سواء كتبه ومقالاته وتصريحاته ستعرف أن تلك رؤية مبكرة جداً عنده، الأرجح أنها كانت موجودة لكنها ظهرت أكثر وبرزت مع تعاظم الاهتمام بالأزهر ومناهجه فى تلك الفترة، وبالتالى فالتجميل صحفياً أن تنسب لمؤسسة ما ليس فيها، وهو ما لا يحدث ولا أضطر لفعله، لأنه وببساطه مساحة المشترك بينى وبين الأزهر كبيرة جداً.

هذا يعنى أن هناك مساحات اختلاف؟

- بالطبع هذا أمر طبيعى جداً.. أنا كاتب ولى آراء وقناعات خاصة فى قضايا مختلفة، سابقا كنت أطرح هذه الآراء فى مقالاتى وحالياً أطرحها للنقاش بالداخل، هناك منظومة حوار داخلية جيدة ونقاش دائم، لكننى ملتزم بالرأى الجماعى للمؤسسة، مثلك أنت تماماً ربما يكون لك رأى خاص فى مسألة ما قد يختلف مع رأى الصحيفة وسياستها التحريرية، وهذا أمر معمول به فى جميع المؤسسات المهنية، لكن قصدى من فكرة المساحات المشتركة هو أن المسافة بين الأزهر والتيار العام من المثقفين وأحسبنى منهم ضئيلة جداً إذا ما نحينا أصحاب المواقف المتطرفة التى تتربص بالأزهر، كنت أظن عكس ذلك قبل التعرف على المؤسسة من الداخل، وهذا دليل على قوة الانطباعات التى يتم ترويجها، لكن الأزهر داعم للدولة الوطنية الديمقراطية القائمة على المواطنة والحقوق المتساوية وهذه مسألة محسومة، وداعم للمرأة، ويجتهد فى مكافحة التطرف والتصدى للتشدد، ولو نظرنا إلى عشرات القضايا الأخرى والمفاهيم لوجدت ما أقوله عن المسافة الضئيلة أو المشترك الكبير صحيحاً.

ومن يضع السياسة التحريرية للجريدة وهل لك دور فى ذلك؟

- السياسة التحريرية منبثقة من السياسة العامة للمؤسسة الأزهرية، والتى تنحو نحو الوسطية وتنبذ الصراع، وللجريدة مجلس إدارة يرأسه الإمام الأكبر ويضم فى عضويته جميع قيادات الأزهر وجامعته، وحدث فى فبراير من العام 2017 أن أطلق الإمام الأكبر استراتيجية الأزهر الشريف الإعلامية والتى تمثلت فى تطوير وإطلاق منصات إعلامية كانت الجريدة إحداها.. من المهم أن نعرف أنها جريدة قديمة عمرها 20 عاماً أسسها الكاتب الكبير الراحل جمال بدوى أول رئيس تحرير لها وهو للمصادفة مقبل من التيار المدنى وكان رئيس تحرير صحيفة الوفد الليبرالية قبل ذلك، وصدر منها أكثر من ألف عدد ببضعة أعداد، وانصب تطويرها على جعلها متاحة للجمهور ومعبرة عنه بعد فترة بدت فيها وكأنها جريدة داخلية تخص الأزهريين فقط يكتبونها ويقرأونها، وبالتالى لا تحرك ساكناً ولا تترك أثراً أبعد من محيط الأزهر.. وأعتقد أنها الآن لها حضورها المعقول فى الشارع، ومساحة الاهتمام بها فى الإعلام وخارج الأزهر فى تزايد.

كيف يمكن تصنيف الجريدة بين الصحف الدينية؟

- شخصياً لا أرى أن الصحيفة دينية بالمعنى المعروف.. حدثتك عن استراتيجية الإمام الإعلامية، وهى التى ضمت إصدارين أساسيين للأزهر هما جريدة صوت الأزهر ومجلة الأزهر العريقة، والأخيرة هى التى ينطبق عليها الوصف الدينى الكامل، لتخصصها فى القضايا الفقهية والتراثية ولغتها البحثية الرصينة، فيما الصحيفة التى أترأس تحريرها، هى صحيفة عامة تهتم بالقضايا العامة جميعها لكن من منظور الإطار القيمى للأزهر وتهتم بالتفاعل بين الأزهر ومجتمعه وبينه وبين العالم، وبما يهم المواطن المصرى بمعالجة صحفية فى الأساس، يمكن أن تقول بأنها امتداد لمدرسة صحفنة الشأن الدينى.. والهدف فى النهاية هو أن تكون الجريدة جسراً للحوار بين الأزهر والمجتمع، وقنطرة مزدوجة لنقل الأفكار من داخل الأزهر إلى خارجه ومن الخارج إلى الداخل كذلك.. «صوت الأزهر» لا تستهدف الأزهريين فحسب، بل حاولت التوجه إلى مخاطبة المجتمع، عبر معالجة قضايا اجتماعية وفكرية وثقافية وفنية وورياضية عدة واستكتاب كتاب متنوعين فى خلفياتهم.

«صوت الأزهر» كوسيلة إعلام لمؤسسة دينية محافظة كيف انعكس هذا الطابع المحافظ على الجريدة؟

- انعكس إلى حد إصدار أعداد تحتفى بمولد المسيح عليه السلام، ومناصرة معركة المرأة ضد التحرش، والاحتفاء بأفلام سينمائية.. والحقيقة أن الجريدة رغم كل هذا لم تخرج عن الطابع الأزهرى لأنها تتحرك فى إطار القيم الأزهرية حتى وإن اختلف شكل التعبير لكن فى النهاية المحتوى كله يعبر عن قيم الأزهر وعن فهمه لقضايا مجتمعه، عندما أصدر الإمام الأكبر بياناً تاريخياً ضد التحرش يرفض تبرير تلك الجريمة بأى مبرر فى ملابس المرأة، كان هذا تعبير عن الفهم الأزهرى لقضايا المجتمع ومعالجتنا له انطلقت من هذا الفهم.

لكن الجريدة استكتبت ونشرت على غلافها صوراً لنساء غير محجبات ما اثار غضب البعض؟

- الجريدة عبرت صحفياً عن بيان الأزهر ضد التحرش، خاصة دفاعه عن المرأة أياً كان مظهرها، وأردنا أن نترجم البيان عملياً بغلاف يعبر عن المرأة المصرية ويجمع بين المحجبات وغير المحجبات، وكان العدد كله يناقش قضية التحرش، ومشكلة البعض أنه اعتبر غلاف العدد وكأنه فتوى تخص الحجاب، وفى هذا العدد استلهمنا نهج الإمام الأكبر وأفكاره التى ترفض الخلط بين الأمور.

كيف تتعامل «صوت الأزهر» كوسيلة إعلام لمؤسسة تتعرض لضغوط واتهامات وتشكيك؟

- بالمعلومات.. فى البدء كان البعض يتجه إلى الخطابة والإنشاء فى ردوده أو إلى تسفيه مطلقى الاتهامات، لكننا انتهجنا سياسة الرد بالمعلومات، خاصة أننى اعتبر نفسى «صحفياً مازال يسعى لفهم الأزهر أكثر من كونه معبراً عن الأزهر»، لذلك أتذكر أننى توليت مهمتى بالتزامن مع موجة هجوم على بعض الكنائس ووقتها تعرض الأزهر لهجوم شديد وادعاءات بأن مناهجه معادية للمسيحيين وتحرض عليهم، وعندما جاءتنى الردود الإنشائية رفضتها، وطلبت أن أعرف شخصياً ماذا تقول مناهج الأزهر عن المسيحيين؟ وقلت لزملائى أريد تقريراً معلوماتياً خالياً من الآراء، وبالفعل أنتجنا تقريراً بأرقام الصفحات يتحدث عن الكتب الرسمة التى يدرسها طلاب الأزهر من مرحلة الروضة إلى الجامعة وماذا يقول كل كتاب، وأرقام الصفحات وصور منها بما يدحض الاتهامات تماماً ويثبت أن المسيحى فى مناهج الأزهر ليس عدواً وإنما جار وصديق وشريك وزميل وكل الدروس تحرض على بره وحسن معاملته والانفتاح عليه.

لكن البعض يقول إن الأزهر يستخدمك لتجميل صورته عبر ترك المساحة لك فى الجريدة لتطرح هذه الأفكار؟

- عندما أعرض معلومات عن الأزهر فهذا ليس تجميلاً وإنما  هو طرح لحقائق ربما تكون غائبة أو مغيبة بقصد أو بدون.. وفكرة التجميل ليست قائمة لأن كل عدد يصدر من الجريدة يعبر عن الأزهر ويتحول إلى وثيقة تعبر عن المرحلة ويمكن أن يكون حجة ضد أى أحد داخل الأزهر يمكن أن يتراجع عن المواقف المعلنة فى الجريدة، وهذا فى حد ذاته مكسب، لأن الخطوة التى نقطعها فى طريق التجديد تتثبت بالنشر والإعلان، وبالتالى فالجريدة رأس حربة أزهرية فى ملف تجديد الخطاب الدينى، وما قطعته يعبر عن بعض إنجاز الأزهر فى هذا الملف.

■  كيف تتطور الصحافة لخدمة الدعاية الدينية؟

- لم تكشف السنوات الأخيرة أكثر من حاجة المؤسسات الدينية إلى الإعلام. رأينا كيف نجحت التنظيمات المتطرفة إعلاميا سواء فى الاستحواذ على العقول أو كسب المساحات للنيل من الخصوم واستقطاب المستهدفين. وإذا كان الظواهرى قد قال لأبو مصعب الزرقاوى» فى رسالته الشهيرة له «إن نصف المعركة فى الإعلام» فإن المؤسسات الدينية الرسمية المعتدلة التى تواجه الفكر المتطرف عليها أن تدرك أن «كل المعركة فى الإعلام» وأن تركز على تطوير منصاتها بشكل احترافى من خلال كوادر محترفة ليس شرطا أن تكون من خلفية دينية. وترويج جهدها والاهتمام بهذا الترويج بذات القدر من الاهتمام بالمضمون.

بصراحة هل تتعرضون لضغوط من المشيخة حول موضوعات أو أشخاص لا يتم التعامل معهم؟

- قلت لك إن الأمر يخضع دائما للحوار والنقاش.. لا يوجد فى قاموسنا شىء اسمه ضغوط.. واستطيع أن أقول بجزم واضح أن قيادات المشيخة تطالع الجريدة مع القراء صباح يوم الصدور. لكن هناك تفاهم على السياسة التحريرية وعلى بعض المحددات منها استبعاد المتطرفين وخطابهم سواء كانوا من المتزمتين دينيا أو المتشددين علمانيا والبعد عن الغلو فى كل شىء.

غير ذلك لا توجد ممنوعات ولا ممنوعين.. والجريدة منفتحة على الجميع وسبق أن نظمت حملة تسمى اسأل الأزهر فتحت من خلالها المجال لتنوع من المثقفين بعضهم ينتقد الأزهر للحوار مع المؤسسة والرد على أسئلته.

هل يمكن لمؤسسة دينية لها وسيلة إعلام أن تعمل وفق قواعد مهنية؟

- لا يمكن لوسيلة إعلام عموماً أن تنجح وتضمن لنفسها الاستدامة دون قواعد مهنية.. والأهم الالتزام بمعايير الدقة والإنصاف وفصل المعلومات عن الرأى والابتعاد عن لغة التخوين والتكفير وإشاعة الكراهية.

كيف تقنعنى بذلك؟

- الإقناع بالممارسة.. أستطيع أن أقول لك على سبيل المثال بأن المؤسسات المعنية بالرصد فى الإعلام المصرى تصدر تقريرا عن الممارسة الصحفية فيه الكثير من المخالفات لا تضم أى مخالفات عن «صوت الأزهر».. نحن ملتزمون بالقواعد الأساسية للإعلام بما فى ذلك حق الرد والاختلاف.

اضرب لنا مثالاً لمثل هذه الوسيلة التى تراها تقوم بذلك سواء للدين الإسلامى أو المسيحى؟

- أعتقد أن تجربة جريدة «كريستيان ساينس مونيتور» هى النموذج الذى يتطلع عليه.. فهى جريدة مملوكة لكنيسة لديها خطاب دينى يشغل جزءاً محدداً من المحتوى فيما يتنوع باقى المحتوى فى القضايا العامة والسياسة الدولية.

لكن الاتهامات تتعدد للأزهر بأنه لم ينجز شيئاً فى ملف تجديد الخطاب الدينى؟

- قناعة الأزهر بتجديد الخطاب الدينى هى قناعة قديمة وراسخة، والتجديد يحدث تدريجياً، ربما تتسارع وتيرته مع أحد مشايخ الأزهر أو تقل، ولكن منذ جاء الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، أعطى اهتماماً بقضية التجديد، وهناك شواهد كثيرة على ذلك».

فمثلاً عدد (صوت الأزهر) الذى صدر فى أول أسبوع لتولى الإمام الطيب المشيخة، كان المانشيت الرئيسى فيه هو: الطيب: سأواصل مهمة تجديد الخطاب الدينى، وهذا يبين أن الفكرة راسخة وواضحة فى ذهن شيخ الأزهر، الذى سمعنا خطاباته فى مصر والعالم، وتأكيده على الانفتاح على الآخر، وحديثه عن أن الإسلام نسخة أخيرة من الدين الإلهى الواحد، مما يعنى أنه يعتبر أن المسلمين جزء من حركة الدين فى العالم».

وأشار الإمام الأكبر فى أحد المؤتمرات الشهيرة إلى الملمح الإنسانى لرمز أحد الأديان الوضعية، وهى دعوة للنظر إلى الجوانب الإنسانية المشتركة بين البشر وليس العقائدية...تحدث أيضاً عن أن التعددية الدينية هى مشيئة من الله تعالى، وأن الله لو أراد أن يجعل الناس أمة واحدة لفعل، ومن يحاول أن يجمع الناس تحت دين واحد هو شخص يتحدى مشيئة الله.

ومنذ 2010 وحتى الآن، وخاصة بعد ثورة 25 كانون الثانى 2011، سنجد أن الأزهر اتخذ خطوات حقيقية عملية فى طريق تجديد الخطاب الدينى، ومنها (وثيقة مستقبل مصر) التى تحدث فيها عن الحريات، وشكل الدولة الديمقراطية التى لا كهنوت فيها، والتى لا تخلط الدين بالسياسة، ولكنها لا تستبعد الدين من الحياة العامة كذلك موقف الأزهر من المواطنة، وإعادة تعريفه لهذا المفهوم، وترسيخه فى المفهوم الإسلامى وحديثه عن أن مصطلح (أهل الذمة) قديم ولم يعد مناسباً للعصر الحالى، وأن الدولة لجميع مواطنيها أى كان معتقدهم الدينى، وهو موقف ثابت فى (وثيقة المواطنة والتعايش) التى أصدرها عام 2017. أيضاً تمت مراجعة الكثير من مناهج الأزهر، وأعدت طبعات حديثه منها. وهناك لجنة فى مجمع البحوث الإسلامية، وهيئة كبار العلماء تراجع كتب التراث، مراجعة دورية، ونتج عنها مثلاً نسخة جديدة من كتاب (الإقناع لأبى شجاع) والنسخة الجديدة تدرس فى الأزهر.. هذه بعض ملامح هذا التجديد وتتويج هذا الجهد سيكون فى منتصف هذا العام حين ينظم الأزهر مؤتمراً دولياً عالمياً للتجديد بحضور المتخصصين من العالم الإسلامى كله، فى إطار رؤية الإمام الأكبر للاجتهاد الجماعى، ودعوته لإيجاد إطار ثقافى يجمع المعتدلين من الليبراليين والأصوليين لنبذ الصراع والاضطلاع بمهة التجديد فى إطار من الاحترام والحوار وبد استبعاد المتطرفين من الجانبيين.

كذلك هناك من يعيب على الأزهر رفضه تكفير المتطرفين من الدواعش؟

- موقف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب محسوم ومعروف برفض التكفير أو استخدامه كسلاح فى مواجهة أى طرف، وهو موقف المفترض أن ينسجم مع المعلن من أفكار وقناعات التيارات المدنية والمثقفين الذين بنوا القدر الأكبر من حضورهم على معارك رفض التكفير.

الأزهر الشريف اتخذ ثلاثة مواقف ضد التكفير فى عدة أشهر رغم اختلاف من تتم الدعوة لتكفيرهم، تؤكد رسوخ قناعته ضد التكفير وانطلاقها من عقيدة ثابتة وصحيحة، مذكراً بتدخل الإمام الأكبر السريع بإعفاء القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر السابق من مهامه، بعد تورطه فى تكفير أحد الإعلاميين الذى سبق إدانته بازدراء الأديان، كما أصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بياناً واضحاً ترفض فيه ما قاله أحد مشايخ الأوقاف من ازدراء للدين المسيحى وتعريض بالعقيدة المسيحية عبر برنامج تليفزيونى، وواصل الأزهر موقفه الرافض لتكفير الدواعش أصلا، رغم حكمه عليهم بأنهم من الذين يحاربون الله ورسوله.

والذين يحاولون ابتزاز الأزهر والضغط عليه لممارسة التكفير، يفتحون على المجتمع كله النار، فى الوقت الذى يقف فيه الأزهر الآن فى خندق يرفض منح أى جهات أو أفراد حق تكفير الناس، والتأكيد على أن الكفر فى حد ذاته ليس جريمة، ولا عقوبة عليه، عكس حكم المحاربين الذين تقع عليهم وفق القرآن الكريم عقوبات شديدة (أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) بما يعنى أن الأزهر يتخذ من الدواعش الموقف الشرعى الأشد فى عقوبته.

كيف تواجه الجريدة أزمة الصحف الورقية فى مصر.. وماذا عن الخطط المستقبلية للجريدة؟

- نواجهها بتعظيم الاشتراكات وزيادة نسبتها باستمرار، وتطوير المحتوى بالشكل الذى يجعل المعالجات حصرية غير متاحة بوصفها وشكلها على الوسائل الأخرى، خلق اعتماد على هذا المحتوى.

كما نتمنى إطلاق موقع إلكترونى جديد بطاقة أكبر وبلغات متعددة لخدمة جمهور الأزهر فى العالم كله، هذه المؤسسة العالمية تستحق أن يكون حضورها فى الإعلام أفضل من ذلك، وان نطلق نسخة دولية تعبر عن نهج الأزهر الذى يتم الاحتفاء به فى العالم كله ويظهر هذا الاحتفاء فى استقبال افمام الكبر فى عواصم العالم باعتباره رجل سلام وتعايش وحوار ولجوء حكومات أوروبية للأزهر ومناهجه باعتبارها الحصن ضد التطرف التشدد.

فمحتوى الجريدة يصب فى إطار هدف الأزهر والدولة بل والمنطقة كلها، وهو مكافحة التطرف والإرهاب الذى أصبح تحدى للعالم كله، فالتطرف له أبعاد سياسية واجتماعية ومن الخطأ اختزاله فقط فى الجانب الدينى والتعليمى، والأزهر خصوصاً فى سنواته الأخيرة أزهر منفتح ومتجدد ويستحق أن نمد له اليد بالدعم الكامل.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg