| 28 مارس 2024 م

محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب: ذئاب منفردة في الدرب الأحمر

  • | الإثنين, 25 فبراير, 2019
محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب: ذئاب منفردة في الدرب الأحمر
محمد مصطفى أبو شامة

 

الإرهاب هو حديث الساعة فى مصر، وهو حديث ذو شجون، فقد حصد فى عمليات ثلاث تمت خلال الأيام القليلة الماضية ارواحا طاهرة من شهدائنا فى القاهرة وسيناء، فى عودة مفاجئة للعمليات الإرهابية المكثفة التى تستهدف الجيش والشرطة، ومع الحزن الصادق على الدم المصرى الغالى، أتمنى أن لا تهتز ثقتنا فى أنفسنا، وفى قدرات جيشنا وشرطتنا التى تتجلى فى نجاحات يومية فى إفساد عشرات العمليات الإرهابية، والتى لا تأخذ حظها من الرواج الإعلامى، مقابل عمليات محدودة لولا بسالة جنودنا فيها لتضاعف أعداد ضحاياها، وهى التى يقف أمامها الرأى العام حزيناً موجوعاً على أبناء مصر الذين افتدوها بدمائهم الطاهرة. وبعد أن ننعى شهداءنا ونقرأ لهم الفاتحة وندعو لذويهم بالصبر والسلوان، وبعيدا عن تفاصيل الحوادث الثلاثة الأخيرة، فإن نظرة عامة على أوضاع تنظيم الدولة (داعش) لصاحبه أبوبكر البغدادى فى سوريا ربما تعطينا مؤشرات وتفسيرات لما حدث وسيحدث فى مصر، خاصة بعد أن أعلن الفصيل المصرى من التنظيم مسئوليته عن عملية سيناء الأخيرة والتى راح ضحيتها 15 شهيدا.

فقبل أيام قامت قوات سوريا الديمقراطية بحصار قرية الباغوز، آخر «جيب» يسيطر عليه تنظيم الدولة على نهر الفرات، وأصبح العالم ينتظر إعلاناً وشكياً عن سقوط تنظيم داعش الذى أفزع الدنيا خلال السنوات الخمس الأخيرة، وقد انشغل قادة ومحللون سياسيون دوليوين بمستقبل محاربى التنظيم، وتطوع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالنصح عبر تغريدة له هذا الأسبوع، طالب فيها الدول الأوروبية وخصوصا بريطانيا، بإعادة ومحاكمة مواطنيها الجهاديين المعتقلين فى سوريا، محذرا من أن الولايات المتحدة قد تضطر للإفراج عنهم. ويحتجز الأكراد فى سوريا بحسب تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، مئات من الجهاديين الأجانب، يبلغ عددهم نحو 800 على الأرجح يضافون إلى النساء غير المقاتلات والأطفال. ومن الدول المعنية بإعادة هؤلاء تونس والمغرب والسعودية وتركيا وروسيا، وكذلك فرنسا وألمانيا وبلجيكا.

وإذا كان السؤال الذى يشغل بال كل دول أوروبا هو: كيف سيتم التعامل مع العائدين من تنظيم الدولة الإسلامية؟، فإن من حقنا فى مصر ومحطينا العربى أن نسأل أيضاً، أين سيذهب الذين لن تقبل دولهم الأوروبية بعودتهم؟، خاصة بعد أن نشرت تقارير تؤكد فتور استقبال مسئولين أوروبيين لدعوة ترامب، مما يشير لعدم رغبتهم فى استعادة مواطنيهم المعتقلين فى سوريا، ويقفز هنا السؤال الأصعب، وماذا عن مستقبل داعش، الفكرة وليس التنظيم فقط؟

إن الفكر الإرهابى المدمر الذى يتبناه هذا التنظيم الملعون، أصبح يستشرى فى العالم كالسرطان، ولم تنج دولة من مخاطره، وكل الاحتمالات تشير إلى أن أفريقيا هى الأقرب لتكون إحدى دولها مقرا لأعمال التنظيم، ولأنه تنظيم فاسد يلهث وراء المال ليضمن وجوده، فإن التمويل سيكون عاملا فاصلا فى ضرباته المقبلة وظنى أنه سيتحول إلى «قاتل مأجور»، وكالعادة سوف يجمل عملياته القذرة بغطاء شرعى يستثمره فى تجنيد عناصره التنفيذية، ثم يمنحهم «ختم الدين» ويدفعهم إلى الميادين المستهدفة، ولا مانع من أن ينسب إلى نفسه عمليات عشوائية ينفذها من اصطلح على تسميتهم بـ«الذئاب المنفردة»، وهم عناصر إرهابية غير منظمة لا تخضع إلى تنظيم هرمى، يتلقون منه التعليمات لتنفيذ عملياتهم الانتحارية، بل يقومون بالتخطيط والتنفيذ ضمن إمكانياتهم الذاتية. وربما يكون الحسن عبدالله، منفذ عمليتى مسجد الاستقامة بالجيزة والدرب الأحمر، هو حالة من هؤلاء الذئاب المنفردة، الذين يتوقع كثرة ظهورهم فى المدن المصرية والعربية والأفريقية خلال الشهور المقبلة، بعد السقوط المرتقب لداعش فى سوريا.

حفظ الله مصر، ورحم الله شهداءها وأعان حماتها من الجيش والشرطة.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg