| 23 أبريل 2024 م

أ.د. عبدالحليم منصور.. يكتب: من فقه بناء الدول - رؤية شرعية

  • | الخميس, 19 سبتمبر, 2019
أ.د. عبدالحليم منصور.. يكتب: من فقه بناء الدول - رؤية شرعية
د. عبد الحليم منصور

من المعلوم فى أدبيات القانون أن للدولة أركانا ثلاثة تقوم عليها هى: الشعب، والإقليم، والسلطة الحاكمة التى تدير شئون المواطنين، وتقوم على حراسة الدين وسياسة الدنيا، على النحو الذى ينظمه الدستور الحاكم لسلوك الأفراد والقوانين المكملة له، وبغير ما سبق من أركان لا يوجد مفهوم الدولة بحال من الأحوال.

ظهرت فى الآونة الأخيرة جماعات شتى مثل: «داعش» وبوكو حرام»، وغيرهما من جماعات الإفك والضلال، واحتلت قطعا من بلاد العالم العربى والإسلامى، سواء فى سوريا، والعراق، وليبيا، أو فى بعض أجزاء سيناء المقدسة، وغيرها من بلاد العالم العربى والإسلامى، وتطلق على نفسها دولا باسم الإسلام، وتزعم أنها دولة الخلافة، وغير ذلك من الأوهام والأباطيل التى تروج لها جماعات الإفك والضلال فى العالم، والتى تتخذ من العنف والقتل وحمل السلاح فى مواجهة الآخر أسلوبا ومنهج حياة.

والسؤال الذى يطرح نفسه: هل هذه الكيانات تعد دولا حقيقية بالمعنى الفنى الدقيق لكلمة الدولة، أم أنه وهم اخترعته الجماعات الإرهابية لتسوق نفسها على حساب العامة من ضعاف الفهم والثقافة، حتى تحقق لها قبولا عند الناس.

وللإجابة عن هذا السؤال أقول: بالقطع هذه الكيانات والجماعات التى تحتل قطعا من بلاد العالم العربى والإسلامى لا يمكن بحال أن تسمى دولا بالمعنى الفنى الدقيق، وإنما هى جماعات إرهابية خائنة، تعمل لصالح أعداء الأمة، ولا تمت للإسلام بأى صلة وذلك لما يأتى:

أولا - إن أتباع هذه الجماعات أخلاط شتى تركوا أوطانهم، وبلادهم، وجاءوا تحت إغراء المال ليكونوا عونا على الشرق وأهله.

ثانيا - إن هذه الأراضى التى يقيمون عليها هى بلاد مغتصبة، سواء فى سوريا، أو ليبيا، أو العراق، أو غيرها من الدولة، وقواعد الشرع، والقوانين الدولية والإقليمية تجرم وتحرم اغتصاب أرض الغير دون وجه حق. فعن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين» رواه البخارى.

ثالثا - هؤلاء الذين يعلنون أنفسهم خلفاء أو حكاما هم كذبة وخونة وعملاء لا يفهمون معانى الخلافة، ولا أساليب الحكم، فلم يخترهم أحد من أصحاب هذه البلاد، ولم ينصبهم أحد مقاليدها، ومن ثم فلا يجوز أن يطلق على بعضهم أنهم حكام أو خلفاء، يمثلون الإسلام وأهله، وإنما الوصف الدقيق لهم أنهم كاذبون، مغتصبون، وخوارج، يحاربون الله ورسوله.ومعادون للإسلام وأهله. قال تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. «المائدة: الآيتان 33 - 34.

رابعا - إنهم ينبذون السماحة التى جاء بها الإسلام ويتخذون من القتل والعنف منهجا، ويعودون بالمجتمع إلى الجاهلية الأولى، ويجترون من الماضى مما أنهاه الإسلام وقضى عليه، مثل سبى واسترقاق الرجال والنساء.

خامسا - هذه الجماعات تعمل على ترويع الشعوب وإخافتهم، والاستيلاء على مقدراتهم، والعمل على قهرهم وإخضاعهم تحت سيطرتهم قهرا.

سادسا - هذه الكيانات نمت وترعرعت وصنعت على أيدى وأعين أعداء الأمة، ثم ما لبثت بين عشية وضحاها أن زرعت داخل الكيان العربى والإسلامى، بهدف السيطرة على منافع النفط، وخيرات دول الشرق، وإضعاف العالم العربى والإسلامى، وتفتيت لحمته، وتقسيم ما لم يقسم منه إلى دويلات عديدة متناحرة فيما بينها، ليظل العرب والمسلمون قابعين فى خلافاتهم تحت سيطرة الأعداء فى الداخل والخارج.

سابعا- من خلال ما سبق يتضح بجلاء انتفاء وصف الدولة على الكيانات والنتوءات التى صنعها الأعداء فى جسد الكيان العربى والإسلامى، وعلى جميع القوى الإقليمية والدولية مواجهة هذه الكيانات الإرهابية ودحرها، ليعم الأمن والأمان أرجاء المجتمعات الإنسانية قاطبة.

حفظ الله مصر .. حفظ الله الجيش

أ.د. عبدالحليم منصور

*عميد كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg