| 16 أبريل 2024 م

تفاصيل حوار الـ150 دقيقة بين الإمام الأكبر و13 صحفياً أفريقياً

  • | السبت, 23 فبراير, 2019
تفاصيل حوار الـ150 دقيقة بين الإمام الأكبر و13 صحفياً أفريقياً

الإمام الطيب: أفريقيا «الفتية» مؤهلة لقيادة العالم

الدولة المصرية تتحمل جميع نفقات الوافدين فى التعليم والسكن والسفر والمصروف الشهرى بدءا من خروجهم من منازلهم فى بلادهم إلى أن يعودوا إلى بلادهم أعمدة تقدم وازدهار

تم فتح أبواب التعليم العملى فى الطب والصيدلة والزراعة وسائر الكليات العملية للوافدين.. للمساعدة فى تحقيق أهداف التنمية فى أفريقيا

5500 من أبناء أفريقيا يدرسون بالأزهر.. قوافل الأزهر الطبية بالقارة السمراء كشفت على 44 ألف مريض وأجرت 1800 عملية

بمناسبة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى قرر الرئيس السيسى مضاعفة عدد المنح المقدمة لأبناء القارة الأفريقية من 800 إلى 1600 منحة فى العام

المنهج الأزهرى الأنسب لأفريقيا.. لأنه سلمى وتعددى ويساعد على التعايش.. ويحمى المجتمعات من الفتن والحروب الدينية والعرقية

هناك من يريد لهذه القارة أن تبقى «لا حية ولا ميتة» لتكون خزاناً يستنزفون خيراته لأوطانهم

عام قيادة الرئيس المصرى للاتحاد الأفريقى فرصة ثمينة لزيادة تمتين العلاقات والتعاون بين القارة الأفريقية والأزهر

مؤتمر عالمى للتجديد فى الفكر والعلوم الإسلامية فى النصف الثانى من هذا العام سيمثل فيه كل العلماء الأفارقة..

ونشارك الجهود مع الأمم المتحدة فى وضع حدٍ لختان الإناث وزواج القاصرات

كثير من المعاهد والهيئات الدينية بأفريقيا ترسل لنا برامجها ومناهجها من أجل مواءمتها ومعادلتها مع نظيرتها فى الأزهر.. ويسموننى «أبو الوافدين».. وأرى أن الكنز الثمين لمصر والأزهر يتمثل فى 35000 طالب وطالبة من 108 دول

التقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وفداً من الإعلاميين الأفارقة بحضور الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.. وقال فضيلته خلال اللقاء إن القارة الأفريقية من أغنى قارات العالم، ولكن المفارقة اللامنطقية بين ثروات هذه القارة وبين التقدم التكنولوجى فيها تصيب بخيبة أمل، فالقارة تعيش مؤامرة عالمية لتظل فى هذا المستوى وتستمر كمركز تمويل للعالم فى استثماراته وحضارته، مشيراً إلى أن أفريقيا لديها مناجم طبيعية وثروات بشرية تجعلها تقهر المستحيل لتصل إلى التقدم المنشود والنهضة المرجوة ولكنها تحتاج إلى كتيبة إعلامية تعمل على ذلك.. كما أجاب فضيلة الإمام الأكبر عن أسئلة الوفد الأفريقى التى تطرقت للعديد من القضايا المهمة وفى مقدمتها دور الأزهر فى أفريقيا خاصة فى ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى وقضايا الإرهاب وتجديد الخطاب الدينى والمواطنة والهجرة غير الشرعية وغيرها..

وفى بداية اللقاء أبدى فضيلة الإمام الأكبر عتابه للإعلام الأفريقى قائلا: منذ 40 سنة وأنا أطلع على مذكرات الشيخ شلتوت يناشد الانتماء إلى قارة أفريقيا وأن يكون نشر الفكر الأزهرى فى أولويات الاهتمام، باعتباره المنهج المناسب للمسلمين فى القارة يساعدهم على فهم دينهم وعلى التعايش مع غيرهم ورسالته تقوم على التنوع والحوار وقبول الرأى والرأى الآخر والتعايش السلمى بين مختلف مكونات المجتمع وحماية الشعوب الإفريقية الفتن والحروب الدينية والعرقية، لذلك سعى الأزهر إلى ترسيخ مبدأ الحوار وشرعية الاختلاف فى أذهان طلابه من الصف الأول الابتدائى إلى أن يتخرج فى الجامعة.. وليس سرا أن تلقّى العالم الإسلامى للخطاب الأزهرى المعتدل يرجع إلى مزج الفكر العلمى والتمسك بالوسطية فى العقيدة والعمل لأنه يحافظ على وسطية الإسلام والمسلمين والتى تعنى عدم التعصب لمنهج أو مذهب معين مع احترام مذاهب وأديان الآخرين والنأى عن المهاترات المذهبية تماماً.

وأضاف فضيلته أن المنهج الأزهرى منهج سلمى يحافظ على إشاعة السلم فيما بين المسلمين وفيما بينهم وبين غيرهم سواء أكان الغير متديناً أم لا، كما أنه منهج تعددى يجمع كل المذاهب الإسلامية ويقف بها تحت لافتة الإسلام لا يكفر ولا يقصى أى مذهب آخر ولا يفسقه أو يبدعه، ويتصدى لأجندات سياسية وإقليمية تريد أن تحدث الفتن والاختلافات.

وأشار فضيلته إلى أن الإعلام هو المسئول الأول عن التقدم والتنمية فى أفريقيا وعليه أن ينتبه فى عرضه ومعالجاته سواء أكان إعلاما مرئيا أو مقروءا أو مسموعا، فهو الذى يستطيع أن يتعامل مع الشباب والكبار والأطفال ولديه القدرة على التغلغل فى أعماق الأسرة وأعول عليه الكثير.. مضيفا أن القارة الأفريقية مؤهلة وقادرة على أن تنهض وهناك قارات يطلق عليها العجوز وقارات أوشكت أن تصاب بالهرم ونحتاج إلى سواعدكم وأحاديثكم التى لا تنقطع ليل نهار عن النهضة الأفريقية وإنا لمنتظرون..

وقال فضيلة الإمام الأكبر: نحن على اتصال بأفريقيا منذ القدم، والمصريون حريصون على التواصل مع أبناء الشعوب الأفريقية، بسماحة وتسامح تاريخى كبير، والأزهر دائما حارس وداعم لهذه السماحة المصرية، ومصر البلد الوحيد الذى تدرس فيه المذاهب الأربعة فى الأزهر الشريف على المساواة فالطالب حينما يصل إلى المرحلة الابتدائية ومنذ نعومة أظافره يتدرب على الرأى والرأى الآخر ودراسة أى مذهب يختاره، وشيوخنا كانوا يقصدون التعددية حتى يتعود عليها الطالب الأزهرى بدءا من سن 6 أو 7 سنوات إلى أن يتخرج.. وهذا هو منهجنا.

وأضاف الإمام الأكبر: لدينا 5500 طالب وطالبة من قارة أفريقيا يدرسون فى جميع المراحل التعليمية بالأزهر، وتحظى القارة السمراء بنصيب الأسد من الدراسة فى جامعة الأزهر، ومن منطلق حرصنا على مستقبل القارة الأفريقية لدينا برنامج يستقبل الطلاب الأفارقة الذين يحصلون على تقديرات عالية ورعايتهم رعاية تامة، والاعتماد على المتميزين منهم كمبعوثين للأزهر فى بلادهم وتأمينهم برواتب تكفيهم فى بلادهم.

وعن زيارة أفريقيا قال فضيلته: زرت أفريقيا مرتين مرة لنيجيريا ومرة لموريتانيا وكان المفروض أن زيارة نيجيريا تتبعها زيارتان ولكن لظروف خاصة اقتصرت على زيارة واحدة ووجدت تحديا كبيرا فى الدولتين، ووجدت فى المؤسسات الإسلامية هناك انتباها لما يراد لهم ولثقافتهم وهم يعملون عملا جادا.. ومن أجل ذلك أتمنى أن يدعم الإعلام هذا الاتجاه لأنه يعلم أن الرياح التى تمر عليه من الغرب والشمال تريد لهذه القارة أن تبقى هكذا لا هى حية ولا ميتة وتعيش خزانا يُستنزف ويقذف من خيراته لأوطانهم.. وهناك ترتيب لزيارات قريبة لأفريقيا إن شاء الله.

تأهيل الأئمة

وأكد شيخ الأزهر أننا نولى اهتماما كبيرا ببرنامج تأهيل الأئمة بمعدل وفد جديد نستقبله كل شهرين والأزهر نجح فى هذه التجربة فوصل لنا 440 إماما وواعظا من بريطانيا وأفغانستان والعراق والصين ومن أفريقيا وفود منتظمة.. وفى الجانب الطبى هناك البعثات الطبية والإغاثية المحملة بالأدوية وبها نخبة من الأطباء أجروا عمليات كثيرة فى الدول الأفريقية مثل النيجر والصومال وتشاد وأفريقيا الوسطى ونيجيريا وبوركينا فاسو وتمكنت الفرق الطبية خلال تلك البعثات مجتمعة من إجراء الكشف على 44 ألف مريض وإجراء 1800 عملية وكل ذلك يرسله الأزهر للتخفيف والوقوف إلى جانب إخوتنا فى البلاد الأفريقية، وأحيانا نذهب معهم.. وقد أشادت السيدة الأولى بتشاد بهذه البعثات عندما زارتنا وقدمت الشكر فقلت لها: لا شكر على واجب.

وحول الجهود التى سيقوم بها الأزهر خلال الفترة المقبلة قال الإمام الأكبر: لدينا خطة ولجان لمتابعة جميع الجهود التى سيقوم بها الأزهر وكذلك سيتم عقد مؤتمر عالمى للتجديد فى الفكر والعلوم الإسلامية فى النصف الثانى من هذا العام سيمثل فيه كل العلماء الرسميين من أفريقيا، وهناك أيضاً مؤتمر يعقد بناء على طلب من الأمم المتحدة فى داكار بالسنغال خلال شهر أبريل حول التحفيز والإعداد للقادة غير السياسيين وهم الدينيون والاجتماعيون وقادة المجتمع المدنى لوضع حد لمسألة ختان الإناث وزواج الأطفال والزواج القسرى، كما أن هناك معهدا سينشأ فى أسوان للطلبة الأفارقة موازيا لمعاهدنا هنا «ابتدائى - إعدادى - ثانوى بنين وبنات» يؤهلهم للالتحاق بالجامعة وبمناسبة أسوان فقد أطلق عليها هذا العام لقب عاصمة الشباب، وعندنا وفود من علماء الأزهر ستزور معظم دول أفريقيا وسيتم إنشاء مراكز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين، والدول المرشحة لهذا هى موريشيوس وبوركينا فاسو وجزر القمر والخطوات فى هذا المشروع سريعة جدا.

وبيّن فضيلة الإمام الكبر أنه بمناسبة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى تمت مضاعفة عدد المنح المقدمة لأبناء القارة الأفريقية من 800 إلى 1600 منحة وكذلك سنضاعف الوعاظ والأئمة من أبنائنا الأفارقة المتخرجين فى الأزهر الشريف.. ولا أخفى عليكم أن المدرس أو الواعظ الذى يرسل إلى أفريقيا يكلف الدولة الكثير جدا ولكن إذا تولى هذا العمل أحد أبناء أفريقيا من خريجى الأزهر فسيكون ذلك أيسر بكثير جدا فى ضوء موازنتنا.

وانتقل فضيلة الإمام الأكبر للحديث عن جامعة الأزهر، وجهودها فى المجال الأفريقى، قائلا إنه سيتم افتتاح مقر الجامعات الأفريقية بجامعة الأزهر فى 12 مارس المقبل ليكون مسئولا عن كل جامعات شمال أفريقيا، كما أن جامعة الأزهر ستستضيف مجلس إدارة اتحاد الجامعات فى 4 و5 يوليو 2019 وستنظم المؤتمر الأول لاتحاد الجامعات الأفريقية من 7 إلى 11 يوليو 2019 وسيحضره نحو 1000 رئيس جامعة أفريقية بخلاف 500 جامعة وهيئة تدريس من الدول الأفريقية المختلفة وممثليها ومن اتحاد الجامعات الأوروبية.. مضيفا أن المركز الدولى الإسلامى للدراسات والبحوث السكانية بجامعة الأزهر سيعقد الدورة التدريبية للقيادات الدينية لعدد 9 دول لبحث قضية ختان الإناث وزواج القاصرات، ووافق الأزهر على مشاركة وفد من المركز فى المؤتمر العلمى للصحة الإنجابية والعقم الذى تنظمه الجمعية السودانية لأمراض النساء فى الفترة من 20 إلى 22 فبراير بالسودان.. مضيفا فضيلته: لدينا مثل هذا وأكثر فيما يتعلق بصلة القربى ما بين الأزهر وأبنائنا من أفريقيا.

جهود كثيرة

وعقب كلمة فضيلة الإمام الأكبر بدأت أسئلة الوفد الإعلامى الأفريقى بسؤال من فاطمة كمورة - وزارة الإعلام القسم العربى بجمهورية غينيا: مع رئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى للاتحاد الأفريقى ما الذى يقدمه الأزهر للقارة؟

وأجاب فضيلة الإمام الأكبر بأن تولى الرئيس السيسى للاتحاد الأفريقى فرصة ثمينة لزيادة تمتين العلاقات والتعاون بين القارة الأفريقية والأزهر.. فبخلاف الشأن الدعوى هناك جهود كثيرة يتعاون الأزهر فيها على مستوى التعليم والمنح للطلاب والتى تضاعفت كما ذكرت من 800 إلى 1600 للكليات العملية والنظرية وكذلك على مستوى إرسال الوعاظ والأئمة والمدرسين وإقامة المعاهد الأزهرية التى اتفق عليها الأزهر (مصر)، حيث إن ميزانية الأزهر من مصر، وتدريب الأئمة الأفارقة وإرسال أساتذة متخصصين فى مناقشة بعض الأمراض الاجتماعية التى تعوق أو تعكر تقدم هذه القارة مثل إهمال شئون المرأة وحقوقها الشرعية وما تستحقه من مكانة جديرة بها وهناك أمور أخرى أكثر ستصب فى شئون القارة لتحقيق التنمية ونحن نعير اهتماما خاصا بالنهضة العلمية والتقنية مع النهضة الاجتماعية والنسائية لهذه القارة.

وفى سؤال لمذيع التليفزيون الجيبوتى خضر جبريل قال: ما آليات التعاون بين مؤسسة الأزهر والمؤسسات الدينية المحلية فى أفريقيا؟ وهل هناك إستراتيجية طويلة المدى فى أفريقيا؟

وأجاب فضيلة الإمام الأكبر: نحن نتعامل مع المؤسسات الدينية الرسمية كوزارة الأوقاف أو غيرها لأننا لا نعرف المؤسسات الأخرى، ولكن صادفتنا مشكلة هى أن المؤسسات الدينية هناك ليست واحدة فهناك مثلا ما يسمى بالمجلس الإسلامى الأعلى فحين تذهب المنح يقول البعض: «لم يبلغنى أمر هذه المنح» وأتمنى أن تنظمها سفاراتنا فى الخارج فهى التى تعرف المؤسسات الدينية هناك بحيث تتولى توزيع هذه المنح المرسلة من الأزهر أو يتفقوا على طريقة للتوزيع.. وبنظرة مستقبلية بعد أن قرر الرئيس مضاعفة عدد المنح لتصبح 1600 شاملة جميع النفقات بدءا من خروجهم من منازلهم إلى أن يأتوا لنا ومسكنهم وكل ما يحتاجونه برعاية كاملة إلى أن يعودوا إلى بلادهم إن شاء الله أعمدة تقدم وازدهار لبلادهم وللإسلام والمسلمين، وكثير من المعاهد والهيئات الدينية بأفريقيا ترسل لنا برامجها ومناهجها من أجل مواءمتها ومعادلتها مع نظيرتها فى الأزهر، ودائما ما أزور معهد البعوث للتعرف على المشاكل الشخصية لكل طالب وطالبة بخلاف تسهيل مهمة برلمان الوافدين، فرئيسه هذه الدورة من أفغانستان ووكيلته من أفريقيا الوسطى وينقل لى المشاكل واقوم بحلها بصفة شخصية حتى إنهم يسموننى الآن «أبو الوافدين» وأرى أن الكنز الثمين يتمثل فى 35000 طالب وطالبة من الوافدين والوافدات من 108 دول، حيث تم فتح أبواب التعليم العملى فى الطب وكانوا يحصلون على مصروف قليل قمنا بزيادته ليصبح 1000جنيه و1500 لمن يقيم خارج مدينة البعوث.

الأخوة الإنسانية

وفى سؤال للكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام: هل عند زيارتك لبلد أفريقى يكون اهتمامك مقصوراً على السكان المسلمين؟ فكثير من الدول الأفريقية تكاد تكون منقسمة نصفها مسلم ونصفها غير مسلم..

وأجاب الإمام الأكبر: حينما ذهبت إلى نيجيريا زرت معسكر الفارين من بوكو حرام واحتضنت طفلة والله لا أعلم إن كانت مسلمة أو مسيحية ولكنها كانت تلبس ثيابا بالية وممزقة ويومها قلت: أين ضمير العالم؟ أين الأمم المتحدة؟ أين جامعة الدول العربية؟ واندمجت بينهم ووعدت قبل أن أغادر هذا المكان بأن أرسل قافلة، وتكرر الأمر مرتين أى قافلتين لهذا المعسكر.. فوالله لقد دخلت هذا المعسكر وخرجت منه وشعورى موحد ولا أعرف ولا أريد أن أعرف المسلم من غير المسلم فتربيتى فى الأزهر منذ كانت سنى عشر سنوات أن هناك أخا لك فى الدين أو نظيرا لك فى الإنسانية وقالوا لنا إن حقوق الأخوة الإنسانية أكثر من حقوقها فى الدين.. هذا ما تربينا عليه ولذلك سعى الأزهر إلى الفاتيكان والفاتيكان قدم إلى الأزهر وعملت مع قداسة البابا ما يقرب من عام كامل فى صمت مطلق للتحضير لوثيقة الأخوة الإنسانية التى أتمنى أن تقرأ بعناية ومن المصادفة الحسنة أن سكرتيره والمترجم له الأب يؤانس جيد مصرى ومن سوهاج.

وفى سؤال من أحمد ياسين عبدالرحمن مقدم أخبار فى التليفزيونى الوطنى بدولة تشاد يقول: ما دور الأزهر فى الدول غير الإسلامية التى بها أقليات مسلمة فى أفريقيا وخارجها؟

قال فضيلة الإمام الأكبر: من ضمن بنود الوثيقة التى خرجت وطافت العالم شرقا وغربا مفهوم المواطنة الذى يقوم على المساواة والحقوق التى ينعم بظلالها الجميع، لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة فى مجتمعاتنا، والتخلى عن الاستخدام الإقصائى لمصطلح الأقليات الذى يحمل فى طياته الإحساس بالعزلة والدونية ويمهد للفتن والشقاق ويصادر على الثقافات وحقوق بعض المواطنين الدينية والمدنية ويقدس ممارسة التجنيب بينهما، ولابد أن نلغى كلمة أقلية، فهم مواطنون، وطالبنا المسلمين فى البلاد غير الإسلامية بأن يندمجوا اندماجا إيجابيا لا يؤثر على عقيدتهم وشعائرهم، واحترام قوانين هذه البلاد أمانة شرعية وإذا صدرت قوانين لهذه البلاد تقيد حرية المسلم فى أن يمارس شعائره أو عبادته فعليه أن يلجأ للحل عن طريق القانون والقوانين فى الدول الغربية تحترم حرية العبادة والشعائر للناس جميعا.. فمفهوم الحرية كما جاءت فى الوثيقة هى «حق لكل إنسان اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة وأن التعددية والاختلاف فى الدين والنوع والجنس والعرق واللغة لحكمة ومشيئة إلهية قد خلق الله البشر عليها وجعلها أصلا ثابتا تتفرع عنه حرية الاعتقاد وحرية الاختلاف وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة أو أسلوب حضارى لا يقبل الآخر».. أخذنا هذا من حديث صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أرسل كتابه إلى أهل اليمن كان من ضمن البنود أنه: «من كره الإسلام من يهودى أو نصرانى فلا يحول عن دينه».. هذا من الأصول الثابتة فى شريعتنا.

وأستغرب مما يحدث فى شمال تشاد من هذا الصراع فهذا ليس أساسه الإسلام وإنما هؤلاء شباب اختطف وعُبئ بعبوة مغشوشة مغلفة بالدين والإسلام وقلنا إن الأديان غير مسئولة عن الإرهاب والمسئول عن الإرهاب السياسات العالمية الظالمة التى تخلق بؤرا من التوتر وتستغل الخلافات المذهبية والطائفية من أجل تشغيل مصانع السلاح واقتصاديات التسليح ولاستيعاب هذا ضع أمامك خريطة العالم وقل لى أين يعمل هذا السلاح؟ فى بلادنا.. فمهم بالنسبة لهم بوكوحرام وداعش وأسماء كثيرة بداعى الزج بالأديان لكى تكسب كثيرا من الغطاء الدينى لأنه القادر على حشد الكثير من الشباب والسؤال هل هؤلاء عاجزون عن إنهاء داعش فى أيام معدودة؟ لكنهم يتركونهم يذهبون ويمرحون فى العراق وسوريا رغم أن عندهم من التقنيات والأساطيل ما يمكنه رصد الذبابة التى تطير فوق البحر المتوسط كما يقولون.. ولابد أن ننتبه لهذا ومن غير المقبول إدانة الأمة الإسلامية، فالأمة الإسلامية غير إرهابية.. نحن نقول هذا الكلام وهذا واجبنا أن ندافع عن أمتنا ونقول للأمم الأخرى: أنتم ضللتم الطريق، فحضارتنا حضارة إنسانية أشعت العلم والنور لم يكن لها مكيالان فى المسألة الواحدة ولم يكن لها أكثر من ميزان تزن للأبيض بميزان ولغير الأبيض بميزان آخر.. أتمنى أن يسمع الغرب هذه النصائح.

الأسباب الحقيقية

أما على عبدى حوسوا رئيس القسم الصحفى والعلاقات العامة بوزارة الخارجية الصومالية فكان سؤاله: كيف نتغلب على الإرهاب الذى شوه سمعة الإسلام؟

فأجاب فضيلته: لا بد من التعرف على الأسباب الحقيقية التى نتج عنها هذا الإرهاب وإلا سوف نظل ندور فى حلقة مفرغة لأن معرفة الأسباب تضع العلاج.. هل الأسباب كما يقولون هى الإسلام؟ طبعا لا، ودائما نقول ليل نهار: الأديان كلها: لا اليهودية ولا المسيحية ولا الإسلام كدين ولكن من الأسباب التى أدت لوجود هذا السرطان اللعين أولا أن المنطقة لم تتعامل مع هذا بموقف مصيرى موحد.. السبب الثانى أن الصوت الصحيح فى التعليم الدينى لم تتح له فرص فأصبح هو الصوت الأخفت فى مقابل فتح المجال للتشدد.. وباختصار لا بد من انتشار التعليم الأزهرى لأنه القادر على أن يقول: قف أنت المخطئ فى فهم الإسلام لأن تعليمنا ومنهجنا يعصمنا من الوقوع فى براثن هذه الأفكار، ولكن للأسف الشديد الأزهر هو الذى تم إلباسه عباءة التشدد والتطرف ورغم أننا نعرف المجرم والمفروض أن تكون هناك شجاعة لمواجهته إلا أن الشجاعة استدارت على الأزهر.

أسماء من السودان سألت: ما دور الأزهر تجاه الفتاوى المنتشرة بوسائل التواصل الاجتماعى خاصة الشاذة منها؟

وفى رده على سؤالها قال فضيلة الإمام الأكبر: نحن تنبهنا إلى هذا وأنشأنا ما يسمى بمركز الأزهر العالمى للرصد والفتوى الإلكترونية الذى يتعامل مع كل ما يتعلق بالإسلام والحركات المتشددة المتطرفة ويتعامل بـ12 لغة وسوف ترون ذلك بأنفسكم حيث يرصد ما تبثه المواقع الإرهابية والمتطرفة من مجلات وفتاوى ومقالات وأحيانا يتم رصد 1000 رسالة فى اليوم.. فمن يقدر على هذا إلا إذا كان هناك من يمول ويساعد فى تفشى كل هذه الرسائل لتصل إلى شباب مغرر به ومع ذلك لدينا من يعمل 24 ساعة حتى يتم رصد هذه المقالات ثم تتم ترجمتها والرد عليها من قبل العلماء ثم بثها مرة أخرى للرد عليها وأنا شخصيا يأتينى كل أسبوع رصيد منها للرد وفى نفس المبنى هناك قسم للفتوى الإلكترونية يستقبل من العالم كله ويتم الرد الشرعى لتصحيح هذه المغالطات.

عمر فرح رئيس القسم العربى بوكالة الأنباء الصومالية سأل: كيف يمكن إعادة بعثة الأزهر الشريف إلى الصومال لضبط الأعمال الدعوية والتعليمية وإلى جميع الدول الأفريقية؟

أجاب فضيلة الإمام الأكبر: بعثة الصومال توقفت للوضع الأمنى هناك، وطلبت هنا من فترة لجنة خاصة لإعادة بعثة الأزهر إلى الصومال وإنشاء بعض المراكز التعليمية وسوف نرسل لكم نتيجة ما أقرته اللجنة خلال هذا الأسبوع وهذا حل عملى سريع.

محمد يوسف من دولة إثيوبيا: هل هناك خطة لتقديم دعم لمسلمى إثيوبيا فى نشر الدعوة الإسلامية للاستفادة من برامج الأزهر الشريف ومشاطرة الخبرة الإثيوبية فى تنظيم المؤسسات الإسلامية، علما بأن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية فى إثيوبيا يقوم فى الوقت الحالى بإعادة هيكلة تنظيمه؟

نحن مستعدون لإرسال 35 منحة هذا العام لإثيوبيا ولم نقصر فقد كنا نرسل منحا كثيرة لكم ولكنها كانت ترد كاملة أو يأخذها واحد أو اثنان يأتوننا عبر دولة أخرى وحاولنا كثيرا - وهنا تدخل محمد يوسف وقال بأن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية قرر ترك السياسات السابقة - واستكمل فضيلة الإمام الأكبر: نحن مستعدون لاستضافة رئيس المجلس الأعلى ويجلس معنا لتلبية احتياجات أشقائنا فى إثيوبيا.

تجديد الخطاب الدينى

أبوبكر حيدر من جمهورية مالى: يكثر الحديث عن تجديد الخطاب الدينى.. فما دور الأزهر فى ذلك؟

ورد فضيلة شيخ الأزهر قائلا: الملاحظ فى الثلاثين عاماً الماضية أنه غلب على أسماع الناس أنهم يسمعون خطابا دينيا ولكنه فى حقيقته خطاب منحرف عن الدين ركّز على الشكل ونسى الجوهر واهتم بزرع الفتنة بين المسلمين وحرص على تقسيمهم إلى فاسق ومبتدع وإلى كافر وإلى سنى وشيعى ومعاملة غير المسلم بشكل عام معاملة لا إنسانية مدعين أن ذلك من الإسلام ووراءهم قوة تمدهم وتتيح لهم قنوات فضائية كبيرة جدا والمقصود أن يغير هذا الخطاب أو يبدد ويستبدل به الخطاب الصحيح وتجديد الخطاب بمعنى أن نعود إلى الخطاب الصحيح والتجديد أصل من أصول الإسلام وجميعا نحفظ الحديث الشريف «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها»، فالتجديد أمر مطلوب ومرسخ فى الفلسفة الإسلامية، وكثير منهم يرى - وأنا واحد منهم - أن التجديد عودة إلى الأصل مع ما استجد من أمور لم تكن موجودة من قبل ونحن جميعا مقصرون فى هذه النقطة، فبعض الناس تخاف من أن تجدد فيتهمه البعض بأنه خرج عن القالب المتصور... ومنا من يشتد الورع عنده إلى درجة المساءلة أمام الله: ماذا صنعتم بعبادى وأمتى ومع مشاكلهم المعاصرة وأنتم أهل العلم؟ وعندنا مؤتمر عنوانه التجديد فى الفكر أو التنوير الإسلامى ندرس العنوان حتى يخرج بأنسب مطلب.. حقيقة أنا أرى أن التجديد 90% منه يتعلق بالمرأة المسلمة المسكينة التى ألفت العبودية.. لا بد من تحرير المرأة من العادات والتقاليد التى ترسف فى أغلالها والشريعة نزلت لكى تحررها من هذه الأغلال وسيكون محورا كبيرا فى المؤتمر بالإضافة إلى مشكلات أخرى كالبنوك والشورى والديمقراطية وتولى المرأة المناصب العامة وحكم الكسل فى العمل.

حسين - محرر الأخبار بصحيفة أخبار غينيا التابعة لوزارة الإعلام الغينية: شباب أفريقيا متوجهون إلى أوروبا فى هجرة غير شرعية.. ما توجيهات وإرشادات ودور الأزهر لحل هذه القضية؟

الأزهر لا يدخل فى القضايا السياسية ولا حتى القضايا المسيسة التى لها طابع اجتماعى ولكن لسبب أو لآخر تسيس، ومع ذلك كان للأزهر صوت عال فى قلب أوروبا وأنهم إن لم ينشروا التنمية فى جنوب المتوسط ستحتل أوروبا احتلالا تاما من أفريقيا وكانت كلمة رئيس الاتحاد الأوروبى بعدى ووافق على هذا الكلام وقال: أنا موافق عليه تماما لا بد أن يعاد العدل فى توزيع الثروات.. والحل ليس فى يد الأزهر بل فى الإعلام بأن يشجع الشباب الأفريقى على العمل والبقاء فى بلاده.. وأسألكم: ماذا صنعتم لشبابكم فى القارة الأفريقية وقد بوأكم ربكم مكانا يصل منه صوتكم إلى كل جحر فى أفريقيا؟ فأنتم المسئولون أمام الله..

مكافحة التطرف

شاكر عليلى مذيع الأخبار من هيئة الإذاعة والتليفزيون الجيبوتى سأل: ما خطة الأزهر لنشر تعاليم المنهج الصحيح لمكافحة التطرف فى القارة الأفريقية؟

وأجاب فضيلته: من يسألنا عن كيفية محاربة التطرف عليه أن يقرأ كتاب الثقافة الإسلامية المقرر على طلاب الأزهر، وهناك 2 مليون طالب يدرسونه فى المرحلتين الإعدادية والثانوية ونخرج نصف مليون طالب سنوياً يحارب هذه الأفكار المتطرفة، وهناك كتب تدرس للصف الثالث الثانوى للتحذير من الانضمام لجماعات العنف والتطرف وفيه أيضاً حكم التدخين والخمر والمخدرات والإلحاد وفيه معالجة لكل أشكال العنف والتطرف والأفكار المتشددة.. ومع ذلك تسهر علينا بعض القنوات الفضائية تقول بأن الأزهر يساعد الفكر الإرهابى.. إلى آخر هذه الافتراءات.

وسأل عبدالقادر- معد برامج فى إذاعة مالى: ما دور الأزهر فى المشاكل المذهبية والعلاقة مع الشيعة خصوصاً فى القارة الأفريقية؟

وقال فضيلة الإمام: نحن دارسون للتشيع.. والتشيع كمذهب لا أستطيع أن أقول بأنه خارج الإسلام فهذا كلام خطأ، وقد أُلفت كتبا فى هذا.. وقد كان لى برنامج استغرق شهرا كاملا فى رمضان فى التفرقة بين المذهب السنى والشيعى علمياً دون تكفير أو تسييس. لكن المشكلة فيمن يسيسون المذاهب ويوظفون ذلك فى إراقة الدماء، وفى جميع الأحوال أهل السنة لا يرضون أن تنتشر فى بلادهم حركات لصرفهم عن مذاهبهم وهذا موجود فى أفريقيا وقلناه كثيرا: اتركونا نذهب إلى أفريقيا، فإن لم يذهب الأزهر إلى أفريقيا فسوف تجد هناك مذاهب مسيسة ومتشددة لن تنتج إلا صرف الناس عن منهج أهل السنة الصحيح، والحل نشر التعليم الأزهرى بأكبر قدر ممكن ودعمه، لأننا لا نريد أن تتحمل ميزانية الدولة المصرية أكثر مما تحتمل، لأننا نعتقد أنه لا بد من دعم التعليم الأزهرى فى أفريقيا ولو تحملت كل دولة تكلفة 1000 طالب ستحل كثيراً  من المشاكل.

طباعة
كلمات دالة: الأزهر وإفريقيا
Rate this article:
5.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg