| 29 أبريل 2024 م

أمين الأئمة بالنرويج: الغرب يلعب باحترافية على وتر تشويه الإسلام

  • | الثلاثاء, 30 أغسطس, 2016
أمين الأئمة بالنرويج:  الغرب يلعب باحترافية على وتر تشويه الإسلام

 

-القدوة .. طوق النجاة لانتشال الأجيال من الغزو الثقافي

-"المداولة الحضارية" منهج قرآنى غفل عنه المسلمون واستغله الأوربيون

 

 

أكد الدكتور الطيب برغوث الأستاذ الزائر بالجامعة الجزائرية المستشار الثقافى والشرعى للمركز الإسلامى أمين عام مكتب الأئمة فى مدينة تروندهايم بالنرويج أن الغرب يأخذ على المسلمين أفعالهم ويبنى عليها لإحداث شروخ ومتناقضات فى الدين ومنطق العقيدة ويخلطون بين سلوك المسلمين والإسلام لإحكام سيطرتهم على التشويه المتعمد للدين..

وأضاف برغوت لـ "صوت الأزهر" أن الأب مطالب بأن يكون قدوة نافعة لأبنائه لأن المكائد التى تدبر للأمة الإسلامية كلها تستهدف النشء الصغير مستقبل الأمة وبانى حضارتها لتمييع الهوية الإسلامية ببرامج ومسلسلات تافهة والآباء بسذاجتهم يتخيلون أن الأبناء لا ينتبهون إلى ذلك كله.

الحضارة الإسلامية هى من علمت الغرب.. وفجأة تقدم الغرب وتأخر المسلمون، فما أسباب اختطاف الحضارة والتفوق الشاسع للغرب؟

من عظمة الإسلام أنه يحتوى منظورا سننيا متكاملا لتفسير حركة التاريخ والحضارة ولكننا لم نبذل جهدا علميا لاستكشاف هذا المنظور الذى يفسر حركة التاريخ فى صعودها وتقلبها ولم يفعلها إلا ابن خلدون الذى أعطى رؤية لتيسير حركة التاريخ ولكنها توقفت بمجرد موت ابن خلدون والان نحاول بلورة هذه الرؤية ووصلنا إلى ان حركة التاريخ لا تجرى اعتباطا ولكن تحكمها قوانين وسنن مطردة من عرفها وكيف نفسه معها صعد ومن جهلها وصادمها لابد أن يتأخر وهو ما فطن إليه الغرب وكان من أول أسباب تقدمهم كما أن حركة التاريخ يحكمها قانون المدافعة والتجديد.. كل البشر يتدافعون من أجل المداولة الحضارية كما قال تعالى "وتلك الأيام نداولها بين الناس" صعودا وهبوطا لمن تكون القوة والغلبة والسيطرة وهذا مبنى على قوة مدافعتك فكلما كانت اقوى صعدت فردا أو مجتمعا والعكس.

 

اذا كانت فعالية المدافعة هى التى تحكم حركة التاريخ صعوداً وهبوطاً فكيف نحققها؟

يأتى ذلك بالتجديد وهذا ما فعله الغرب فانكبوا على فعالية المدافعة إلى التجديد فى شتى أمور حياتهم وشمل التجديد الفكرى والنفسى والسلوكى والأجتماعى والسياسى والحضارى العام مما جعلهم فى واقع متقدم بفرق شاسع بيننا وبينهم وسربوا إلينا اليأس فى واقعنا فتملكنا الاحباط والبكاء على ما وصلنا إليه وسيطر الحزن على سلوكياتنا فى عدم القدرة على مجاراتهم وصرنا ننظر إليهم بانبهار فتراجعنا نحن وتقدموا هم.

 

كيف نجدد فعالية المدافعة فى الفكر الإسلامى والخطاب الدينى لتغيير واقع الأمة الإسلامية؟

لابد أن يمس التجديد المنظومة الفكرية للمسلمين أى يبدأ بالسلوك لأن فيها كثيرا من التفكير غير السننى والذى يؤدى إلى التفكير الخرافى والحرفى والجزئي والشكلى وعدم القدرة على تحليل الأمور والمقارنة والاستنباط وهذا ما يجعل الخطاب غير مؤثر لأنه غير علمى وغير متطابق مع سنن الله سبحانه وتعالى فلذلك لا يتفاعل بأى تأثير مع الأخرين فعلينا أن نصل بالخطاب إلى قلوب وعقول الناس كما جاء بالقرآن الكريم " ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم" أين هذا فى الخطاب ولماذا يوجد العنف اللفظى والنفسى والسلوكى من المتلقين؟ هذا ما ينبغى أن نعمل على معالجته لكى يصل إلى قلوب الأخرين ويتأثروا بما جاءت به أيات الذكر الحكيم فى خطاب يستبطن الرحمة والألفة كما قيل: أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم.. فطالما استعبد الانسان إحسان وهذه نواقص موجودة فى الخطاب الآن تحتاج الى إصلاح.

هل هذا يعتبر عيبا فى الخطباء أو الأئمة أم فى عدم استيعاب المتلقى لفحوى الخطاب؟

العيب يشمل الكل فى اختيار نوعية الخطاب وطريقة القاء المرسل أو الخطيب وعرضه ومعالجته لما يهدف وكذلك فى المتلقى فليس هناك جهة واحدة تعانى من النواقص بسبب المنظومة الثقافية التى نتلقاها فى الأسرة والمدرسة والتعليم بوجه عام فكثير من الناس تعانى من تصنيف المرسلين للخطاب وتوجهه فاذا كان الخطيب ذا توجه سنى أو صوفى أو سلفى كل يتلقف الخطاب الذى يتماشى مع توجهه والاخرون لا يتفاعلون مع الخطاب لأنه لا يمس توجههم.

هناك من يخلط الدين بالسياسة لتحقيق أغراض شخصية.. ما الحلول التى تراها؟

نعم هذه التقسيمات موجودة فى السياسة والأحزاب وعوامل كثيرة تجعل المتلقى لا يتأثر بالخطاب وعليه أن يتحرر من الأحكام المسبقة للتوجه وعليه أن يرجع هل ما يقوله الخطيب صحيح أو شرعى ويحقق مصلحة المجتمع؟ هذا ما يجب أن أركز عليه أنا كمتلقى ولكن للأسف هناك كثير من الأمراض التى أصابت المجتمعات الإسلامية فى كيفية التلقى وهى الحكم المسبق على من يخالفنا فى التوجه وانتقاده سواء كان المرسل سياسيا أو حزبيا أو خطيبا دون أن نأخذ مصلحة المجتمع فى الاعتبار فخطاباتنا ليست مجمعة بل هى خطابات أيديولوجية وعلينا التخلص من كل هذا بالتربية من هذه الخلفيات.

هذا يعنى معاناة للأجيال القادمة.. فكيف نربى أجيالنا على الفكر الإسلامى الصحيح؟

بالفعل التفاعلى فهو من أعلى وأرقى الأفعال وهو محصلة فعل ثقافى فلا حضارة بدون ثقافة والثقافة منتج الفعل التربوى ولا ثقافة بدون تربية والتربية منتج فعل منهجى فلا تربية بدون منهج والمنهج منتج ثقافة سننية ووعى مطابق لسنن الله سبحانه وتعالى فى خلقه وهذه الرؤية اذا أردنا أن نربى أجيالا بطريقة صحيحة وممنهجة علينا بسنن الله فى الكون أى الالتزام بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية التى عرفتنا الأهتمام بالأولاد منذ الصغر لا أجد موضوعاً ينبغى أن يهتم به المسلمون كتربية الأولاد فهم الورقة الرابحة الوحيدة فى أيدينا يعنى بشكل واقعى وبلا مجاملات وبلا مبالغات لم يبقَ فى أيدينا إلا أولادنا فحينما نعتنى بهم فمعنى ذلك أننا نبنى مستقبلنا .

تتعرض الأجيال لحرب فكرية بالغزو الثقافى والفكرى فى المسلسلات والبرامج التافهة لتمييع الهوية الإسلامية.. ما المخرج؟

 الغزو الثقافى والفكرى مقصود به تغيير ثقافة الأطفال وفكرهم وحشوها بمتغيرات ومصطلحات قد تبدو للوهلة الأولى عادية لكن بها تغير فكر وطريقة تناول للموضوعات لا يستوعبها الأنسان العادى كأفلام كرتونية تارة وأفلام منحطة تارة وبرامج وأفكار لتمييع الهوية الإسلامية وللخروج من هذه الازمة لابد ان يكون الاب قدوة فما لم تكن أنت صادقاً لن يكون ابنك صادقاً وما لم تكن أنت عفيفاً لن يكون ابنك عفيفاً وهكذا.. وهناك فكرة هى أن الآباء يتصورون بسذاجة أن أولادهم لا يعلمون ولا ينتبهون لكن الأبناء لا تفوتهم شاردة أو واردة ولتنظر فى هذه الأجيال التى تحتاج الاقناع والفهم الصحيح للدين بعيدا عن الخرافات والأفكار التى يلعبون عليها لإحداث شروخ فى العقيدة الإسلامية.

ما الذى يحتاجه العالم الإسلامى الآن لكى يعود لسابق عهده فى الحضارة والتقدم؟

نحن فى حاجة ماسة لاعادة النظر فى التربية والثقافة والتعليم فلا نعطى اللغة الأنجليزية وزنا أكثر على حساب اللغة العربية التى هى مصدر عزتنا وعروبتنا فهى لغة القرآن الكريم لغة المسلمين، ففى بعض البلاد الأخرى نجد العلوم الإسلامية والتربية الإسلامية تنقص حصصها وأحيانا لا تضاف إلى المجموع وكأنها لا قيمة ولا وزن لها وتزداد أشياء علمية أخرى والأمة لا يمكن أن تنهض بواجباتها ولا يمكن أن تصل إلى ما وصل إليه العالم الإسلامى فى ذروته إلا بالتعليم والثقافة ونشر الوعى الدينى الصحيح، واجب على كل فرد منا لتشييد صرح النهضة المساهمة فى بنائه والمشاركة فى إقامته كل حسب وسعه وطاقته وقدرته.. إن فى قول الله تعالى" كنتم خير أمة أخرجت للناس " امتدادا لتاريخ هذه الأمة فى البناء وتمكين أفرادها من العمل بقوة وإلى تآزر الأمة بكاملها على مستوى أفرادها ومجتمعاتها ومؤسساتها للتفكير فيه ووضع لبناته التى يمكن أن يقوم عليها المشروع بركيزتين أساسيتين: الأيمان بالله وهو جذر المشروع وكلما كان الجذر متينا فى الأرض نبتت الساق بسهولة ويسر، والعلم هو الساق هنا ويعتبر الركيزة الثانية فلو نظرنا إلى أعظم الأسباب التى أدت إلى ضعف الأمة وتصدع بنائها وتواكل أفرادها سنجد أنه ضعف صلتهم بالله تعالى ولم يعد الإيمان هو الذى يحرك الناس ويبنى تصوراتهم ويقيم علاقاتهم فيما بينهم.

العالم الإسلامى يتوافق ويتكامل ويتحد فى العبادات فلماذا نرى كل هذه الفرقة فيما بيننا؟

الكل يصوم ويصلى ويحج ويزكى وينطق الشهادتين لكن من يؤدى ما فرضه الصوم عن كل المحرمات والغيبة والنميمة والتآخى والتعاون والتكافل عدد قليل وكذلك الحج والصلاة وكذلك كل عباداتنا اذا خالف القول الفعل فلا غرابة مما يحدث من التناقض الواضح والانفصال فيما تظهره العقيدة السمحة تعاملا وفعلا وبين ما يظهر من سلوك للمسلمين وهذا هو الفرق والخلل الذي يتلقفه الغرب ويبنون عليه شرخ الدين نتيجة أفعالنا المناقضة لما تحويه شريعتنا الغراء.

 

مصطفى هنداوى

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
5.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg