| 25 أبريل 2024 م

صوت الأزهر في قرية الطفل المعجزة.. عبدالله عمار: نفسي أكون شيخ أزهر مثل الإمام الطيب

  • | الخميس, 17 مارس, 2016
صوت الأزهر في قرية الطفل المعجزة.. عبدالله عمار: نفسي أكون شيخ أزهر مثل الإمام الطيب

ـ حفظت القرآن الكريم في 100 يوم

ابن "إنشاص الرمل" يستمع لخطب الغزالي وقصص القرآن للفنان يحيى الفخراني ويتابع مباريات كرة القدم ويلعب "الاستغماية وكهربا"

  • والده: شيخ الأزهر نصحني بتعليم عبد الله علوم اللغة
  • والدته: تأكدنا أنه كفيف وهو ابن سبعة شهور
  • جدته: أراه دائما في المنام "لابس" أبيض في أبيض
  • عمه: "السجدة" كشفت لنا براعته في حفظ أرقام الآيات
  • شيخه: ذاكرة عبد الله مثل شريحة "الموبايل "
  • مدير معهد إنشاص الأزهري: يحفظ الأشياء من أول مرة 

    "حسنا فعل الإمام" قالتها امرأة عجوز في برنامج إذاعي، في إشارة إلى تكريم أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لأحد أبنائه من حفظة القرآن في الريف المصري الأصيل، الطفل عبد الله عمار ابن قرية إنشاص الرمل بمركز بلبيس، بمحافظة الشرقية، سأل المذيع السيدة العجوز : ما رأيك في تكريم شيخ الأزهر للطفل الكفيف الذي حفظ القرآن مجوَّدًا بقراءاته العشر، وهو في العاشرة من عمره، فأجابته : " أنا سعيدة جدا وحسنا فعل الإمام بتكريمه للطفل المعجزة، وسعيدة أكثر بأن الأزهر سينفق على تعليم عبد الله حتى يُنهي تعليمه ويأخد الماجستير والدكتوراه؛ حتى يكون عظة ومثلا يقتدى به لكافة الأطفال والتلاميذ، ويا بخت أسرته وقريته به، و كان نفسي أكون قادرة أروح لغاية بيته علشان أبارك له هو وأهله والمدرسين بتوعه ".
    "صوت الأزهر" فعلت ما تمنته المرأة العجوز، وذهبت إلى بلدة الطفل عبد الله عمار بالشرقية، في عزبة تل الجراد التابعة لقرية إنشاص الرمل في مركز بلبيس، وكانت البداية مع الطفل المعجزة عبد الله، التقينا به وقمنا بتهئنته نيابة عن السيدة العجوز وسألناه عن أسباب نبوغه وتفوقه، فروى الحكاية من البداية.
    يقول عبد الله المولود في 5 مايو 2006 : بدأت أحفظ القرآن من حوالي ثلاثة أعوام عند التحاقي بالمعهد الأزهري، ولم أكتف بالأجزاء المقرر حفظها مثل باقي التلاميذ في المعهد، فذهبت إلى كتَّاب الشيخ محمد حسن، وكنت أحفظ فقط ثلاثة أجزاء "عم وتبارك وقد سمع" فقام بوضع برنامج حفظ لي وهو بضع آيات في اليوم الواحد، وظللت أسير على هذا النهج حتى انتهيت من سورة الأحقاف بالجزء الخامس والعشرين وكان أمامي المشوار طويلا، فأنا أحفظ القرآن من نهايته بقصار السور وليس من بدايته عند الفاتحة وسورة البقرة، ومن ثم يتبقى 25 جزءا حتى أحفظ القرآن كاملا، حينئذ وفي تلك الأثناء شعرت بقدرة كبيرة على الحفظ بفضل من ربنا، فبدأت أحفظ صفحة وصفحتين في اليوم، وسرعان ما وجدت نفسي قادرًا على حفظ سورة بأكملها في اليوم الواحد، وظللت هكذا حتى انتهيت من حفظ القرآن في مائة يوم في كتَّاب الشيخ محمد حسن، بعدها ذهبت لتجويد القرآن بالقراءات العشر المعروفة، والأربعة الشواذ عند الشيخين ناجي الخولي وعصام أبو زيد، وانتهيت من حفظها كاملة في عام ونصف، مشيدا في الوقت نفسه بمشايخ القرآن الذين تعلم عندهم قبل الشيخ محمد حسن، وهم محمد بسيوني وأحمد عبد الفتاح ومحمد عوض الله، والشيخ خالد ومعلمه في المعهد الأزهري الشيخ محمد حسان .
    عبد الله عمار يعكف حاليا على حفظ الأحاديث النبوية إلى جانب مراجعته للقرآن، فهو يقول: أنا حفظت الأربعين النووية و300 بيت في ألفية ابن مالك عند الشيخ منصور الشحات، وأحفظ كذلك أشعارًا كثيرة لأمير الشعراء أحمد شوقي ومصطفى صادق الرافعي، وأعشق سماع القرآن بصوت الشيخ شعبان الصياد، وأحب سماع الخطب الدينية للشيخين محمد الغزالي وعبد الحميد كشك، وقصص القرآن للفنان يحيى الفخراني، وأنتظرها من السنة للسنة في شهر رمضان، كما أنني أحفظ سيرة الخلفاء الراشدين، وأتابع مباريات كرة القدم، وأشجع النادي الأهلي وبحب محمد أبو تريكة.
    سألت عبد الله عمار عن طقوس يومه، فأجاب: أنام في الفترة 10- 11 مساء وأستيقظ قبل آذان الفجر، وفي أوقات العطلة المدرسية أنام متأخرًا، وأمارس حياتي بشكل طبيعي، ألعب مع أصحابي في المعهد وفي الشارع مع أبناء الجيران وفي البيت مع أخواتي أسماء وسالم وأبناء عمي أحمد الذين أحبهم كثيرًا كريم ومريم وإسراء، وكذلك عبد الرحمن محمود ابن خالي وهو كفيف مثلي ويحفظ القرآن، ونلعب (الاستغماية وكهربا والبطيخة) وأتسلق أقدم شجرة في بيت جدي، وأركب الجمل والحمار، وتعد الكمثرى الفاكهة المفضلة عندي .
    الطفل المعجزة تمنى لقاء الرئيس السيسي، وأبدى سعادته الشديدة بلقاء شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، قائلا: عالم كبير وزى جدي، اختبرني في ثلاثة أسئلة في سور مريم والنحل والإسراء، وأجبت عليها جميعًا، ونفسي لما أكبر أكون شيخ أزهر مثله، وسوف أبذل قصارى جهدي حتى أصل إلى مكانته."
     

في السما
أما والده عمار محمد السيد (36 سنة) ويعمل مدرسًا للغة الإنجليزية في مدرسة ميت معلا الإعدادية، قال: كنت مكلومًا وحزينًا على ابني عبد الله في السنوات الأولى من عمره، لكن بمجرد ظهور نبوغه ومهاراته في حفظ القرآن، فرحت بشدة وقلت الحمد لله على كل شيء، ربنا دائما لا يأتي إلا بالخير، وشعرت وكأني في السما من فرط تألق عبد الله ودعاء الناس وحبهم له بمجرد رؤيته، واكتملت سعادتي الأسبوع الماضي بلقاء فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر وشيخ المسلمين في الأرض، وازدادت سعادتي عندما أمر فضيلته بتكفل الأزهر لتعليم عبد الله من الآن وحتى يكمل تعليمه الجامعي والدراسات العليا ماجستير ودكتوراه، ليس هذا فحسب، وعدنا شيخ الأزهر برحلة حج لي أنا وعبد الله ووالدته والشيخ محمد حسن، مضيفًا: وجه الإمام سؤاله إلى عبد الله: من تختار يا عبد الله لمصاحبتك في رحلة الحج معك ومع والديك من بين المشايخ الذين تعلمت على أيديهم حفظ القرآن، فاختار الشيخ محمد حسن، وتابع عمار: نصحنا الدكتور أحمد الطيب بتعليم عبد الله علوم اللغة والشعر إلى جانب حفظه القرآن، وهو ما جعله يعد من الآن لشعر المعلقات حتى تكون بداية تنفيذ نصيحة الإمام الأكبر .
 

سبب سعادتنا
أسعد إنسان بنجاح عبد الله، هي والدته هالة محمد محمود سلامة (حاصلة على ليسانس آداب فلسفة من جامعة الزقازيق) تقول: أنا وزوجي تحملنا المشقة والتعب حتى وصل عبد الله إلى ما وصل إليه الآن، و" أصبحت الناس تشاور عليه " وأضافت كانت مشاعري في السابق حزنًا وأسى، لاسيما بعد تأكدنا من أنه كفيف البصر بالصدفة وهو ابن سبعة شهور فقط، فقد ولد كفيفًا، حينئذ دعوت الله أن يمتعه بالصحة ويمنحنا أنا ووالده القدرة والعمر حتى يكبر عبد الله، ويصبح قادرًا إلى حد ما على تحمل مسئوليته، ولم أكن أتخيل أبدًا أن ولدي الكفيف سيكون سببًا في سعادتنا جميعًا، ويكون حافظًا لكتاب الله ويرزقنا المولى عز وجل على يد شيخ الأزهر برحلة حج .
 

الغالي ابن الغالي
"أعز الولد .. ولد الولد " جملة قالتها الحاجة عيدة جاد جدة عبد الله لوالده، واعتبرت حفيدها "وش السعد" على الأسرة والبلد كلها، وأضافت: عبد الله ده الغالي ابن الغالي، أرتاح وأشعر بالطمأنينة عندما أراه، لذلك أصر على أن ينام بجواري وهو من يقوم بإيقاظي من النوم عند سماعه أذان الفجر، ودائما أراه في المنام وهو يتلو القرآن ولابس أبيض في أبيض.
الحب الغامر لعبد الله لا يقتصر على والديه وجدته لوالده "عيدة " وجدته لأمه " عزيزة "، وإنما امتد إلى عمه والشقيق التوأم لوالده "أحمد محمد السيد" مدير الجمعية الزراعية بقرية دهمشا التابعة لمركز مشتول السوق، ولا يمر يوم إلا ولابد أن يرى فيه الطفل عبد الله .
 

فاكهة العائلة
يقول المهندس أحمد: أنا وعمار والد عبد الله لا نفارق بعض أبدًا وكذلك أبناؤنا، فأولادي هم أولاده وبالمثل أولاده هم أولادي، وعبد الله هو فاكهة العائلة خفيف الظل ومرح إلى جانب إتقانه حفظ القرآن الكريم، مضيفًا: عنده قدرة كبيرة جدًا على حفظ الأشياء من أول مرة، وهذا ساعده في حفظ القرآن في وقت قياسي، كما أنه يحفظ خريطة البرامج في الإذاعة المصرية وبصفة خاصة إذاعة القرآن الكريم بمواعيد برامجه وأسماء المذيعين فيها .
نبوغ عبد الله لم يقتصر على حفظ القرآن في سن مبكرة وبالقراءات العشر المعروفة والأربعة الشواذ، وإنما امتدَّ إلى حفظه أرقام الآيات والأجزاء، وهنا يقول عمه المهندس أحمد: اكتشفنا هذه الحالة في صيف 2014، جاءني والده مساء قائلا: هل تصدق أن عبد الله يحفظ السورة بأرقام الآيات ومواضعها في الأجزاء؟ 
فرددت عليه متعجبا: "معقولة ! " ، وبالفعل اختبرت عبد الله مثلما اختبره والده وسألته في عدد آيات السجدة في القرآن وأرقامها وأسماء السور التي تحتويها وأرقام الأجزاء، فكانت المفاجأة أن عبد الله يجيب بطلاقة دون أن يخطئ .
عمه الثاني والشقيق الأصغر لوالده، ويدعى محمود بالصف الثاني الثانوي تحمل هو الأخر جزءًا من مشقة توصيل عبد الله إلى المعهد الأزهري أحيانًا، وكتاب الشيخ محمد حسن في أحيان أخرى، قائلا عبد الله يتردد على جميع مساجد القرية وبصفة خاصة مسجد النور المحمدي، وهو الذي شهد الأسابيع الأولى لحفظ عبد الله القرآن قبل أن يذهب إلى كتَّاب الشيخ محمد حسن.
 

مدرسة النور
الطفل عبد الرحمن محمود سلامة ( 14 سنة ) من المكفوفين وابن خال عبد الله، يحفظ هو الأخر القرآن الكريم ولكن 15 جزءًا فقط، ويتعلم في مدرسة النور للمكفوفين بالإسماعيلية ، قال عبد الله حبيبي وأخويا الصغير نلعب سويا ونتنافس في حفظ القرآن وسعدت لتكريم شيخ الأزهر له، وشعرت أنني من تم تكريمه.
 

معجزة
من جانبه قال مصطفى أبو النور " ناظر معهد انشاص الرمل الابتدائي الأزهري" : الطفل عبد الله عمار منذ التحاقه بالمعهد قبل ثلاث سنوات وهو تلميذ متفوق ونابغة في العلم وحفظ القرآن، واصفًا إياه بالمعجزة الإلهية، فقد تفوق على أقرانه وزملائه بالمعهد رغم فقده للبصر، ولكن الله منحه نعمة البصيرة والحفظ من أول مرة، ومشيدًا في نفس الوقت بوالديه الذين لعبا دورًا مهمًا في حفظ عبد الله للقرآن، ووصوله إلى مستوى عال لم يصل إليه أحد في المعهد قبله، وأضاف أبو النور، عندما قام الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بتكريم عبد الله، شعرت وباقي المدرسين في المعهد بالفخر، لأن تكريم عبد الله هو تكريم لمعهد إنشاص الابتدائي بأكمله .
فيما يقول سيد حسان المعلم الذي يقوم بتحفيظ عبد الله القرآن بمعهد إنشاص الأزهري، لم أجد طفلا يحفظ القرآن مثل عبد الله وهو يراجع يوميا 3 أجزاء بالمعهد، وليه قدرة فائقة على ترديد الآية بمجرد سماعه أول كلمة أو كلمتين، ويتناول خالد فهمي سكرتير المعهد أطراف الحديث قائلا : عبد الله ليس طفلا نابها في حفظ القرآن فحسب، وإنما هو أيضا يشارك زملاءه في الفصل جميع الأنشطة المدرسية ويرافقه زميله أحمد صلاح الذي يجلس بجواره في الفصل، وهنا يقول الطفل أحمد : " لما شوفت صورة عبد الله مع شيخ الأزهر فرحت جدًا لأنه شاطر وذكي، هو سبقني وحفظ القرآن كله وأنا لسة حافظ 10 أجزاء بس ولما قلت لبابا وماما وجدتي، هو ده عبد الله اللى قاعد جنبي صورته مع الدكتور الطيب، قالوا لي يارب نشوفك زيه وتفضلوا أصحاب طول العمر".
 

المائدة والأنعام ..في يومين
لم نكن لنرحل عن قرية انشاص الرمل قبل أن نلتقي بالشيخ محمد حسن الذي قام بتحفيظ عبد الله القرآن، التقينا به في المسجد وصلينا المغرب سويا، بعدها استفاض محمد حسن الحاصل على ليسانس الحقوق عام 2002 عن الملكات التي وهبها الله للطفل عبد الله، قائلا: أعمل محفظًا لكتاب الله منذ 15 عامًا، ودرست في كلية القرآن الكريم، وطوال هذه الفترة لم أجد طفلا يتقن حفظ القرآن بسرعة فائقة مثل عبد الله، وكان يبهرني، وفي كل مرة ألتقي به أجده حافظًا أكثر مما حددت له، لدرجة جعلته يحفظ سورتي الأنعام والأعراف وهما من السور الطويلة في يومين اثنين فقط، وهذه معجزة كبيرة لا تتحقق إلا في شرائح التليفون المحمول، فذاكرة عبد الله أشبه بشريحة الموبايل تقوم بتخزين كل ما تسمعه وتقرؤه، وأبدى محفظ القرآن سعادته بقرار شيخ الأزهر بذهابه مع عبد الله وأسرته في الحج القادم على نفقة الأزهر الشريف.
 

قام بالزيارة: محمد سيد أحمد.

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
3.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg