| 19 أبريل 2024 م

قوات الأسد وحزب الله تحاصرها بالألغام والقناصة || "مضايا" .. وصمة عار فى جبين الإنسانية

  • | الأربعاء, 2 مارس, 2016
قوات الأسد وحزب الله تحاصرها بالألغام والقناصة || "مضايا" .. وصمة عار فى جبين الإنسانية

تجويع أهالى القرية جرائم ضد الإنسانية يحاسب عليها القانون الدولى
الحكومات والمؤسسات الدولية والمنظمات الإغاثية خذلت أطفال مضايا
الوضع الصحى وصل حد الكارثة.. والمئات من حالات الإغماء والموت جوعا


تحقيق: مصطفى هنداوى
مناظر سوف تخلد فى ذاكرة التاريخ فترة طويلة لتسجل وصمة عار فى تاريخ الإنسانية فلقد سقطت الأقنعة المزيفة وعرت كل العالم من آدميته التى يتشدق بها البعض ليل نهار باسم الحرية والعدالة الاجتماعية تارة وباسم النضال وتحرير الشعوب تارة أخرى فلم نجد أكثر بشاعة وألماً من صور ومناظر الأطفال والشيوخ فى قرية مضايا السورية - التى ضرب عليها الحصار منذ اكثر من ستة أشهر - وهم عبارة عن هياكل عظمية أو وهم يأكلون الأعشاب ولحوم القطط وهذا عار على كل الضمائر العالمية والمنظمات والحكومات المدعية الدفاع عن حقوق الإنسان والتى تحالفت جميعها على سوريا لتصفية الحسابات على أطفال مضايا والزبدانى وغيرهما من القرى والمدن السورية..

فى البداية استغرب الشيخ أغادير محمد عبدالكريم نائب مدير الجامعة النظمية الإسلامية بسريلانكا الصمت العالمى وعدم تدخل المؤسسات الدولية والمنظمات العالمية والأمم المتحدة التى تعلق على أتفه الأشياء وتتناسى الوضع الكارثى الذى قارب على سبعة شهور من الوضع المؤلم الذى يعيشه اهل مضايا وبقين والزبدانى نتيجة الحصار من النظام وحزب الله وأقل ما يوصف به هذا الوضع أنه تصفية حسابات بين المعسكرين الكبيرين اللدودين اللذين لم يتركا أى وسيلة مروعة إلا ومارساها على السوريين ويستخرجون كل ما فى جعبتهم لقتل وتشريد المسلمين فى كل بقاع العالم وأهل مضايا خير شاهد على موت ضمير الإنسانية والمنظمات الممولة التى تشيع فى الأرض فسادا فتحافظ على الحيوانات وترعاها وتصمت على موت الأطفال الرضع والشيوخ الكهول والمسنين الذين لم يجدوا الا أوراق الأشجار والقطط والكلاب طعاما على مرأى ومسمع من الأمم المتحدة دون أن تحرك ساكنا..
وتساءل: أين حقوق الإنسان من صور أطفال مضايا الذين حولهم حصار التجويع لهياكل عظمية وأشباح؟! إن هذه الصورة المؤلمة لابد أن تصل إلى العالم الحر والضمير النقى لسرعة الإغاثة لمن ينتظرون الموت فى كل لحظة نتيجة هذه الكارثة الإنسانية المستمرة بأشكال مروعة ومفزعة.
جنة تحطمت
وقال أبو يوسف السورى من ريف دمشق بجوار قرية مضايا ان البلدة تقع غرب دمشق على بعد 55 كيلو مترا وتمتاز بالجمال الخلاب نظراً لطبيعتها الجبلية والتى ترتفع 1300 متر عن سطح البحر وتتكاثف الثلوج لتصل إلى متر أحيانا وتشتهر بالفاكهة والكمثرى والكرز والتين واللوز وكانت عبارة عن جنة من الخيرات يقصدها السياح من الداخل والخارج فقد كانت المقصد الأول للعرب لروعة موقعها وأهلها الأصليون حوالى 40000 نسمة نزح إليها جيرانها من الزبدانى فقام نظام الأسد وحزب الله بحصارها منذ أكثر من 6 اشهر وزرعوا الألغام حول المدينة ونشر القناصات حولها و أصبح الخروج منها فى حكم الخروج من الحياة وبعد كل الخيرات التى دمرت أصبح أهلها لا يجدون أوراق الأشجار المتساقطة والحشائش ليأكلوها فلم يجدوا امامهم الا القطط والكلاب فأكلوها فلم يتبق إلا الماء والملح للبقاء على قيد الحياة كهياكل عظمية وللعلم ليست مضايا وحدها التى تعانى فهناك مدينة معظمية الشام التى قصفت بالكيماوى سابقاً.

واجب عين
الدكتورة إلهام محمد شاهين أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر قالت: أولا يجب أن نعلم أن نصرة إخواننا فى هذه القرية والقرى المماثلة لها واجب عين على كل مسلم ومسلمة يأثم الكل بتركه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : «مَثَلُ المُؤْمِنينَ فى تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى». وقد أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم منهجا فى التعامل مع مثل هذه المواقف ووسائل نتبعها فى حل مثل هذه المشكلات وذلك بتحفيز المسلمين للوقوف مع إخوانهم بالدعوة لذلك على المنابر بالمساجد وبكل أجهزة الإعلام وذلك بالشدة فى القول وليس بأسلوب الاستجداء وليعلموا أن ذلك واجب عليهم وليس تفضلا منهم وكذلك أنه باب لنجاتهم يوم القيامة وأن مؤازرة المسلم وتفريج كربته هو باب لتفريج كرب يوم القيامة فالله تعالى يقول: "اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ" وفى صحيح مسلم، منهج وصورة عملية للتعامل النبوى مع تلك الحالات الإنسانية بوجه عام فعن جرير بن عبد الله البجلى رضى الله عنه قال : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ، عُرَاةٌ، مُجْتَابِى النِّمَارِ، مُتَقَلِّدِى السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ . فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ:«{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبً}، وَالْآيَةَ الَّتِى فِى الْحَشْرِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ}، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» . قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«مَنْ سَنَّ فِى الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِى الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».
ولذلك علينا تقديم مساعدات إغاثية من الأزهر الشريف مع وفد من علمائه يذهبون للأهالى المحاصرين وذلك بالتضامن مع الهيئات الإغاثية ومنظمات حقوق الإنسان بالعالم وتقديم مذكرة رسمية إلى الأمم المتحدة لتحمل مسؤوليتها تجاه هذه المأساة الإنسانية.
أيضا يجب تدشين دعوات إعلامية على كافة وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة ومواقع التواصل الإجتماعى بدعوة المنظمات الإغاثية ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة والأمتين العربية والإسلامية، بتحمل مسئولياتهم، واتخاذ مواقف سريعة وعاجلة لنجدة أهالى مضايا المحاصرين وكل القرى الأخرى المحاصرة مثلها وإنقاذهم من الموت جوعا وعطشا. اضافة الى التفاوض مع السياسيين للعمل على فك الحصار المفروض على هذه البلدة وكل البلاد المماثلة بشكل فورى وعاجل.
وصمة عار
وأضاف الشيخ خالد رزق تقى الدين رئيس المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية فى البرازيل أن ما يحدث فى مضايا وصمة عار فى جبين الإنسانية حيث يقف العالم عاجزا عن مد يد العون لأناس يموتون جوعا تحت حصار غاشم لا يعرف الرحمة ولا الإنسانية، ماذا تمثل هذه القرية الصغيرة من تهديد على الأنظمة أو الأحزاب المتناحرة، حتى لو كانت فى حالة حرب؟!، فالحرب لها قواعدها التى لا تؤذى طفلا أو شيخا كبيرا أو امرأة. إن الدول بل والبشرية جمعاء لابد أن تتخذ موقفا سريعا وتتحمل مسئولياتها وفى مقدمتها منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى لكى تؤدى دورها فى إنقاذ هؤلاء الضحايا الذين يدفعون ثمن حرب طائفية حزبية مقيتة لا ذنب لهم فيها غير أنهم أحد الكروت لإظهار القوة وإخضاع الآخرين لمطالبهم إن الدول التى تساهم فى قصف معاقل الإرهاب بمنتهى الدقة مدعوة لإسقاط الطعام والشراب لأهل هذه القرية المظلومة ويجب العمل على المستوى السياسى الدولى لكشف الغطاء عن الميليشيات التى تساهم فى هذا الحصار وإدانته على كافة المستويات واعتباره جريمة حرب وإبادة لجزء من الشعب السورى ولنتذكر جميعا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع".. فلم يعد التعاطف وحده هو المنقذ ولابد من التحرك على الأرض لأيصال المساعدات العاجلة والتدخل الفورى لفك الحصار وكشف الاعيب النظام وحزب الله لدمار العباد والبلاد .

مواقف سريعة
وفى تأثر قال الدكتور عبدالعزيز المرشدى أستاذ العقيدة والفلسفة جامعة الأزهر فرع المنصورة: تعاندنى الدموع بل وتزدرينى وانا أرى هياكل أطفال قرية مضايا بريف دمشق السورية وهم امام شاشات الفضائيات العالمية فقلت فى نفسى: لماذا نحن بالذات لا تريد الدنيا لنا وجودا كأنا عالة فوق السنين.. كأن الناس من نور يصاغوا ونحن نصاغ من ماء وطين .. يشاهد العالم المتحضر اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وهم يتقاتلون ويحاصر بعضهم بعضا والدول الكبرى ترسم خطط الخراب والدمار ونحن ننفذ الخطط بجدارة واقتدار. ولسان حال المتآمرين الكبار يقول: فلا تلومونى ولوموا أنفسكم. ونحن نعرف ان الدول الكبرى تمد هؤلاء وهؤلاء بالسلاح ثم يرسلون الاسعافات لعلاج المرضى والجرحى.
ولقد أحس الازهر بوطأة الوضع الانسانى المأساوى فى سوريا بصفة عامة فنادى مراراً وتكراراً بخطورة الوضع وسرعة التحرك من جانب المؤسسات الانسانية الدولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هؤلاء الاطفال الابرياء الذين لا ذنب لهم سوى وجودهم فى اماكن الصراع بين قوم لا هم لهم سوى السيطرة على الحكم مهما كانت التضحيات والخسائر.
وناشد المرشدى الضمير العالمى والمنظمات الإغاثية ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة والأمتين العربية والإسلامية، بتحمل مسئولياتهم واتخاذ مواقف سريعة وعاجلة لنجدة أهالى مضايا المحاصرين وإنقاذهم من الموت جوعا وعطشا والعمل على فك الحصار المفروض على هذه البلدة بشكل فورى وعاجل.
وتابع المرشدى أن الازهر الشريف يخاطب الحكومة السورية والجماعات المتحاربة.. يخاطب جميع الاطراف باسم الإسلام الذى ينتمون إليه والعروبة التى تجمع أصلهم والانسانية التى تشملهم جميعا أن يفسحوا المجال لإغاثة هؤلاء المحاصرين وتوصيل المعونات الغذائية والطبية لهؤلاء المنكوبين وأن يستمع هؤلاء لصوت العقل ونداء الوحى المنبعث من كتاب ربهم (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) ونداء المصطفى فى قوله (لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) الا لعنة الله على السياسة وكراسى الحكم التى تزهق بسببها الارواح وتراق الدماء حتى صرنا هزأة للساخرين فنحن فى ورطة ولا أبا حفص لها.
وأشار الشيخ نصرت رمضان الداعية والمفكر الإسلامى بمقدونيا إلى أن كل مسلم يشاهد ما يحدث فى سوريا من قتل وتجويع وحصار لبلاد كثيرة مثل مضايا والفوعة وكفريا والزبدانى وبقين وغيرها لا يملك إلا أن يقول حسبنا الله ونعم الوكيل فى وضع أمتنا الإسلامية المستسلمة والضمير العالمى الذى لا يحرك ساكنا ولا يقدر على نصرة وانتشال إخوتنا فى سوريا من المصير المحتوم فلم يعبأ بصراخ الأطفال وشل قواهم من شدة الجوع وكذلك المسنون وأصحاب الأمراض المزمنة الذين توفى بعضهم والبشر التى تأكل من خشاش الأرض وأوراق الشجر وجميع الأحداث مصورة ووصلت إلى العالم أجمع الذى صمت ولم نسمع عن تحرك لوقف للحصار أو ادخال المساعدات الإنسانية على الرغم من مرور ستة اشهر على هذه الكارثة المأساوية ومضايا ما هى إلا حالة مصغرة لما يحدث فى سوريا من وقائع مريرة لتركيع أهلها ولكنهم سيظلون صامدين متمسكين بالحياة رغم اطلاق نار الجوع والحصار وغلاء الأسعار بعدما نفدت السلع الغذائية من البيوت وأصبحت الأسواق تبيع الأرواح إلى بارئها بعدما كانت مليئة بمختلف الأشياء وندعو الطائرات أن تلقى الطعام والخبز على السكان المحاصرين بدل القنابل وعلى كل المسئولين فى كافة أنحاء العالم ان يتدخلوا ويتحملوا مسئولياتهم لوقف الأوضاع الإنسانية الكارثية المترتبة على الحصار والتجويع بمضايا وغيرها.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
5.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg