| 25 أبريل 2024 م

كيف نستغل المنهج النبوي في إعداد قادة المستقبل ؟

  • | الأربعاء, 2 مارس, 2016
كيف نستغل المنهج النبوي في إعداد قادة المستقبل ؟


الشيخ عمر الديب : النبى أعطى الشباب الثقة ومنحهم المسئولية
د. عفاف صبرة:
السير على نهج شباب الصحابة والتابعين

ركز الإسلام عنايته بالشباب، واشتد حرص النبى صلى الله عليه وسلم على توجيههم وتدريبهم على القيادة لما يعلمه فيهم من خير وعطاء ولأنهم أداة للبناء وقوة متحركة فى المجتمع وطاقة يسخرها الله فى إصلاح البشرية.. وعلى هذا النهج القويم سار الرئيس عبد الفتاح السيسى بقراره إقامة الدورات التدريبية لإعداد القادة حيث بدأت دورات البرنامج الرئاسى لتأهيل أول دفعة والذى يضم 500 طالب وطالبة من مختلف المحافظات.. وفى هذا التحقيق نتعرف كيف اعتنى الاسلام بالشباب وكيف خرج نماذج قادت العالم..

يؤكدالشيخ عمر الديب وكيل الأزهر الأسبق عضو مجمع البحوث الاسلامية أن اهتمام الرئيس بالشباب وتقديم دورات تدريبية لهم من خلال البرنامج الرئاسى رسالة تشير إلى أن التعليم والتربية والسعى لإعداد قادة للمستقبل لا تنحصر فى المجالين المنزلى والمدرسي، وإنما بوضع برامج خاصة ومحاضرات وندوات تواكب التطور الحالى والحياة المعاصرة فيكون مطلعا على ما وصل إليه العقل من اختراعات وصناعات ومعطيات متنوعة، ومشاركة فى كل الميادين ومن بينها الميادين الاجتماعية، فينتج عن ذلك إعداد رجال للغد، وآباء للمستقبل، وتؤول إليهم قيادة الأمة فى جميع مجالاتها، لافتا أن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم اشتد حرصه وتوجيهه للشباب، وظهرت عنايته الفائقة بهم لما فيهم من خير وعطاء ولكونهم أداة للبناء وطاقة يسخرها الله فى إصلاح البشرية والقوة المتحركة فى المجتمع ومن ثم خرّج النبى منهم عددا كبيرا قادرا على القيادة ملما بفنون الإدارة حريصا على نشر سماحة الإسلام فى كل الميادين.
وتابع الديب: اعتنى الإسلام بالشباب لأنهم عماد الأُمة وسِر نَهضتها، ومبعث حضارتها، وحاملو لوائها ورايتها، وقائدو مَسيرتها إلى المجد والنصر بل إن راية الإنسانية لم يمتد على الأرض سلطانها ولَم ترتفع وتَنتشر فى العالمين دعوتها إلا على أيدى الشباب مستدلا على ذلك بما رواه ابن عباس رضى الله تعالى عنهما " ما بعث الله نبيا إلا شابا، ولا أوتى العلم عالم إلا شابا"، ولقد ضرب القرآن الكريم المثل بالشباب فكان المثال الأول هو أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، فإنه كان يتطلع إلى الآفاق الواسعة، ويفتش عن الحقائق الناصعة، ويملك الشجاعة العالية، فيتأمل ويفكر فى ملكوت السماوات والأرض ثم تلا قوله تعالى: {قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم}وغير ذلك من الآيات التى تبين اهتمام الإسلام بالشباب كقوله تعالى: {وآتيناه الحكـم صـبيا}وقوله {إذ أوى الفتية إلى الكهف}وقوله جل شأنه {إنهم فتية آمنوا بربهم}.
وبين عضو مجمع البحوث الإسلامية أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطى الشباب الثقة ومنحهم المسئولية فقد منح زيد بن حارثة وجعفر بن أبى طالب وعبد الله بن رواحة وهم شباب منحهم الثقة فأسلمهم قيادة جيش مؤتة أول معركة بين المسلمين والروم، كما أعطى أسامة بن زيد قيادة جيش وعمره آنذاك ثمانى عشرة سنة وتحت قيادته كبار الصحابة كأبى بكر وعمر رضى الله عنهما. ومن عنايته أرسل معاذا فى مهمة عظيمة ومسئولية جسيمة إلى اليمن وهو فى ريعان شبابه سفيرا للإسلام لقوم ليسوا على ملته وديانته.
وأوضح وكيل الأزهر الأسبق أنه كان لشباب الصحابة الدور الأعظم فى بناء الأمم والشعوب وعلى أكتافهم قامت الحضارات، وكان لهم أثر كبير فى نهضة الأمة الإسلامية على مر العصور وفى مختلف المجالاتفكانوا نماذج حسنة وقدوة صالحة لشباب الأمة فى كل العصور. داعيا الشباب أن يعلوا همتهم فى إصلاح النفس والآخرين, وأن يستشعروا أنهم آباء المستقبل،فليسلحوا أنفسهم بالعلم والأدب.
عنوان التقدم
من جانبها قالت الدكتورة عفاف صبرة استاذ التاريخ الإسلامى بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر بنات ان الشباب عنوان تقدم الأمة ودعامة نهضتها وأغلى ما تمتلك من المقدرات الإنسانية ولذا اهتم الإسلام بالشباب اهتماما كبيرا لا يقل عن اهتمامه بأركان الدعوة الإسلامية لأنهم دعائم اليوم وبناة الغد وفى توجيههم الضمانات الاجتماعية والحضارية، ولأن الأمة تقاس بعدد شبابها، والتعرف على خريطتهم الاقتصادية فى المهارة والاختراع والابتكار والإنتاج، فيمثل الشاب فى بلده قلبها النابض وحركتها المعطاء والأداة المنفذة والطاقة العاملة بقوتها وتجربتها. قال عليه الصلاة والسلام "استوصوا بالشباب خيرا، فإنهم أرق أفئدة وألين قلوبا، وإنى لما بعثت آمن بى الشباب وكفر بى الشيوخ".
وبينت الدكتورة أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقرب إليه الشباب ويجالسهم، ويستمع إلى آرائهم وأقوالهم، ويوجههم بل ذهب إلى أبعد من ذلك، أن أعطى أسامة بن زيد وهو فى شبابه قيادة الجيش ليحارب قضاعة، وكان الجيش بطبيعة الحال يضم العديد من الصحابة الأخيار يكبرونه سنا، ويفوقونه تجربة، ولم يعترض أحدهم على الرسول، لأنهم وجدوا فى عمله درسا من الدروس النافعة لأبنائهم من الشباب، يتعلمون من خلاله تحمل المسئولية والاعتماد على النفس فى توجيه الأحداث المحيطة، حتى يخبروا أهليتهم وكفاءتهم، وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول "علموا أولادكم السباحة والرماية، ومروهم أن يثبوا على الخيل وثبا" وهذا التوجيه مبنى على تعاليم الإسلام ليخرج مجتمعا قويا فى كل شيء ويصبح درعنا الواقي، وسلاحنا البتار، وقوتنا التى لا تغلب.
وأكدت استاذة التاريخ أن الحياة المعاصرة تتطلب تكوين مجتمع متكامل متضامن، تسوده روح الأخوة والتعاون، والنصح والتوجيه ليكون مجتمعا مثاليا، يطبع علاقاته طوابع راسخه،إذ لم تكن قضية تحمل المسؤولية والأعباء مقتصرة على أمر الإدارة وإنما تحمل للمسئوليات الاجتماعية، فقد يموت الأب، ويخلف وراءه شابا، وعنده تركة من الأخوات الإناث، الضعيفات، كما حدث لجابر بن عبدالله حيث مات أبوه وترك تسع بنات وكل منهن تحتاج لحماية، ورعاية، وولى حكيم يتحمل، ويضحي. ويتزوج بثيب لما عليه من مسؤولية اجتماعية تجاه أخواته، والقيام بالتركة الثقيلة التى خلفها أبوه شهيد أحد.
وساقت الدكتورة نماذج من شباب الصحابة والتابعين ممن سجلوا أسماءهم بمداد من النور على صفحات القلوب قبل تدوينها بكتب التاريخ ومنهم مصعب بن عمير الشاب الذى وكل إليه النبى مهام عظيمة رغم حداثة سنه، ليذهب سفيرا للمدينة ليفتحها بالقرآن وليس بالسيف, وأسامة بن زيد رضى الله عنه لم يصل العشرين ويقود جيشا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل إلى شمال الجزيرة، وينتصر على كل من لقيه حتى بلغ مؤته، وأدخل الرعب فى قلب هرقل ومن معه، ورجع إلى المدينة سالما غانما حتى قال المسلمون "ما رأينا جيشا أسلم من جيش أسامة", ومعاذ بن جبل أعلم الأمة بالحلال والحرام, وزيد بن ثابت أعلمهم بالفرائض, وعلى بن أبى طالب أعرفهم بالقضاء وزيد الذى أمر بجمع القرآن.. رضى الله عنهم.
وذكرت استاذة التاريخ نماذج من شباب التابعين فى مقدمتهم الإمام البخارى الصبى الذى فَقَد بصره فى الخامسة من عمره، فظلت أمه تدعو الله أن يرد إليه بصره، ليكون عالما متعلما، واستجاب الله للدعوات وصار شيخا للمحدثين وأمير أهل الحديث، يحفظ أكثر من مائة ألف حديث, ولم يشهد تاريخ الإسلام مثله فى قوة الحفظ ودقة الرواية والصبر على البحث مع قلة الإمكانات، حتى أصبح منارة فى الحديث. والإمام الشافعى الطفل الذى أحب العلم والعلماء وكم بحثت أمه عن علماء يجلس تحت أرجلهم وينهل من معينهم وانتهى الأمر بكونه من أعظم فقهاء المسلمين.وهذا سيف الدين قطز قاهر التتار: الطفل الصغير الذى تنقله تجار الرقيق من بلدة إلى أخرى، حتى انتهى به المقام إلى العيش وسط العبيد، كان ذا طموح جارف، وثقة بربه مكناه ليكون من أعظم القادة فى التاريخ الإسلامى استطاع بهمته وتقواه أن يحقق ما عجز عنه الكثيرون وتوفاه الله وهو دون الأربعين، وحتى قال عنه العز بن عبد السلام "لو قلت ليس هناك من هو أفضل من قطز من زمان عمر بن عبد العزيز لكنت صادقا".
واختتمت الدكتورة كلامها: تتجلى الإشادة بكل شاب طبع حياته بطابع الاستقامة وروح الامتثال والتقوى ومن خلال ذلك يخلق التوجيهات الصالحة لبناء النفس والجسم والعقل، على نمط متكامل، يعطى للحياة الدنيا حظها, وينشأ نشأة أخلاقية تبشر بالخير وتفتح طريق السعادة فى الدنيا والإدراك لشتى العلوم ومختلف المجالات.. لافتة فى الوقت نفسه أن القضية ليست توجيه وإعداد قادة من الذكور فحسب وإنما الإناث أيضاً، فعائشة رضى الله عنها نشرت علماً لم تنشره امرأة فى العالم، ورعت خديجةرضى الله عنها الدعوة، وآزرت النبى صلى الله عليه وسلم، وكانت المرأة الحانية، الراعية الأمينة الناصحة المؤيدة المثبتة المساندة لزوجها عليه الصلاة والسلام؛ يأوى إليها فتسرى عنه، يشكو إليها؛ فتجلى ما به، تقوم عليه، وهى التى وهبته من نفسها ومالها, فكن كذلك من القدوات الشبابية التى قدمت للأمة الدروس الرائعة.
محمد الصباغ

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg