| 29 أبريل 2024 م

"بلاها شبكة" .. هل تنجح فى كبح جنون "المعدن الأصفر"؟

  • | السبت, 20 أغسطس, 2016
"بلاها شبكة" .. هل تنجح فى كبح جنون "المعدن الأصفر"؟

 

علماء الدين:

 ـ لا تتعارض مع روح الشريعة

ـ تُجنب البنات شبح العنوسة

"أم البنات": الشبكة الحقيقية..  زوج صالح  

طالبة جامعية: العريس الجاهز .. عملة نادرة

 

مع الارتفاع الجنونى لأسعار الذهب أصبح شراء "شبْكة" للعروس من الأمور التى تثقل كاهل الشباب ويعجز عنها معظمهم، وهذا ما دفع العديد منهم الى اطلاق حملات تدعو الى التخلى عن الشبكة والاكتفاء بـ"دبلتين" تيسيرا على الشباب ومساهمة فى تكوين اسرة مسلمة مؤكدين أن هذه أمور شكلية والمهم هو الزوج الصالح الذى يتقى الله فى زوجته والزوجة التى تعينه على الحياة فى شراكة أسرية قوامها المودة والرحمة.. وبين مؤيد للفكرة ومعارض لها طرحت "صوت الأزهر" القضية لاستطلاع رأى المتخصصين والتعرف على آراء المواطنين من الشباب والفتيات والامهات فكان هذا التحقيق..

 

فى البداية قال الشيخ عبدالعزيز محمد النجار مدير عام شئون مناطق الوعظ بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف: إن مبادرة منع شراء الذهب للعروسة "الشبكة" تعد مبادرة طيبة لا تتعارض مع روح الشريعة الإسلامية وينبغى على المجتمع أن يتقبلها بارتياح حيث إنها لا تتعارض مع سماحة الإسلام ويسره، حيث قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم (إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ : "تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا، وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا".

وأكد النجار أن تشدد بعض الأسر ومغالاتها فى شروط الزواج ونفقاته الباهظة ساعد على كثرة العنوسة وارتفاع سن الزواج بين شباب المجتمع من الجنسين، وهذا جعل بعض أولياء الأمور يبيتون ليلهم وهم يفكرون لماذا لم تتزوج ابنتهم حتى الآن؟ ومع أنهم يعرفون الظروف الإقتصادية التى تمر بها البلاد وقلة فرص العمل التى جعلت الكثير من الشباب يحجمون عن الزواج لعدم مقدرتهم على توفير متطلبات الزواج من شقة ومهر وشبكة وتكاليف الفرح وخلافه من المتطلبات الأخرى.

وأشار النجار قائلا: لو أن المجتمع تراضى على أن تخفف متطلبات الزوج ومنها إلغاء الشبكة والإكتفاء بالحد الأدنى من المفروشات دون مغالاة بما يتناسب بمقدرة طرفى الزواج لكان له أثر إيجابى على المجتمع بأسره، وسد أبواب الفساد التى ربما يلجأ لها بعض الشباب لعدم مقدرتهم على نفقات الزواج.

 

ومن جانبه توجه الدكتور عبدالكريم ابراهيم صالح وكيل كلية القرآن الكريم بطنطا ورئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف بمجمع البحوث الإسلامية بالشكر لأصحاب هذه الفكرة الطيبة التى بادر بها أهل صعيد مصر، ولاقت إستحسانا طيبا لدى جموع الشعب المصرى، مما كان له الأثر الطيب وأصبحت هذه الفكرة تكرر فى كثير من قرى ومدن كثيرة فى بر مصر، وهذا ما حدث لدينا فى مركز دمنهور بمحافظة البحيرة حيث اجتمع كبراء عائلات الصعيد بمركز دمنهور وقرروا إلغاء شراء الذهب للعروسة (الشبكة)، موضحا ان هذا يعد تطبيقا عمليا على أرض الواقع لروح السنة المحمدية التى امرنا بها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من التيسير فى أمر الزواج.

وطالب صالح أولياء الأمور بأن يسارعوا بتطبيق هذه الفكرة الطيبة كى يجنبوا بناتهم شبح العنوسة، وينالوا شرف ستر البنت الذى تكلم عنه المصطفى فى حديثه المشهور قائلا: "من كانت له ثلات بنات فصبر عليهن وسقاهن وكساهن كن له حجابا من النار".

 

وفى ذات السياق تشير الدكتورة وجيهة التابعى أستاذ علم النفس ووكيلة كلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر بتفهنا الأشراف محافظة الدقهلية قائلة: نظرا للظروف الأقتصادية التى تمر بها البلاد سواء البلاد العربية أو مصر على وجه الخصوص، فإن هناك العديد من التغيرات والتحديات المجتمعية على كافة الأصعده تواجه النمو الأقتصادى للدولة فتلتهم كافة أطر التنمية، من خلال الزيادة السكانية ووجود فجوة بين الموارد الأقتصادية للدولة والإستهلاكية مما ينتج عنه فجوة داخلية بين طبقات المجتمع وتأكل الطبقة المتوسطة، ليعانى بذلك المجتمع صراعات عديدة مادية واجتماعية وسياسية.

وتتابع: وبناء عليه فإن ذلك ينعكس على أنماط السلوك المختلفة التى تصدر عن الشخص أو اى فرد فى المجمتع وفق توجهاته وتنشئته وبما يلزم نفسه به من عادات وتقاليد وقيم مجتمعية يتوقف عليها بناء المجتمع واستقراره، وإعمالا لقوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فالزواج هو الرباط المقدس الذى يجمع بين الزوجين وفق التعاليم الإسلامية التى تسمح له بالأستمرار وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لمن أراد الخطبة: "التمس ولو خاتما من حديد"، وهذا كناية عن سماحة الإسلام وتيسيره لأمور الزواج حتى يعم الأستقرار والسلام الاجتماعى على المجتمع، ولكن لا نراه اليوم على كافة مستويات المجتمع المختلفة خاصة المستوى المتوسط والفقير وهم السواد الأعظم من المجتمع.

وتشير التابعى قائلة: أصبحنا نجد سلوكيات مجتمعية مختلفة بخصوص الخطبة والزواج كالمبالغة فى الشبكة والمهر وكافة الأمور المتعلقة بالزواج من تأسيس عش الزوجية والجدير بالذكر أن هناك بعض القرى فى مصر تنتهج أساليب مختلفة فى مراسم الخطبة مثل ان تكون شبكة العروس بمبلغ وقدره ربما يعجز عنه الخاطب مما يدفعة للأقتراض أو الدخول فيما يسمى عرفيا "بالجمعيات" وينعكس ذلك بالسلب مستقبلا على كلا الزوجين، ونظرا لتعقدات الحياة وارتفاع أسعار الذهب وغيره فقد ظهرت بعض الأصوات التى تنادى بالأستغناء تماما عن الشبكة وإحلال بدل منها الفضة أو وضع مبلغ مالى وفقا لقدرات العريس فى البنك باسم الزوجة أو ان يكتب على نفسه اقرارا بقيمة المبلغ للعروس يرد لها فى حالة لا قدر الله الانفصال فيما بينهما وهذا لا مانع منه مادام هناك تراض فيما بينهم.

وتطالب التابعى المجتمع كله وأصحاب العقول الراجحة والدعوات البناءة التى دعت إلى حملة "بلاها شبكة أو ذهب" على شبكات التواصل الإجتماعى أن تدعو إلى (بلاها صباحية) وهي هدية تقدم من أهل العروس إلى أهل العريس، كوسيلة تضامن وتبادل المصلحة بين العروسين، كما وفرت عليك الشبكة وفر على عروستك الصباحية والتى تجاوزت فى كثير من قرى مصر وبعض مدنها من 10 إلى 40 الف جنيه.. وانا لا أبالغ فهذا هو الواقع الفعلى لشريحة كبيرة من المجتمع المصرى. وهنا ستجد الكل يسعى ويهرول جاهدا نحو منع الشبكة.

وفى نفس السياق تقول هناء عبدالحسيب ابوالمجد أم لثلاث بنات مقبلات على الزواج من مدينة القاهرة: موضوع الشبكة الذى صار حديث الساعة وشغل حيز كبير من تفكير كثير من الأسر لابد ان تشجع كل الأسر المصرية فى بر مصر هذه الخطوة الطيبة لأنها تتواءم مع ديننا الحنيف، ونظرا للغلاء الفاحش فى كل مكان، والعريس فى هذه الإيام أصبح يعمل فى أكثر من مهنة كى يساعد نفسه فى تكوين بيت الزوجية، وبعد كل هذا نذبحه بطلبات كثيره هذا لا يرضى الله ولا يرضى رسوله، مشيرة إلى أن أهم شيء فى موضوع الزواج ان يكون الزوج رجلا يحمل كل معانى الرجولة ورحيم بابنتى، فى نظرى شبكة العروسة هى زوج صالح يتقى الله فيها ويحسن معاملتها.

وتبين أنه منعا للقيل والقال يتفق العروسان او أهلهما على دبلة وخاتم، أو دبلة فقط، أليس هذا أحسن للبنت من شبح العنوسة؟

 

وتمسك بطرف الحديث آنسة من الاسكندرية رفضت ذكر اسمها فتقول: أنا طبعا لن أتزوج من رجل غير قادر على شراء شبكة لى، إن كان فى بداية حياتنا الزوجية غير قادر على شيء لم ولن تنساها العروس طول عمرها وهى الشبكة، ليس ببعيد ان يطالب بالتنازل عن أشياء أخرى، وهذه الشبكة أقرتها الشريعة الإسلامية والعرف فى كل البلاد الإسلامية، والمسموح به ممكن تقليل ثمن الشبكة أما إلغاؤها فلا وألف لا.

وتشير الاسكندرانية قائلة: إن والدىّ يجمعان لى منذ صغرى كل شوارى من العفش (متطلبات بيت الزوجية) ويسعيان جاهدين لتجهيزى من كل شيء فى الشقة وبعد ذلك يأتى رجل ليتزوجنى بلا شبكة هذا يعد ظلما للبنت مقابل ما تاتى به من منزل والدها لبيت زوجها، وأصبحت البنت الان وأن كانت فقيرة يتكلف زواجها ما يقارب الـــ 100 ألف جنيه هذا هو المتوسط على مستوى الجمهورية.

 

وفى ذات السياق تقول هند أيوب طالبة فى الفرقة الثالثة كلية اداب جامعة كفر الشيخ: أصبح العريس الجاهز والمستعد للزواج مقارنة بالأعوام السابقة قليلا، والشبكة شكل من مكونات الزواج ولا خلاف فى ذلك، لكن الإستغناء عن الشبكة يضر الزواج، بل ممكن ان يؤخره فلماذا نتمسك بما يضر ويؤخر الزواج؟ لا يتمسك بهذا إلا من يحبون الشكليات الفارغة التى غزت مجتمعنا الشرقى البسيط.

وتبين أيوب أن كثيرا ممن يتزوجن بالذهب تؤخذ منها الشبكة بعد الزواج بأسبوع او شهر وتباع ويسدد بها ديون على العريس، فلماذا إذن الإصرار على الشبكة؟ وللعلم فرحة العروس عريسها، والمتبع فى مجتمعنا ان تجد العروسة تلبس الشبكة فى الشهور الأولى من الزواج وبعد ذلك تخلعها ويلقى بها فى أحد الأدراج بالبيت، وبعد ذلك لن يتبقى أمام زوجك وفى نفسيته إلا الموقف الذى اتخذتيه تجاه الشبكة سواء بالقبول او الرفض وما سيترتب عليه بعد ذلك فى العشرة بينكما.

 

وتشير إحسان عبد الغفار شمس ربة منزل من محافظة كفر الشيخ قائلة: عملية الشبكة ما هى إلا هدية من العريس للعروس كدليل او برهان على جديته فى الأرتباط والإقتران بعروسه بعد مباركة أهل العروسين، لكن أصبح العرف فى كثير من المجتمعات الإسلامية والعربية للأسف يتبع ويتفوق على الشرع فى تطبيقه على ارض الواقع وهذه حقيقة يعلمها من يعلمها وهناك من يجهلها، والمتابع للشأن الإجتماعى الخاص بزواج الشباب من الجنسين يجد أن عددا غير قليل من شباب مصر هجر الزواج من بنت بلده، وذهب للزواج من جنسية أخرى سواء كانت أجنبية او عربية للهروب من تكاليف الزواج الباهظة والتى اصبحت ضربا من الخيال امام الظروف الإقتصادية الصعبة التى تمر بها كثير من البلاد العربية وليست مصر فقط.

وتؤكد شمس أن التعامل مع الشبكة يختلف من مجتمع إلى آخر ففى الريف وقرى مصر يختلف عنه فى المدينة، ففى بعض القرى يطلب من العريس ثمن الشبكة ويشترى بها بعض جهاز البنت وتكملة عفشها الناقص ليتم الزواج، وهناك من أهل العريس من يرفض ذلك ويطالب بان ياتوا بأموال الشبكة لأنها فى الأول والاخر سترجع بها العروس إلى بيت زوجها، ويعد هذا ادخارا للزوج إذا ما حدث وتعرض لضائقة مالية فيأخذ شبكة زوجته ويبيعها، والزوجة بطبيعتها لا تمانع من هذا كى لا تقع فى شجار مع زوجها أو اهل زوجها.

وتبين شمس انه لا مانع من عدم شراء الشبكة ما دام الزوج غير قادر، وليحول ثمن الشبكة فى شيء اخر يساعد على إتمام الزواج كشراء بعض الأثاث الناقص، او تجهيز الفرح او تشطيب معين فى شقة الزوجية، وحتى لو يستطيع العريس شراء شبكة لعروسه أنصحه بعدم الشراء محافظة على بعض الأسر الأخرى والحفاظ على النسق الإجتماعى، وإبعاد عين الحساد عنه، كى يكون قدوة لغيره ويضرب به المثل فى ذلك كونه غنيا ولم يأت بشبكة، وبعد الزواج اشتر لها ما تشاء، فى المقابل يطلب اهل العريس من أهل العروس توفير كم الهدايا التى تأتى بها العروس لأهل العريس من ملابس لأخوات العريس وزوجات اخوة العريس وام العريس والهدايا الكثيرة التى ما انزل الله بها من سلطان.

 

وتكمل الحديث فاطمة على مرسى ربة منزل بالأسكندرية وعندها بنت مقبلة على الزواج قائلة: شبكة إيه وهم إيه، أين العريس ابن الناس الطيبين هو فين الان؟ لا يوجد بيت فى مصر إلا وتجد فيه واحدة أو اثنتين عانس وفاتها قطار الزواج، لقد تمسكنا بشكليات أدت إلى تدمير كثير من قيمنا واخلاقياتنا وعاداتنا الطيبة التى تربينا عليها، للأسف ما ساعد على كل هذا إلا الإعلام الهدام الذى ساعد على خراب البيوت.

وتشير مرسى قائلة: هناك بنات كثر فى مجتمعنا عند ارتباطها بعريس تقوم بمساعدته ماديا وتذلل له كثيرا من الصعاب كى تستر نفسها بابن الحلال، وأنا رأيت بأم عينى بنات أعطت لخطيبها ثمن الدبلة والخاتم كى يشتريها وعندما سألتها لماذا تفعلين ذلك؟ قالت: هو شغال ليل نهار وفى اكثر من مهنتين كى ينتهى من تجهيز منزل الزوجية المطلوب مني أساعده كى يجمع الله بيننا فى الحلال ام اكسر مجاديفه وأدفعه للأمام؟ فيجب على أهل العروس ألا يتمسكوا بتفاهات قتلت فرحة بناتنا وأصبح شكلهن أكبر من عمرهن فاتقوا الله فى بناتكم.

 

لطفى عطية

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg