| 19 أبريل 2024 م

رمضان.. ارتقاء بالأخلاق أم استعراض للتفاهات وانحطاط للقيم؟!

  • | الأحد, 19 مايو, 2019
رمضان.. ارتقاء بالأخلاق أم استعراض للتفاهات وانحطاط للقيم؟!

علماء الدين: المسلسلات وبرامج المسابقات والمقالب إلهاء متعمد عن خيرات رمضان

أهل الفن: كثافة المسلسلات بسبب زيادة الإعلانات.. وهناك رقابة وغرامات لمن يتجاوز

 

قبل أن يهل هلال رمضان بشهور يبدأ منتجو المسلسلات والبرامج التليفزيونية سباقا محموما لإنتاج مسلسلات وبرامج لا حصر لها.. ليست هذه هى المشكلة ولكن المشكلة هى مضمون هذه المسلسلات والبرامج الذى يتنافى مع الشهر الكريم من وجوب التحلى بالأخلاق الكريمة والتقرب إلى الله بالعبادات والصدقات وقراءة القرآن لكننا نجد العديد من المسلسلات تتضمن مشاهد العرى والألفاظ الخادشة للحياء وبرامج المسابقات والمقالب تعج بالتفاهات والشتائم البذيئة التى تصل إلى «سب الدين» من بعض الضيوف حال استفزازهم من مقدم البرنامج.. هذه المسلسلات والبرامج يصفها علماء الدين بأنها ملهية عن فضائل الشهر والخير العظيم الذى يعود على المسلم من تأدية صومه بخشوع وإيثار المعانى النبيلة بينما يصفها أهل الفن بالبراءة من تلك التهم وتقديم الأهداف والغايات والرسائل النافعة التى تعالج المشكلات الملحة للمواطنين.. بين هؤلاء وهؤلاء نستعرض القضية فى التحقيق التالى..

أكدت الدكتورة بشرى إسماعيل أرنوط أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة الزقازيق أن وسائل الإعلام المختلفة من أكثر العوامل المؤثرة فى سلوك الفرد وتفكيره واتجاهاته، وبخاصة فى شهر رمضان الكريم إذ تنال الأعمال الدرامية من مسلسلات وأفلام النصيب الأكبر من نسبة المشاهدة لدى قطاعات عريضة من أفراد المجتمع المصرى بل والعربى بكافة فئاته العمرية والاجتماعية والمهنية.

وأضافت أرنوط: ونظراً لهذا الإقبال على الدراما التليفزيونية سواء من الأطفال أو الكبار يجب على القائمين بهذه الأعمال تقديم مادة مفيدة ونافعة لكافة أفراد المجتمع، لتسهم فى النمو المعرفى وزيادة الوعى الثقافى والمجتمعى ونمو القيم التى تشكل الشخصية المصرية والعربية ولكن كغيرها من الوسائل الترفيهية لها مميزاتها وعيوبها فنجد أن هناك بعض الأعمال الدرامية التى تقدم سلوكيات سلبية لأبطالها مثل الإدمان والتدخين والبلطجة والعنف والتهرب من العمل والاحتيال وغيرها من السلوكيات المضادة للمجتمع، فيتسبب ذلك فى ترسيخ مثل هذه النماذج السلبية فى أذهان الشباب مغلفة بإطار جذاب ساحر، فيها يحقق البطل كافة أهدافه وبسهولة وينال كافة حقوقه، مما قد ينتج عنه خلل فى المنظومة القيمية لكافة فئات المجتمع. هذا فضلاً عن أن معظم الأعمال الدرامية يتضمن محتواها العنف وتقديم نماذج سلبية براقة لأبطال فى سلوكيات عدوانية مختلفة إما فى صورة جان أو ضحية تثير تعاطف المشاهدين وهذه الأعمال الدرامية تقدم لنا نماذج لظواهر يرفضها المجتمع بكافة فئاته مثل التحرش والعلاقات غير المقبولة والألفاظ النابية والايحاءات الجنسية وغيرها. وأوضحت أنه لا بد أن يتكون لدى المشاهد الوعى بضرورة انتقاء النافع من هذه الأعمال الدرامية والمناسب لجنسه ولمرحلته العمرية، وتجنب مشاهدة الأعمال التى تضر به وبأبنائه، والتوقف عن مشاهدة ما يضر بصحته النفسية، وعلى الآباء نصح أبنائهم وكل أفراد أسرتهم بالحسنى وعدم استخدام أسلوب العقاب واللوم والتوبيخ بل الحرص على الحوار المتبادل الفعال معهم حول اختيار ما يفيد من الأعمال الدرامية لمشاهدتها والابتعاد عن الضار الذى قد يخدش الحياء، مع تقنين فترات وأوقات المشاهدة والحرص على ممارسة أنشطة متنوعة تنمى الشخصية وتسبب الرفاهية والسعادة والاستمتاع بحياة أفضل.

وأكدت الدكتورة أرزاق فتحى أبوطه مدرس العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة جامعة الأزهر أن شهر رمضان شهر القرآن لا شهر التسالى قال تعالى «ما فرطنا فى الكتاب من شىء» وهو الكتاب الذى احتوى على الدستور الأخلاقى الذى من تمسك به أفلح ونجح، ومن بعد عنه خاب وشقى فهنيئاً لمن اغتنمه.

وأضافت: للأسف أننا نجد لا مبالاة من القائمين على الأعمال التليفزيونية فى شهر رمضان حيث يروجون لها ترويجا واسعا ويحرصون حرصا شديدا على أن تكون فى شهر رمضان وكأن رمضان هو شهر خصص للهو والتسلية والانصراف عن العبادة بكل المعانى فالدين ليس ضد الأعمال الهادفة التى تعمل على غرس القيم والمثل التى يدعو إليها المجتمع والتى هى بدورها دعوات الأديان السماوية وتعاليم الأنبياء والرسل عليهم السلام وإنما هو ضد كل من يحارب القيم والتعاليم السماوية وكل ما يؤثر بالسلب على المجتمعات ويشيع الرذيلة ويعمل على خلق جيل هش ضعيف فارغ من كل ما له قيمة، ففى هذا الشهر الكريم الذى ينبغى أن نغتنم كل لحظة فيه للعبادة نجد اكتظاظ التليفزيون بالمسلسلات لدرجة الانفجار المسلسل تلو الآخر دون اعتبار لوقت صلاة ولا وقت عبادة لمن جعل همه فيها وصرف نفسه لها.

وأوضحت أرزاق أن كثيرا من هذه الأعمال بها ألفاظ بذيئة وإيحاءات جنسية تثير الغرائز وألفاظ ومصطلحات لا أدرى من قام بوضعها غزت الشوارع فى معظم الأحياء وبين أغلب الطبقات فهل هذا ما نقدمه لأولادنا من الأخلاق والقيم؟ أين الجانب الأخلاقى والدعم النفسى لأولادنا فى المسلسلات الذى كان موجودا من قبل وكاد ينعدم الآن؟ أين الفن الهادف الذى كان يدعم الأسرة فى تربية الأبناء من خلال القيم والمبادئ التى كان يحاول غرسها فى نفوس أبنائنا؟ للاسف اختفى كل ذلك وحل مكانه عنف وإجرام وألفاظ بذيئة وايماءات جنسية وشرب خمر ومخدرات ظهرت فى عبوس وقشعريرة على أوجه الآباء والأمهات من واقع الألفاظ التى تقرع أذانهم والأخلاق المتدنية التى تؤثر بالسلب على أبنائهم الذين يودون أن يغموا أعينهم عن المناظر إلى يرونها ويحجبون آذانهم عن الألفاظ التى يسمعونها وهم يجلسون معهم عند اقتحام أحد إعلانات هذه الأعمال أثناء مشاهدتهم للتليفزيون.

وتساءلت: ماذا لو استغلت الأموال الطائلة أو جزء منها التى تصرف على هذه الأعمال التى تؤذينا وتؤذى أولادنا فيما فيه صالح أولادنا وبلادنا؟ إننى أناشد القائمين على هذه الأعمال أن يخلوا لحظة إلى نفوسهم ويحاسبوها ماذا أقدم ولمن أقدم وما العائد علىّ من ذلك؟

على الجانب الآخر يدافع المخرج جمال العدل عن أسباب الكثافة الدرامية للمسلسلات والأعمال الفنية فى شهر رمضان ويرجع ذلك لسبب رئيسى وهو نسبة الإعلانات خلال هذا الشهر فهى نحو 33% وطوال السنة 66% أى بواقع أقل من 6% كل شهر ولذلك نجد الصراع الفنى على أشده من حيث المعروض الدرامى وللمشاهد حرية الاختيار فى أن يحدد واجهته من أين يستفيد فهناك أعمال تناقش قضايا أخلاقية مجتمعية ملحة ظهرت فى المجتمع ولابد من مواجهتها وإبراز سلبياتها ومناقشتها ولا ندفن رءوسنا فى الرمال إذا أردنا وضع منهج الإصلاح والتقدم والأعمال الفنية من ضمن الأسلحة التى يستعان بها فى مواجهة الأفكار والعادات السيئة وبيان آثارها النفسية والاجتماعية بل هى الوجه الآخر لما يحدث على أرض الواقع.

وأشار العدل لمن يتهمون المسلسلات والأعمال الفنية بأنها تلهى الناس عن الشهر الفضيل أنها لا تمنع الإنسان عن صلاة التراويح أو مشاهدة البرامج الدينية أو الرياضية فالشخص هو من يمسك الريموت كنترول ويوجهه لما يريد بدليل أن هناك من يترك التليفزيون ويذهب للصلاة بل ويعتكف والكل يفعل ما يشاء وسيحاسب على ما قدمت يداه..

وأوضح السيناريست والمؤلف محمد رجاء أن نظرتنا للأمور قد تكون محدودة نتيجة الثقافة المتوارثة من النظرة الضيقة فى التقييم والحكم المسبق وكيل الاتهامات للفن نعم هناك مشاهد وألفاظ خادشة فى بعض الأعمال وهناك أيضاً رقابة وغرامات لمن يتجاوز فمهمة الفن راقية فى معانيها ومضمونها فبها نهذب النفوس والوجدان ومنها ترتقى المشاعر وتغرس الثقافة النافعة وهناك من يترك المسلسل كله وما فيه من معالجة قضايا وطنية اجتماعية ودعوات الخير والإيجابية والترويج لأجمل الأماكن السياحية فى مصر ويتمسك بلقطة لمعالجة حالة موجودة فى شوارع وحارات مصر وأفرزت مصطلحات غريبة ونريد مناقشتها والناس لا يجبرها أحد على رؤية هذا أو ذاك أو أن تغلق التليفزيون.

طباعة
الأبواب: كلام يهمنا
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg