| 01 مايو 2025 م

علماء وقيادات الأزهر ينيرون دروب المصلين فى درس التراويح بالجامع الأزهر

رمضان شهر تهذيب القلب والجوارح.. واستثمار الوقت فى الطاعات سبيل الفلاح

  • | الثلاثاء, 18 مارس, 2025
علماء وقيادات الأزهر ينيرون دروب المصلين فى درس التراويح بالجامع الأزهر
  • د. محمد الجندى: رمضان شهر الضبطية المتكاملة للقلب وأهم وسائل إصلاح النفس
  • د. محمود الهوارى: الصيام عبادة تهذب العقل وتوقظ القلب وتوجه الفهم
  • د. عبدالمنعم فؤاد: القرآن أعظم هدية ربانية للبشرية والرسالة الإلهية الخالدة
  • د. ربيع الغفير: الأزهر منارة للحق والهدى يؤدى رسالته بإخلاص
  • د. مجدى عبدالغفار: الإسلام جعل التكافل مبدأ راسخاً يحقق التوازن بين أفراد المجتمع
  • د. هانى عودة: استثمار الوقت فى الطاعات سبيل الفلاح فى الدنيا والآخرة

 

يواصل الجامع الأزهر فعاليات خطته الدعوية خلال شهر رمضان المبارك للأسبوع الثانى على التوالى، ويعقد درس التراويح يومياً أثناء صلاة التراويح، ويحاضر فيه عدد من كبار علماء وقيادات الأزهر الشريف من مختلف التخصصات ويتناول عدداً من القضايا المهمة، وذلك بحضور الآلاف من رواد الجامع الأزهر الذين يحرصون على أداء صلاتى العشاء والتراويح فى المسجد العامر.

وفى رابع أيام شهر رمضان المبارك، أكد الدكتور محمد الجندى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن شهر رمضان يمثل «ضبطية متكاملة» للإنسان، تشمل روحه وقلبه وجوارحه، موضحاً أن الأساس فى ذلك هو القلب، استناداً إلى حديث النبى: «ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب»، موضحاً أن القيام فى رمضان يعد من أهم وسائل تحقيق هذه الضبطية، مشيراً إلى أن النبى، صلى الله عليه وسلم، بين فضله العظيم، وسار الصحابة والسلف الصالح على نهجه، حيث كان أبومسلم الخولانى، رضى الله عنه، يقوم الليل، ويقول: «أيظن أصحاب محمد أن يسبقونا إليه؟ والله لنزاحمنهم عليه حتى يعلموا أنهم خلّفوا رجالاً»، وكذلك النساء سرن على هذا المنوال، فهذه السيدة معاذة الأنصارية -رضى الله عنها- التى كانت تقول عند قيامها: «يا ربى، هذا ليلك قد أقبل، وقد خلى كل حبيب بحبيبه، وأنت حبيبى يا ربى».

وأضاف «الجندى» أن من أهم وسائل تحقيق التوازن الروحى فى رمضان الخلوة مع الله، حيث تُعين الإنسان على تصفية قلبه وإعادة ترتيب أولوياته، موضحاً أن الخلوة نوعان: خلوة باطنة تتجلى فى الصمت والتأمل، وخلوة ظاهرة، وقد ورد فى حديث السيدة عائشة، رضى الله عنها، أنها قالت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ثم حبب إليه الخلاء»، وفى ذلك يقول الإمام عبدالله بن أبى جمرة: «تبدأ النبوة بالخلوة، وتبدأ الولاية بالخلوة»، مشيراً إلى أن الإخلاص ركن أساسى فى تزكية النفس، فلا بد أن يكون العمل خالصاً لله بعيداً عن الرياء، مشدداً على أن المخلص لا يرى إخلاصه، بل يستصغر عمله مهما بلغ، مستشهداً بما قيل فى الإخلاص: «الإخلاص هو ألا ترى إخلاصك، فمن رأى فى نفسه مخلصاً فليس بمخلص»، داعياً المسلمين إلى استثمار شهر رمضان فى تصفية القلوب، والإقبال على الله بصدق، راجياً أن يتقبل الله من الجميع صيامهم وقيامهم، ويجعل رمضان شهر طمأنينة وسكينة للنفوس.

إيقاظ القلوب

من جهته، أكد الدكتور محمود الهوارى، رئيس الإدارة المركزية للدعوة والإعلام الدينى بمجمع البحوث الإسلامية، أن الصيام ليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو وسيلة تهذيبية تعمل على ارتقاء الأحاسيس، وإيقاظ القلوب، وتصويب الفهم، وتوجيه العقول إلى مراد الله عز وجل، وأن هناك من يقف عند ظاهر التدين دون التعمق فى جوهره، فيؤدى العبادات شكلياً دون أن يدرك مقاصدها العميقة، فى حين أن الغاية الكبرى من الصيام أن يكون المسلم على بصيرة بعبادته، وأن يفطن إلى ما وراء الصيام من حكم وأهداف، تدفعه إلى السمو الروحى والتقرب إلى الله بصفاء وإخلاص، مشيراً إلى أن من أعظم ما يعين المسلم على إدراك هذه الأهداف هو وضوح الرؤية وتحديد الغاية التى يسير إليها، مستشهداً بسيرة الإمام يحيى بن يحيى الليثى، تلميذ الإمام مالك، الذى لقبه شيخه بـ«عاقل الأندلس»، إذ كان فى مجلس العلم يوماً، فدخل رجل ينادى التلاميذ لمشاهدة الفيل، فانصرف الجميع إلا يحيى، الذى بقى فى مكانه منصتاً للإمام مالك، وعندما سأله شيخه عن سبب بقائه قال: «ما جئت من بلدى لأرى الفيل، وإنما جئت لأتعلم من علم مالك»، وهكذا ينبغى أن يكون المسلم فى عبادته، واضحاً مع نفسه، محدداً لهدفه، لا تشتته الصوارف، ولا تلهيه الملهيات، بل يبقى على طريقه، ثابتاً على صراط الله المستقيم.

وشدد «الهوارى» على أن الصدق فى العبادة هو الذى يحفظ الإنسان من الانحراف، ويجعله متعلقاً بالله وحده، فلا يلتفت إلى غيره، مستشهداً بقصة رجل أعجب بامرأة وأراد خطبتها، فقالت له: «إن من ورائى أختاً أجمل منى»، فنظر فلم ير شيئاً، فقالت له: «يا كذوب، لو صدقتَ ما التفت»، موضحاً فضيلته من خلال هذه الموقف أن المسلم الصادق فى عبادته لا تتعلق نفسه بغير الله، ولا تصرفه الدنيا عن الغايات العليا، فلو صدق فى توجهه إلى الله، ما التفت إلى الدنيا وزخرفها، ولو صدق فى فهمه لمعانى الصيام، ما قصر فيه، ولا اكتفى بصورته الظاهرة دون جوهره العميق، لافتاً إلى أن الصيام عبادة تتجاوز حدود الامتناع عن المفطرات إلى تربية النفس على المراقبة الدائمة لله، وإصلاح القلب، وتصفية الروح، بحيث يصبح الإنسان أكثر استشعاراً لمعانى العبودية، وأكثر التزاماً بمقتضيات الإيمان. فمن فهم الصيام فهماً صحيحاً، أدرك أن وراء كل حكم شرعى حكمة، ووراء كل عبادة مقصداً، وأن المطلوب ليس الوقوف عند المظاهر، بل الجمع بين الشكل والمضمون، وبين الصورة والجوهر، فيتحقق بذلك التوازن فى حياة المسلم، ويترقى فى معارج الإيمان.

هداية القرآن للقلوب

من جهته، قال الدكتور عبدالمنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر، إن القرآن الكريم أعظم هدية ربانية للبشرية، فهو الذى يرشد الإنسان إلى طريق الخير، ويضىء له دروب الحياة، ويبعث الطمأنينة فى قلبه، ويكون له شفاءً ورحمة إذا أقبل عليه بإيمان صادق وقلب مفتوح. مستشهداً بقول الله تعالى: «إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّلِحَـتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً»، فهذا الكتاب العظيم منهج حياة لكل من أراد الفلاح فى الدنيا والآخرة، وأن من يعمل بما فيه، ينال الأجر العظيم من الله، موضحاً أن القرآن الكريم يحمل فى طياته الموعظة والشفاء والرحمة والهدى، كما قال الله سبحانه وتعالى: «يَأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِى الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ»، مشيراً إلى أن هذه الآية جاءت بصيغة الخطاب العام «يَا أَيُّهَا النَّاسُ»، لأنها موجهة لكل البشر، مؤمنهم وكافرهم، ليعلموا أن هذا الكتاب العظيم هو الموعظة والشفاء الحقيقى لكل ما فى القلوب من شكوك وظلمات، لكنه فى نهاية الآية حدد أن هذا الشفاء والرحمة لا ينالها إلا المؤمنون الصادقون، فهم الذين يتدبرون آياته ويعملون بها.

وأضاف «فؤاد» أن الله عندما يخاطب الناس جميعاً، فإنه يدعوهم إلى الإيمان دون تكليف، لكن عندما يخاطب المؤمنين، فإنه يكلفهم بالأوامر والنواهى، ولهذا قال فى مواضع الأحكام: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ»، و«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ»، وهذا يدل على أن الإيمان بالله واختيار طريق الحق لا يكون بالإجبار، بل هو قرار ينبع من داخل الإنسان، ومن يختار طريق الله، فهو الذى سيجد فى القرآن الشفاء والرحمة والهداية، مشدداً على أن القرآن الكريم لا يُنتفع به إلا إذا كان القلب سليماً مستعداً لاستقباله، فقد قال الله تعالى: «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّـلِمِينَ إِلَّا خَسَاراً»، مما يعنى أن هذا النور الإلهى لا يزيد المنافقين والكافرين إلا بعداً وضلالاً، بينما يكون للمؤمنين شفاء ورحمة، لافتاً إلى أن القرآن هو الشفاء الحقيقى للمؤمنين، والنور الذى يضىء دروبهم، والرحمة التى تهدئ قلوبهم، فمن أراد الانتفاع به، فليستقبله بقلب مؤمن ونفس صافية، لأنه لا ينفع من كان فى قلبه غل أو حقد أو كراهية؛ فالقرآن ليس مجرد كلمات تتلى، بل هو حياة كاملة لمن تدبره وعمل به، والرسالة الإلهية الخالدة التى تقود الإنسان إلى الطمأنينة فى الدنيا والسعادة فى الآخرة.

حصن العقيدة

وشدد الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، على أن الأزهر الشريف له دور تاريخى فى نشر العلم والدين، مؤكداً أنه كان ولا يزال حصن العقيدة، ومهد اللغة، وحارس القرآن والسنة، وأنه رغم التحديات التى تواجهه، سيظل منارة للحق والهدى، يؤدى رسالته بإخلاص، موضحاً أن القرآن الكريم هو الشفاء والهداية والنور الذى يبدد ظلمات الضلال والتخبط، مستشهداً بقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِى الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ». كما أشار إلى حديث النبى، صلى الله عليه وسلم، الذى يصف القرآن بأنه حبل الله المتين والنور المبين والصراط المستقيم، مشدداً على أن من تمسك بكتاب الله نجا، ومن ابتغى الهدى فى غيره ضل.

أمة التكافل

من جهته، أكد الدكتور مجدى عبدالغفار، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن الإسلام جعل التكافل مبدأً راسخاً يحقق التوازن بين أفراد المجتمع، وليس مجرد تفضّل أو إحسان، بل هو مسئولية شرعية واجتماعية، حيث أمر الله به فى قوله: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ»، موضحاً أن أمة الإسلام وُصفت بأنها أمة التكافل والتراحم، وقد تجلّى ذلك فى سيرة النبى، صلى الله عليه وسلم، قبل بعثته وبعدها، حيث وصفته السيدة خديجة، رضى الله عنها، بقولها: إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق، مشيراً إلى أن التكافل فى الإسلام يتجاوز الجانب المادى إلى أبعادٍ أعمق، تشمل التكافل النفسى والاجتماعى؛ فالإنسان قبل البنيان، والمجتمع المتراحم لا يمكن أن يترك فيه الغنيُّ الفقيرَ دون سند، ولا الطبيبُ المريضَ دون علاج، بل يسود فيه الشعور بالمسئولية الجماعية، مستشهداً بما وقع لسلمان الفارسى، رضى الله عنه، حين كان مكاتباً مديوناً، فجاء رجلٌ إلى النبى، صلى الله عليه وسلم، ببيضةٍ من ذهب، فسأله النبى: ماذا صنع الفارسى؟ فلما علم أنه لا يزال فى كربه، أرسل له المال ليساعده فى سداد دينه، حتى استطاع سلمان أن يتحرر من الرق ويلزم النبى، صلى الله عليه وسلم، فى كل غزواته بعد ذلك.

رأس مال المسلم

من جانبه، أكد الدكتور هانى عودة، مدير عام الجامع الأزهر، أن الوقت هو رأس مال الإنسان فى هذه الدنيا، وهو النعمة التى يغفل كثير من الناس عن استغلالها، رغم أن النبى، صلى الله عليه وسلم، أوصى باغتنامها فى حديثه الشريف: «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وصحتك قبل سقمك، وحياتك قبل موتك»، مشيراً إلى أن رمضان فرصة عظيمة لمن أراد استثمار وقته فى الطاعات، فقد وعد النبى، صلى الله عليه وسلم، من اغتنم أيامه ولياليه بالمغفرة والرحمة، فقال: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»، وقال أيضاً: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»، مؤكداً أن الله سبحانه وتعالى جعل الطاعات وسيلة لتكفير الذنوب، حيث قال النبى، صلى الله عليه وسلم: «رمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة، والصلاة إلى الصلاة، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر».

أحمد نبيوة

طباعة
كلمات دالة: رمضان 2025
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2025 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg